لبنان تفرض ضرائب على الأموات في نعوشهم
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
بغداد اليوم- متابعة
أثيرت حالة من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي اللبنانية في الأيام الماضية، بسبب استحداث وزارة المالية اللبنانية لقانون يفرض ضريبة على نعوش الموتى القادمة من خارج لبنان.
ونشر موقع "الدولية للمعلومات" اللبناني تقريراً حول مشروع قانون الموازنة الجديد لعام 2024، دعا فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي مجلس الوزراء لدارسة المشروع وإقراره بدءاً من 7 سبتمبر 2023، ما أثار حالة استنكار.
ويتضمن مشروع الموازنة الجديد استحداث "ضريبة استهلاك للحفاظ على البيئة" وتشمل نعوش الجثث البشرية، إلا أن القانون لم يحدد كيفية تقويمها بالمال لفرض الضريبة عليها.
وفي نفس السياق قال المحامي رشاد قبيسي "اعتبرت وزارة المالية أن الجثة البشرية هي منتج مستورد، وهو تعريف لم يرد في أي من قوانين العالم من جهة، ويمس بشكل غير مقبول كرامة الانسان المتوفى وكرامة عائلته من جهة ثانية ".
وتابع: "وزارة المالية في لبنان اعتبرت أن لجثة المتوفى "أثر بيئي" يقتضي أن يكون محلاً لضريبة بيئة وهنا يطرح السؤال، هل جثة اللبناني القادمة من الخارج مختلفة عن جثة اللبناني المتوفى في لبنان، ولماذا لم تفرض ضريبة عل كل لبناني متوفى في لبنان أيضا".
وتعليقا على القانون المقترح قال المحامي بول مرقص رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ "مشروع الموازنة يتجاوز كل التوقعات باستحداثه ضريبة على النعوش المحتوية على جثث بشرية، حيث يُفهم من جرائها بأن الوزارة تعتبر وجود الجثث له تأثير بيئي سلبي، وتسعى إلى فرض ضريبة بيئية عليها".
وتابع: "هي وسيلة للحصول على إيرادات إضافية على حساب المواطنين وتكبيدهم المزيد من الأعباء بدلاً من إيجاد موارد جديّة لتحصيل الإيرادات، وقد تم تحديد نسبة الضريبة على ما سمّته الوزارة بـ"المنتجات" بنسبة 2 بالألف من قيمتها."
وأضاف: "عدم وجود خطط مالية ورؤية إصلاحية ألزم القيمين على مشروع الموازنة اللجوء الى طرق غير مدروسة واستحداث ضرائب عشوائية وينبغي العمل على ايجاد خطط وفق دراسات علمية دقيقة كإصلاحات ضريبية تشجع على الاستثمار وإدخال العملات الأجنبية الى لبنان".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
هل ينقل حزب الله المعركة إلى الداخل اللبناني؟
شهد لبنان قبل أيام صداماً بين قوات الجيش اللبناني ومجموعة من حزب الله اللبناني بعد منع السلطات اللبنانية طائرات قادمة من إيران من الهبوط في مطار بيروت الدولي، وزادت وتيرة أعمال العنف إثر قيام عدد من الشبان بمهاجمة موكب تابع لقوات "اليونيفيل" على طريق المطار القديم في محيط "الكوكودي" وقد جرى إحراق ثلاث سيارات تابعة للموكب، فيما تدخلت قوة من الجيش لتفريقهم.
منذ اتفاقية إنهاء الحرب في جنوب لبنان، ودخول الجيش اللبناني مرحلة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي صدر في عام 2006، الذي نص على إبقاء جنوب لبنان خاليا من الأسلحة، وفي الجلسة رقم 5511 جاء في مخرجاتها وقف الأعمال القتالية في لبنان، ووضع نهاية للحرب الثانية بين إسرائيل ولبنان التي استمرت 34 يوما آنذاك، وتسببت في سقوط المئات من الضحايا والجرحى. أمميا، رحب بجهود رئيس وزراء لبنان حينها فؤاد السنيورة، و"التزام الحكومة بخطتها المؤلفة من سبع نقاط، لبسط السيطرة على الأراضي اللبنانية، من خلال القوات المسلحة، بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان، ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان."يبدو أن الاتفاق الذي أبرم مؤخراً بين حزب الله وإسرائيل عبر الوسطاء أرادت إسرائيل منه إبقاء حالة التوتر في الجنوب قائمة، فسريعاً ما تبدلت الأدوار وحل الجيش اللبناني ليكون في الواجهة مع عناصر من حزب الله. وما جرى من مظاهرات واحتجاجات أمام مطار بيروت قبل أيام دليل على أن أطراف الصراع قد تبدلوا. فلبنان الذي لم يهدأ منذ ساعة ولادته حتى اليوم سيبقى هكذا مهد الصراعات والحروب، ناهيك عن المشكلة الداخلية التي تعصف به بين الحين والآخر، فوجود إسرائيل على حدوده الجنوبية معضلة أخرى سوف يبقى بلد الأرز يقاسيها.
ونمضي في قوائم التصنيف الأيديولوجي والديني كما أسلفت في مقالات سابقة حيث يعلن حزب الله في أدبياته أنه حزب عقائدي وغير طائفي، وعلى الرغم من أن عقيدته تنطلق من عقيدة الشيعة الإمامية، أي من عقيدة فرقة من فرق الإسلام، وعلى وجه أخص من الالتزام بولاية الفقيه العامة أو المطلقة، فإنه يراهن في خطابه الأيديولوجي على محور المقاومة الإسلامية، كمحور جاذب لقوى غير شيعية، عربية قومية ويسارية وإسلامية عموماً، وعلى الحرص على أداء دور وطني لبناني من خلال الحرص على الوحدة الداخلية.
ومن هذا المنطلق، دخل حزب الله معترك الحياة السياسية اللبنانية من بابين: من باب الطائفية السياسية التي لا بد منها لممارسة السياسة في لبنان، ومن باب العقيدة الدينية التي يعتبرها في أساس نظرية الحزب. لكن الفلسفة التي قام عليها الحزب لا تشكل خطراً كبيراً على إسرائيل. هناك إجماع على أن حزب الله هو أداة بيد طهران، ولو عدنا إلى ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) ودخول حزب الله المعركة مع إسرائيل نكاد نجزم بأن دخوله جاء بناء على أوامر من طهران كجبهة مساندة، وقتها لم تكن هناك مؤشرات أو خروقات بين الطرفين أي بين حزب الله وإسرائيل، لكي يحارب نصرالله إسرائيل. لهذا كان وجود حزب الله على خطوط التماس مع إسرائيل خدمة لإيران وليس خدمة للبنان الذي ما زالت بعض أراضيه محتلة من قبل إسرائيل.
فإذا أضفنا إلى هذا كله ما وصل إلينا حتى الآن من أحداث جرت في الأيام القليلة السابقة، فالمشهد القادم وأقصد ما جرى داخل لبنان لا يبشر بخير. وأن نقل المعركة إلى الداخل اللبناني وارد جدا، الإرهاصات تشير إلى ذلك. لهذا وجب على حزب الله أن يدرك بأن ليس من مصلحته أن يعود لبنان إلى المربع الأول وهو عودة الفوضى والاقتتال الداخلي في ظل وجود أطماع إسرائيلية تتمثل في الدخول إلى الليطاني والوصول إلى مياهه. هكذا يجب أن يُبنى المشهد القادم، وعليه يجب ترك الجيش مسيطراً على الجنوب لقطع أي فرصة من قبل إسرائيل لتنال من سيادة لبنان.
ما يمكن بناؤه على ما تقدم هو أن مقتل الحريري شكل ضربة شبه قاتلة للتوازن القائم في لبنان بعد عام 1990. كان مقتله أول وأقوى زلزال في عملية التوازن بين السنّة والشيعة، والتي نجحت سوريا في إدارتها حتى ذلك الحين. كما أن اغتياله أنهى الإشراف السوري على بنية الحكم الذي كان سائداً حتى ذلك الوقت في لبنان. وفي هذا السياق، أسفر اغتيال الحريري عن موت اتفاق الطائف سريرياً.