مكيفات الهواء.. بين المسؤولية البيئية والرفاهية الشخصية
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
حطمت موجة الحر المتأخرة التي ضربت فرنسا رقما قياسيا جديدا، إذ سجلت أعلى درجات حرارة في البلاد بعد 15 أغسطس/آب. وقد تصبح موجات الحرارة اعتيادية خلال فصل الصيف في جميع أنحاء العالم، ما يزيد من الإقبال على أجهزة التكييف.
وفقا لوكالة البيئة الأوروبية، فإن 20 بالمئة من العائلات في الاتحاد الأوروبي لديها اليوم مكيفات هواء.
في فرنسا، كانت نسبة الأسر التي تستخدم أجهزة التكييف 14 بالمئة في 2016، إلا أنها ارتفعت بعد أربع سنوات لتبلغ نحو 25 بالمئة حسب وكالة التحول البيئي.
ويبدو النقاش حادا بين المدافعين عن البيئة المصرين على أن هذه الأجهزة لها تداعيات وخيمة على الطبيعة، والمدافعين عن استخدامها. الخبراء الذين اتصلت بهم فرانس24 يعتقدون أنه بالإمكان التوصل إلى حل وسطي، ومن بينهم كاكو نايت علي وهو دكتور ومهندس في قطاع الطاقة.
يعتقد نايت علي أن أجهزة تكييف الهواء ضرورية عندما تصل درجات الحرارة إلى مستويات مرتفعة. لكن البعض في فرنسا يصف ذلك بأنها رفاهية يمكن أن نستغني عنها، وبالتالي هناك من يشعرون بالذنب عند استخدامها. إنه أمر مؤسف".
اقرأ أيضاالصيف الأكثر حرا في اليابان.. والشتاء الأكثر دفئا في أستراليا منذ بدء تسجيل البيانات
الواقع أن درجات الحرارة الشديدة تسببت بسقوط قتلى في أوروبا، فقد خلفت أكثر من 62 ألف وفاة في عام 2022، وفقا لدراسة نشرت في تموز/يوليو في مجلة نيتشر.
وتعزو هيئة الصحة العامة في فرنسا وفاة 32658 شخصا إلى الارتفاع الشديد لدرجات الحرارة بين عامي 2014 و2022. ثلث هؤلاء تقل أعمارهم عن 75 عاما.
وتشكل أجهزة تكييف الهواء حلا وقائيا بالنسبة للفئات الأكثر ضعفا. ووفقا لدراسة نشرت في مجلة لانسيت العلمية البريطانية، فقد سمحت أجهزة التكييف بإنقاذ حياة 195 ألف شخص في جميع أنحاء العالم في عام 2019.
مبدأ كرة الثلجعلى الرغم من مزايا أجهزة التكييف التي لا يمكن إنكارها، إلا أن هناك مفارقة، فهي تساهم بشكل مباشر في تفاقم المشكلة التي تحاول حلها وهي الحرارة.
يقول ديدييه كولومب مدير المعهد الدولي للتبريد (وهي منظمة حكومية دولية عمرها أكثر من 100 عام تعمل على تقديم معلومات تقنية وعلمية حول التبريد): "مكيف الهواء يعمل مثل الثلاجة، إذ ينتج الهواء البارد ويخرج الهواء الساخن".
وهو ما يخلق هذا الشعور الخانق حين تتجول في شارع مليء بمكيفات الهواء لأن هذه الأجهزة تبعث هواء حارا وتضيف الحرارة إلى الحرارة الموجودة أصلا خصوصا إذا تزامن ذلك مع ارتفاع درجات الحر.
اقرأ أيضاالأنواع الغازية تكلف العالم أكثر من 420 مليار دولار سنويا
وعلى نطاق أوسع، فإن استخدام مكيفات الهواء يعني الاستفادة من موارد الأرض التي تستغل بشكل كبير أصلا. الخبراء يتحدثون في هذه الحالة عن "سوء التكيف" مع التحدي المناخي.
ويضيف ديدييه كولومب: "تكييف الهواء يستهلك الطاقة". وحتى لو تخلصت فرنسا من الكربون للتدفئة أو التبريد فإن الوضع ليس كذلك في باقي دول العالم. واستخدام التكييف يؤثر جديا على البنية التحتية الطاقية.
كما أن مكيفات الهواء تعمل في الغالب بغازات "مفلورة" وهي غازات مسؤولة بشكل كبير عن انبعاث غازات الدفيئة. كما أنها تشكل جزءا في تجارة غير قانونية في أوروبا.
يعتقد كاكو نايت علي بأنه يتوجب بذل "الكثير من الجهود فيما يتعلق بترشيد استخدام الطاقة في مكيفات الهواء. ويضيف بأنه من الضروري تطبيق المعايير الدولية على مكيفات الهواء، وسحب التي لا تستوفي هذه المعايير من السوق.
ترشيد استهلاك الطاقة والذكاء الاصطناعيأوروبيا، تجري اليوم عملية المصادقة على معايير جديدة لأجهزة التبريد على غرار ما يجري بالنسبة للثلاجات، وفقا لديدييه كولومب.
ويوضح أن الغازات المفلورة، وهي هذه الغازات الشهيرة الموجودة في معظم مكيفات الهواء، والتي تنتج بكميات محدودة اليوم، تخضع أوربيا لمراحل "متقدمة على المستوى الأوروبي لتحظر تماما.
البدائل موجودة ولكنها أكثر تكلفة، كما أنها أقل جدوى ومصداقية. يقول ديدييه كولومب: "هناك وحدات تكييف هواء تستخدم الهيدروكربونات، أو ثاني أكسيد الكربون، وهي فعالة ولكنها تطرح مشاكل تتعلق بالسلامة. ولتكييف شقة كبيرة أو منزل كبير، يمكن أن تكون مادة البروبان خطيرة لأنها قابلة للاشتعال".
العديد من المنظمات تعمل على إيجاد طرق للتبريد بتكاليف بيئية أقل وتستخدم طاقة أقل. ومن بين الأفكار المتداولة، اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي. فحسب منشور صادر عن وكالة الطاقة الدولية، فإن برنامجا تجريبيا أطلقته كوريا الجنوبية في عام 2022 يسمح بتوفير 24 بالمئة من الطاقة، ويعتمد على جهاز ذكي يتكيف تلقائيا ويقدم جرعة الطاقة اللازمة تجاوبا مع الاحتياجات".
هل يجب علينا، إذا انتظار ابتكار أجهزة مقتصدة للطاقة؟ يعتقد الخبراء أنه يمكن استخدام أجهزة التكييف دون الإفراط في الشعور بالذنب، واللجوء إلى هذا الحل بمسؤولية.
يُذكر أن الحكومة الفرنسية منعت على الشركات تكييف الهواء في المباني لدرجة حرارة أقل من 26 درجة، وشجعت الأفراد على اتباع هذه الممارسة. ويقول كاكو نايت علي: "من الأفضل تكييف الهواء بشكل جماعي، في إطار تقني محدد وبفضل تحكم مدروس".
فرانس24
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: العراق الغابون النيجر ريبورتاج فرنسا بيئة أوروبا أجهزة التکییف مکیفات الهواء تکییف الهواء فی عام
إقرأ أيضاً:
تلوث الهواء.. خطر صامت يزيد خطر الإصابة بجلطات الدم
كشفت دراسة أمريكية أن التعرض لتلوث الهواء لفترات طويلة يزيد مخاطر الإصابة بجلطات الدم في الأوردة.
ويقول الأطباء إن هناك نوعين من جلطات الأوردة العميقة وهما الجلطة التي تتكون في أوردة الساق أو الذراع، أو الانصمام الرئوي الذي يحدث عندما تتكون جلطة في الجسم، ثم تتحرك حتى تصل إلى الرئة، علما أن النوعين يشكلان خطورة على حياة المريض.
دراسة.. آلاف الوفيات في العالم بسبب منتجات البلاستيك - موقع 24أظهرت دراسة حديثة أن المنتجات البلاستيكية الشائعة ترتبط بملايين حالات الإصابة بأمراض القلب وآلاف السكتات الدماغية، ومئات الآلاف من الوفيات في جميع أنحاء العالم.
وقام فريق بحثي من جامعات "مينسوتا" و"واشنطن" و"أوكلاهوما" بالولايات المتحدة بمتابعة 7600 مريض بالغ يعيشون بالقرب من 6 مدن أمريكية مع قياس معدلات جودة الهواء في تلك المناطق. وعلى مدار 17 عاماً، تم نقل 250 منهم إلى المستشفى جراء إصابتهم بجلطات في الدم.
تبين من الدراسة أن التعرض لجزيئات الغبار الدقيقة، التي تنبعث عن محطات الطاقة أو حرائق الغابات يزيد مخاطر الإصابة بالجلطات بنسبة 39%.
زيادة عالمية في سرطان الأمعاء بين الشباب تثير تساؤلات - موقع 24أثارت نتائج دراسة عالمية جديدة تساؤلات عن سبب الزيادة المطردة في إصابات سرطان الأمعاء لدى من تقل أعمارهم عن 50 عاماً، والتي تشير البيانات إلى أنها لا تقتصر على من يتبعون نمط الحياة الغربي فقط.وأظهرت الدراسة أن التعرض بشكل مزمن لأكسيد النيتروجين وثاني أكسيد النيتروجين، اللذين ينبعثان من عوادم السيارات، يزيد مخاطر الإصابة بالجلطة بنسبة 121% و174% على الترتيب.
وذكر الباحثون أن هذه النتائج "تضيف إلى الأدلة المتراكمة بشأن المخاطر الصحية الناجمة عن تلوث الهواء".