معارضة محاصرة ورئيس يتحكم بكل شيء.. إلى أين تتجه الأزمة في تونس؟
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
يقول خبراء قانونيون إن التهم التي يواجهها معارضو الرئيس التونسي قيس سعيد سياسية بامتياز وتستهدف محاصرة الحياة السياسية في البلاد، فيما يقول آخرون إن المعارضة تحاول تسييس الملفات القضائية وتدويل الأزمة من خلال التشكيك في ممارسات القضاء والنيابة العامة.
ففي آخر تطورات المشهد التونسي المتأزم اعتقلت السلطات رئيس الوزراء الأسبق حمادي الجبالي على خلفية عقود وقعها خلال رئاسته للحكومة بين 2011 و2013.
توقيف الجبالي -وهو شخصية سياسية وازنة في تونس وسبق له الترشح لرئاسة البلاد عام 2019- يمثل حلقة من حلقات محاصرة المعارضة ومحاولة منعها من العمل السياسي بشكل كامل، حسب المحامي التونسي فوزي جاب الله عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين.
محاصرة الحياة السياسيةوخلال حلقة ما وراء الخبر (الثلاثاء 2023/9/5) قال جاب الله إن المعتقلين السياسيين في تونس بمختلف صنوفهم يقبعون في السجن بتهم غير منطقية ولا أساس قانونيا لها، ولا تعدو كونها محاولة من الرئيس التونسي للتضييق على الحياة السياسية وخلق خطاب جماهيري.
وعن طبيعة التهم التي يواجهها المعتقلون التونسيون، يقول جاب الله إنها لا تعدو كونها مراسلات هاتفية أو نقاشات سياسية بحثا عن مبادرة للخروج بالبلاد من أزمتها، وبعضها مجرد تصريحات صحفية أدلى بها أصحابها في فعاليات عامة كما هو الحال مع زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي المسجون بسبب تصريحاته خلال ندوة لجبهة الإنقاذ، ومع عديد من الصحفيين المحبوسين.
ولا يقف الأمر عند حد تلفيق التهم لتهريب المعارضة، ولكنه يمتد إلى استغلال القضاء كوسيلة في معركة سياسية، حيث يجري تمديد حبس صحفيين وشخصيات عامة معروفة على خلفية ملفات لا تستحق مجرد النظر فيها من الناحية القانونية، كما يقول جاب الله.
وللتأكيد على وجهة نظره، أشار عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في تونس إلى رفض قضاة التحقيق إطلاق سراح بعض المعتقلين رغم انقضاء الحد الأقصى القانوني للاحتجاز وهو ستة أشهر.
ويجزم جاب الله بأن موجة الاعتقالات المتواصلة منذ اتخذ الرئيس قيس سعيد إجراءاته الاستثنائية في 2021/7/25 والتي طالت صناع الرأي وقادة السياسة هي وسيلة قمع معروفة عالميا، ولا علاقة لها بتهم جنائية حقيقية بدليل أن 57 قاضيا تم إعفاؤهم من مناصبهم لمجرد أنهم اعترضوا على الاعتقالات السياسية، وهو أمر لم يحدث في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، حسب قوله.
في المقابل، يحاجج المحامي والباحث القانوني التونسي قيصر الصياح بأن سلطات القضاء لم تخالف المعمول به دوليا والتزمت بالقانون في توجيه الاتهامات وإصدار أوامر بالحبس أو تمديده، مشيرا إلى أن من تجاوزوا فترة الحبس المقررة قانونا يمكنهم التظلم أمام الجهات المختصة للحصول على حقوقهم.
وعلى عكس جاب الله، يقول الصياح إن اعتقال العديد من الشخصيات العامة من مختلف التيارات ورجال الأعمال وقيادات الأمن السابقة يؤكد أن السلطة لا تستهدف تيارا أو فئة بعينها وإنما تستهدف كافة المتورطين في أعمال تضر بمصالح البلاد، وإن المحاكمات الجارية أبعد ما تكون عن السياسة على عكس ما تزعم المعارضة.
ومن وجهة نظر الصياح فإن وجود ملف واحد من 8 آلاف وثيقة تتعلق بجرائم أمن عام يؤكد سلامة إجراءات النيابة العامة ومدى التزامها بالتحقق وجمع الأدلة، في حين يقول عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين إن هذا الملف لا يتضمن سوى مراسلات وصور تم أخذها من هواتف المتهمين.
ورغم الانتقادات المحلية والدولية فإن الصياح يتهم المعارضة التونسية بمحاولة تدويل ملف المحاكمات الداخلية، متجاهلة أن كل ما قامت به النيابة العامة أو قاضي التحقيق لا يعدو كونه أمورا إجرائية يمكن الطعن عليها بدليل أن بعض المعتقلين تم إطلاق سراحهم.
لكن جاب الله يرد على هذه الحجة بأن النيابة لا تملك قرارا بعد أن سيطر الرئيس سعيد على كل شيء، مؤكدا أن السلطة تختار من تعتقله ومن تطلق سراحه حتى تبعث رسائل للداخل والخارج ولوسائل الإعلام والمنظمات الدولية بدليل أنها أخلت سبيل الناشطة شيماء عيسى ومددت حبس متهمين آخرين في القضية نفسها.
من يملك الحل؟وعن الحلول الممكنة للأزمة التونسية في ظل هذه التعقيدات التي تتخذ من الإجراءات القضائية ساحة لها، يقول جاب الله إن الحل أصبح حصرا في يد الرئيس سعيد الذي بدأ الأزمة بإجراءاته الاستثنائية، ولم بعد بوسع غيره الخروج من الأزمة وإيجاد أرضية مشتركة للبناء.
لكن جاب الله يقول إن كل المقدمات تشي بأن سعيد ليس عازما على الحل بعد أن سيطر على القضاء والحكومة والبرلمان ولم يعد معروفا إلى أين تتجه البلاد، خصوصا أن المعارضة لا تزال منقسمة فكريا وأيديولوجيا ولا تملك خطابا مقنعا للجماهير، وعليها تطوير نفسها.
أما الصياح فيصف ما تعيشه تونس بأنه معركة كسر عظم تخوضها المعارضة في مواجهة الرئيس، بدليل أنها رفضت ثلاث دعوات للحوار، مضيفا أن هناك أزمة كبيرة بين مراكز القوى ومراكز الضغط السياسي التي لا تريد مصلحة الوطن، ونحن ندعم كل معارضة حقيقية، لكن الحوار يكون مع البرلمان وليس مع الرئيس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المعتقلین السیاسیین جاب الله فی تونس
إقرأ أيضاً:
مخاوف من فوضى بإسرائيل بسبب أزمة نتنياهو ورئيس الشاباك
تناولت صحف عالمية الأزمة التي تعيشها إسرائيل بسبب الخلاف المتصاعد بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الشاباك رونين بار، وقال بعضها إن هذا الخلاف قد يدخل البلاد في حالة من الفوضى.
ففي صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تحدث مقال عن احتمال دخول إسرائيل أزمة دستورية بعد الاتهامات التي وجهها رئيس الشاباك لنتنياهو، وقال المقال إن هذه الأزمة قد تُدخل البلاد في دوامة من الفوضى.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ليبيراسيون: التعقيم القسري سياسة دانماركية لجعل غرينلاند أقل تكلفةlist 2 of 2غارديان: غزة حرّكت الصوت السياسي للمسلمين في أسترالياend of listويرى المقال أن دعم رئيس الشاباك إفادته (ضد نتنياهو) بالوثائق والأدلة "سيجعل من الصعب على المحكمة تجنب البت في المسائل الجوهرية للقضية، مما ينذر بدخول الحكومة والقضاء في صراع مباشر".
ومن موضوع آخر، سلط تقرير في صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على ما اعتبره "نبرة حادة" استخدمها حلفاء أوروبيون ضد إسرائيل، وذلك في بيان مشترك حث على رفع الحصار المفروض على قطاع غزة والسماح بدخول المساعدات.
ووفق التقرير، فإن بيانا صدر عن وزارات خارجية كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، تضمن "انتقادات شديدة للحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة".
ونبَّه التقرير إلى دعوات لاتخاذ إجراءات أكثر حزما من جانب الحكومات الأوروبية تتجاوز مجرد التصريحات لمعالجة الأزمة الإنسانية في القطاع.
إعلانأما صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فعاودت الحديث عن قضية قتل المسعفين الـ15 في غزة، وقالت إن الأدلة التي تتكشف "تثبت أن بعض ادعاءات الجيش الإسرائيلي غير صحيحة".
وأشار التقرير إلى أن ادعاءات الجيش "توحي بانعدام الانضباط داخل وحدة غولاني، وغياب المصداقية عن الروايات التي رُفعت للمحققين"، وخلص إلى أن التحقيق في القضية "لم يقدم الصورة كاملة".
وفيما يتعلق بالممارسات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، قالت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، إن إسرائيل "تقوم بتجاوزات خطيرة في سوريا، وتتعدى حدودها بدعوى الاستجابة إلى المخاوف الأمنية".
وترى المجلة أن إسرائيل كان يجدر بها النظر بجدية إلى سياسة دمشق الجديدة التي بعثت إشارات إلى أنه لا مصلحة لسوريا في دخول صراع آخر، معتبرة أن مواصلة تل أبيب نهجها التصعيدي "قد تساهم في ظهور عدو جديد لها في المنطقة".
مفاوضات النووي الإيراني
وعن مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، تساءل مقال في صحيفة "واشنطن تايمز" عما إذا كانت الولايات المتحدة ستسمح لإيران بالاحتفاظ ببرنامجها النووي من عدمه.
واستعرض المقال استنتاجات محللين من مشاركة خبراء وتقنيين في المفاوضات تتوقع تراجع واشنطن عن موقفها القاضي بضرورة تخلي طهران عن قدرات تخصيب اليورانيوم.
ولفت إلى أن الحديث يدور حاليا عن جولة مفاوضات أخرى أكثر تفصيلا تنظر في القيود التي يمكن فرضها على البرنامج النووي مقابل رفع العقوبات.
وقبل جولة المباحثات التقنية المقررة السبت المقبل بين الجانبين، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إن من حق إيران امتلاك برنامج نووي سلمي كغيرها من الدول، لكنه أكد أن ذلك سيكون باستيراد المواد المخصّبة وليس من خلال عمليات تخصيب محلية.
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إمكانية التوصل لتفاهمات، محذرا في الوقت ذاته من استفزازات ومحاولات تخريب.
إعلان