عقدة التفوق اليهودي!!
كان اليهود حتى قبل أقل من 200 سنة منبوذين لا قيمة اجتماعية لهم، باستثناء بعض أثريائهم، والأثرياء موجودون في كل فئة أو طائفة.
أساطير متوارثة عن تفوق اليهود، وأنهم يحكمون ويتحكمون في العالم، ويخططون لألف سنة قادمة، وأن هناك حكومة صهيونية خفية تحكم العالم!
ليس اليهود بارعين وعباقرة وموهوبين بالفطرة، وتلك الصفات لا توجد في جيناتهم الوراثية، ولو كانوا كذلك لما كان معظم تاريخهم مظلما.
بعض المسؤولين العرب يعيشون ويؤمنون بـ"عقدة تفوق اليهودي"، وربما يكون هذا أحد الأسباب، لاندفاعة التطبيع التي نشهدها في العالم العربي.
مجموعات صغيرة من المقاومة أحرجت الكيان الصهيوني مرة تلو أخرى، أولئك المقاومون، بشجاعتهم وإرادتهم وإبداعاتهم، يستحقون الإعجاب أكثر من الكيان.
لا ينقص العرب ما عند اليهود؛ لا المال ولا الموارد ولا القوى العاملة ولا الجيوش ولا العقول والإبداع والابتكار! ينقصهم مشروع يلتفون حوله ويعملون لأجله.
اليهود بارعون في تسويق قدراتهم فمقابل كل إنجاز هناك فشل وتضخيم لكن لا ننتبه! فما هي نسبة العلماء اليهود بالنسبة للعلماء الآخرين؟ وهل تقدم الدول الكبرى مصالح اليهود على مصالحها إذا تناقضت المصالح؟
* * *
علينا الاعتراف أن بعض المسؤولين العرب يعيشون ويؤمنون بـ"عقدة التفوق اليهودي"، وربما يكون هذا أحد الأسباب، لهذه الاندفاعة التطبيعية التي نشهدها في العالم العربي، وربما كان أحد أسباب موجة التطبيع الأولى أيضا.
يصدق ذلك ما تكشف عن اتصالات سرية بين صهاينة ومسؤولين عرب سواء في ليبيا وغيرها، ويصدقه ما قاله المحامي الصهيوني مردخاي تسيفين الذي كشف أنه التقى سرا مع مسؤولين كبار في ليبيا في السنوات الأخيرة، قائلا إن "إسرائيل هي البلد المفضل لهم للمساعدة في مختلف المجالات، بزعم أنهم يفتقدون اليهود الليبيين ويؤمنون بالعقل اليهودي الأسطوري".
جزء من هذه العقدة جاء بسبب الأساطير المتوارثة عن التفوق اليهودي، وأنهم يحكمون ويتحكمون في العالم، وأنهم يخططون لألف سنة قادمة، وأن هناك حكومة صهيونية خفية تحكم العالم، ناهيك عن توارث كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" والتعامل معه كأنه حقائق.
جزء منها جاء بسبب الأساطير حول مواصفات الشخص اليهودي؛ بارع وعبقري وموهوب وقادر على جمع المال. والتدليل على ذلك بكثير من الأسماء والعلماء.
جزء جاء بسبب تفوق الكيان الصهيوني (اقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا) مقارنة بتخلف الدول العربية، برغم صغر حجمه وقلة موارده الطبيعية وقلة عدد سكانه، وبرغم حصاره وإحاطته بدول "كانت معادية" أكبر حجما وأكثر سكانا وموارد.
جزء جاء بسبب ما يرونه من قدرة اليهود، رغم قلة أعدادهم، في التأثير في سياسات الدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة.
جزء منها بسبب قدرات الكيان في مجال "الهايتك" وعالم الأمن السيبراني وابتكار تطبيقات التجسس.
جزء منها بسبب ما يرونه من قوة أجهزتهم الاستخباراتية وتفوقها و"قصص النجاح" التي تفوق الخيال أحيانا.
جزء منها، لا تستغربوا، بسبب بنائهم نظام حكم قائماً على تداول السلطة ومحاسبة أي فاسد مهما بلغ منصبه، وبسبب وجود معارضة شرسة وأحزاب متنوعة، وبرغم هذا كلهم يعملون لصالح الكيان، وحين يتعاطون معهم يعلمون تماما أنهم يتعاطون لصالح الكيان وليس لمصالح شخصية.
في الواقع فإن اليهود بارعون جدا في التسويق؛ تسويق قدراتهم، فمقابل كل بند من بنود وصفة الإعجاب بهم هناك فشل وهناك تضخيم، لكن لا أحد ينتبه إليه، فما هي نسبة العلماء اليهود بالنسبة للعلماء الآخرين؟ وهل تقدم الدول الكبرى مصالح اليهود على مصالح دولهم إذا تناقضت المصالح؟
ورغم تسويقهم لأنفسهم بأنهم قوة أمنية كبرى، هناك قصص فشل كبيرة بعضها كاد يودي بكيانهم، غير أن الأبرز هنا هو قدرة مجموعات صغيرة من المقاومين على إحراج ذلك الكيان المرة تلو المرة، وبرأيي أن أولئك المقاومين (بشجاعتهم وإرادتهم وإبداعاتهم برغم الإمكانيات الضئيلة والحصار) يستحقون الإعجاب أكثر من الكيان المدعوم من كل القوى العالمية.
أيضا فليس اليهود بارعين وعباقرة وموهوبين بالفطرة، وليست تلك الصفات موجودة في جيناتهم الوراثية، ولو كانوا كذلك لما كان معظم تاريخهم مظلما، فقد كانوا حتى قبل أقل من 200 سنة منبوذين لا قيمة اجتماعية لهم، باستثناء بعض أثريائهم، والأثرياء موجودون في كل فئة أو طائفة.
ما حصل، وهو إنجازهم العظيم، أنهم أسسوا حلما وقضية تجمعهم وعاشوا لأجلها، ثم أوجدوا كيانا يحميهم، وهم الآن يجتمعون حوله، ويعملون بأقصى طاقتهم لحمايته، وهم يعلمون أنه بقدر حمايتهم، له أينما وجدوا، بقدر حمايته لهم ولمصالحهم ونفوذهم وثرواتهم ومكانتهم.
لا ينقص العرب ما عند اليهود؛ فلا ينقصهم المال فعندهم أكثر مما عند اليهود، ولا تنقصهم الموارد فعندهم ما لا عند اليهود، ولا تنقصهم القوى العاملة فعندهم ما لا عند اليهود، ولا تنقصهم الجيوش فعندهم ما لا عند اليهود، ولا تنقصهم العقول والقدرة على الإبداع والابتكار فعندهم ما عند اليهود، ما ينقصهم هو مشروع يلتفون حوله ويعملون لأجله.
*عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العرب اليهود استخبارات الكيان الصهيوني تطبيقات التجسس المقاومة المقاومون فی العالم جزء منها جاء بسبب جزء من
إقرأ أيضاً:
الشيخ صبري: أعياد اليهود تُظهر أطماعهم الخفيّة تجاه الأقصى
الثورة نت/..
أكد خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا للدفاع عن القدس الشيخ عكرمة صبري، أنّ الأعياد اليهودية ودعوات المتطرفين لإحياء طقوسها في الأقصى باتت تُظهر الأطماع الخفيّة في حرب السيطرة على أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.
وأفاد المركز الفلسطيني للإعلام بأن الجماعات الاستيطانية المتطرفة تحشد أنصارها، لتنظيم مسيرات استفزازية واقتحامات واسعة ومكثفة لباحات المسجد الأقصى المبارك، خلال فترة عيد “الأنوار” (الحانوكا بالعبرية)، الذي يحلّ هذا العام بعد يومين (25 ديسمبر) ويستمر ثمانية أيام.
وأوضح الشيخ عكرمة صبري في تصريحٍاتٍ صحفية اليوم الإثنين، أنّ اليهود يسعون من خلال الحرب الجارية للوصول لهدف واحد وهو “وضع أيديهم على المسجد الأقصى” في لعبة مكشوفة ومرفوضة.
وحذر من أنّ سلطات الاحتلال تجاوزت حدودًا بعيدة في ألاعيبها التي تستهدف قدسية “الأقصى” ومكانته الدينية والتاريخية.. محملًا إياها المسؤولية الكاملة تجاه الإقدام على أي خطوة تمسّ المسجد المبارك.
وشددّ الشيخ صبري، على حق الفلسطينيين والمسلمين الكامل بالمسجد الأقصى.. مشيرًا إلى أنّ كل ما تقوم به جماعات اليهود المتطرفة من أعمال باطلة؛ مرفوضة من الناحية القانونية والحضارية والإنسانية؛ وتتعارض مع حرية العبادة والقوانين الدولية.
في السياق ذاته؛ حذر من دعوات المستوطنين استهداف دائرة الأوقاف الإسلامية، والمساس بها.. قائلاً: “هذا لعب خطير في النار ويكشف عما كان يسعى له اليهود من الغاء دور الدائرة؛ التي تعد المسؤولة بشكل مباشر على إدارة الأقصى”.
وتابع خطيب المسجد الأقصى: “هم يريدون طرد دائرة الأوقاف ومنعها من العمل؛ من أجل وضع سيطرتهم الكاملة على المسجد الأقصى”.
يُشار إلى أنّ جماعات الهيكل طالبت في مسيرات استفزازية لها أثناء الاحتفال بعيد “الحانوكا” العام الماضي بطرد دائرة الأوقاف الإسلامية من الأقصى وفرض السيطرة اليهودية عليه، علمًا أنّ 1332 متطرفا ومتطرفة اقتحموا المسجد على مدار أيام العيد من العام الماضي.
ويحرص المستوطنون على تنفيذ الطقوس الدينية لأعيادهم داخل المسجد الأقصى؛ من أجل التأسيس المعنوي لـ”الهيكل” المزعوم تمهيدا لبنائه فعليا مكان المسجد، وهو ما يثير استفزاز الفلسطينيين الذين يكثفون الدعوات لشد الرحال والرباط في “الأقصى” لصد الانتهاكات عنه.