الإسلام .. الإختيار والطمأنينة
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
أراني منهمكاً في قراءة ( remembering ) مذكرات المغنية الأيرلندية شنيد اوكنار Sinead O’connor والتي انتقلت الى رحمة الله في لندن قبل أقل من شهرين بعد إسلامها بخمس سنوات وهذا أحد أسباب حرصي على مذكراتها التي نشرتها قبل وفاتها بعامين حتى أني حاولت سماع بعض تسجيلاتها وقراءة الكلمات التي أجادت كتابتها لأغانيها ليس إعجاباً بأعمالها وطريقتها في الغناء ولكن رغبةً في التعرف على هذه السيدة التي عاشت حياة قاسية عجيبة في ظل أسرتها بسبب سلوك والدتها المريضة والتي ماتت تاركة شنيد تتقاذفها أمواج وعواصف كادت أن تفتك بها وهي في سن الرابعة عشرة وأقرب مفتاح لشخصية شنيد يمكن أن يكون ( الشجاعة ) دونما اعتبار للعواقب ودليل ذلك تمزيقها لصورة البابا أمام الجمهور في إحدى حفلاتها المزدحمة عام 1992 إحتجاجاً على الكنيسة على قضية التحرُّش بالأطفال في شجاعة أنكرها عليها البعض خوفاً على مسيرتها الفنية، وشهرتها التي بلغت أوجها ، وكذلك قصّها لشعرها إحتجاجاً على سلوك مخرج الفيلم الذي طلب منها الظهور أكثر أنوثة في الدور الذي أُختيرت له.
من أسباب محاولتي التعرف على هذه الشخصية كان أولا موضوع إسلامها الذي قالت إنها اختارته بعد أن جربت كل شيء ووجدت في الإسلام ضالتها وطمأنينتها بعد حياة القلق والتمزق النفسي التي عانتها في طفولتها حتى انتحارإبنها، قائلةً : (إن تجربتي الطيبة الشخصية مع الأيرلنديين وخاصة العائلة التي عشت معها وتعاملت كأحد أفرادها وذكرياتي في دبلن التي درست فيها قبل أربعين عاماً وأسماء الشوارع التي وردت في صفحات هذه المذكرات والتي كنا نجوبها مشياً على الأقدام أو راكبين حافلات المواصلات العامة للمدرسة أو السوق أو المسرح وأجملها كانت رحلاتنا بالحافلة إلى شاطئ منطقة Bray حيث كنا نمضي عطلة نهاية الأسبوع أحياناً هناك ونعود مساءً ونقضي الطريق في مرح وضحك مع السائق أو الكمساري الذي حاول في إحدى المرات تقليد العرب في كلامهم ومستغرباً من مخارج الحروف العربية ،وأذكر حديثنا في الحافلة مع أحد العائدين من قوات حفظ السلام الدولية في لبنان).
و أتذكر كذلك أن جاء رمضان وأخبرت سيدة البيت بعدم تجهيز الإفطار لي صباحاً فاستغربت وكان الإعلام في ذلك الوقت يتحدث عن إضراب سجناء الجيش للجمهوري الأيرلندي الشن فين ( IRA ) فقالت في هلع : هل جننتِ ؟ كأنها تظن أنني سأبدأ إضرابا تأثراً بما أراه كل مساء في التلفزيون أو تعاطفاً مع الشن فين( IRA ) .
كان الأيرلنديون شعباً مفطوراً على طيبة القلب وكانت أياماً جميلة أعادتها إليّ شنيد اوكنار-يرحمها الله- في مذكراتها والتي أيقظت بعضاً من ذكرياتي.
sal1h@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
المفتي: الشريعة الإسلامية سبقت كل الشرائع في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة
قال الدكتور نظير محمد عيّاد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في بداية كلمته في "جلسة العلماء" على هامش مشاركته في أعمال المؤتمر العالمي: "تعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة: التحديات والفرص"، الذي ينعقد في العاصمة الباكستانية "إسلام أباد" في المدة من 11 إلى 12 يناير 2025م، إن هذا المؤتمر يُعدُّ جزءًا من النضال الفكري المتجدد نحو تحرير المرأة المسلمة من الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي تثار حولها، ويُعدُّ كذلك امتدادًا طبيعيا لحركة التجديد الفقهي والفكري التي ابتدأها شيوخنا وعلماؤنا في العصر الحديث، وحمل لواءها وناضلت من أجلها المؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بجمهورية مصر العربية.
مفتي الجمهورية يكشف فضل شهر رجب وأعماله المستحبة.. فيديووأكد مفتي الجمهورية، في كلمته أن الشريعة الإسلامية قد سبقت كل الشرائع في تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، إلا في بعض الأمور اليسيرة التي تتناسب وطبيعة الرجال فقط؛ فقد أعلن الإسلام حريتها واستقلاليتها يوم كانت في حضيض الانحطاط في الجاهلية، ومنحها حقوقها الإنسانية بشكل كامل غير منقوص، وقرر لها كفاءةً شرعيةً لا تنقص عن كفاءة الرجل في جميع الأحوال المدنية.
الإسلام قد نظر إلى الرجل والمرأة بعين المساواة الحقيقية وليست الشكلية أو الصوريةوتابع: إن الإسلام قد نظر إلى الرجل والمرأة بعين المساواة الحقيقية وليست الشكلية أو الصورية، وهذه المساواة تعود بالمجتمع إلى الفطرة السليمة التي فطر الخالق عز وجل الخلق عليها، وقد أجمل الإسلام هذه المساواة في قوله تعالى: ﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف﴾ [البقرة: 228]، وإن أي فكر أو طرح ينتقص من هذه المساواة أو يختزلها في شكل صوري هو فكر دخيل على الإسلام، والإسلام منه براء مهما كان المتحدث به أو المقرر له.
وأكد أن الإسلام عندما حث المسلمين على طلب العلم والتعلم، لم يوجه حديثه نحو الرجال دون النساء، ولم يفضل بشكل صريح أو ضمني الرجال على النساء درجةً في هذا الباب، بل كان توجيه الإسلام للرجال والنساء على السواء في ضرورة التعلم والاستزادة في العلم والمعرفة.
وأشار المفتي إلى أن الفهم المغلوط حول مسألة تعليم المرأة قد ظهر بسببين رئيسين:
الأول: مدى تأثير العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية في الاجتهاد نحو استنباط بعض الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة، ثم تداول هذه الأقوال وتلك الاجتهادات من قبل بعض المقلدين والجامدين، وهؤلاء لم ينظروا بعمق أو وعي إلى أن هذه الاجتهادات كانت مبنيةً على واقع قد تغير، واستجابةً لمصالح قد تبدلت، ومواءمةً لأحوال أسرية ومجتمعية قد تجاوزها التطور منذ قرون، مع تجاهل وجوب تغير الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد.
وأكد أن هذا الجمود، وتلك التقاليد البالية التي وضعها الناس ولم يضعها رب الناس، قد انحدرت بالوضع الثقافي والاجتماعي للمرأة، وهبطت بمستوى التربية، وعمقت عملية التجهيل المتعمد للمرأة والانتقاص الشديد من حقوقها.
والسبب الثاني: تداول أحاديث ضعيفة واردة في حق المرأة، والاعتماد عليها في استنباط بعض الأحكام الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بعلاقتها مع المجتمع ومدى تفاعلها فيه.
وأبدى تعجبه من هؤلاء الذين يعتمدون على هذه الأحاديث الضعيفة لإلغاء الآيات البينات المحكمات والسنن الثابتة الواضحات، مؤكدا أن هذه الأقوال مجرد كلام لا أصل له، بل هي أحاديث موضوعة تتعارض مع صريح القرآن الكريم والواقع التطبيقي للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يكرم المرأة، ويحثها على التعلم والارتقاء.
ولفت فضيلته النظر إلى حقيقة جلية مؤكدة بالنصوص الشرعية، وهي أن الإسلام قد اعتبر المرأة طاقةً فكريةً، وثقافيةً، وإنسانيةً، وتربويةً، توجب علينا استكشاف ما فيها من جوانب الخير والإبداع، وإشراكها في صناعة الحضارة الإنسانية الرشيدة.
وقال فضيلته: إن الواقع التاريخي يثبت أن المرأة حينما تخلت عن التعليم، تخلفت الأمة بأسرها، فإن الأمهات الجاهلات ينتجن أبناءً جاهلين خاملين، في حين أن تعليم المرأة وتنويرها هو السبيل إلى نهضة المجتمع بأكمله. كما أثبت التاريخ أيضًا أن أي إصلاح يهمل حقوق المرأة ليس بإصلاح حقيقي، ولم يكتب له النجاح أو الاستدامة.
وتابع فضيلته: "لقد كانت المسلمات الأوائل مثالًا يحتذى به في التفاعل الإيجابي مع المجتمع: كن يصلين الصلوات الخمس في المسجد، من الفجر إلى العشاء. وكن يشاركن في معارك النصر والهزيمة. وكن يشهدن البيعات الكبرى. وكن يأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر.
لقد كانت المرأة في الإسلام إنسانًا مكتمل الحقوق المادية والأدبية، ولم تكن يومًا نفايةً اجتماعيةً كما يفهم المتطرفون الجاهلون.
فهل يعقل أن يكون الفكر الديني مع تجهيل المرأة، والإلحاد مع تعليمها؟ أي عقل هذا؟
وهل يعقل أن نجعل المرأة رهينة الجهل والقهر، في عصر الذرة والفضاء والذكاء الاصطناعي؟
إن الإسلام يدعو إلى التحرر من القيود البالية، والتنوير بالعلم، والارتقاء بالعقل، وهذا ما يجب أن يكون نصب أعيننا جميعًا".
وفي ختام كلمته أكد فضيلة المفتي أننا نتطلع بكل جد وإخلاص إلى التعاون الجاد نحو تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تثار حول قضايا المرأة وإشكالياتها المعاصرة، ونجدد دعمنا الكامل لجميع الرؤى والمبادرات القيمة التي ستنبثق عن هذا المؤتمر الكريم، ساعين بإذن الله لتحقيق تطلعاتنا المشتركة في بناء مجتمع متكامل ينعم فيه الجميع بالعدل والمساواة.