عندما حاولت قوات الأمن الفلسطينية، الأسبوع الماضي، إزالة الحواجز التي تمنع الجنود الإسرائيليين من دخول مخيم للاجئين في طولكرم، غضب السكان المحليون وانتهت معركة بالأسلحة النارية بين المسلحين والأمن الفلسطيني بمقتل شاب يبلغ من العمر 25 عاماً بالرصاص؛ مما زاد من الشعور بالاستياء بين الفلسطينيين العاديين الذين يرون حكومتهم غير كفؤة وفاسدة، والتي يقول البعض إنها متعاونة مع إسرائيل.

يتناول تقرير شايندي رايس وفاطمة عبدالكريم في صحيفة "وول ستريت جورنال"، والذي ترجمه "الخليج الجديد"، المعركة بين السلطة الفلسطينية وشعبها، وينقل التقرير شهادة "محمد" الذي شاهد الشجار يندلع من متجر الفلافل الذي يملكه: "بعد ذلك، تحطم كل شيء، ليس لدينا ثقة بهم".

ويشير التقرير إلى أن المواجهات مثل تلك التي وقعت في طولكرم أصبحت أكثر شيوعا مع محاولة السلطة الفلسطينية إعادة تأكيد قبضتها ومنع منافسيها من الجماعات المسلحة من اكتساب النفوذ.

اقرأ أيضاً

السلطة الفلسطينية.. من رفض التطبيع إلى توظيفه!

ولفت إلى أنه "تم إضعاف السلطة بشكل خطير خلال العام الماضي وسط تدفق الأسلحة غير القانونية إلى المنطقة والغضب من التوغلات شبه اليومية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، والتي جعلت عام 2023 واحدًا من أكثر الأعوام دموية للفلسطينيين منذ ما يقرب من عقدين".

وفي الأسابيع الأخيرة، واصلت السلطة الفلسطينية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي حملة قمع عنيفة في بعض الأحيان ضد المسلحين واعتقلت المئات من المنافسين السياسيين، كجزء من جهود "حياة أو موت" للحفاظ على سيطرتها على الضفة الغربية. وينقل التقرير ما قالته ديانا بطو، المحامية والمفاوضة الفلسطينية السابقة مع إسرائيل: "إنها اللحظات الأخيرة لهم... لقد بدأوا يشعرون أن النهاية قريبة".

تطبيع السعودية

ويكتسب دور السلطة كممثل معترف به دوليا للشعب الفلسطيني أهمية خاصة الآن، حيث تعمل الولايات المتحدة على التوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية. وقد أعطى الرئيس محمود عباس للسعوديين قائمة التنازلات من إسرائيل، التي يريد أن تكون جزءا من أي اتفاق دبلوماسي، وفق التقرير.

وكانت السعودية داعمًا ماليًا وسياسيًا منذ فترة طويلة للجهود الفلسطينية لإنشاء دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل، لكنها قطعت التمويل عن السلطة في عام 2021 وسط قلق مستمر بشأن عدم الكفاءة والفساد. وحتى جهود التقارب هذا العام، كان هناك شعور بأن عباس فقد السعوديين.

ووفقا للتقرير، تؤدي حوادث مثل التصعيد الأخير في طولكرم إلى إثارة التوتر بين السلطة والسكان الذين يرون أنها تعمل مع إسرائيل لقمع مقاومة الاحتلال.

وقال فيصل سلامة، المسؤول في مخيم طولكرم للاجئين: "نحن ندعم قيام السلطة الفلسطينية بدورها في الحفاظ على القانون والنظام... ولكن في الوقت نفسه، تزايدت الغارات الإسرائيلية؛ مما يضع السلطة الفلسطينية في موقف تبدو فيه وكأنها خائنة".

اقرأ أيضاً

و.س.جورنال: السعودية تعرض استئناف تمويل السلطة الفلسطينية

ولفت التقرير إلى أن المسلحين في طولكرم الذين قاتلوا قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الأسبوع الماضي يطلقون على أنفسهم اسم "لواء طولكرم"؛ وهو يتألف من مقاتلين من فصائل مختلفة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي وفتح، وهو الفصيل السياسي الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية.

وأوضح عضو في لواء طولكرم يبلغ من العمر 24 عاماً: "لقد حاولوا اعتقالنا عدة مرات.. ما يريدونه هو إنهاء هذه الحركة الوطنية للمقاومة المسلحة دون تقديم وسيلة لحماية شعبنا".

تبريرات السلطة

وفي هذا السياق، قال لؤي ارزيقات، المتحدث باسم شرطة السلطة الفلسطينية، إن قوات الأمن دخلت طولكرم بناء على طلب السكان المحليين الذين طلبوا منهم إخلاء المنطقة المحيطة بمدرسة تابعة للأمم المتحدة، حيث أقام المسلحون حواجز معدنية ومتفجرات على جانب الطريق.

وبيّن المتحدث أن الشرطة بدأت تحقيقا في الطرف المسؤول عن أصابة عبدالقادر زقدح، وهو شاب يبلغ من العمر 25 عاما قُتل خلال المعركة، والذي يقول شهود عيان إنه لم يشارك في القتال. وقالت السلطة الفلسطينية إنه من المتوقع نشر نتائج التحقيق في وقت لاحق هذا الأسبوع.

وعرضت صورة لمسلح يُعتقد أنه قُتل بسلاح أحد أعضاء لواء طولكرم، وقال ارزيقات: "إذا كان الرصاص الذي في جسده من بنادق كلاشينكوف، فهو قتل على يد رجالنا وسنتحمل المسؤولية، أما إذا كان الرصاص من بنادق إم 16، فلسنا نحن".

ووفقا للتقرير، تلقي السلطة الفلسطينية باللوم على إسرائيل في تقويض قدرتها على السيطرة على القطاع من خلال شن غارات منتظمة لاعتقال النشطاء، والتي خلفت العديد من القتلى. وحتى الآن قُتل هذا العام أكثر من 180 فلسطينيًا، معظمهم من المسلحين، في الضفة الغربية على يد قوات الأمن الإسرائيلية.

وقال كمال أبو الرب، القائم بأعمال محافظ جنين المعين من قبل السلطة الفلسطينية، إن "القوات الإسرائيلية وغاراتها هي المشكلة".

اقرأ أيضاً

السلطة الفلسطينية ومآسي شعب فلسطين

وفي يوليو/تموز، نفذت إسرائيل عملية استمرت يومين في مخيم جنين للاجئين، وكان هذا أكبر هجوم عسكري لها في الضفة الغربية منذ عقود.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه اعتقل مسلحين مسؤولين عن أكثر من 50 هجوم إطلاق نار ضد إسرائيليين، وصادر آلاف الأسلحة بما في ذلك البنادق والذخيرة والعبوات الناسفة. وقُتل ما لا يقل عن 12 فلسطينيًا، معظمهم من المسلحين، وأصيب 100 آخرون ونزح الآلاف بعد الأضرار الواسعة التي لحقت بالمخيم.

وأشار أبو الرب إلى أن هذا ما يحرج السلطة الفلسطينية ويضعها في موقف ضعيف.

ويشير التقرير أيضا إلى أن إسرائيل قالت إن السلطة لم تفعل ما يكفي لقمع المسلحين الذين يشنون هجمات ضد الإسرائيليين، وتقوم بحجب ملايين الدولارات من الضرائب التي تم جمعها نيابة عن السلطة كعقاب.

وحذر مسؤولون أمريكيون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار، الأمر الذي قد يدفع المنطقة إلى حرب إذا لم تفعل إسرائيل المزيد لتعزيز مكانتها.

وفي هذا الإطار، قال سهيل سلمان، نائب رئيس بلدية طولكرم السابق، إن جهود السلطة الفلسطينية لتأكيد سلطتها تضيف المزيد من المعاناة للسكان الذين يعانون بالفعل تحت الاحتلال.

وأضاف: "تعتقد السلطة الفلسطينية أنها إذا أوقفت غارات الجيش الإسرائيلي وعمليات القتل، فسيكون ذلك نجاحا.. لكن النتيجة النهائية بالنسبة للمواطن العادي هي أن السلطة تفعل الشيء نفسه الآن بالإضافة إلى إسرائيل".

اقرأ أيضاً

إعلام عبري: إسرائيل كانت على علم بقرار السعودية تعيين سفيرا لدى السلطة الفلسطينية

المصدر | شايندي رايس وفاطمة عبدالكريم / وول ستريت جورنال – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السلطة الفلسطينية اسرائيل فتح حماس طولكرم السلطة الفلسطینیة قوات الأمن اقرأ أیضا فی طولکرم إلى أن

إقرأ أيضاً:

يزيد جعايصة.. قيادي في كتيبة جنين قتلته السلطة الفلسطينية

يزيد جعايصة مناضل فلسطيني ولد في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، كرّس حياته للدفاع عن وطنه والوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، سواء بالعمل المقاوم أو مواجهة الاعتقالات والملاحقات الأمنية، انخرط منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين.

قُتل برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، أثناء اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مخيم جنين.

المولد والنشأة

ولد يزيد محمد نايف جعايصة عام 1996 في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، ونشأ في ظل الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية للمخيم.

عمل في مجال التمديدات الكهربائية، وكان يُعرف بهدوئه وتوازنه في التعامل مع الآخرين، إضافة إلى قلة كلامه التي عكست شخصيته المتزنة والمتحفظة.

الفكر والتوجه الأيديولوجي

تبنى جعايصة توجها قوميا فلسطينيا، فقد تأثر بالتيارات النضالية، وآمن بالكفاح المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، واعتبر المقاومة المسلحة والرد المباشر على الاحتلال ومجازره وسيلة لتحقيق حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.

التجربة النضالية

انخرط جعايصة منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين متعهدا بالدفاع عن حقوق شعبه، فقد شكلت البيئة المحيطة به وحياته اليومية في المخيم ملامح شخصيته النضالية.

وأُصيب عام 2019 إصابة خطيرة في بطنه أثناء اجتياح قوات الاحتلال مخيم جنين. وتعرض للاعتقال مرات عدة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وأمضى ما مجموعه 4 سنوات في السجون.

واعتقل للمرة الأولى في سجن مجدو حيث قضى عامين ونصف، وواجه صنوفا من التعذيب فيه، وفي 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، دهمت قوات الاحتلال منزله في جنين وأعادت اعتقاله، وحققت معه في مركز توقيف الجلمة لأسبوعين، ثم أصدرت محكمة سالم حكما بسجنه مدة 13 شهرا مع فرض غرامة مالية بألفي شيكل.

إعلان

وأثناء فترة اعتقاله، تأجلت محاكمته 7 مرات في محاولة لإضعاف عزيمته، لكنه ظلّ ثابتا على موقفه حتى أُفرج عنه في 15 ديسمبر/كانون الأول 2020.

وبعد الإفراج عنه استهدفته قوات الاحتلال مرات عديدة، واعتبرته مطلوبا أمنيا ووصفته بأنه "خارج عن القانون".

يزيد جعايصة انخرط منذ سنوات شبابه في صفوف المقاومة الفلسطينية، وانتمى إلى كتيبة جنين (مواقع التواصل) الاستشهاد

قُتل يزيد جعايصة برصاص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، أثناء اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مخيم جنين، وسط حصار واسع فرضته الأجهزة الأمنية على المخيم قبل 5 أيام من مقتله.

ويوم استشهاده حاصرت أجهزة السلطة مستشفى جنين الحكومي، وفتشت سيارات الإسعاف، واقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع جعايصة.

وردَّ المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية العميد أنور رجب على الانتقادات الموجهة ضد الأجهزة الأمنية في جنين، بأنها "حققت نجاحات كبيرة" في حفظ نظام المدينة والمخيم ضد من وصفهم بـ"الخارجين على القانون" في إشارة إلى مقاومي الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • أمن السلطة الفلسطينية يداهم مناطق في جنين بحثا عن عناصر تابعة للمقاومة
  • فتح تنعى ضابطا في السلطة الفلسطينية.. قُتل في مواجهات جنين
  • القضية الفلسطينية أمام مخاطرالتصفية.. قراءة في كتاب
  • WP: السلطة الفلسطينية تسعى لدور في غزة وتواجه مسلحين في الضفة الغربية
  • يزيد جعايصة.. قيادي في كتيبة جنين قتلته السلطة الفلسطينية
  • اختبار حاسم للعودة لغزة.. السلطة الفلسطينية تكافح لطرد المسلحين من مخيم جنين
  • إقامة 7 بؤر استيطانية غير قانونية بمناطق تخضع للسلطة الفلسطينية في الضفة
  • السلطة الفلسطينية وخيار سموتريتش الثالث
  • المقاومة تحمل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن محاصرة مخيم جنين
  • وزير الخارجية التركي لا يستبعد نشوب صراع بين إسرائيل وإيران