نيويورك-سانا

ارتفعت أسعار النفط عند الإغلاق اليوم دولاراً واحداً للبرميل لتسجل أعلى مستوياتها منذ تشرين الثاني، بعدما أعلنت السعودية وروسيا تمديداً جديداً لتخفيضات الإنتاج الطوعية حتى نهاية العام.

وذكرت رويترز أن العقود الآجلة لخام برنت ارتفعت 1.04 دولار للبرميل أو 1.2 بالمئة لتبلغ عند التسوية 90.04 دولاراً للبرميل، وهذه هي المرة الأولى التي تستقر فيها فوق مستوى 90 دولاراً منذ الـ 16 من تشرين الثاني 2022.

كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.14 دولار أو 1.3 بالمئة لتبلغ عند التسوية 86.69 دولاراً للبرميل، وهو أيضاً أعلى مستوى لها في عشرة أشهر.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

مونيكا وليم تكتب: التعريفات الجمركية.. وسوق الطاقة

تُعد قرارات دونالد ترامب المتسارعة بفرض تعريفات جمركية موسعة على واردات رئيسية من الصين والاتحاد الأوروبي، محطة محورية أعادت تشكيل مسار الاقتصاد العالمي، وأثارت قلقًا بالغًا في أسواق المال والطاقة على حد سواء. وبينما تركزت بعض التحليلات على الجانب التجاري المباشر، فإن التأثير الأعمق والأكثر تعقيدًا برز في سوق الطاقة، الذي يُعد بطبيعته حساسًا للتقلبات الجيوسياسية، والتوترات التجارية، وسلاسل الإمداد العالمية، وهو ما بلور الحاجة إلى مقاربة متعددة الأطراف. 

ورغم أن النفط لم يكن مستهدفًا بشكل مباشر في الإجراءات الجمركية، إلا أن السياسات التجارية الأمريكية ساهمت في زعزعة الثقة بالأسواق العالمية، ما أدى إلى تقلبات حادة في أسعار النفط، وهو ما أشارت إليه مجموعة من التقديرات والمؤشرات الدولية، فبحسب تقرير صادر عن “وكالة الطاقة الدولية” (IEA)، فإن حالة عدم اليقين التي أفرزتها الحرب التجارية أدت إلى تباطؤ الطلب العالمي على النفط ووجود فائض مستمر في العرض حتي عام 2026 ليصل إلى 690 ألف برميل يومياً إلي جانب التوقع بارتفاع فائض المعروض العالمي إلى 1.7 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من العام المقبل، وذلك نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي في كل من الصين والاتحاد الأوروبي

وفي الوقت نفسه، خفضت أوبك" توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعامي 2025 و2026 جراء الحرب التجارية وكنتيجة مباشرة لتأثير تعريفات ترامب الجمركية التي أثرت سلباً على الاستهلاك، وبالتالي تم تقليص توقعات النمو بمقدار 100 ألف برميل يومياً، حيث يتوقع أن يبلغ النمو حوالي 1.3 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 1% سنوياً في كلا العامين.

ورغم هذه التخفيضات لا تزال توقعات أوبك أعلى بكثير من معظم الجهات الأخرى، إذ خفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تقديراتها لعام 2025 بنسبة 30% إلى 900 ألف برميل يومياً، وتوقع "جولد مان ساكس" نمواً يبلغ 500 ألف برميل فقط يومياً.

كما خفّض "جولد مان ساكس" توقعاته لسعر خام برنت لعام 2025 من 73 دولاراً للبرميل إلى 66 دولاراً، كما خفضه لعام 2026 من 61 دولاراً للبرميل إلى 58 دولاراً. كما خفض توقعاته لسعر خام غرب تكساس الوسيط العام 2025 من 69 دولاراً إلى 62 دولاراً للبرميل، وتوقعاته لعام 2026 من 57 دولاراً إلى 53 دولاراً.

وفي هذا الإطار، وبعد استقراء التقديرات الدولية بشأن أسواق النفط، يتصدر التساؤل المتعلق بأسباب تراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة؟

فقد بدأت تلوح في الأفق احتمالية ليس فقط لركود نمو إنتاج النفط الأمريكي، بل لتراجعه الفعلي، وذلك على خلفية تنامي حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس ترامب التجارية، وانخفاض الأسعار بشكل أكبر على المدى القريب وهو ما سيسهم بدوره في تأجيل إتمام حفر آبار جديدة أو إغلاق آبار قائمة، ما سيقلل إمدادات النفط بشكل كبير في 2025.

وهو ما برز خلال تقديرات لصحيفة "وول ستريت جورنال"، والذي توقع بتخفيض تقديرات النمو في الولايات المتحدة بشكل كبير، حيث أنه إذا انخفضت أسعار الخام الأمريكي إلى 50 دولاراً للبرميل، فإن الإنتاج المحلي قد يتراجع بأكثر من مليون برميل يومياً خلال 12 شهراً. 

إما ما يتعلق بالتأثيرات على الأسواق المنتجة، فإن الوضع الاقتصادي يشهد إعادة رسم لخريطة تدفقات الطاقة العالمية بعيدًا عن المحور الأمريكي، فهناك إعادة ترتيب للتحالفات والأسواق الطاقية متمثل في تسريع التوجه نحو تنويع الشراكات التجارية في مجال الطاقة، فبعض الدول الخليجية لديها انكشاف في صادراتها إلي الصين ولاسيما عمان، التي تتجه اكثر من 40% من صادراتها إلي السوق الصيني ثم قطر والسعودية، وبالتالي تتعمق التأثيرات في ميزان المدفوعات، ولكن بتأثير أقل نسبياً نتيجة قدرة الدول الخليجية علي امتصاص الصدمات الخارجية المتمثلة في 3 أبعاد الأول خفض الأنفاق، وخاصة الاستثماري ، ثانيا استخدام بعض الاحتياطات ، وثالثاً، توظيف سوق السندات والذي يمُكن أن ينظر إليه كونها خطوة اجرائية متوسطة المدي. 

كما بدأت دول آسيوية وأوروبية تعزز تعاونها مع دول الخليج وروسيا لتأمين إمدادات أكثر استقرارًا. كما دخلت الصين في شراكات استراتيجية جديدة مع إيران وكازاخستان لتقليل اعتمادها على الأسواق الأمريكية. 

في ضوء هذه التحديات، يبدو أن سوق الطاقة العالمي يتجه إلى مرحلة من التكيف القسري مع واقع يتسم بارتفاع في الكلفة وتقلبات متزايدة. ومع استمرار إدارة ترامب في تبني نهج تصعيدي تجاه الشركاء التجاريين، من غير المرجح حدوث انفراج قريب. وتتوقع مؤسسة “وود ماكنزي” أن تستمر أسعار النفط في نطاق متقلب يتراوح بين 70 و85 دولارًا للبرميل خلال النصف الثاني من 2025، مع ضغوط على المنتجين والمستهلكين على حد سواء.

ختاماً، إن ما أفرزته التعريفات الجمركية الأمريكية في عام 2025 لا يُعد مجرد أزمة تجارية، بل هو مؤشر على تحول هيكلي أعمق في النظام الاقتصادي والطاقي الدولي. فمع تنامي النزعة القومية الاقتصادية وتراجع فاعلية المؤسسات متعددة الأطراف، تصبح الحاجة ملحّة لإعادة التفكير في أطر التعاون الدولي، خاصة في قطاع حيوي مثل الطاقة، الذي يظل ركيزة الاستقرار الاقتصادي والاستراتيجي للدول.

مقالات مشابهة

  • اسعار النفط العالمية تتراجع وسط تقدم في محادثات واشنطن وطهران
  • الدولار يتراجع والنفط يواصل الانخفاض
  • الذهب يُحلق مدفوعا بتراجع الدولار والنفط يواصل الانخفاض
  • الدولار يسجل أمام الروبل الروسي أدنى مستوى في نحو 10 أشهر
  • الذهب يسجل أعلى مستوى تاريخي عند 3392.83 دولارًا للأوقية وسط تراجع الدولار ومخاوف الحرب التجارية
  • سعر الذهب يقفز عالميًا.. 3388 دولارًا للعقود الآجلة ومزيد من الارتفاع متوقع
  • الذهب يسجل أعلى مستوى على الإطلاق مع تراجع الدولار
  • نفط كركوك يسجل أعلى معدل إنتاج منذ 11 عاماً
  • العراق ثالثاً بقائمة أغلى أسعار النفوط العربية في "أوبك"
  • مونيكا وليم تكتب: التعريفات الجمركية.. وسوق الطاقة