لجريدة عمان:
2025-02-08@11:59:17 GMT

نوافذ :هل فارقتنا السعادة؟

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

في هذا العصر بتنا نمتلك ما لم يمتلكه قارون في ملكه الواسع، ونترف في أثواب العز والجاه ما لم يترفه قيصر في عصره، وننحت من البيوت والقصور ما لم تستطع عليه ثمود ومَن جاء بعدها من نحت الجبال وتسويتها للسكنى، وبلغنا من مراتب المُلك والترف ما لم تبلغه أمم قبلنا، ومع هذا النعيم كله إلا أن السعادة غادرت الكثيرين منا وتلاشى الفرح والسرور من قلوب البعض وبات إنسان هذا الزمان بقدر ما ينعم به من ملذات لم تتَح لمَن قبله من الأمم إلا أنه صار حزينا بائسا يائسا لا يجد للفرح بابا أو نافذة يطل منها وإن أتته السعادة فهي قصيرة لا يستطيع الاستمتاع بها وسرعان ما ينقلب على عقبه ليعود إلى سيرته في الشقاء والحزن.

في كتابه «خراب: كتاب عن الأمل» يتحدّث مارك مانسون مؤلف كتاب «فن اللامبالاة» عن موضوع السعادة والأمل في واقعنا المعاصر ليُثير تساؤلا عما يجعل الناس تشعر بالقلق والتعاسة أكثر من السعادة على الرغم من أن الحياة صارت أكثر يُسرا وأتيح للبشر في هذا العصر ما لم يتَح لأسلافهم من قبل من التطور التقني والعلمي والمعرفي والطبي وبلغوا من الراحة ما لم يكن يحلم به آباؤهم وأجدادهم من قبل، ليصل المؤلف إلى تلخيص لفكرته بأن الحياة المادية وحياة الرخاء وحياة الكسل والتقدم العلمي بكافة أشكاله ما هي إلا واجهة للسعادة في حين أن السعادة الحقيقية تكمن في التواصل الإنساني والبشري والقناعة، ليلخص بقوله «كلما حصلنا على أشياء أفضل بدونا أكثر يأسا، هي مفارقة التقدم» ليختم فصلا من فصول كتابه بالقول «كلما كان المكان الذي تعيش فيه أكثر ثراءً وأمانًا ازداد احتمال إقدامك على الانتحار».

من المفارقات التي يسردها هذا الكتاب ونراها ماثلة بصورة يومية أمام أعيننا أننا بقدر ما نُحرز تقدما في الجوانب المادية لتحسين معيشة الإنسان وفي المجالات العلمية والطبية لإطالة العمر وفي الجوانب التقنية لجلب الراحة للإنسان على هذه الأرض إلا أن الأرقام تشير إلى عكس ذلك؛ فبدلا من أن ينعكس كل الرفاه والتقدم على الإنسان إيجابا لينعم بحياة أكثر رخاءً بات إنسان هذا الزمان أكثر قلقًا وأقل سعادة وأكثر عُرضة للأمراض النفسية والاجتماعية وللظواهر السلوكية الغريبة التي لم تكن موجودة في الأمم السابقة.

في حوار مع وائل حلاق، المفكّر الكَندي من أصل فلسطيني، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة كولومبيا والمتخصص في التاريخ وتحديدا تاريخ الفكر الإسلامي أجراه معه بودكاست ثمانية عن موضوع الدولة والحرية وتفكك المجتمع تحدّث حلاق عن موضوع الدولة الحديثة باعتبارين: الإنسان في مشروع هذه الدولة هو مجرد رقم لا أكثر تحرّكه مصالح المتنفذين من الشركات والتجّار وأصحاب الثروات الكبرى الذين يغلّبون مصالحهم المالية على مصلحة الفرد وسعادته، وأن الدولة الحديثة بكل ما فيها من مظاهر الترف والغنى ما هي إلا استعباد للإنسان وسلب لسعادته وحريته الشخصية باعتبار أن الإنسان في الأزمنة السابقة لهذا الزمان كان أكثر سعادة وفرحا ربما لأسباب تعود في مجملها إلى عدم تغليب الماديات على الروحانيات.

قد يكون موضوع السعادة والشقاء غير جديد في نقاشه؛ فقد أوسعه الفلاسفة والعلماء والمختصون في علوم الإنسان والسلوك بحثا ودراسة، وأجزم أنهم لم يصلوا إلى قناعة تامة عما يجلب السعادة وما يجلب الشقاء، فبقدر ما كان الأوائل من أجدادنا سعداء في شيء فهُم تعساء وأشقياء في أشياء أخرى ربما لم نقف عليها في زمانهم، ولو جاءوا إلى زماننا هذا لتمنّوا أن يعيشوا فيه لتوافر كل مقومات الراحة والرخاء والأمن والسلام، ولكن كما يقال لكل عصر داؤه ودواؤه، وأيضا لكل شقاء علاجه، وعلاج شقائنا في هذا العصر بالعودة إلى منابع الإنسان الأولى في الأُلفة والاجتماع والاعتدال والانضباط ومراعاة قواعد القيم والأخلاق وغيرها من الوصفات التي يمكنها أن تضمن استدامة السعادة في حياتنا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حكاية مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض.. كيف عاش 20 ألف شخص في ديرينكويو؟

تعتبر ديرينكويو مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض، كانت موطنًا لآلاف الأشخاص في يوم من الأيام، توجد في تركيا، وهي واحدة من أكثر الإبداعات البشرية المثيرة للدهشة، وفقا لصحيفة ديلي إكسبرس.

وتعد ديرينكويو مركزًا نابضًا بالحياة، ونظامًا بيئيًا كاملاً للنشاط البشري مليء بالعائلات والعمال والزعماء الدينيين والسياسيين الناشئين على الأرجح، ويبلغ عمق الجحور فيها حوالي 280 قدمًا.

وفي حين كان يعيش هناك ذات يوم نحو 20 ألف شخص، إلا أنها اليوم أصبحت فارغة في معظمها، باستثناء مجموعة قليلة من المسافرين الشجعان الذين يمتلكون الشجاعة الكافية للقيام بالجولات الإرشادية.

واكتشف الباحثون العديد من الأشياء الهامة داخل مدينة ديرينكويو الأثرية، وقد ظهر شيء فريد من نوعه في المدينة، وهي غرفة ضخمة ذات سقف يشبه «البرميل»، تقع في الطابق الثاني.

من هم مؤسسي مدينة ديرينكويو؟

ويعتقد الباحثون أن المكان كان يستخدم مدرسة دينية، بدأ العمل فيها لأول مرة في القرنين السابع والثامن قبل الميلاد، وفي الوقت ذاته، قام الفريجيون، وهم شعب قديم يتحدث اللغة الهندو أوروبية، ويعيشون في تركيا الحديثة، بنحت المدينة من الصخور البركانية الناعمة لإنشاء موطن بديل على السطح.

تشكل مدينة ديرينكويو في العصر البيزنطي

وعندما انقرضت لغتهم خلال الفترة الرومانية، حلت محلها اللغة اليونانية، وبدأ السكان الجدد في توسيع الكهوف بشكل أعمق، وبدأوا في إضافة أشياء مثل الكنائس والنقوش اليونانية إلى الجدران، ولم تتشكل مدينة ديرينكويو بشكل كامل إلا في العصر البيزنطي.

وكانت مدينة ديرينكويو متصلة بمدينة أخرى قريبة تحت الأرض، وهي كايماكلي، عبر خمسة أميال من الأنفاق، لفترة من الزمن.

مقالات مشابهة

  • استشاري نفسي: التعليم ضرورة وليس خيارًا في العصر الحديث
  • بسيطة ومش مكلفة| ياسمين عز تكشف أسرار السعادة الزوجية.. تفاصيل
  • حزب المصريين: الحوار الوطني حقق أكثر مما كانت تحلم به بعض القوى
  • المترجمة التشيكية رادكا دِنماركوفا: سأجعل النيل بطلا لرواية قادمة
  • إدارة تعليم الجوف تنظم ملتقى نوافذ حوارية للموجهين الطلابيين
  • العالم يشهد يناير الأعلى حرارة على الإطلاق
  • حكاية مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض.. كيف عاش 20 ألف شخص في ديرينكويو؟
  • السعادة في العطاء: كيف تُغني مساعدة الآخرين حياتك؟
  • نجوم ساعته وتاريخه يكشفون كواليس المسلسل في صاحبة السعادة
  • معرض الكتاب يناقش مستقبل اللغة العربية