تخطى أكبر حائط صد.. الهجوم الأوكراني يخترق الجبهة الأمامية للقوات الروسية.. تفاصيل عملياته وأهميتها
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
ليس من السهل على الشعوب متابعة الأخبار المتعلقة بالحرب الدائرة بين أوكرانيا وروسيا منذ بداية عام 2022، وذلك في حالة الاستقطاب العالمي حول تلك الحرب، وتبنى وسائل الإعلام وجهات نظر لصالح جهة على حساب الأخرى، وما يجعل هناك تضارب شديد حول الأنباء الواردة من ساحة القتال، وكان الهجوم المضاد الذي تقوم به أوكرانيا، من أكثر الملفات التي شهدت جدلا كبيرا حول مدى جدواه، وهل بالفعل هناك تقدم على الأرض، وبشكل ملموس، أم أن هناك ثبات على الجبهة الروسية، وعجز أوكراني في اختراق تلك الجبهات، واستعادة أراضيها التي تسيطر عليها موسكو.
وفي الآونة الأخيرة، كان هناك إجماع بوسائل الإعلام الدول الغربية الموالية لأوكرانيا، حول أن الهجوم المضاد حتى الآن لم يؤت بثمارة بالشكل المأمول، وهناك عجز في اختراق الجبهات الروسية، ووفقا للجانب العسكري الروسي، فإن هناك 3 خطوط دفاعية أنشأتها موسكو، الأول الأمامي، وهي الجبهة صاحبة المهمة الأولى للتصدي للهجمات الأوكرانية، ومن خلفها هناك جبهات دفاعية في حال اختراق تلك الجبهة، ولكن خلال الأيام الماضية أصبح هناك حديثا منطقيا عن اختراق الجهبة الأمامية، والتي من الممكن أن تكون بداية حقيقية للهجوم المضاد، إذا ما كان التقدم الملموس ثابتا ولم يتم التراجع عنه، وهنا نرصد تفاصيل اختراق تلك الجبهة.
آخيرا حدث اختراق
كان التقدم على الجبهة الجنوبية، الذي طالما طال انتظاره من قبل أوكرانيا والغرب، متوقفاً منذ أسابيع، ولكن أخيرا تم الآن إحراز تقدم على طول الخط الأول، وهو ما قد يشكل، بحسب الخبراء، خطراً على روسيا، وقد توقف الهجوم الأوكراني المضاد لفترة طويلة ولا يبدو أن الخطوط الأمامية تتحرك - لكن أوكرانيا تمكنت الآن من تحقيق اختراق على طول الجبهة الجنوبية المهمة بالقرب من زابوريزهيا.
وقالت نائب وزير الدفاع الأوكراني حنا مالجار، إن القوات المسلحة تمكنت من اختراق خط الدفاع الأول للروس. ويواصل الجيش عملياته الهجومية في منطقة ميليتوبول، وبحسب تقرير نشرته صحيفة فوكس الألمانية، ذكرت حنا: "حققت قواتنا نجاحات بالقرب من نوفودانيليفكا ونوفوبروكوبيفكا، وكلاهما مدن أصغر في زابوريزهيا أوبلاست، واستعادت كييف أيضًا ثلاثة كيلومترات مربعة بالقرب من مدينة باخموت شرق أوكرانيا المحاصرة.
رغم التأخر .. لكن هذا هو الواقع بالمقارنة للمخطط
وبعيدا عن حديث وزيرة الدفاع الأوكرانية، فقد كان الهجوم المضاد الأوكراني قد بدأ بالفعل في يونيو، وتريد كييف تحرير مناطق زابوريزهيا ودونيتسك ولوهانسك وخيرسون، التي تسيطر موسكو على بعضها، من الاحتلال الروسي، كما سيتم وفقا لمخطط الهجوم، إعادة احتلال شبه جزيرة القرم المطلة على البحر الأسود، والتي ضمتها موسكو في عام 2014 في انتهاك للقانون الدولي.
وقال البريجادير جنرال أولكسندر تارناوسكي، القائد في منطقة زابوريزهيا، لصحيفة "أوبزرفر" البريطانية، إن القوات موجودة حاليًا بين خطي الدفاع الروسي الأول والثاني في الجنوب، وقد تم بالفعل الإبلاغ عن نجاحات الجيش الأوكراني حول بلدة روبوتين في الأيام القليلة الماضية، وتحاول القوات الروسية حاليا استعادة المناطق المفقودة من خلال الهجمات المضادة.
لماذا كان الاختراق صعبا جدا؟
وبحسب الصحيفة الألمانية، فقد كان من المتوقع في الأصل حدوث اختراق أسرع بكثير، لكن الهجوم المضاد الأوكراني كان يعوقه منذ فترة طويلة حقل ألغام ضخم في المنطقة، وقال الجنرال الأوكراني تارناوسكي إن هذا أعاق إجلاء الجرحى وعقد التقدم.
وأثناء عبور حقل الألغام، تعرضت خدمات الطوارئ أيضًا لإطلاق نار كثيف. ووفقا للمحلل العسكري آلان أور، فإن الأوكرانيين لم يكونوا مجهزين أو مدربين بشكل كاف من قبل الناتو، كما قال لمجلة الأخبار الأمريكية نيوزويك.
لماذا كان هذا الاختراق ممكنا رغم كل الصعوبات؟
وقد يكون هذا أيضًا بسبب حالة الجيش الروسي، ووفقاً لقائد الكتيبة الروسية ألكسندر خوداكوفسكي، فإن قواته تتعرض لضغوط جسدية ونفسية شديدة أثناء الدفاع عن المناطق الجنوبية الشرقية، وفي التقرير الجديد الصادر عن مركز الأبحاث الأمريكي لدراسة الحرب (ISW) الصادر يوم السبت الماضي، خلص، بالإشارة إلى بيان تشوداكوفسكي، إلى أن الوضع بالنسبة لروسيا يزداد سوءًا.
ووفقا لهذا التقرير، سيتعرض الجنود لنيران المدفعية الأوكرانية المستمرة، وأعرب خوداكوفسكي عن شكوكه في أن الوحدات الروسية المنهكة ستكون قادرة على صد الهجمات المستقبلية للهجوم الأوكراني على هذه القطاعات من الجبهة، وذلك وفقًا لتقرير معهد دراسات الحرب.
كيف ينبغي تقييم الاختراق؟
ووفقا للخبراء، يمكن اعتبار هذا الاختراق إيجابيا بالنسبة للأوكرانيين، ويقول العميد تارناوفسكي، "قد أنفقت القوات الروسية بالفعل حوالي 60 بالمائة من مواردها ووقتها على الخط الأول، ومن المتوقع أن يتم تخصيص 20 بالمائة فقط من الموارد لخطي الدفاع الثاني والثالث، كما تحدث المعهد الأمريكي لدراسات الحرب ISW عن التقدم الذي أحرزته القوات المسلحة الأوكرانية، وأن وضع القوات الروسية يتدهور بشكل متزايد.
وقال الخبير العسكري ماركوس كيو لقناة ZDFheute إن الأمر لا يتعلق بـ "اختراق هوليوودي"، بل يتعلق بفجوة في الدفاع الروسي، ويجب أن يكون عرض هذه الفجوة "من خمسة إلى عشرة كيلومترات - ثم يقومون بعد ذلك بدفع المواد الثقيلة، أي احتياطياتهم، من خلال هذه الفجوة"، وتعمل أوكرانيا حاليًا على تحديد هذه الفجوة، لذا فهذه لحظة خطيرة للغاية بالنسبة للروس.
ماذا قد يحدث بعد ذلك؟
وبحسب العميد تارنافسكي، فإن الجيش الأوكراني يواصل التحرك نحو مدينتي توكماك وميليتوبول المحتلتين من روسيا على بحر آزوف، ولم يتم الإعلان بعد عن حجم المنطقة التي تم استعادتها بالفعل، فالهدف هو الوصول إلى بحر آزوف، على بعد حوالي 90 كيلومترا، وقطع القوات الروسية عن بعضها البعض.
وفقًا للخبير العسكري ماركوس كيو على ZDFheute، فإن بلدة توكماك لها أهمية مركزية حيث تمر العديد من الطرق الريفية المهمة وخط السكك الحديدية المهم عبر هذه المنطقة، وتابع كيوب أنه يمكن منع الخدمات اللوجستية الروسية "بكفاءة عالية" من هناك، فتوكماك هو "نوع من الحراسة" للمنطقة الواقعة حتى ساحل البحر الأسود، وبمجرد وصول أوكرانيا إلى ساحل البحر الأسود وتمكنها من قصف شبه جزيرة القرم، فإن الروس سيخسرون الحرب من الناحية التكتيكية.
ووفقًا للخبير الأمني كريستيان مولينج في البودكاست الصارم، لا يزال أمام الأوكرانيين حوالي شهرين قبل أن يجعل الطقس التحركات الأكبر مستحيلة، ومع ذلك، يمكن كسب الكثير إذا تمكن المرء من بناء إسفين إلى الجنوب، "بحيث يمكن إبقاء كامل مساحة اليابسة حتى بحر آزوف تحت نيران المدفعية"، وهذا من شأنه أن يجعل إمداد القوات الروسية أكثر صعوبة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
اختراق يمني لكل خطوط العدو.. دلالات ورسائل البيان الأخير للقوات المسلحة
يمانيون/ تقارير
يُعتبَرُ البيانُ الذي صدر عن قواتنا المسلحة مؤخّرًا، خطوةً استباقيةً لإحباط مساعي كيان العدوّ الصهيوني، في محاولة بيع أصول وممتلكات شركاته البحرية لشركات أُخرى؛ للتحايل والالتفاف على قرار الحظر البحري المفروض، حَيثُ حصلت قواتنا المسلحة على معلومات استخبارية دقيقة جِـدًّا تؤكّـد أن كيان العدوّ في هذه المرحلة يسعى بسرية لإبرام صفقات بيع لأصول شركاته لشركات نقل بحرية تتبع عدة دول، بالتالي كان البيان على شكل تحذير واضح ومباشر لتلك الشركات التي تنوي عقد الصفقات وشراء الأصول من كيان العدوّ، وهو ما يسد كُـلّ طرق الالتفاف التي كان العدوّ الصهيوني يفكّر بها، لتستمر قبضة الحصار اليمني على كيان العدوّ محكمة للغاية.
وفي هذا الشأنِ، يقول الخبير العسكري زين العابدين عثمان: إن “لبيان القوات المسلحة رسائل ودلالات كثيرة، حَيثُ عكس ثلاث مسارات هامة:- الأول إفشال مسبق للمخطّطات والمساعي التي رسمها كيان العدوّ الصهيوني للالتفاف على قرار الحظر اليمني، وهي ما تزال في مهدها، والثاني توجيه ضربة قاصمة للمنظومة الأمنية لكيان العدوّ، من خلال اختراق بنيته المعلوماتية الحساسة والسرية، والثالث ردع الدول وشركات النقل البحري التي تسعى للتعاون مع كيان العدوّ في تنفيذ مخطّطاته وشراء أصول شركاته؛ لغرض التمويه والتحايل”.
ويضيف عثمان في حديثه لـ “المسيرة”: إن “كيان العدوّ الصهيوني في هذه المرحلة، وخُصُوصًا المرحلة الخامسة من التصعيد، لم يعد يستطيع بالفعل تحمل استمرار تداعيات الحظر البحري الذي تطبقه قواتنا المسلحة على ملاحته وسفنه في البحر الأحمر والعربي”، مؤكّـدًا أن “التأثيرات المباشرة لهذا الحظر وصلت إلى مستويات خطيرة باقتصاده وحركته التجارية العامة، وأصبحت الخسائر التي يتلقاها باهظة جِـدًّا، وهناك الآلاف من الشركات الاستثمارية الأجنبية، غادرت بشكل كامل أراضي فلسطين المحتلّة”.
ويؤكّـد عثمان “أن لجوء كيان العدوّ في هذه الظروف الحساسة إلى بيع أصول شركاته لشركات أُخرى هو خطوة يحاول من خلالها تخفيف كارثية الأزمة الخانقة التي يعيشها ووضعه الاقتصادي المتآكل نتيجة الحظر البحري اليمني على سفنه وشركات الشحن الدولية التي تحاول شحن البضائع إليه”.
وفي ختام حديثه يؤكّـد زين العابدين عثمان أن القوات المسلحة ذاهبة للتصعيد أكثر وعلى نحو غير مسبوق ضد السفن التي تحاول إمدَاد كيان العدوّ الإسرائيلي، وخرق قرار الحظر؛ فالجهد سيركز في هذه المرحلة على تطوير القدرات والأساليب التكتيكة والاستراتيجية؛ بما يعزز من قوة العمليات الهجومية وتأثيرها والارتقاء بها لتكون كافية لتدمير السفن وإغراقها بالكامل، سواء في البحر الأحمر أَو العربي والمحيط الهندي.
محاولات فاشلة.. صنعاء قادرة على اختراق كُـلّ الحصون:
وبشأن دلالة البيان الخاص للقوات المسلحة، وتحذير شركات النقل البحري من شراء أصول وممتلكات شركات النقل البحري الإسرائيلية، يتحدث الخبير العسكري العميد مجيب شمسان بقوله: إن “كيان العدوّ الصهيوني يلجأ إلى وسائل أُخرى سبق وأن قام بها وفشل، وما التمويه أَو تغيير البيانات أَو تغيير الملكية لسفن العدوّ أَو شركاته، إلا محاولة فاشلة أمام قدرات اليمن الاستخباراتية التي تخترق كُـلّ حصون العدوّ وجُدُرِه”.
ويضيف العميد شمسان في حديث خاص لـ “المسيرة” أن “بيان القوات المسلحة الخاص والذي كان مختلفًا إلى حَــدٍّ ما، وتحدث عن عمليات التحايل، ومحاولات نقل الملكية لشركات شحن البحرية تابعة للكيان الصهيوني أَو سفن تابعة للكيان إلى شركات أُخرى، يؤكّـد أن لدى صنعاء معلوماتٍ استخباراتيةً كافيةً بالجهات التي لها علاقة بشراء هذه الشركات أَو تغيير ملكية هذه الشركات أَو السفن التابعة للكيان الصهيوني، وبهذا أرادت صنعاءُ أن ترسل رسالةً واضحة لتلك الأطراف، سواءٌ أكانت قريبة أَو بعيدة أَو من الدول الأجنبية الغربية أَو من الدول العربية التي بات اليوم تخدمُ الكيان الصهيوني بشكل مباشر”.
ويزيد شمسان بالقول: “بالتالي رسائل صنعاء كانت واضحة بأننا لم نتهاون في مسألة التعامل مع سفن الكيان الصهيوني أَو الشركات التابعة له، سواء باعها أَو نقل ملكياتها، وسيتم التعامل مع تلك السفن؛ باعتبَارها سفنًا معادية تابعة للكيان وسيتم استهدافها”.
وفيما يتعلق بالحديث عن أضرار العمليات اليمنية على النقل البحري الصهيوني، يؤكّـد شمسان أن “هناك الكثير من التحَرّكات التشويهية، فيما يتعلق بالتشويه بالعمليات اليمنية ومحاولة خلط الأورق، خُصُوصًا بعد التصريحات الصادرة عن جهات مصرية، ولكن صنعاء تثبت دائمًا بأنها تسبق العدوّ بخطوات، سواء من حَيثُ العمل الاستخباراتي والمعلومة التي تشكل ركيزة أَسَاسية من حَيثُ العمل لعسكري أَو في تنفيذ العمليات في الميدان”.
ويستطرد بالقول: “كما نجحت صنعاء في كسر الوسائل التي حاول العدوّ سابقًا من خلالها التمويهَ وإغلاق أجهزة التعارف، ورفع أعلام دول أُخرى، والوصول إلى حقيقة تلك السفن وملكيتها ووجهتها، فَــإنَّ القوات المسلحة اليوم قادرة على التعامل مع أية وسيلة من الوسائل التي يحاول العدوّ استخدامها، وكذلك قادرة على التعامل مع أية قوة في العالم، وما يؤكّـد ذلك إزاحة السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والأُورُوبية، وإصابة اليمن أهدافها بدقة عالية”.
ويختتم الخبير العسكري العميد مجيب شمسان، حديثه لـ “المسيرة” بالقول: إن “الرسائل العسكرية لقواتنا المسلحة، اليوم مختلفة تمامًا، على اعتبار أن قواتنا المسلحة وصلت إلى مرحلة متقدمة من التصعيد ضد العدوّ، وبالتالي فَــإنَّه بعد هذا البيان لم تكن هناك تحذيرات نارية لسفن تحاول انتهاك الحظر، بل سيكون هناك استهداف مباشر، ويكون أكثر تأثيرًا على تلك السفن التي تحاول انتهاك قرار الحظر الذي تفرضُه صنعاء على العدوّ الصهيوني”.
نقلا عن المسيرة نت