عُمرة البدل، أثارت الرأي العام خلال الساعات الماضية، وتداولها جمهور السوشيال ميديا بشكل كبير، الأمر الذي دفع الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، بالخروج والدفاع عن الشريعة أمام سماسرة الدين ومن يتربحون به.

عُمرة البدل

بدأت القصة، بنشر البلوجر أمير منير، فيديو يروّج فيه لتطبيق إلكتروني يروّج لما يسمى عُمرة البدل سواء عن الحي أو الميت، مقابل مبلغ مالي قدره 4000 جنيه.

بعد تطبيق "العمرة البدل".. الحكم الشرعي في أداء العمرة لشخص آخر غرامة تصل لـ3 ملايين جنيه.. تعرف على كل ما يتعلق بـ باركود العمرة

وفور نشر الفيديو الترويجي لـ عُمرة البدل، شنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حملة هجوم على البلوجر أمير منير، ووجهوا له اتهامات بالتجارة في الدين والتربح من العبادات والأعمال الدينية.

ولم يصمت الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، على ما أثير عن عُمرة البدل، وخرجت المؤسستان بإيضاح الصورة كاملة والرد على المسألة من كل جوانبها.

بدوره، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن تعظِيم شعائر الله واجبٌ على كلِّ مسلم، ويتعيّن أن يؤديها بنفسه، متى كان قادرًا على أداء مناسكها، لما يحققه قصد بيت الله الحرام وزيارة سيدنا رسول الله من تعزيز التواصل الرّوحي، والإيمان بالله، والتعلق به سبحانه.

هل يجوز عمل عُمرة لشخص غريب

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، في بيان، تعليقاً على ما يتداول حاليًا في مسألة الإنابة في العُمرة، إن تهوين الشعائر الدينية في نفوس الناس يتنافى ومقاصدها؛ لقوله سبحانه: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}. [الحج: 32].

حكم عمرة البدل عن الحي

وذكر أن حكم العُمرة يدور بين السّنة والواجب، والرَّاجح أنها سنة مؤكدة في العُمر مرة واحدة، بشرط الاستطاعة في جهتيها البدنية والماديّة؛ فعلى المسلم أن يبادر إلى أدائها حال استطاعته بدنيًّا وماديًّا.

وأشار إلى أن عدم توافر شرط الاستطاعة المادية والبدنية يرفع الحرج عن الإنسان في الأداء بنفسه أو إنابة غيره؛ لقوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97].

وأوضح أن الأصل في العُمرة أنها عبادة بدنية لا تجوز الإنابة فيها إلَّا عن كبير السن وأصحاب الأمراض المزمنة التي تعجزهم عن الأداء بأنفسهم.

وتابع : من استطاع العُمرة وتوفي قبل أن يؤديها، فالأولى أن تؤدى عنه من تركته خروجًا من خلاف من أوجب العمرة على المستطيع كالحج.

عُمرة بالنيابة

وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه لا مانع شرعًا أن يُعطَى المُعتمِر عن غيره من أصحاب الأعذار نفقات سفره وإقامته في الأراضي المقدسة، على ألا تكون مهنة بغرض التربح؛ يترتب عليها تهوين الشعيرة في نفوس الناس، وتنافي المقصود منها.

كما يشترط فيمن يقوم بالعُمرة عن غيره أن يكون قد اعتمر عن نفسه.

وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الأعذار المُبيحة للإنابة يقدرها أهل الاختصاص بقدرها المشروط في الشريعة الإسلامية، وتكون الفتوى بإجازة الوكالة فردية، وليست حكمًا عامًّا لجميع الناس، فضلًا عن امتهان الوكالة فيها، فإنه خروج على الأصل الذي ذكرنا، ومناقض لمقاصد الشريعة الإسلامية، وذريعة للتهوين من الشعائر ومحاولة طمسها، وباب للممارسات غير المشروعة.

كما قالت دار الإفتاء المصرية، إنه من المقرَّر أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية.

وأضافت دار الإفتاء، أنه لابدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه -جل وعلا-، ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار، نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة.

وتابعت: وإذا كنَّا نجد في بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة -مثلًا- وبين من سيؤديها عنه.


وأكدت أنه من الأمور اللازمة في الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

وتابعت دار الإفتاء: وما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما هو مُستنكَر وخارج عن المألوف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: عمرة البدل الأزهر دار الإفتاء مرکز الأزهر العالمی للفتوى الإلکترونیة فی الع

إقرأ أيضاً:

دار الإفتاء توضح حكم ذبيحة رجب "العتيرة"

قالت دار الإفتاء المصرية، إن حكم ذبح العتيرة في شهر رجب هو أمرٌ مستحبٌّ ومُرَغَّبٌ فيه شرعًا، وهو قربةٌ لله تعالى، كما أنَّ توزيعه للذَّبيحة كاملةً يوصف بالحرصِ على كمال الأجر والثواب من الله سبحانه، وإخلاصِ العمل له.

دار الإفتاء توضح فضل شهر رجب كل عام وأنتم بخير.. الإفتاء تعلن غدا الأربعاء غرة شهر رجب 1446هـ

وأوضحت دار الإفتاء أن ما ورد من النَّهي عن ذبح العتيرة  إنما هو عما كان من أمر الجاهلية من الذَّبح لغير الله تعالى، أو هو محمولٌ على نفي الوجوب عنها، أو أنها ليست كالأضحية في الاستحباب أو في ثواب إراقة الدم.

فضل الأشهر الحرم ومضاعفة الثواب والعقاب فيها

وأشارت دار الإفتاء إلى: اقتضت حكمة الباري سبحانه وتعالى تفضيل بعض الأزمنة والشهور على بعض؛ فَمَيَّزَ الأشهر الحرم على سائر الشهور، ومن رحمته بعباده أن جعل لهم فيها مواسم للخيرات، وحثهم فيها على اغتنام الأوقات والإكثار من الطاعات؛ رجاءَ رحمته، وابتغاءَ ثوابه، كما حذرهم من المعصية وظلم النفس فيها، فجعل عقوبةَ المعصية فيها مضاعفةً، كما جعل الأجر والثواب على الطاعات فيها مضاعفًا؛ فقال سبحانه: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36].

وقد كانت العرب تحترم هذه الشهور وتعظمها؛ اتباعًا لملة سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ وقد بلغوا من شدة تعظيمهم لها أن اختصُّوها ببعض القربات، كما حرَّموا على أنفُسهم فيها سفك الدماء؛ فكان الرجل منهم يلقى قاتل أبيه في هذه الأشهر ولا يتعرَّض له بالأذى، حتى جاء الإسلام فأقرهم على تعظيمها.

قال فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (16/ 41، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأما قوله: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ فقد أجمعوا على أنَّ هذه الأربعة؛ ثلاثةٌ منها سرد؛ وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحدٌ فرد؛ وهو: رجب، ومعنى الحُرُمِ: أنَّ المعصية فيها أشدُّ عقابًا، والطاعة فيها أكثر ثوابًا، والعرب كانوا يعظمونها جدًّا حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه لم يتعرَّض له].

وقال الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (3/ 80، ط. دار إحياء التراث): [﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ﴾ أي: مبلغ عددها. ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ معمول عدة؛ لأنها مصدر. ﴿اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ في اللوح المحفوظ، أو في حكمه، وهو صفةٌ لاثني عشر، وقوله: ﴿يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ متعلقٌ بما فيه من معنى الثبوت أو بالكتاب إن جعل مصدرًا. والمعنى: أن هذا أمر ثابتٌ في نفس الأمر مذ خلق الله الأجرام والأزمنة. ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ واحدٌ فَرْدٌ؛ وهو رجب، وثلاثةٌ سَرْدٌ: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم. ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ أي: تحريم الأشهر الأربعة هو الدين القويم دين إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، والعرب ورثوه منهما. ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ بهتك حرمتها وارتكاب حرامها، والجمهور على أن حرمة المقاتلة فيها منسوخة، وَأَوَّلُوا الظلم بارتكاب المعاصي فيهن فإنه أعظم وزرًا؛ كارتكابها في الحرم وحال الإِحرام].

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: الدعاء بعد الانتهاء من العبادات مستحب
  • حكم الصوم في شهر رجب .. دار الإفتاء تجيب
  • دار الإفتاء توضح حكم ذبيحة رجب "العتيرة"
  • حكم صيام شهر رجب.. الإفتاء تجيب
  • حكم تمشيط الشعر للمرأة في العمرة.. دار الإفتاء تحذر
  • تشتاق نفسي للعمرة فهل يجوز الاقتراض لأدائها؟.. الإفتاء تجيب
  • ما زالت على قيد الحياة.. القصة الكاملة لطالبة الأزهر بالزقازيق بعد محاولة إنهاء حياتها
  • دار الإفتاء توضح فضل شهر رجب
  • الحقيقة الكاملة وراء انتحار طالبة الزقازيق.. الأزهر يكشف
  • في ذكرى ميلاده الـ 79.. الإمام المجدد شيخ الأزهر قضى عمره في خدمة الدين والوطن ونشر سماحة الإسلام