مشاركات خليجية وعربية في «الصيد والفروسية»
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
هالة الخياط (أبوظبي)
أخبار ذات صلةيشهد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية في دورته الحالية، مشاركات خليجية وعربية متميزة، ما يعكس عمق العلاقات المتميزة بين مختلف الدول العربية، والتراث الثقافي المشترك الذي يجمعها.
وقال عصام بن علي السيابي، مدير شركة عالم التخييم للتجارة من عُمان، إن مشاركة المصنع في المعرض الدولي للصيد والفروسية في دورته الـ20 تكتسب أهمية كبيرة نظراً للمكانة المحلية والإقليمية والعالمية التي يحظى بها المعرض.
وأوضح أن هذه المشاركة تعتبر الأولى للشركة في المعرض، مؤكداً أهمية المعرض للإقبال الواسع الذي يشهده من قبل هواة الصيد ورحلات البر والتخييم، كما أن المعرض يستقطب الزوار من دول الخليج العربي ومختلف دول العالم، بما يشكل سوقاً قوياً لعرض كافة الخدمات التي تقدمها الشركة.
وقال هشام سوقات، صانع السروج التقليدية المغربية لزي الفرس، إنه متفائل بمشاركته الثانية في المعرض الذي طالما سمع عنه الكثير من المهتمين بالسروج وزينة الخيل، لافتاً إلى أنه على ضوء مشاركته الأولى يطمح في التواجد مستقبلاً في الدورات المقبلة عبر جناح أكبر.
وأضاف أن المعرض يعتبر منصة مهمة للتعريف بالسرج المغربي والمساهمة في انتشاره، خصوصاً أنه متخصص في عرض منتجات رياضات الصيد والفروسية ويقصده المحترفون والهواة والمحبون لرياضة الخيل وتربيتها وركوبها، وبالتالي فهو المكان الأمثل لعرض كل ما يتعلق بسروج وزينة الخيل. إلى ذلك، طرح منتجع الفرسان الرياضي الدولي، بالتعاون مع ست شركات مختصة بالأسلحة، خلال المعرض الدولي للصيد والفروسية، قسائم «جرب واشتر» التي تتيح لزوار المعرض تجربة السلاح قبل شرائه، حيث يمكن الحصول على قسيمة من أحد بائعي الأسلحة المتعاونين، وزيارة قسم الرماية بمعرض الصيد والفروسية في القاعة 12 لتجربة خمس طلقات من البندقية التي يرغبون في تجربتها قبل الشراء.كما يوفر المنتجع للأفراد ممن ليس لديهم تصريح ويرغبون في شراء الأسلحة باقتناء السلاح، حيث توفر مذكرة التفاهم الموقعة مع شركات الأسلحة، وهي «م بي 3» و«بينونة» و«إنترناشيونال غولدن جروب» و«تسليح» و«أكيلا-دس» و«كراكال»، شراء السلاح نيابة عن العميل بعد توقيع نموذج الاتفاقية ثم حفظ السلاح بالنادي، وبالتالي تمكين العميل من استخدامه في التدريب على الرماية بمنشآت النادي.
وقال سلطان الكعبي، الرئيس التنفيذي لمجموعة الفرسان القابضة، إن الهدف تمكين زوار المعرض وتشجيعهم على ممارسة هواية الرماية التي تتبع قوانين خاصة بها، وتعتمد على مواقع مخصصة لها، فضلاً عن التعريف بأهم المعايير والاشتراطات المُتبعة من بداية شراء السلاح واستخدامه وتخزينه، إلى التخلص الآمن من الطلقات المستخدمة.
وقال مخلص سروح الجوعاني، مالك شركة «سنجار لأدوات الصيد والرحلات»، إنهم منذ سنوات عديدة يعملون في منطقة الخليج العربي بمجال تدريب الصقور عبر عديد من الوسائل ومنها استعمال طائرات الدرون، التي تطرح الشركة عدداً منها على الجمهور، ويستند مفهوم العمل فيها على فكرة «درّب طيرك»، وتمتاز الطائرات بأنها أسرع من الطير بما يزيد من سرعته وقدرته على اللحاق بالطرائد.
وأكد أن استخدام الدرون في تدريب الصقور على الصيد، أسهم في زيادة ممارسي هذه الهواية التراثية بين الأجيال الجديدة .
ولفت إلى وجود عشرات الأنواع من طائرات الدرون في الأسواق المحلية والعالمية يبدأ سعرها من 500 درهم وتصل إلى 20 ألف درهم، بحسب جودتها وكذلك درجة احترافية مستخدميها وحرصهم على استخدام الأفضل والأحدث تقنية من بين طائرات الدرون.
فحم صديق للبيئة
كان للمنتجات المستدامة للتخييم ورحلات البر، حصة في الفعاليات، حيث قدمت شركة الميماس للتجارة العامة المتخصصة في إنتاج الفحم، أحدث منتجاتها للزوار من الفحم الملكي الصديق للبيئة في أجنحة العرض الخاصة بمستلزمات الرحلات والصيد في المعرض.
وقال يوسف أبو صالح مدير الشركة، إن الفحم المعروض يعد الأنسب للبيئة، وهو مصنوع من نشارة خشب يتم إعادة تصنيعها وضغطها، وعند اشتعالها لا تسبب أي مخلفات بيئية، كما أنه آمن ولا يضر كبار السن والأطفال ومرضى الربو، بالإضافة إلى استمرار الاشتعال لمدة 8 ساعات متواصلة، وإمكانية إطفائه وإعادة إشعاله. وأضاف أن هذا الفحم الجديد هو نوعٌ من أحدث التكنولوجيا الألمانية في صناعة الفحم، ويعتمد على أخشاب من حطب أفريقي يتم اختياره بعناية.
بندقية صيد
عرضت شركة ليوا للأسلحة، بندقية صيد «تشيا زد تونتي» بنظام سحب الأقسام يدوياً مباشرة وبمخزن سعة 5 طلقات. وأوضح المهندس فلاح البلوشي، مهندس تصميم في شركة كاراكال وشركة ليوا للأسلحة، أن بندقية الصيد «تشيا زد تونتي» بثلاثة أنواع، تتميز بعيار 3.08 وعيار 6.5، وتمتاز بسحب الأقسام المباشر بما يعطي ميزة السرعة والدقة وجودة التصنيع.
وقال: إن مدى البندقية المؤثر يصل إلى 800 متر ووزنها يتراوح ما بين 3.3 و3.7 كيلو جرام، وتتميز هذه البندقية بأنها تدمج بين حداثة التصميم والعراقة الكلاسيكية لبنادق الصيد. وأوضح البلوشي أن ما يميز البندقية آلية عملها وهي «ستريت بول فولت أكشن»، وهو النظام المعروف بسرعة الاستخدام وسهولته، كما أن عين الرامي تكون باستمرار على الهدف، ما يساعد على دقة عملية الصيد، وهو ما يجعل هذه البندقية تتمتع بدرجة عالية من الدقة، قياساً بغيرها من النظائر المعروفة في عالم أسلحة الصيد، وتصل إلى نصف بوصة على بعد 100 متر.
وبين البلوشي أن ليوا للأسلحة تعتبر أول شركة إماراتية لتصنيع بنادق الصيد تأسست عام 2019، مشيراً إلى أن الشركة تعرض خلال مشاركتها في المعرض أنواعاً عدة من الأسلحة باستخدام أفضل المهارات والتكنولوجيا المطورة.
«صندوق خليفة»
قدم صندوق خليفة لتطوير المشاريع دعمه لـ 8 مشاريع إماراتية ومشروعين من جمهورية الشيشان، وذلك في إطار جهود الصندوق المتواصلة في تعزيز التواصل الدولي، لتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة خارج الدولة.
وقالت علياء المزروعي، الرئيس التنفيذي في صندوق خليفة: «يجسّد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية تحت شعار «الاستدامة والتراث...بروح متجددة» ملتقى دولياً يحتفي بالتراث والثقافة والعادات الأصيلة في عالم الصيد والفروسية، وللسنة الثانية على التوالي، يقدم صندوق خليفة دعمه مشاركة مشاريع دولية في المعرض، تضمنت مشروعين من جمهورية الشيشان، تأكيداً لالتزامنا بجهودنا في تعزيز الشراكات العالمية في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة».
الشاي الياباني
استقطب الجناح الياباني في المعرض الزوار من مختلف الجنسيات، خاصة مائدة الشاي اليابانية التي تشتهر بطقوسها العريقة.
وتُعرف طريقة إعداد الشاي الياباني بـ (تشادو)، وتعود بجذورها إلى عام 1521 مع أبيها الروحي سن ريكيو الذي أسسها على أربعة مبادئ هي الانسجام، الاحترام، النقاء والهدوء، وترحل هذه المبادئ بمن يمارسها عن العالم الخارجي إلى عالم متوازن بعيداً عن زخم الحياة وصخبها.
وتُمثّل طريقة إعداد الشاي اليابانية مظهراً من مظاهر الترابط الاجتماعي والثقافي بين دولة الإمارات العربية المتحدة واليابان والعلاقات القوية بينهما.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية حمدان بن زايد أبوظبي الدولی للصید والفروسیة الصید والفروسیة صندوق خلیفة فی المعرض
إقرأ أيضاً:
من الصيد إلى الشطرنج.. الترفيه والرياضة في قصور الخلافة العباسية
منذ قديم الزمان، والملوك يقضون أوقات الفراغ بألعاب تجمع بين الترفيه وتنمية المهارات، يرضون بها عقولهم وأبدانهم. وقد اختلفت الألعاب باختلاف الأمم، فكانت لكل أمة ألعاب تلائم عاداتها وتقاليدها وتنسجم مع أخلاق أهلها.
وقد كان لبعض ألعاب الخلفاء أصول قديمة تعود إلى الجاهلية، في حين اقتبس بعضها الآخر من الأعاجم والأمم المجاورة كالفرس والروم. ومن بين الدول الإسلامية التي أولت اهتماما بالغا بهذه الألعاب، وكان لها السبق في ذلك، برزت الدولة العباسية، لا سيما في عهد الخليفة هارون الرشيد.
حيث تنوعت أنشطة الترفيه بين الصيد، وسباقات الخيل، والألعاب الذهنية مثل الشطرنج، وغيرها من الرياضات التي أصبحت جزءًا من الحياة اليومية في قصور الخلفاء.
كان الصيد معروفا منذ الجاهلية، لكن أدواته كانت قاصرة على النبل أو الفخ. ومع ظهور الإسلام وتمدن العرب واحتكاكهم بالحضارات الأخرى، مثل الفرس والروم، توسعت وسائل الصيد وأصبحت أكثر تطورا، فاستعانوا بالجوارح المدربة كالباز والشاهين والعقاب والصقر، لصيد الطيور، وبالكلاب والفهود ونحوها في صيد الخنازير والغزلان وحمر الوحش.
وكان يزيد بن معاوية أول من اهتم بالصيد من الخلفاء الأمويين، فقد كان صاحب مزاج وهوى بالصيد، شغوفا بهذه الهواية، واتخذها وسيلة للهو أكثر منها للرياضة. ويروى أنه بالغ في تدليل كلابه، فألبس كلابه أساور من ذهب وجعل لكل كلب عبدا يقوم بخدمته. وبشكل متفاوت، تابع غيره من خلفاء بني أمية الاشتغال باللهو والصيد.
وعلى منوال من سبقهم، سار الخلفاء العباسيون، فكانوا يصطادون السباع والخنازير، فضلا عن الغزلان والطيور وحمر الوحش ونحوها. وكان أكثرهم حبا للصيد الخليفة المهدي، فكان يخرج إلى الصيد في مواكب كبيرة ومعه الوصفاء والحرس وبعض حاشيته. ويروى أن "علي بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي" (ت178هـ/ 794م) خرج معه يوما، فعرض لهما ظبي، فرماه كل منهما بسهم، فأصابه المهدي، وأما علي بن سليمان فأصاب كلبا، فأنشد الشاعر أبو دلامة شعرا وصف فيه الموقف فقال:
قد رمى المهدي ظبيا .. شكَّ بالسهم فؤاده
وعليُّ بن سليمان .. رمى كلبا فصاده
فهنيئا لهما كل .. امرئ يأكل زاده
وشُغِف بالصيد كل من جاء بعد المهدي من الخلفاء، ولا سيما الرشيد وأبناؤه، فقد عرف ابنه صالح بصيد الخنازير، في حين اشتهر ابنه الأمين بصيد السباع، وسميت الجماعة التي كانت تقوم بصيدها باللبابيد. أما المعتصم، فكان من المتحمسين للصيد، فابتكر الحيل، ووضع الشراك للإيقاع بالفريسة.
اهتمت جميع الأمم القديمة والحديثة بالسباق، وكان للسباق مكانة خاصة في تاريخ الشعوب ولا سيما اليونان والرومان والفرس، وقد تفاخر العرب في الجاهلية بالتسابق على الخيول.
إعلانولما تحضر العرب بعد الإسلام، قاموا باتخاذ الميادين وفي استكثار الخيل. وفي الأثر: "علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل".
وعندما جاءت خلافة بني أمية، مضى خلفاؤها في إعداد الحلبة وميادين السبق، فكان لمعاوية بن يزيد بن أبي سفيان (ت64هـ/ 684م) حلبة للسباق، فمن كان يحصل على قصب السبق ينال جائزة، وقصب السبق هي قصبة يغرسونها في آخر حلبة السباق، فيكون الفائز من يصل إليها أولا ويقوم باقتلاعها.
وكان ليزيد بن معاوية الخليفة الأموي، قرد يكنى أبا قيس، فكانوا يلبسونه ملابس من الحرير ويجلس على متكأ مخصص له، ويشارك في سباقات الخيل. وكان لهشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية (ت125هـ/ 743م) رغبة في السباق وفي جمع الخيول، وكان له فرس يدعى (الزائد). كذا كان الوليد بن يزيد مغرمٌ بخيل السباق وكان له فرس يدعى (السندي)، وكانت الرصافة في تلك الفترة تمثل ميدان السباق.
أما العباسيون، فكان السباق عندهم من أهم وسائل الترويح عن النفس واللعب، لا سيما في عهد الخليفة هارون الرشيد. ونظمت آنذاك سباقات الخيل وسباقات الحمام الزاجل. فتعددت واتسعت ميادين السباق، وكان أهمها "الرقة"، وهي مدينة مشهورة على الفرات، و"الشماسية"، وهي مدينة تقع أعلى بغداد في العراق".
ولإثبات الهيبة والسلطان في قلوب الرعية، اهتم الملوك والخلفاء بالحيوانات، ولا سيما القوية منها كالأسود والفيلة والنمور.
وأول من اهتم بذلك كان بنو العباس، إذ كثرت عناية الخليفة المنصور بجمع الفيلة، لإضفاء التعظيم والهيبة على مكانته. وعلى نفس النهج، كان الرشيد يجمع الأسود والنمور وغيرها داخل أقفاص.
الطيور والقردة والكلابوغالى الكثير من بني العباس في اقتناء الطيور والقردة والكلاب ونحوها، فقد عرف المهدي بلهوه مع الطيور وتطييرها. وكان لأم جعفر، زبيدة زوجة الرشيد، قرد مدلل يقوم على خدمته 30 رجلا، فكانوا يلبسونه لباس الناس ويقلدونه السيف. وكان الشاعر أبو نواس يلهو ويلعب بالكلاب، مما أتاح له القدرة على وصفها في أشعاره، كما وروي عن لهو "المغني ابن جامع" مع الكلاب، فكان يقول :"لولا أن القمار وحب الكلاب شغلاني لتركت المغنين لا يأكلون الخبز".
إعلان مناطحة الكباش والديوككما انتشرت في الخلافة العباسية، ولا سيما في عهد الخليفة الأمين، ظاهرة اللعب بالكباش والديوك للمناطحة والمصارعة والمهارشة.
ولقد ظهرت في خلافة بني العباس لعبة التنكر والتمثيل، والتي تتم بحضور الخليفة وجمهور من ضيوفه اللاهين، والتي كان يطلق عليها السماجات "التمثيليات الهزلية"، والتي حاكى أصحابها في حركاتهم وملابسهم بعض الناس، مقلدين أصواتهم، مع إشارات ومظاهر مضحكة إيناسا للناس.
أما المأمون، فكان لأحد طباخيه ابن يسمى "عبادة"، عرف بخفة الدم والنادرة، فدرج عليهم ممارسة التمثيل وتقليد الأدوار. وعرف العباسيون لعبة خيال الظل، فقيل إن "دعبل الشاعر بن علي الخزاعي" (ت246هـ/860م)، كان قد هدد ابنا لأحد طباخي المأمون بهجائه، فرد عليه: "والله إن فعلت لأخرجن أمك في الخيال".
مسرح الدمىوتضمنت عروض مجالس اللهو، تقديم فقرة خاصة تشبه مسرح الدمى وتتم باستخدام آلة تدعى الكرج، وهي تماثيل خيل مسرجة من الخشب معلقة بأطراف أقبية على مسمع ونظر الخليفة وضيوفه.
الشطرنج والنردومارس الخلفاء لعبة الشطرنج والنرد، ويقصد بالشطرنج لغة، فارسي معرب، وأصله بالفارسية شترنك، وقيل هو عربي من المشاطرة أو الشطارة أو من التسطير لأنه (يعبأ ويسطر).
وأصلا معناه "ذو 4 أعضاء"، وهو اسم يطلق على الجيش الهندي المكون من 4 عناصر، وهي الفرسان والفيلة والعربات والرجالة.
أما اصطلاحا: فهي لعبة تلعب على رقعة ذات 64 مربعا، وتمثل دولتين متحاربتين، با32 قطعة تمثل الملكين والوزيرين والخيالة والقلاع والفيلة والجنود.
وللشطرنج فوائد جمة أهمها، أنها تعلم الحرب وتشحذ اللب، وتدرب الإنسان على الفكر وتعلمه شده البصيرة، وقد وصفها الشعراء من خلال قصائدهم.
وكانت الدولة العباسية من أوائل الدول الإسلامية التي احتفت بلعبة الشطرنج، بعد أن اقتبستها من الأعاجم، فكان الرشيد أول من لعبها فعمل على تقريب اللاعبين إليه، وإجراء الأرزاق عليهم. وكان الخليفة المأمون يجيد لعبة الشطرنج، رغم قوله بأنه لا يطيب مع الهيبة، وكان يكره أن يقال عن حجارة الشطرنج "نلعب بها، بل نتناقل بها". ولا تكمن خطورة الشطرنج في لهو الخليفة وصرف نظره عن شؤون الرعية فحسب، إنما في مقامرتهم أثناء اللعب، فالمغلوب يدفع للغالب ما كان قد اتفقا عليه سواء كان مالا أو إقطاعا أو غيره.
إعلانوالنرد لغة: فارسي معرب، وهو من الفعل الثلاثي نرد، والنرد مذكر. ويقصد به اصطلاحا، لعبة فارسية وضعها أردشير بن بابك، تعتمد على الحظ، وتتكون من صندوق وحجارة وفصين، وتنتقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به حجر الزهر وتعرف عند العامة بالطاولة.
يقال إن واضع لعبة النرد أراد أن يمثل الحياة من خلال تفاصيلها، فرقعتها تقابل الأرض المبسوطة لسكانها، ومنازلها الأربع تقابل الطبائع الأربع، كذا تقابل خطوطها الـ24 ساعات الليل والنهار، وحجارته (بيادقه) الـ30 تقابل عدد أيام الشهر، وأما اختلاف ألوانها بين الأبيض والأسود فيقابل اختلاف الليل والنهار، ويقابل فصاه (الزهر) القضاء.
وتعد لعبة النرد من الألعاب التي اقتبست عن الأعاجم، وقد انتقلت للعباسيين عن طريق مخالطتهم للفرس، وكان الرشيد أول من لعب النرد من بني العباس، كما كانت من الألعاب المحببة للخليفة الواثق، وكان لهذه اللعبة عند الشعراء نصيب في وصفها، وقد يقامر الخصمان على شيء ما، مثل ما كان يفعل الخليفة الرشيد.
وكان من الألعاب المعروفة لدى الخلفاء ألعاب الرمي، وكان أبرزها لعبة الصولجان وهو لغة: فارسي معرب، من الفعل الثلاثي صلج، والصولج والصولجان: العود المعوج، أما اصطلاحا: فهي عصا معقوف طرفها، يضرب بها الفارس الكرة ويكون الفرسان على ظهور الخيل.
وهي لعبة فارسية لم يعرفها بنو أمية، وأول من لعبها بنو العباس، وأسبقهم إليها الرشيد، وتتم طريقة لعبها من خلال إلقاء كرة مصنوعة من مادة خفيفة مرنة على الأرض، ويكون المتسابقون على ظهور الخيل فيتنافسون نحو التقافها بعصا عقفاء يسمونها الصولجان أو الجوكان، فيرسلون بضرباتهم الكرة في الهواء وكان الخليفة الأمين من عشاق هذه اللعبة، وقد أمر في ثاني أيام خلافته ببناء ميدان جوار القصر للعب بالكرة، كذا كان الخليفة المعتصم من الشغفين بلعبها.
إعلان لعبة الطباطب والنشابوعرفت أيضا لعبة الطباطب والنشاب وتعني لغةً: جمع طبطابة، طبطب الوادي إذا سال وسمعت لصوته طباطب، والطبطبة شيء عريض يضرب بعضه ببعض، والطبطبة صوت الماء ونحوه، وتعني اصطلاحا: خشبة عريضة يلعب بها، أو يلعب الفارس بها، أما النشاب لغةً: مفردها نشابة والجمع نشاشيب، وتعني اصطلاحا النبل، والسهام، والنشاب: فهو صانع النشاب، وكان الرشيد أول من لعب بالطباطب (الكرة)، وأول من رمى بالنشاب من بني العباس.
لعبة البندقوعرفت لعبة البندق وهي فارسية بلفظها واستعمالها ويسمونها الجلاهقات جمع جلاهق، وتعني لغةً: الجلوز (شجر) ومفردها بندقة، وقيل البندق الذي يرمى به وجمعها بنادق. وتعني اصطلاحا: كرات تصنع من الطين أو الرصاص أو الحجارة أو غيرها، وكان الفرس يرمونها كما يرمون النبال.
وقد عد ظهورها عند العرب في المدينة منكرا في بادئ الأمر، وقد اقتبس العرب هذه اللعبة في أواخر أيام عثمان بن عفان "بن أبي العاص بن أمية، ذي النورين (ت35هـ/ 656م)" لكن سرعان ما اعتادوا عليها مشكلين فرقا خاصة من الجند يرتدون زيا موحدا.
وشكل رماة البندق في العصر العباسي طائفة كبيرة، يخرجون إلى ضواحي المدن يتسابقون في رمي البندق على الطير ونحوه، لذلك غلب على رماة البندق الاشتغال بتطيير الحمام، وكانت لدى الرشيد فرقة يقال لها (النمل) ترمي البندق على من يقف في طريق موكب الخلافة.