ثلاثة وجوه برونزية كلاسيكية من الجزيرة العربية
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
(عدن الغد)متابعات:
يحتفظ متحف الآثار التابع لجامعة الملك سعود بمجموعة من المنحوتات البرونزية تتميز بأسلوبها اليوناني الكلاسيكي، مصدرها موقع قرية الفاو، جنوب شرقي محافظة وادي الدواسر. تضمّ هذه المجموعة وجهاً كبيراً يماثل بسماته إلى حدّ كبير وجهاً خرج من مدينة غيمان، جنوب شرقي محافظة صنعاء، كما أنه يشابه بشكل عام وجهاً آخر خرج من منطقة نجران، جنوب غربي المملكة العربية السعودية، على الحدود مع دولة اليمن.
يبلغ طول وجه قرية الفاو نحو 40 سنتمتراً، وهو مصنوع من البرونز المصقول، ويوحي عنقه المبتور بأنه يعود في الأصل إلى تمثال كبير يقارب من حيث الطول الحجم الطبيعي للإنسان. تعرّض هذا الوجه كما يبدو إلى ضربة هرست الجزء الأيمن منه وهشّمته، غير أن هذا التشويه لم يقضِ على سماته. الجبين قصير، الوجنتان ممتلئتان، والذقن مقوّسة ملساء، وتخلو من أي شعيرات. الأنف مجسّم بشكل بارز، وهو في موقعه الطبيعي في وسط الوجه، بين الوجنتين وفوق الحنك.
العينان مفتوحتان، وهما على شكل لوزتين من الحجم الطبيعي، يحدّ كلّا منهما جفن علوي وجفن سفلي حُدّدا بشكل جليّ. في وسط كل عين، تبرز القزحية، وفي وسط هذه القزحية يحضر البؤبؤ على شكل دائرة مجوّفة. الحاجبان محدّدان بشكل طفيف، وهما أشبه بقوسين مجسّمين غاب عنهما أي تحديد لشعيراتهما. الفم صغير مطبق، ويتكون من شفتين صغيرتين مكتنزتين ترسمان ابتسامة خفرة تذكّر بتلك «الابتسامة الرقيقة المحمّلة السر»، التي ذكرها بودلير في وصف ملائكة ليوناردو دافنشي. يمثّل هذا الوجه، كما تشهد سماته، شاباً أمرد يعلو رأسه شعر طويل صَفِّف كله على شكل ضفائر مستديرة متجاورة ومتجانسة، منحوتة بدقّة بالغة. يحيط هذا الشعر الكثيف بهذا الوجه الدائري مشكّلاً إطاراً له، وينسدل عند طرفي الرقبة كما يبدو، مما يعطي التسريحة طابعاً أنثوياً.
يماثل هذا الوجه بشكل لافت وجهاً شهيراً من اليمن محفوظاً في المتحف البريطاني من لندن، يرجع إلى القرن الثاني للميلاد حسب أهل الاختصاص، ومصدره على الأرجح مدينة غيمان، جنوب شرقي محافظة صنعاء، وهي المدينة التي تضمّ حسب الروايات مقبرة ملوك حمير، ومنهم أبو كرب أسعد الذي سُمّي بأسعد الكامل لأن حكمه شمل اليمن بالكامل، كما تشهد أبيات شهيرة منسوبة إليه: «وغيمان محفوفة بالكروم- لها بهجة ولها منظر- بها كان يُقبر من قد مضى- من آبائنا وبها نُقبر- إذا ما مقابرنا بُعثرت- فحشو مقابرنا الجوهر».
خرج وجه غيمان من الظلمة إلى النور يوم نُشرت صورته للمرة الأولى في المجلة الفصلية الخاصة بالمتحف البريطاني في 1936، مع دراسة تحمل توقيع العالم البريطاني سيدني سميث، وقيل يومها إن «سلطان اليمن» الإمام يحيى حميد الدين أهداه إلى جورج السادس لمناسبة تتويجه على بريطانيا العظمى وآيرلندا في تلك السنة، وبات هذا الوجه منذ ذلك التاريخ من محفوظات المتحف في لندن. يبلغ طوله 22 سنتيمتراً، وهو ذو شكل دائري، ويمثّل كذلك شاباً أمرد، يعلو هامته شعر كثيف ينسدل حتى أسفل الوجنتين، تتفرّق خصلاته اللولبية المتساوية في الحجم من وسط الرأس. تمتاز سمات هذا الشاب بالرقة والرهافة في التنفيذ. تظهر الجبهة الصغيرة تحت خط غرّة الشعر المنسدلة، ويحدّها صدغان ضئيلان. الحاجبان مدموجان بمسطّح الجبهة، مع تجسيم طفيف لقوسيهما. الأجفان محدّدة بدقة، وتشكّل إطاراً للعينين المفتوحتين. الحدقتان واسعتان، ويتوسّط كل منهما بؤبؤ دائري مجوّف وغائر. الأنف ناتئ، وهو أكثر أعضاء الوجه بروزاً، وفقاً للتشريح الحسّي الواقعي، ومنخاراه محدّدان بدقّة. الثغر صغير، وشفتاه مفتوحتان بشكل طفيف. والذقن ممتلئة ومكتنزة بشكل بارز.
نقع على وجه ثالث ينتمي إلى هذا النسق الفني، ومصدره غير المؤكّد نجران، جنوب غربي المملكة العربية السعودية، وأوّل من عَرَّف به الباحثة الإيطالية المختصة بميراث جنوب الجزيرة العربية لوسيا غويريني التي وصفته ودرسته في مقالة علمية نُشرت عام 1974 في مجلة جامعية تصدر عن المعهد الشرقي في مدينة نابولي. حسبما جاء في هذا البحث، كان هذا الوجه من مجموعة خاصة تعود إلى وجيه من نجران يُدعى عبد العزيز السديري، أما اليوم، فهو من محفوظات هيئة التراث السعودية كما يبدو. يبلغ طوله نحو 13 سنتمتراً، وهو مكسوّ بغشاء من الصدأ، غير أن ملامحه جلية بشكل كامل، وقسماته تخلو من تلك الرقّة التي تميّز وجه قرية الفاو، ويغلب عليها تعبير حاد يتجلّى في نظرة العينين التي تتجه بشكل طفيف نحو اليمين.
يتكرّر وجه الشاب الأمرد، غير أن ملامحه تبدو ذكورية بشكل خالص، وتتّسم بشيء من الخشونة. الحاجبان مقطّبان، الأنف معقوف، والفم مشدود، وشفتاه مزمومتان. تعكس هذه التعابير حالة من الاكفهرار، كما أنها تسكب على هذا الوجه طابعاً فردياً خاصاً يخرج عن المثال الأصلي المعروف. تسريحة الشعر تتبع النسق نفسه، وهي هنا على شكل خصل دائرية متوازية، تتراصف في ثلاثة صفوف متلاصقة، تشكلّ ثلاثة عقود تحيط بالرأس وتكوّن هالة من حوله.
تحمل هذه الوجوه الثلاثة الطابع الهلنستي الذي يقوم على محاكاة الشبه الحسي الواقعي بشكل أساسي. ظهر هذا النسق في الشرق المتوسطي وطبع نتاجاً فنياً واسعاً تعدّدت أشكاله. ومن هذا الشرق، دخل هذا النسق إلى جنوب الجزيرة التي لم تخضع للسلطة الهلينية، واصطبغ بسمات وخصائص محلية سواء من حيث الشكل أو أسلوب النحت، كما تشهد مجموعة كبيرة من القطع الأثرية، منها على سبيل المثل لا الحصر، تمثال برونزي بديع محفوظ في متحف صنعاء الوطني، يُمثّل ذمار علي يهبر، ملك سبأ، وذو ريدان في القرن الثاني للميلاد.
في الجانب الآخر من جزيرة العرب، ظهر هذا النسق بشكل محدود، وأبرز شواهده تعود إلى قرية الفاو، كما توحي المكتشفات الأثرية المتعاقبة حتى يومنا هذا. في المقابل، يبرز وجه نجران شاهداً آخر من هذه الشواهد، ولا ندري إن كان من نتاج هذه البقعة من الجزيرة أو من خارجها.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: هذا الوجه على شکل
إقرأ أيضاً:
الحزن يخيم على وجوه الفنانين في جنازة الراحل نبيل الحلفاوي
انتهت صلاة الجنازة على جثمان الفنان الراحل نبيل الحلفاوي في مسجد الشرطة بالشيخ زايد .
https://youtube.com/shorts/JZ5_M3nBSec
وخيم الحزن على وجوه الفنانين الذين حرصوا على توديع الفنان الراحل .
وكان ابرز الحاضرين عمرو يوسف و اشرف زكي واحمد بدير و محمود سعد وم دنيا سمير غانم واحمد السعدني ومحمود البزاوي ومحمود حجازي وهنادي مهني والسبكي ومريم الخشت
https://youtube.com/shorts/1epbIsk96Xs
وفاة نبيل الحلفاوي:
رحل الفنان نبيل الحلفاوي عاشق النادي الأهلي، منذ قليل، عقب صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ 77 عامًا، بإحدى المستشفيات بجوار مسكنه.
وفي لقاء سابق كشف الفنان نبيل الحلفاوي في حديثه مع محمود سعد ببرنامج أخر النهار عن بداية مسيرته الفنية أنه دخل عالم الفن عن طريق الصدفة أثناء دراسته في كلية التجارة، فقد رافق أحد أصدقائه الذي كان معجبًا بإحدى الفتيات، فذهب معه إلى المسرح لمشاهدتها أثناء بروفة لها ورغم انتهاء البروفة، شعر الحلفاوي بشغف تجاه الأجواء المسرحية، فتوجه إلى المخرج طالبًا المشاركة في العمل. وبالفعل، حصل على دورين، ومن حينها أصبح يتنقل بين المسرح والبيت بشكل دائم.
وفي سياق آخر، تحدث الحلفاوي عن شغفه برياضة الملاكمة في سن السابعة عشرة، مشيرًا إلى أن الألعاب القتالية الحديثة لم تكن قد انتشرت بعد في مصر، وكانت الملاكمة والمصارعة هما الأكثر شهرة، خاصة بعد بروز محمد علي كلاي كبطل عالمي.
وكان آخر منشورات الفنان الراحل نبيل الحلفاوي تعليقا على مجموعة النادي الأهلي بكأس العالم للأندية.
وكتب نبيل الحلفاوي عبر حسابه الرسمي الأشهر على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”: “مجموعة معقولة وأجمل ما فيها لقاء ميسي”.
وأعلن أبناء الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه الرسمي على موقع، وفاته اليوم، الأحد 15 ديسمبر، بعد تدهور حالته الصحية، وسيتم تشييع الثمان بعد صلاة العشاء بمسجد الشرطة بالشيخ زايد.
وكتب حساب نبيل الحلفاوي: «مش القبطان اللي كاتب التويتة ديه للأسف.. إحنا ولاده وليد وخالد الحلفاوي.. الوالد ربنا استجاب لدعاه ولم يمر بعذاب طويل مع مرض وألم طويل، كان دائما بيدعي بكده وربنا ما خذلوش.. شكرا على كل الحب والدعاء، وصلاة الجنازة اليوم الأحد، 15 ديسمبر، بمسجد الشرطة زايد بعد صلاة العشاء».
مرض الفنان نبيل الحلفاوي
ووصلت حالة الفنان الكبير نبيل الحلفاوي إلى تطور مثير ومقلق على صحة الفنان بعد دخوله المستشفى وغرفة العناية المركزة.
وكشف مصدر مقرب للفنان نبيل الحلفاوي أنه فقد الوعي بكل من حوله ووضع على أجهزة التنفس الصناعي، وطالب جمهوره بالدعاء له.
ودعت شقيقة زوجة الفنان نبيل الحلفاوي خلال الساعات الماضية، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك”، المتابعين بالدعاء له.
وقالت شقيقة زوجة الفنان نبيل الحلفاوي: “قلبي معاكي يا نادية ألف سلامة على الغالي، ادعو للأستاذ نبيل الحلفاوي هو يحتاج إلى دعائكم”.