الخليج الجديد:
2025-04-16@03:06:34 GMT

فـي ضرورة مشروع عربي جامع

تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT

فـي ضرورة مشروع عربي جامع

فـي ضرورة مشروع عربي جامع

الأسوأ أن تجد بلدانُ العرب نفسَها واقعةً بين جدران فضاءٍ مُحَاطٍ بمشاريع أخرى إقليميّة بعضُها في حالة اشتباكٍ معهم.

اليوم، ما عاد ثمّة من سبيلٍ حقيقيّ لارتياد المستقبل الجماعيّ إلاّ بمشروعٍ عربيّ جامع يعيد إلى العرب مكانتهم في العالم.

ظروف حاضر العرب أفضلُ من ظروف أَمْسِهم، على الأقلّ على صعيد تراجُع حدّة الاستقطاب السّياسيّ الإيديولوجيّ بين نخبهم.

المؤسف ألا يكون العرب قد اهتدوا، بعد نصف قرنٍ من نكبة مشروعهم الجماعيّ الأوّل، إلى إعادة بثّ الحياة في أوصاله من جديد.

لا شيء يمنع، اليوم، من أن تصنع المشروع العربي الجامع النّخب القائمة على أمور البلاد العربيّة إن هي أدركت منافع ذلك المشروع على بلدانها جميعِها.

سَنحتْ إمكانات مشروع عربيّ جامع في اللّحظةُ القوميّة العربيّة التي قادت مصرُ حركةَ التّحرُّر والنّهوض والتّوحيد فيها ربع قرنٍ قبل أن تطيحها سياسات التّيه عقب حرب أكتوبر 1973.

* * *

إذا كان ممّا يعْسُر قولُه أنّ هناك، اليوم، نظاماً إقليميّاً عربيّاً مستمرَّ الوجودِ والفِعل، حتّى بافتراض أنّه يشهد على حالٍ من التّأزّم السّياسيّ حادّةٍ فيه وبين أطرافه، فإنّ ممّا يستحيل ادّعاؤه أن يقال إنّ ثمّة مشروعاً عربيّاً جامعاً يجسّد مصلحةً عربيّة جمعيّة مشتركة.

وليس مَأْتى استحالةِ إمكانِ القول بوجود مشروعٍ مثل هذا من واقعِ غيابِ رؤيةٍ قوميّة في السّياسات العربيّة على مثال تلك التي سادت سنوات الخمسينات والسّتينات، إبَّان كان هناك مدٌّ للتيّار القوميّ العربيّ ووجودٌ لنُخبه في السّلطة، بل مأتاه من ضمور الشّعور السّياسيّ بالمشتَركات بين البلاد العربيّة ومصالحها، وهو الضمور الذي يترجم واقعاً موضوعيّاً قوامه ضعف وشائج الشّراكة الاقتصاديّة والسّياسيّة والأمنيّة بين البلاد العربيّة، هذه التي وحدها تخلق ديناميّات الجذب المتبادَل والتّقارُب الانصهاريّ اللّذيْن معهما يتولَّد المشروع الجامع الواحد.

لا نجد ما يمنعنا من الاعتقاد أنّ إمكانات مثل هذا المشروع العربيّ الجامع سَنحتْ في لحظةٍ سياسيّة خصبة من التّاريخ العربيّ الحديث، هي اللّحظةُ القوميّة العربيّة التي قادت مصرُ النّاصريّة حركةَ التّحرُّر والنّهوض والتّوحيد فيها؛ اللّحظةُ التي شغلت من الزّمن زهاء ربع قرنٍ قبل أن تطيحها سياسات التّيه التي أعقبت حرب أكتوبر 1973.

مع ذلك، علينا الاعتراف بأنّ أكثر ما انطوت عليه إمكاناتُ ذلك المشروع بقيَ قَيد الحيِّز النّظريّ وما أُتيحتْ له فرصُ التّحقُّق خارج المركز القوميّ آنئذ (مصر، سوريّا، العراق)؛ إذْ ما كانتِ البلدانُ العربيّة، حينها، مهيَّأة لتكون شريكاً في مشروعٍ يُجاوِز ممكناتها والأفقَ الذّهنيَّ والسّياسيّ لنخبها (السّياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة وأحياناً الثّقافيّة).

ربّما كان يمكن، دائماً، القولُ إنّ قانون التّفاوُت في التّطور بين مركز ذلك المشروع العربيّ الجنينيّ وأطرافه ما كان ليحُول دون سدّ فجْواته بمشروعٍ للتّعاون أدنى (من مشروعٍ قوميّ وحدويّ) هو ذاك الذي قدّم إطارُ جامعة الدّول العربيّة إمكانَه.

وهذا صحيحٌ إلى حدٍّ بعيد؛ وهو عين ما أدركتْه مِصْرُ النّاصريّة في السّتينات حين أَبْطأت، بقرارٍ منها، إيقاعَ التّقدّم في دعوة البلاد العربيّة جميعِها إلى مجاراتها غير آبهةٍ بأحكام ذلك التّفاوُت.

ولكنّ ذلك الإطار الإقليميّ التّعاونيّ نفسه كان يحتاج، لكي يشتغل على النّحو الأمثل، إلى روح جماعيّة عالية وإلى إرادة حازمة لمجاوزة نطاق المصالح القطريّة أو الوطنيّة الخاصّة.

وقد دَلَّنا التّاريخُ المعاصر على ما كان لمِصْرَ النّاصريّة من عظيم الدّور في تفعيل ذلك الإطار الإقليميّ وترشيد سياساته، وتعزيز منظومة اتّفاقاته ومعاهداته وحفظ الحدّ الأدنى المشترك بين سياسات دوله.

ولكنّه دلَّنا، أيضاً، على مقدار الهشاشة في هذا الإطار ما إن تتراخى الإرادة الجماعيّة فيه؛ حيث تتعطّل آلتُه وتبقى نصوصُه، اتّفاقات ومعاهدات وقرارات، حبْراً على ورق لا حياة فيها ولا تنزيل لها على الواقع؛ وتلك سيرةُ الأغلب الأعمّ من تاريخ دول الجامعة.

من البيّن، هنا، أنّنا لا نربط، ربطاً تلازميّاً، بين مشروع عربيّ جامعٍ ووجود فكرةٍ قوميّة سائدةٍ جامعة (بمعناها السّياسيّ- الإيديولوجيّ طبعاً)؛ إذ ليس المشروع العربي الوحيد القابل للوجود التّاريخيّ هو المشروع القوميّ أو، للدّقّة، الذي تحمله قوّةٌ قوميّة وتديرُه.

فلقد تكون وراءَه قوًى اجتماعيّة وثقافيّة أخرى ذات خلفيّات ليبراليّة أو حتّى وطنيّة: تدرِك أنّ مصالح الأوطان إنّما تتحقّق في مشروعٍ للاتّحاد والشّراكة والاندماج لا في التّنكُّب عنه والانكفاء إلى حدود الوطنيّات المغلقة.

لقد كانت القوى اللّيبراليّة في أوروبا، مثلاً، هي من صنع تجربة «الاتّحاد الأوروبيّ» وإطاره المؤسّسيّ القاريّ وليس القوى القوميّة (على ما بين الحالتين العربيّة والأوروبيّة من اختلاف في هذا الباب)، ولا شيء يمنع، اليوم، من أن تصنعه النّخب القائمة على أمور البلاد العربيّة إن هي أدركت منافع ذلك المشروع على بلدانها جميعِها.

من المؤسف، حقّاً، ألا يكون العرب قد اهتدوا، بعد نصف قرنٍ من نكبة مشروعهم الجماعيّ الأوّل، إلى إعادة بثّ الحياة في أوصاله من جديد، مع أنّ ظروف آنِهم أفضلُ من ظروف أَمْسِهم، على الأقلّ على صعيد تراجُع حدّة الاستقطاب السّياسيّ الإيديولوجيّ بين نخبهم.

والأسوأ أن تجد بلدانُهم نفسَها واقعةً بين جدران فضاءٍ مُحَاطٍ بمشاريع أخرى إقليميّة بعضُها في حالة اشتباكٍ معهم. واليوم، ما عاد ثمّة من سبيلٍ حقيقيّ لارتياد المستقبل الجماعيّ إلاّ بمشروعٍ عربيّ جامع يعيد إلى العرب مكانتهم في العالم.

*د. عبد الإله بلقزيز كاتب وأكاديمي مغربي

المصدر | الخليج

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العرب القومية العربية الاتحاد الأوروبي البلاد العربی ة المشروع العربی ذلک المشروع مشروع عربی الس یاسی عربی ا عربی ة قومی ة ما کان

إقرأ أيضاً:

وضع حجر أساس مشروع «بيفار» لإنتاج الكلور القلوي بالمنطقة الصناعية في السخنة

شهد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، صباح اليوم، مراسم تدشين حجر أساس مشروع شركة «بينخهوا «بيفار) جروب - Binhua (Befar) Group» للكيماويات، داخل نطاق المطور الصناعي «تيدا - مصر» بالمنطقة الصناعية بالسخنة، لإقامة مشروع لإنتاج الكلور القلوي ومنتجاته التكميلية بطاقة 100 ألف طن، على مساحة 400 ألف متر مربع على مرحلتين.

وتبدأ بالمرحلة الأولى على مساحة 200 ألف متر مربع، على أن تشمل المرحلة الثانية توسعات على مساحة 200 ألف متر، بإجمالي تكلفة استثمارية قدرها 500 مليون دولار أمريكي، تعادل 25.5 مليار جنيه مصري، مقسمة على مرحلتين، بتكلفة استثمارية للمرحلة الأولى تبلغ 300 مليون دولار، و200 مليون دولار للمرحلة الثانية، بما يوفر نحو 800 فرصة عمل، ومن المقرر أن تنتهي أعمال الإنشاءات للمرحلة الأولى خلال 18 شهرًا، ويهدف المشروع إلى إقامة أول منشأة كيميائية خضراء في مصر والعالم، حيث يعتمد المشروع في مرحلته الأولى على الطاقة النظيفة في التشغيل.

مشروع «بيفار»

وأُقيمت المراسم بحضور اللواء طارق الشاذلي، محافظ السويس، وعدد من القيادات التنفيذية بالهيئة، وعدد من قيادات المطور الصناعي «تيدا-مصر»، وممثلي شركة المشروع.

وفي هذا السياق أوضح وليد جمال الدين أن هذا المشروع يحمل في جوهره رسالة تتجاوز حدود الصناعة إلى آفاق الاستدامة، والريادة، والنهضة الاقتصادية المتكاملة، وتتجلى أهمية هذا المشروع في كونه ليس مجرد منشأة صناعية كبرى، وإنما منظومة متكاملة تعتمد على أسس الاستدامة البيئية، من خلال الاعتماد على مصادر طاقة نظيفة متنوعة لتشغيل الوحدات الصناعية بالمشروع، مما يُعد تجربة مُلهمة لإقامة صناعة كيميائية تتناغم مع البيئة، وتلتزم بأعلى معايير الاستدامة، وتتماشى مع رؤية الدولة المصرية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر.

مشروع «بيفار»

وأضاف أنه من الناحية الاقتصادية، يفتح هذا المشروع آفاقاً واسعة أمام الصناعات التكميلية، ويُعزز قدرات الدولة المصرية في تأمين احتياجاتها من منتجات استراتيجية تدخل في صناعات حيوية متنوعة، كما يُسهم في إحلال الواردات وخفض الفاتورة الاستيرادية، ويعزز من فرص توطين الصناعات الاستراتيجية وتصديرها إلى الأسواق المجاورة، خاصة أن موقع المصنع داخل المنطقة الاقتصادية يمنحه ميزة الوصول السريع إلى الموانئ البحرية، ومنها إلى مختلف الأسواق الإقليمية والعالمية، لافتًا إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن منظومة متكاملة لاستخلاص المعادن من مياه البحر لصناعة البروم وغيرها من الصناعات المكملة والمغذية.

مشروع «بيفار»

من جانبه، أوضح اساي ينغ هوي، نائب الرئيس الأعلى لشركة بيفار، أن المجموعة تأسست عام 1968، وتتمتع بخبرة تمتد لأكثر من 50 عامًا في مجالات المواد الكيميائية المتخصصة، والبتروكيماويات، وأعمال الطاقة الجديدة، وتُصدر منتجاتها إلى أكثر من 100 دولة ومنطقة حول العالم، كما تحتل المركز الأول في السوق الصينية في عدد من المنتجات، مثل كلوريد الأليل، وثلاثي كلورو الإيثيلين، والصودا الكاوية الحبيبية، ورقائق الصودا الكاوية، وغيرها، مؤكدًا أن المشروع سينطلق في أقرب وقت ممكن، بفضل الدعم القوي من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتعاون شركة تيدا الصينية الإفريقية للاستثمار، إلى جانب مساهمة العديد من الشركاء.

والجدير بالذكر أن مشروع «بينخهوا (بيفار) جروب - Binhua (Befar) Group» للكيماويات قد تم توقيعه خلال الجولة الترويجية لرئيس الهيئة على هامش منتدى التعاون الصيني الإفريقي في سبتمبر 2024، وهو ما يعكس جدية الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات وتوطين الصناعات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

اقرأ أيضاًمحافظ السويس يبحث طلبات السائقين وتنظيم العمل وتحسين الخدمات بالمواقف

إغلاق موانئ السويس البحرية لسوء الأحوال الجوية

محافظ السويس يوحه بسرعة الانتهاء من تطوير المجزر الآلي بقرية الألبان الجديدة

مقالات مشابهة

  • ضمن مشروع «100 سنة غنا»| علي الحجار يُطرب جمهوره في ساقية الصاوي.. الليلة
  • ننشر كلمة رئيس مجلس النواب عقب الموافقة على مشروع قانون العمل الجديد
  • وضع حجر أساس مشروع «بيفار» لإنتاج الكلور القلوي بالمنطقة الصناعية في السخنة
  • رئيس الوزراء يشدد على ضرورة تصنيع جميع معدات مشروعات طاقة الرياح محليا
  • مدبولي: ضرورة الاتجاه نحو تصنيع جميع المعدات ومكونات مشروعات طاقة الرياح محليا
  • رئيس الوزراء يشدد على ضرورة تصنيع معدات ومكونات مشروعات طاقة الرياح محليا
  • محافظ أسوان بتفقد مشروع رصف طريق توشكى/ عنيبة بطول 5 كم
  • مشروع الجزيرة بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول ؟؟
  • تدشين أول مصنع عربي لـ«توربينات الرياح».. متى يبدأ الإنتاج؟
  • السعودية تطلق مشروع السياسات اللغوية في العالم