شدد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، خلال افتتاح العام الدراسي 2023-2024 في مدرسة مار الياس بطينا الثانوية، على وجوب مواجهة "التحديات" التربوية القائمة.


وأوصى في كلمته في المناسبة بعد انضمام المدرسة أيضا إلى مجموعة "غلوبال إديوكايشن": "لا تُثقلوا كاهل الأهالي وصونوا كرامة المعلم والعامل في المدرسة، وحافظوا على جودة التربية".




وتلا الأب بورفيليوس جورجي كلمة المطران عودة، مؤكدا ان "كنيستنا الأرثوذكسية تتطلع الى خدمة الإنسان في لبنان. والخدمة كما يعلمنا السيد في إنجيله المبارك تعهد للإنسان واحتضان له، من أي خلفية أتى، وفي كل ظروف حياته، واحتياجاته وتطلعاته وآماله".
وأضاف: "لقد تجسد ابن الله لكي يعلمنا الخدمة الحقيقية: أن نحب أخانا الإنسان، أن نحيا معاناته ونشاركه أشجانه وآلامه وتعزياته وأفراحه.. فيرتاح ويقبل الخدمة والعطاء. هذا ما تصبو إليه مطرانيتنا في بيروت من خلال عمل مؤسساتها: خدمة عالية الجودة بروح الوداعة والبذل والتفاني".
وتابع: "في الماضي، حركت المحبة والغيرة الحسنة بعض أبناء محلتي المزرعة والمصيطبة، من مؤسسي حركة التضامن الأرثوذكسي، إلى استمداد بركة الرب على يد سلفنا المثلث الرحمة المتروبوليت إيليا الصليبي من أجل تأسيس صرح علمي في رحاب دير النبي إيلياس بطينا. كان الدير مهجورا لزمن طويل قبل أن يعاد ترميمه في عهد محمد علي باشا. وكان أن انطلقت في العام 1953 مسيرة عمل كلية مار الياس بطينا. مديرها الأول كان الأستاذ حليم نهرا، الأرشمندريت تريفن لاحقا، الذي يعرفه جيدا أبناء هذه المنطقة العزيزة من بيروت، والذي عمل بتفان لجعل هذه المدرسة في عداد المدارس التي تتقن رسالتها. وقد أنشأت هذه المؤسسة العريقة أجيالا متتالية من شخصيات لبنان المبرزة التي تميّزت بحب الوطن وخدمة الإنسان. وقد أعطتنا كبارا تبوأوا أعلى المناصب في مجتمعنا والمحيط العربي والغرب. ومسيرة عمل المدرسة كانت مؤلمة زمن الحرب في لبنان. فقد تعرضت للأذى والتدمير نتيجة القصف الإسرائيلي والاشتباكات، ولكنها تجلت في زمن الضيق مثالا للصمود، صمود المؤمنين برسالتها التربوية وبنور المسيح الذي يبدد كل ظلمة. لذا تابعت المدرسة مسيرتها وفي بداية الثمانينات من القرن المنصرم، العام 1984 عملنا على تأسيس فرع للمدرسة في حرم كنيسة مار الياس في المصيطبة، الى أن استقلت تلك المؤسسة عن المدرسة الأم ابتداء من العام 1987. كما وإننا حرصنا على أن نفتح في حرم مار الياس بطينا معهدا فنيا، لإسداء التعليم المهني والفني في اختصاصات متنوعة، فأدى المعهد رسالته التربوية بنجاح لسنوات متلاحقة، وأثمر قبل أن تحول ظروف الحرب دون استمراره".
وقال: "بعد الحرب سهرنا على نفض الغبار عن المدرسة، وإزاحة آثار التدمير والأذى فيها. فاكتمل في العام 2000 بناء الصفوف الحديثة، وبذل جهد كبير في تطوير مناهج التدريس وآليات العمل التعليمي. وقد حازت المدرسة شهادة الجودة في تعليم اللغة الفرنسية Label France éducation اعترافا بمستوى التعليم فيها. كذلك  طلبنا ترخيصا لإنشاء فرع للغة الإنكليزية ايضا وقد بدأ العمل فيه بنجاح. ولطالما كانت رسالة مدرسة مار الياس بطينا أرثوذكسية وطنية".   وأضاف: "هي تنتمي إلى الكنيسة الأرثوذكسية، وتستمد منها الرؤية للخدمة والانفتاح والسعي الدائم نحو الأفضل. وهي وطنية كانت منذ البدء وما زالت في خدمة لبنان وكل أبنائه الذين يقصدونها من كل الخلفيات الدينية والاجتماعية لينهلوا من قيمها ومنابع العلم فيها. هي من لبنان ولكل لبنان، ككل مؤسسات الكنيسة الأرثوذكسية التي تحافظ على أصالتها وتنهل من منابعها لتروي أبناء الوطن. وقد آن الأوان، كما في محطات سابقة من تاريخ المدرسة، لتطوير العمل وآلياته... ولذا ارتأينا أن نولج العمل الإداري لشركة Global Education  المختصة بالتحديث التكنولوجي. هذا يعني أن مدرسة مار الياس بطينا ستبقى تابعة لأبرشية بيروت، وواحدة من المدارس التي تعمل بإشراف المطرانية وإرشادها، وتكمل الرسالة التي أنشئت من أجلها".


وأكد: "لطالما كانت أبرشية بيروت سباقة في مجال التعليم، وأولى المؤسسات التربوية في بيروت كانت مدرسة الثلاثة الأقمار التي أسسها أسلافنا في بداية القرن التاسع عشر. تلتها أول مدرسة لتعليم الفتيات: مدرسة زهرة الإحسان، المؤسسة سنة 1880. ومن ثم كرّت السبحة حتى أصبح عدد مدارسنا في بيروت خمسة تتنافس في تقديم الأفضل".
وتابع: "للأسف، أُصيبت مدارسنا في تفجير مرفإ بيروت صيف 2020، ما حتم علينا عملا شاقا من أجل بناء ما تهدم وترميم ما تضرر. واجهنا، وما زلنا نواجه بشجاعة وإيمان، الكثير من التحديات الاقتصادية والمادية من أجل استمرار كافة مؤسساتنا، والتربوية منها في شكل خاص، في خدمتها وتأدية رسالتها الكنسية والوطنية على أكمل وجه. نحن ندرك أن صعوبة الاستمرار في المدارس تطال الإدارة والمدرسين والطلاب. لذا حددنا أولوياتنا في نقاط ثلاثة:

أولا: ألا نثقل كاهل أهالي المتعلمين.

ثانيا: أن نصون كرامة المعلمات والمعلمين والعاملين في المدرسة ورسالتهم السامية.

ثالثا: أن نحافظ على جودة العمل في التعليم والتربية ومستوى المؤسسة المرموق".
وختم: "إنها تحديات كبيرة لكننا، بمعونة الرب، وبتضافر جهود جميع الأحبة العاملين معنا، سنتخطى الصعاب، إلى أن ينبلج فجر جديد على لبنان، هذا البلد الذي شاءنا اللهُ أن نولد فيه ونعمل من أجله، ونحن حافظون العهد والأمانة. رجاؤنا بالرب خالقنا كبير، ومهما طالت الشدة لا بد من نهاية لها. نحن واثقون أن لبناننا سيخرج من هذه المحنة أكثر صلابة وأشد منعة بفضل شباب أُنشئوا على حب الوطن وعلى الوفاء له وخدمته بنزاهة وعلم وتفان، من دون مصلحة ومن دون غايات مخفية. لقد آن الأوان ليتسلم قيادة هذا البلد جيل عملت مدارسنا، وسواها من المدارس، على تلقينه، مع العلم، الإيمان والمحبة والوطنية والنزاهة واحترام الإنسان، والمحافظة على القيم والأخلاق. فعوض تهجير طاقاتنا البشرية، وتضييق فرص العمل والإبداع أمامهم، أليس حري بنا أن نسلمهم الأمانة، ونعطي وطننا فرصة الاستفادة من علمهم والتقدم بفضل طموحهم وتطلعاتهم؟.  نصلي إلى الرب الإله أن يبارك إدارة المدرسة والعاملين فيها مع التلاميذ وذويهم. وندعو للجميع بسنة دراسية مثمرة ومباركة. حفظكم الرب جميعا في خدمة الكنيسة ولبنان".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

من بيروت إلى صنعاء.. إيران استغلت قضية فلسطين لتمزيق الدول العربية والرئيس "عون" يحكيها باختصار

في مشهد سياسي يزداد تعقيداً، تتكشف الحقائق بوضوح أمام الشعوب العربية، حيث لم تعد الشعارات الرنانة تخفي الأجندات الحقيقية للنظام الإيراني واذرعه في المنطقة، تحت شعار المقاومة والقضية الفلسطينية، والتي لطالما كانت رمزاً لنضال الشعوب العربية، تحولت إلى أداة توظّف لتحقيق مصالح توسعية لا تمت بصلة لنصرة الشعب الفلسطيني، ولذا يبرز التساؤل الجوهري: هل كانت عواصم العرب بحاج إلى الدمار والانقسام لترفع راية فلسطين، أم أن المتاجرة بالقضية كانت مجرد غطاءٍ لمشاريع أخرى، وما الذي تحقق لفلسطين وشعبها من الشعار المرفوع باسمها؟!

في خضم الصراعات والتطورات التي تشهدها المنطقة، بات واضحاً أن قوى المحور الإيراني تستخدم القضية الفلسطينية كذريعة لتحقيق أجنداتها التوسعية، دون أن يكون لهذا أي علاقة فعلية بنصرة الشعب الفلسطيني.

لقد أصبحت الشعارات الفضفاضة، حتى وإن أُلبست مساحيق سياسية، وسيلة للمتاجرة بالقضية الفلسطينية، إلا أن شعوب منطقة الشرق الأوسط وقياداتها الوطنية لم تعد تنطلي عليها هذه الادعاءات، لا سيما في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث استُهدفت أنظمتها بمنهجية مقيتة، حتى باتت شعوبها تقدم التضحيات على مذبح المشروع الطائفي.

دمار بيروت وخراب دمشق

يؤكد هذا الطرح الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً، جوزيف عون، في تصريح له خلال القمة العربية الطارئة التي عُقدت في القاهرة لمناقشة التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، حيث قال: "دمار بيروت وخراب دمشق وعدم استقرار صنعاء ليس نصرة لفلسطين."

وأضاف عون، الذي تنفست بلاده الصعداء بعد عقود من الطائفية التي قادها "حزب الله"، الذراع الإيرانية في لبنان، تحت مزاعم دعم القضية الفلسطينية: "حين تحتل بيروت أو تُدمر دمشق أو تُهدَّد عمَّان أو تئن بغداد أو تسقط صنعاء، فمن المستحيل أن يدّعي أحد أن ذلك لنصرة فلسطين."

ورغم أن هذه الصحوة جاءت متأخرة، فإنها شكّلت طوق نجاة لبعض الدول، وعلى رأسها لبنان وسوريا، اللتين تمكنتا من استعادة جزء من سيادتهما، بعد أن كانت عاصمتهما من بين أربع عواصم أعلنت طهران سابقاً أنها ضمن نفوذها.

تُعدّ التجربتان اللبنانية والسورية نموذجاً يُحتّم على بقية الدول التي ترزح تحت وطأة المشروع الإيراني، لا سيما في اليمن والعراق، أن تتحمل مسؤولياتها للخلاص من هذا النفوذ الذي يتدثر بشعار "المقاومة".

المتاجرة بالقضية الفلسطينية

في هذا السياق، يقول مراقبون لوكالة "خبر" إن إيران، التي قدمت نفسها كـ"حامي المقاومة"، لم تكتفِ برفع شعارات دعم القضية الفلسطينية، بل استغلت هذا العنوان لبسط نفوذها الإقليمي عبر أدواتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، حيث دعمت مليشيا مسلحة دمرت البنية الاجتماعية والسياسية لهذه الدول.

ويشير المراقبون إلى أن "حزب الله" في لبنان أحكم قبضته على القرار السياسي والاقتصادي، مما أدى إلى انهيار الدولة، في حين أنه لم يطلق إلا نادراً صواريخ باتجاه إسرائيل، مقارنة بعملياته الداخلية ضد خصومه السياسيين.

أما في العراق، فقد تحولت الفصائل المدعومة إيرانياً إلى قوة فوق الدولة، تتحكم في المشهد الأمني والاقتصادي، وتغتال المعارضين، وتفرض أجندتها بالقوة، بينما يعاني الشعب العراقي من الفساد والانهيار الاقتصادي.

وعلى الرغم من أن هذه الفصائل ترفع شعار "تحرير القدس"، فإنها لم تقدم أي دعم عملي للفلسطينيين، بل انخرطت في عمليات قمع وتصفية داخلية تخدم المصالح الإيرانية.

وفي اليمن، استغلت مليشيا الحوثي الدعم الإيراني لشن حرب دموية، أدت إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بينما تستمر في رفع شعار "الموت لأميركا وإسرائيل"، في الوقت الذي لم تحقق هجماتها العسكرية في البحر الأحمر أي نتائج فعلية ضد القطع العسكرية البحرية التابعة الولايات المتحدة والمنتشرة في البحر، باستثناء مضاعفة الأعباء الاقتصادية على الدول المشاطئة.

ويرى المراقبون أن هذه المليشيا لم توجه أي تصعيد مباشر نحو إسرائيل إلا في إطار الدعاية السياسية، وتعزيز قدراتها العسكرية بتلقبها دعم سري من إيران وروسيا، في حين انصب تركيزها الأساسي على السيطرة على اليمن وتدمير نسيجه الاجتماعي.

إضعاف الدول العربية

يتفق المراقبون، على أن هذا النهج يُظهر أن إيران لم تكن معنية يوماً بتحرير فلسطين، بقدر ما سعت إلى استغلال القضية لشرعنة تدخلاتها في الدول العربية، وكانت النتيجة كارثية، حينما خلّفت وراءها عواصم عربية مدمرة، وشعوب ممزقة، ومجتمعات غارقة في الفوضى، بينما تُستخدم القضية الفلسطينية كأداة سياسية لكسب الشرعية وخلط الأوراق في المنطقة.

ويجددوا تأكيدهم بأن المتاجرة بالقضية الفلسطينية باتت مكشوفة، فليس من المنطق أن تُدمر العواصم العربية وتُقوَّض سيادة الدول بحجة مواجهة إسرائيل، حتى وأن كان الهدف المعلن هو "نصرة فلسطين"، إلا ان الواقع يُظهر أن الشعوب العربية هي التي دفعت الثمن الأكبر لهذه المشاريع، بينما بقي الفلسطينيون وحدهم في الميدان، يكافحون دون أن يصلهم سوى خطابات جوفاء لا تُغنيهم عن شيء.

مقالات مشابهة

  • إزالة مرايا مدرسة لمنع تأخر الطلاب عن الحصص
  • وكيل "تعليم المنيا" يحيل مدير مدرسة للتحقيق بسبب عدم الانضباط الدراسي
  • الاحتلال يُخطر بهدم مدرسة جنوب الخليل بحجة البناء دون ترخيص
  • من بيروت إلى صنعاء.. إيران استغلت قضية فلسطين لتمزيق الدول العربية والرئيس "عون" يحكيها باختصار
  • فيليب خوري وشوكولا بيروت.. رسالة حبّ من لبنان الى العالم (فيديو)
  • ضمن مشروعات «عودة الحياة».. تسليم مدرسة جديدة في مصراتة
  • استعدادًا للامتحانات.. وكيل تعليم الشرابية يتفقد مدرسة عمرو بن العاص الابتدائية
  • محافظ الدقهلية يتفقد مدرسة بن لقمان بشارع الجمهورية للتأكد من سير العملية التعليمية وانتظامها
  • الخارجية الإيرانية: واثقون من سلمية برنامجنا النووي وسنرد على المواجهة بالمواجهة
  • "الغياب بالحصة".. نظام جديد لتقييم حضور طلبة المدارس في الإمارات