ألقى الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، كلمة خلال جلسة «الهيكل العالمي الجديد لتمويل المناخ» لقمة أفريقيا للمناخ، التي يشارك فيها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتستضيفها العاصمة الكينية نيروبي على مدار يومي 5 و6 سبتمبر الجاري، تحت عنوان «تحفيز النمو الأخضر وحلول تمويل المناخ لأفريقيا والعالم».

وفي مستهل كلمته، قال رئيس الوزراء: «مما لا شك فيه أن تمويل المناخ هو الركيزة الأساسية التي تُمكننا من تحقيق الأهداف المناخية والتعهدات الوطنية، ولا سيما بالنسبة لقارتنا الأفريقية، وفي ضوء ذلك اسمحوا لي أن استعرض رؤية مصر في هذا الصدد، حيث يُمثلُ التمويل حجر الزاوية والأساس لتنفيذ التعهدات الوطنية والإجراءات التي حددتها الدول وبصفة خاصة البلدان النامية، فيما يتعلق بعملية التحول للاقتصاد الأخضر والتعامل مع تغير المناخ، لذا فإنّ الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ واتفاق باريس تضمنتْ اعترافا واضحاً بوجود ارتباط كامل بين حجم التمويل المُقدم للدول النامية لدعم جهودها الوطنية، ومستوى الطموح وتنفيذ الإجراءات الوطنية.

مدبولي: التمويل حجر الزاوية والأساس لتنفيذ التعهدات الوطنية

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، في هذا الإطار إلى أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال التراجع عن تنفيذ التعهدات الطموحة والمُحددة وطنياً، وإنما التعامل مع التمويل كمُحفِّز وعامل تمكين رئيسي لاستكمال الموارد الوطنية بهدف واضح يتمثل في التنفيذ السريع والفعّال.

حجم الاستثمارات المطلوبة في الطاقة المتجددة وحدها يبلغ ما يقرب من تريليون دولار

وأضاف في ذات السياق، أنه من الضروري التعامل مع الفجوة التمويلية الهائلة بنهج واقعي والبناء على التقديرات الحالية حتى تتمكن البلدان النامية من تنفيذ الالتزامات التي أعلنتها، والتي تبلغ حوالي 5.6 تريليون دولار بحلول عام 2030، موضحًا أن حجم الاستثمارات المطلوبة في الطاقة المتجددة وحدها يبلغ ما يقرب من تريليون دولار سنويًا، وعلى نحو مماثل، يصل حجم التمويل الدولي اللازم لتحقيق الحياد الكربوني إلى نحو 4 تريليونات دولار سنويا؛ مشيرًا إلى أن تلك هي التقديرات الدولية لحجم التمويل اللازم توفيره وحشده لتنفيذ التوصيات العلمية للحفاظ على تنفيذ هدف الـ 1.5 درجة مئوية.

وأكد رئيس الوزراء أن حشد هذا الحجم من التمويل يتطلب إعادة هيكلة لمؤسسات التمويل الدولية، وبنوك التنمية المتعددة الأطراف، بما يتماشى مع خطة الأهداف المنصوص عليها في مؤتمر المناخ COP27، موضحًا أن عملية إعادة الهيكلة مدفوعة بثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في؛ زيادة حجم التمويل المخصص لتغير المناخ دون التأثير على التمويل المُخصص بالفعل لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، وتيسير النفاذ للتمويل للدول النامية، وأخيراً، كما أشار الرئيس "روتو" فى مداخلته، ضرورة توفير أدوات التمويل المُيسّر، آخذين في الاعتبار ارتفاع تكلفة التمويل نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة وزيادة المخاطر التي تواجه الدول النامية، ومتطلبات الضمانات المعقدة لجذب الاستثمارات، لافتًا إلى أن هذا النهج يهدف في جوهره إلى منع تفاقم أزمة الديون في العالم النامي والقارة الأفريقية.

تحويل التحدي المتمثل في الديون إلى فرصة للتمويل المُبتكر

وفي غضون ذلك، قال رئيس الوزراء: ثمّة حاجة إلى تحويل التحدي المتمثل في الديون إلى فرصة للتمويل المُبتكر، فالتعامل المبتكر مع الديون يجب أن يتضمن التوافق على آليات فعّالة لمبادلة الديون وتوجيه التمويل لتنفيذ المشروعات التنموية والبيئية؛ لمواجهة تغير المناخ، فضلاً عن ضرورة مُراجعة سياسات مؤسسات التمويل الدولية فيما يتعلق بالقيود المفروضة والرسوم على القروض المقدمة إلى البلدان النامية، وفي هذا الإطار فإننا نرحب بمبادرة "بريدج تاون" كخطوة للأمام للتيسير على الدول النامية التي تُواجه آثار تغير المناخ، وأود أن أسلط الضوء كذلك على مبادرة مصر بالشراكة مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بشأن "تحالف الديون المستدامة" الذي أقره وزراء المالية الأفارقة، والذي يهدف إلى خفض تكلفة التمويل الأخضر، بالإضافة إلى أن تلك المبادرات تسهم في إصلاح الهيكل المالي الدولي، ولدينا بالفعل دعم أكثر من 22 دولة أفريقية لتحالف الديون المستدامة وندعو جميع البلدان الأفريقية إلى الانضمام إلى هذه المبادرة.

استكشاف أدوات تمويل مبتكرة

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أنه من الأهمية بمكان استكشاف أدوات تمويل مبتكرة، بما في ذلك أسواق الكربون، وبعض الرسوم أو الضرائب على بعض الأنشطة والقطاعات الاقتصادية المحددة، لافتًا إلى أنه عند النظر في هذه المصادر المبتكرة، ينبغي التأكد من أنها تتماشى والاتفاقات الدولية، والنظر بشكل كامل في آثارها الاجتماعية والاقتصادية، خاصة على البلدان النامية، وفي الوقت نفسه، أشار أيضًا إلى أننا لن نتخذ أي إجراءات أحادية قد تعيق القدرة التنافسية لصادراتنا الأفريقية أو قدرتنا على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

واختتم رئيس الوزراء كلمته بالإشارة إلى أن مصر تؤمن بأن رفع مُستوى طموح خطط المساهمات المحددة وطنيًا، دون إحداث رفع مماثل فى جهود حشد التمويل ومراجعة أدوات التمويل الحالية، لن يُسهم في تحقيق الأهداف المطلوبة سواء في مجال تحول الطاقة، أو خفض الانبعاثات أو دعم التكيف، وهو الأمر الذي يتطلب أن نشهد تحولاً واضحاً في سياسات مؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية، لتحقيق الأغراض المطلوبة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قمة المناخ مصطفى مدبولي البلدان النامیة رئیس الوزراء حجم التمویل التمویل الم ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

النقل الدولي واللوجستيات: خط الرورو بين مصر وكرواتيا يفتح أفاقا جديدة للصادرات

أكد الدكتور عمرو السمدوني، سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية، أن التوجه نحو إنشاء خط رورو سريع بين الموانئ المصرية والكرواتية يمثل خطوة محورية لتعزيز الصادرات المصرية ودعم مكانة مصر كمركز لوجستي إقليمي ودولي.

وأضاف السمدوني أن هذه الخطوة تأتي استكمالًا لنجاح خط الرورو بين مصر وإيطاليا، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة أمام المنتجات المصرية للوصول إلى الأسواق الأوروبية بتكلفة أقل وزمن شحن أسرع.

كان الدكتور مصطفى مدبولي قد أعلن عن تطلعه لإنشاء خط (رورو سريع) بين موانئ مصر وكرواتيا، بعد نجاح خط الرورو مع إيطاليا، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة من شأنها استغلال البلدين كمراكز لوجستية للأسواق المجاورة.

وأوضح سكرتير عام شعبة النقل الدولي واللوجستيات أن نظام الرورو (Roll-on/Roll-off) يعتمد على نقل الشاحنات المحملة بالبضائع عبر العبارات البحرية، مما يقلل زمن العبور ويسهل عمليات التصدير والاستيراد بين الدول، مؤكدًا أن هذا النوع من النقل يقلل التكلفة اللوجستية ويقلص المدة الزمنية اللازمة لوصول الصادرات المصرية إلى الأسواق الأوروبية، لا سيما في ظل الاضطرابات التي تشهدها سلاسل الإمداد العالمية.

وأشار إلى أن التعاون بين مصر وكرواتيا لا يقتصر فقط على التبادل التجاري، بل يمتد ليشمل الخدمات اللوجستية وإنشاء تحالفات استثمارية في مجالات البنية التحتية وإعادة الإعمار في الدول المجاورة، وهو ما يعزز التكامل الاقتصادي بين البلدين.

وكشف السمدوني أن التبادل التجاري بين مصر وكرواتيا - وفقًا للبيانات الحكومية - شهد تراجعًا من 212 مليون دولار عام 2022 إلى 160 مليون دولار في 2023، وهو ما يستوجب العمل على تنويع الصادرات المصرية والتركيز على المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، مؤكدًا ضرورة تجاوز حاجز المليار دولار في السنوات المقبلة من خلال تعزيز التعاون المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص.

وأضاف د. السمدوني أن هناك 33 شركة كرواتية تعمل في السوق المصرية باستثمارات تبلغ نحو 20 مليون دولار، وهو رقم متواضع مقارنة بالفرص الاستثمارية المتاحة، مشيرًا إلى أن اتفاقيات منع الازدواج الضريبي وبرامج التمويل المقدمة من الاتحاد الأوروبي تتيح فرصًا كبيرة يجب استغلالها لجذب المزيد من الاستثمارات الكرواتية إلى مصر.

وأقترح السمدوني عددًا من المحاور لتعظيم الاستفادة من خط الرورو الجديد، على رأسها توسيع نطاق الاتفاقيات التجارية لتسهيل حركة البضائع بين البلدين وإزالة أي معوقات تنظيمية تؤثر على تدفق التجارة.

وطالب بإطلاق حوافز للمصدرين والمستثمرين لدعم التوجه نحو التصنيع المشترك والتصدير للأسواق الأوروبية.

وشدد على ضرورة تحفيز الشركات المصرية والكرواتية على إقامة مشروعات صناعية مشتركة، خاصة في قطاعات مثل الأخشاب، والصناعات الغذائية، والمستلزمات الطبية، وتعزيز التعاون في مجال النقل متعدد الوسائط لربط خط الرورو الجديد بشبكة السكك الحديدية والطرق السريعة، مما يسهم في تحسين كفاءة عمليات النقل والشحن.

سعر الدولار مقابل الجنيه بالبنوك اليوم السبت 8-3-2025السعودية تخفض سعر النفط إلى آسيا لأول مرة منذ 3 أشهر

وشدد د. السمدوني على ضرورة تطوير المناطق اللوجستية في مصر وكرواتيا لتكون منصات متكاملة لخدمة حركة التجارة بين الجانبين.

واختتم د. عمرو السمدوني تصريحاته بالتأكيد على أن مصر تمتلك إمكانات لوجستية وبنية تحتية متطورة تؤهلها لتكون مركزًا عالميًا لنقل وتوزيع البضائع، مشددًا على أهمية تنفيذ إصلاحات مستدامة في قطاع النقل البحري، وتوسيع نطاق المناطق الحرة والموانئ المحورية مثل محور قناة السويس، بهدف تعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية في الأسواق الدولية.

وأكد أن تفعيل خط الرورو الجديد مع كرواتيا، إلى جانب تطوير العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين، سيسهم في تنشيط حركة الصادرات المصرية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام يخدم أهداف الدولة في زيادة الإنتاج والتصدير.

مقالات مشابهة

  • خبير: صندوق النقد يراقب الاقتصاد المصري والإصلاحات لضمان استمرار التمويل
  • بعجز 40 تريليون دولار.. فوكس نيوز: أمريكا ستغرق في الديون
  • 100 مليار دولار سنويا.. إنفاق العراق يتجاوز أقوى 3 دول اقتصاديا
  • إدارة ترامب تقطع التمويل وتلغي العقود لمشاريع الإسكان الاقتصادية
  • 6 أطعمة عادية ستصبح «للأغنياء فقط».. فاتورة جديدة لتغير المناخ
  • النقل الدولي واللوجستيات: خط الرورو بين مصر وكرواتيا يفتح أفاقا جديدة للصادرات
  • البنك الدولي: تكلفة إعادة إعمار لبنان 11 مليار دولار
  • البنك الدولي يُقدّر احتياجات لبنان للتعافي بـ11 مليار دولار
  • الذهب يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية
  • رغم تراجعه.. الذهب يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية ويترقب بيانات أمريكية