باريس- يبدو أن تركيز بعض الأسر في فرنسا لم يكن مقتصرا هذا العام على شراء اللوازم المدرسية واختيار الأنسب سعرا فقط، حيث حمّلهم قرار وزير التربية غابريال أتال -بحظر ارتداء العباءة- مزيدا من الأعباء قبل أيام من العودة للمدارس.

وفي خطاب موجّه إلى أولياء التلاميذ، الخميس، كتب الوزير "مبدأ العلمانية يفترض حياد الدولة تجاه جميع الطلاب، بغض النظر عن معتقداتهم" مشيرا إلى "عدم وجوب ارتداء العباءات والقميص في المدارس".

من جانبها، قالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن خلال زيارة لمدرسة ابتدائية في سان جيرمان سور إيل "الأمور تسير على ما يرام صباح الإثنين" وأضافت "سنواصل توخي الحذر طوال اليوم حتى يفهم الطلاب معنى هذه القاعدة".

غير أن القرار أثار معارضة الجمعيات الإسلامية التي تقدمت بشكوى ضد حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد قرار حظر العباءة في المدارس، بدعوى انتهاكها للحريات الأساسية.

الطالبات في فرنسا خضعن لمراقبة ملابسهن عند عودتهن للمدارس (غيتي) بداية بطعم المرارة

وعلى الساعة الثامنة من صباح أمس الاثنين، توافد التلاميذ على مدرسة "إميل ماتيس" الثانوية بمنطقة "شيلتيغايم" بضواحي مدينة ستراسبورغ، حيث وقفت في استقبالهم إحدى الموظفات.

وقالت إحدى الطالبات "قررت ارتداء فستان فضفاض وطويل كبديل للعباءة تجنبا لأية تعليقات من الأساتذة وللتمكن من الدخول إلى الصف في أول يوم دراسي".

وأضافت في حديثها للجزيرة نت "شاهدت بعض مقاطع الفيديو على تيك توك لأخذ فكرة عما يحدث وقررت أنا وصديقاتي ارتداء هذا النوع من الملابس المحتشمة رغم رفضنا قرار الوزارة. ونعلم أنه في حال عدم الامتثال لذلك، سنُحرم من الدخول" إلى الفصول.

وتابعت أخرى بالقول "نخلع الحجاب على باب المدرسة كل يوم، وهو أمر صعب كثيرا بالنسبة لنا ولأسرنا. واليوم، نجد أنفسنا مجبرات على التخلي عن العباءة أيضا. إنه قرار غير عادل ويستهدف العرب والمسلمين بشكل مباشر. أتمنى أن تساعدنا الجمعيات والجهات الفاعلة للحفاظ على جزء من حقوقنا".

أما موظفة باب المدرسة، فأوضحت للجزيرة نت أنها تراقب ملابس الطالبات "للتأكد من عدم ارتدائهن هذا الزي تطبيقا لقرار وزارة التربية" رافضة التعليق.

ومنذ إعلان الوزارة، بدأت بعض فتيات المدارس الثانوية بنشر مقاطع فيديو على منصة تيك توك تدعو "للتحايل على الحظر" وتقديم نصائح وأفكار لأزياء فضفاضة بديلة للعباءة.

وأفادت وسائل إعلام محلية بأنه تمت دعوة بعض الطالبات اللاتي اخترن ارتداء ملابس فضفاضة داكنة اللون بمدرسة "مارتينيز دوشير" بمدينة ليون، إلى مكتب المدير للنقاش، مبينة أن "بعضهن تمكن من الانضمام إلى صفوفهن وأن أخريات فشلن في ذلك".


المدرسة علمانية

في هذه الأثناء، شدد الرئيس الفرنس خلال لقاء مع الصحفي هيغو ترافيرس أمس على أن "المدرسة علمانية من رياض الأطفال إلى البكالوريا، ولا مكان فيها للرموز الدينية".

ووصف ماكرون هذه الخطوة التي دخلت حيز التنفيذ أمس في حوالي 500 مؤسسة تعليمية بـ "القضية العميقة" وفتح المجال للتشاور حول إمكانية فرض ارتداء الزي الموحد "الذي يمكن أن يتكون من جينز وتيشيرت وجاكيت لاستبعاد أي لباس معين".

وقد أيد عدد من السياسيين الفرنسيين -وخاصة اليمين المتطرف- هذا القرار الجدلي، حيث كتب النائب جوليان أودول عبر منصة إكس "أخيرا وبعد سنوات من الجُبن، قبلت الحكومة مقترح الجبهة الوطنية بحظر العباءة".

وتابع "لا يزال هناك الكثير للقيام به لطرد الإسلاموية من مدارسنا، حظر الحجاب على مرافقي الطلبة وتطبيق الملابس الموحدة".

بالمقابل، أثار منع العباءة الذي يأتي استمرارا لقانون 2004 الذي يحظر ارتداء الملابس أو العلامات التي "تظهر ظاهريا الانتماء الديني" جدلا بالأحزاب اليسارية، ووعدت حركة "فرنسا الأبية" بالطعن في القرار أمام مجلس الدولة.

التلميذات يلجأن للفساتين الفضفاضة بدل العباءة تجنبا للمشاكل (غيتي) قضية قانونية

وعلى أثر الجدل حول القرار، يدرس مجلس الدولة الفرنسي، اليوم الثلاثاء، الطلب الذي قدمته جمعية حقوق المسلمين "إيه دي إم" (ADM) أمام المحكمة بشكل عاجل للنظر في مسألة منع العباءة بالمدارس.

وتأسست هذه الجمعية سنة 2015 للدفاع عن ضحايا التمييز بدعمهم قانونيا وعمليا بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان في جنيف، ومجموعة المنظمات الإسلامية التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وأكدت مؤسِّسة الجمعية ومديرتها سهام زين –في طلبها القضائي- أن "قرار الوزارة يتجاهل الدستور والقانون الذي يعتبر عاما ولا يفرض تحديد الطبيعة الدينية الظاهرية لارتداء هذه الملابس".

كما اعتبرت الجمعية أن هذا القرار "ينتهك حقوق الطفل ويستهدف العرب والأفارقة والمسلمين، مما يصنع خطر التنميط العرقي والديني في المدرسة وإدامة عدم المساواة واستبعاد الأقليات والتمييز ضدها".

وقالت مديرة الجمعية -للجزيرة نت- إن منع الطالبات بالمؤسسات العامة من ارتداء هذا اللباس يعني منعهن من التعبير عن ارتباطهن بثقافة أو بمنطقة جغرافية معينة، منتقدة إصرار الحكومة ووسائل الإعلام على كتابة "العباءة" بالحروف الفرنسية (Abaya) عوض استخدام ترجمتها التي معناها "فستان".

وشدد نص الطلب -الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- على أن "الوزير ينتهك بشكل خطير حقوق عدم التمييز على أساس اللون أو الأصل عبر منع ارتداء الزي العربي أو الأفريقي ومطالبة الموظفين في المدارس بتحديد سبب ارتداء الطلاب لهذه الملابس".

بدوره، أكد المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية "سي إف سي إم" (CFCM) أن العباءة رمز ثقافي وليس دينيا. وصرح طارق أوبرو إمام مسجد بوردو لموقع "فرانس إنفو" الخميس "إننا نركض خلف شبح يرتدي الملابس" معتبرا أن ذلك "لا يعالج جذور المشكلة وأن الشريعة الإسلامية لا تنص على علامات أو لباس دينيين".

يُذكر أن المادة 2 من قانون التعليم رقم 141 تنص على أن "الدولة تضمن حق الأطفال والمراهقين في المؤسسات التعليمية العامة، وإمكانية تلقي التعليم المناسب لقدراتهم مع الاحترام المتساوي لكل المعتقدات".

كما تنص مادة أخرى على أن "التعليم العالي العام علماني ومستقل عن أي تأثير سياسي أو اقتصادي أو ديني أو أيديولوجي، ويحترم تنوع الآراء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على أن

إقرأ أيضاً:

وصفت المرحلة بـ «الحرجة والمفصلية».. مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنه وإقامة دولته المستقلة

أكدت الخارجية المصرية، في بيان، اليوم الإثنين 10 فبراير 2025، أنه في ظل المرحلة الحرجة والمفصلية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، فإن السبيل الوحيد لمواجهة المخاطر والتهديدات التي يتعرض لها السلم والأمن الإقليميين والدوليين الناتجة عن الاحتلال الإسرائيلي، والعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة وتداعياته، هو تبني المجتمع الدولي لنهج يراعي حقوق جميع شعوب المنطقة بدون فرقة أو تمييز، بما في ذلك الشعب الفلسطيني الذي يعاني من إجحاف غير مسبوق بحقوقه الأساسية، بما فيها حقه في العيش بسلام على أرضه وفي وطنه. أن تؤكد جمهورية مصر العربية

ودعت الخارجية المصرية المجتمع الدولي، بمختلف مكوناته الدولية والإقليمية إلى التوحد وراء رؤية سياسية لتسوية القضية الفلسطينية، وعلى أن تتأسس هذه الرؤية على ضرورة إنهاء الظلم التاريخي الذي تعرض، ومازال يتعرض له الشعب الفلسطيني، واستعادة هذا الشعب الكريم لحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف

وأكد البيان، أن مصر تتمسك في هذا السياق بموقفها الرافض للمساس بتلك الحقوق، بما فيها حق تقرير المصير والبقاء على الأرض والاستقلال، كما تتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك وطنهم، وبما ينسق مع القيم الإنسانية، ومع مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان، واتفاقية جنيف الرابعة

وشدد مصر على أن تجاهل الشرعية الدولية في التعاطي مع أزمات المنطقة إنما يهدد بنسف أسس السلام التي بذلت الجهود والتضحيات للحفاظ عليها وتكريسها على مدار عشرات السنين، وتؤكد على اعتزامها الاستمرار في التعاون مع كافة الشركاء الإقليميين والدوليين للتوصل إلى السلام الشامل والعادل في المنطقة، والقامة دولة فلسطين المستقلة على أرضها وفقا للقانون الدولي على خطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشريف.

اقرأ أيضاًأستاذ علوم سياسية: اعتراض ورفض دولي لتهجير الفلسطينيين من أرضهم

الوثائقي «فلسطين.. أبدًا لن نغادر»: موقف مصر تاريخي لرفض مخططات التهجير

الخارجية الفلسطينية: حقوق شعبنا وأرضنا ليست للبيع أو المقايضة والمساومة

مقالات مشابهة

  • قائد الجيش استقبل لازارو ومسؤولا في البحرية الفرنسية
  • لا تتحرك.. نصيحة حولت لونين لبطل موقعة مانشستر سيتي وريال مدريد
  • مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة
  • اليونيفيل تدعم الحكومة اللبنانية في جهودها لتنفيذ القرار 1701
  • مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة
  • الخارجية: مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنه وإقامة دولته المستقلة
  • مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنه وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة
  • وصفت المرحلة بـ «الحرجة والمفصلية».. مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنه وإقامة دولته المستقلة
  • عاجل.. مصر تتمسك بحق الشعب الفلسطيني في العودة لوطنه وإقامة دولته المستقلة
  • الخارجية الفرنسية: مستعدون لدعم الحكومة اللبنانية