جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-06@14:10:02 GMT

الذكاء الاصطناعي.. البقاء للأذكى!

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

الذكاء الاصطناعي.. البقاء للأذكى!

 

مؤيد الزعبي **

كثيرًا ما نسمع عن أخبار وآراء من تخوف المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي من مستقبل تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واعتبارها واحدة من المعضلات الوجودية للجنس البشري.. وعلى جوانب أخرى عديدة؛ هناك من يتفاءل بهذا التطور ويجد فيه ما كان ينقصنا كجنس بشري من قدرات خارقة في التحليل والتجربة، ويجد في هذا الأمر العديد من الإجابات التي ستحسن حياتنا.

فهل نتفاءل فعلًا أم نتشاءم؟!

بما أن التاريخ أثبت مرارًا أن البقاء للأذكى؛ فهل الذكاء الاصطناعي "الذكي جدًا" سيتغلب علينا ويبقى هو؟! إجابة هذا السؤال سأحاول أن أصل إليها معك عزيزي القارئ.

الذكاء الاصطناعي كتطور تكنولوجي سيعود علينا كبشر بالكثير من الفوائد في العديد من جوانب الحياة، ولكن استخدامنا نحن كبشر لهذه الأنظمة هو من سيحدد هل نتفاءل بما وصلنا إليه من تطور وما سنصل إليه في قادم الأيام؟ أم نتخوف ونقلق ونقول لأنفسنا بأننا أمام تطور سنقول يومًا "يا ليت لم نصل إليه أبدًا"؟ وفي كلتا الحالتين، نحن محقون في هذه الحيرة، فنحن أمام تغيير جذري في تعامل التكنولوجيا أو الحواسيب مع المفاهيم الإنسانية ومحاكاتها بشكل يتفوق علينا نحن كـ"بشر" ونحن أصحابها وأهم ما يميزنا عن غيرنا.

بوجهة نظري أن الذكاء الاصطناعي عالم لم نكتشف ولا حتى 1% من إمكانياته وقدراته، ومهما تصورنا أو رسمنا سيناريوهات لما سيكون عليه شكل المستقبل بوجود كل هذا التطور، لن نستطيع تخيل الصورة كاملة، خصوصًا وأن سرعة تعلم الآلة مرعبة ومتسارعة لدرجة قد تُذهلنا وبيوم وليلة قد نتفاجأ بظهور تقنيات تغيِّر المشهد بأكمله، وما كنا نتوقع بأنه سيحدث بعد 5 أو 10 سنوات، يمكن أن يحدث في 5– 10 أيام. وسرعة مُلاحقة هذا التطور وتجاوبنا معه كبشر هو المعضلة الحقيقية، فنحن لا أذكى ولا نمتلك تلك السرعة مقارنة بالذكاء الاصطناعي، وكلما التَهَمَ الذكاء الاصطناعي من بياناتنا وأنماط تفكيرنا وطريقة معيشتنا وتعلم أساليبنا في كل شيء نقوم فيه بحياتنا، وقفنا عاجزين حتى من النظر إليه، وسوف يتعملق علينا لدرجة أن يقودنا، لا نحن من نقوده!

وحتى نجيب على التساؤل المطروح، يجب أن نُفرِّق بين أمرين؛ بين تخوفنا من الذكاء الاصطناعي كأداة ستحل مكاننا في الكثير من الأمور في حياتنا، وبين الذكاء الاصطناعي كخطر يهدد وجودنا أساسًا. وقد سبق أن طرحت هذا الأمر في مقال سابق بعنوان "الذكاء الاصطناعي وسيناريوهات انقراض البشرية"، ولكن ما يستدعيني أن التركيز على هذا الأمر مُجددًا، أن هناك أصواتًا كثيرة تتعالى لترسم حالة من التشاؤم ضد الذكاء الاصطناعي. وفي المقابل، هناك منافسة كبيرة بين عمالقة التكنولوجيا لصناعة ما هو مرعب بقدرات وإمكانيات مرعبة فإلى أين نتجه هل نتوقف عن التطوير أم نستمر؟ وهذا التساؤل الذي سيخطر ببالك طالما هناك تخوف؛ فلماذا نستمر أساسًا؟

من بين الحقائق التي يجب أن ندركها أن وقت التوقف انتهى وانقضى، فلما لمسناه من قدرات خارقة للذكاء الاصطناعي وإمكانية جني المليارات من الأرباح من تطويره وإدارته واستخدامه سيجعل مسيرة التطوير مستمرة؛ بل ستزداد شراسة في قادم السنوات. والحديث هنا ليس عن منافسة شركات فقط؛ بل حتى دول وكيانات، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن موظفًا بسيطًا يمكن أن يطور مهاراته وينجز أعماله بواسطة الذكاء الاصطناعي ولن يُستغنى عنه في قادم الأيام؛ فكيف لدول وكيانات وشركات تبني كياناتها باستخدامه وباستعماله وبمساعدته، وما زلنا في البداية.

صحيح أن الذكاء الاصطناعي خطر يمكن أن يُعرِّضنا كبشر للانقراض، خصوصًا وأن التاريخ قال كلمته مرارًا إن البقاء ليس للأقوى كما نعتقد؛ بل البقاء للأذكى كما أخبرتك سابقًا. نحن كبشر لسنا أذكى من الذكاء الاصطناعي ولكن ما يميزنا حتى الآن أننا نتكيف مل كل شيء ونحوله ليخدم مصالحنا وتطلعاتنا وأهدافنا، وإذا اكتسب الذكاء الاصطناعي هذه القدرات حينها علينا أن نعترف أنه لا شيء سيميزنا أبدًا، وعندما يأتي اليوم الذي سيصبح الذكاء الاصطناعي يحدد لنفسه أهداف ومصالح ويعمل على تحقيقها سنكون نحن في خطر، والخطر هنا لا يمكن في ابادتنا فقط بل يكمن في توظيف الذكاء الاصطناعي للبشر ليخدموا مصالحه وتنقلب الآية.

خلاصة قولي عزيزي القارئ.. إننا بالقدر الذي يجب أن نتفاءل فيه بأن الذكاء الاصطناعي سيساعدنا على إيجاد حلول لتحسين حياتنا من اختراعات جديدة أو مواجهة مخاطر حقيقية تهدد حياتنا كبشر كالأمراض والأوبئة أو مخاطر البيئة أو حتى مخاطر الحروب والنزاعات وصولًا لمخاطر غزو الفضائيين لعالمنا بنفس هذا القدر من التفاؤل يجب أن نتشاءم تجاه قدرات لا محدودة لنظام يتطور سريعًا ويتشكل لديه وعيه الخاص ونموذجه في التعلم نموذج إنساني، فنحن من نغذيه ببياناتنا ومعلوماتنا وعلومنا كبشر، والحل أن نُسرع عملية إيجاد أطار عالمي موحد وحط تحت موحد الف خط لتطوير الذكاء الاصطناعي ولاستخداماته في قادم الوقت.

حتى هذا أجد أنه لن يكفي في ظل المنافسة المُحتدمة في السيطرة والتحكم والربح والكسب.. ولهذا عندما ننظر للذكاء الاصطناعي يجب أن ننظر إليه على أنه نعمة ونقمة في نفس الوقت، وهنا الاختبار الحقيقي للبشرية بأن تُحدد كيف تتعامل معه في قادم الوقت!

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام- الشرق الأوسط

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي

 

تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أبرز الدول الرائدة في تبني وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، حيث تسعى بخطى ثابتة إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا. وتؤدي الشراكات الاستراتيجية الدولية دوراً محورياً في تحقيق أهدافها الطموحة في هذا المجال، حيث أدركت الدولة أهمية التعاون مع الجهات الدولية الفاعلة، بما في ذلك الشركات التكنولوجية العملاقة، والجامعات المرموقة، والمراكز البحثية المتخصصة، لدفع عجلة التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، جاء الإعلان عن توقيع “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” والذي تم توقيعه خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، لفرنسا يوم 6 فبراير 2025، قبل قمة الذكاء الاصطناعي التي عُقدت في باريس يومي 10 و11 من الشهر نفسه بمشاركة نحو 100 دولة، للتركيز على إمكانات الذكاء الاصطناعي. ويناقش هذا المقال الجهود الإماراتية لتعزيز شراكاتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها في رؤية الدولة للريادة في هذا المجال.

شراكة مع فرنسا:

يرسم “إطار العمل الإماراتي الفرنسي للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي” مساراً واعداً لتعزيز التعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في هذا المجال الحيوي الذي سيُعيد تشكيل العالم في السنوات المقبلة. وينص هذا الاتفاق الإطاري على التعاون بين البلدين في العديد من مجالات العمل المشترك في الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك التخطيط لاستثمار ما بين 30 إلى 50 مليار يورو في إنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاوات في فرنسا، ومن المُقرر أن يتكون هذا المجمع من 35 مركزاً لتجميع معلومات وتأمين قدرات حوسبة هائلة يتطلبها الذكاء الاصطناعي. كما ينص على بناء شراكة استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي واستكشاف فرص جديدة للتعاون في المشروعات والاستثمارات التي تدعم استخدام الرقائق المتطورة والبنية التحتية لمراكز البيانات وتنمية الكوادر، إضافة إلى إنشاء “سفارات بيانات افتراضية” لتمكين البنية التحتية للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في كلا البلدين.

ويأتي هذا التعاون في إطار توسع دولة الإمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي، وبصفة خاصة في إنشاء وتطوير مراكز البيانات، حيث تستثمر بالفعل في مشروعات ضخمة مثل مشروع “ستار غيت” لإنشاء مراكز بيانات في الولايات المتحدة، ويحظى هذا المجال تحديداً باهتمام خاص بالنظر إلى أن مراكز البيانات تمثل الوقود الذي تحتاجه عملية تطوير الذكاء الاصطناعي.

وستخدم هذه الشراكة المصالح الإماراتية الفرنسية، حيث إن بناء مجمع للذكاء الاصطناعي في فرنسا سيساعد على جمع بيانات أكثر ومعالجتها بشكل دقيق؛ ومن ثم تسخيرها في تطوير وتعليم برامج الذكاء الاصطناعي، وهو أمر يعزز مكانة ودور البلدين في هذا المجال ويسهم في جعل تقنيات الذكاء الاصطناعي متاحة لمزيد من الدول، فضلاً عن خلق برامج ذكاء صناعي تحترم المواثيق الدولية والأوروبية.

كما توفر الشراكة الإماراتية الفرنسية في مجال الذكاء الاصطناعي دفعة قوية لتطوير البنية التحتية الرقمية في البلدين، حيث يستفيد كل منهما من الاستثمارات الضخمة لإنشاء مجمعات متطورة للذكاء الاصطناعي؛ مما يعزز قدرتها على معالجة البيانات الضخمة وتطوير تقنيات الحوسبة السحابية. ويتيح الاتفاق أيضاً تبادل الخبرات مع باريس، خصوصاً في مجالات الرقائق المتقدمة ومراكز البيانات؛ مما يسهم في تسريع تبني حلول الذكاء الاصطناعي وتحقيق تقدم استراتيجي في القطاعات الحيوية. إضافة إلى ذلك، يعزز الاتفاق تنمية الكوادر الإماراتية؛ مما يدعم تنشئة جيل جديد من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، ويعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي رائد في هذا المجال.

وتعكس هذه الخطوة التزام دولة الإمارات بتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي. فيما تسعى فرنسا إلى ترسيخ مكانتها في هذا المجال بالرغم من التحديات التي تواجهها في منافسة الشركات الأمريكية والصينية. وقد أكدت الرئاسة الفرنسية أن نطاق الأنشطة وحجم تطوير البنية التحتية المقررة في إطار اتفاقية الإطار للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين فرنسا ودولة الإمارات، يوضح ثراء وديناميكية العلاقة بين البلدين، ويضع فرنسا في موقع رائد في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا، مشيرة إلى أن الزعيمين اتفقا على مراقبة تطور مشروعات التعاون المختلفة في مجال الذكاء الاصطناعي عن كثب في الأشهر المقبلة.

شراكة مع الولايات المتحدة:

تُعد الشراكة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي الأهم في هذا المجال، حيث شهد التعاون بين البلدين تنامياً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، في ضوء التفوق الأمريكي في هذا المجال. وشكلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2024، تتويجاً لهذا التطور المتنامي بين البلدين في مجال الذكاء الاصطناعي.

وخلال العامين الأخيرين، تم توقيع العديد من اتفاقيات الشراكة والاستثمار بين البلدين في المجال التكنولوجي والذكاء الاصطناعي. ففي ديسمبر 2024، أعلنت حكومة الإمارات عن شراكة استراتيجية مع شركة “يو آي باث” (UiPath)، التي يقع مقرها الرئيسي في نيويورك والمتخصصة في مجال الأتمتة المؤسسية والذكاء الاصطناعي، لتعزيز حلول “الأتمتة الوكيلة” – النهج المبتكر للأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير الأتمتة الذكية، وتدريب الكوادر الإماراتية بمهارات متقدمة. كما تشمل تنفيذ مشروعات تجريبية وورش عمل لتعزيز وعي الجهات الحكومية بفوائد الذكاء الاصطناعي، وبما يتماشى مع رؤية الحكومة لأن تصبح دولة الإمارات رائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.

وفي سبتمبر الماضي، وقّعت دولة الإمارات ثلاث اتفاقيات ضخمة في قطاع الذكاء الاصطناعي، شملت “اتفاقية الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي” باستثمارات ستصل إلى 100 مليار دولار، وقّعتها شركة “إم جي إكس” (MGX) الإماراتية وشركات “بلاك روك” و”غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز” و”مايكروسوفت”، إلى جانب اتفاقية بين شركة “جي 42” (G42) وشركة “مايكروسوفت” لتأسيس مركزين للأبحاث في أبوظبي لدعم قطاع الذكاء الاصطناعي المسؤول، واتفاقية أخرى بين “جي 42″ و”إنفيديا” لتأسيس مركز عمليات جديد ومختبر للمناخ التقني في أبوظبي؛ لتطوير التكنولوجيا المناخية وتحسين توقعات الطقس والمناخ لمساعدة ملايين البشر على الاستعداد للظواهر المناخية والكوارث الطبيعية قبل حدوثها.

وفي يونيو 2024، وقعت شركة “وورلد وايد تكنولوجي” (World Wide Technology)، وهي شركة تكامل تكنولوجي رائدة مقرها الولايات المتحدة، اتفاقية استراتيجية مع (NXT Global)، لإنشاء وتطوير أول مركز تكامل للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر بدولة الإمارات، الذي سيكون أحد أكثر التطورات الحضرية استدامة في العالم.

كما أعلنت “مايكروسوفت” و”جي 42″، في مايو الماضي، عن مجموعة واسعة من الاستثمارات في مجال التكنولوجيا الرقمية في كينيا، وجاءت هذه الخطوة كجزء من مبادرة بالتعاون مع وزارة المعلومات والاتصالات والاقتصاد الرقمي في جمهورية كينيا، حيث تقود “جي 42″، في إطار شراكة مع “مايكروسوفت” وشركاء رئيسيين عدة، مبادرة طموحة لضخ استثمارات تصل إلى مليار دولار، وتهدف هذه الاستثمارات إلى تنفيذ مشروعات رئيسية ضمن حزمة شاملة من الاستثمارات تشمل إنشاء مركز بيانات بيئي متطور في كينيا، والذي ستشرف على بنائه شركة “جي 42” وشركاؤها من أجل تشغيل خدمات “مايكروسوفت أزور” ضمن منطقة سحابية جديدة تخدم شرق إفريقيا. وفي إبريل الماضي، أعلنت “مايكروسوفت” عن استثمار استراتيجي بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة “جي 42″؛ مما يعزز التعاون المتزايد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

وبالإضافة إلى الولايات المتحدة وفرنسا، تصدر ملف الذكاء الاصطناعي أجندة التعاون والشراكات الإماراتية مع مختلف دول العالم مثل الصين والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.

تعزيز ريادة الإمارات:

يُشكل بناء الشراكات الدولية جزءاً رئيسياً في استراتيجية دولة الإمارات لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الدولة من خلال هذه الشراكات إلى تطوير حلول مبتكرة تعالج التحديات المحلية والعالمية، وتعزز كفاءة القطاعات الحيوية مثل الصحة، والتعليم، والطاقة، والنقل، فضلاً عن تعزيز اقتصادها القائم على المعرفة والابتكار، والاستفادة منها في جذب الخبرات الدولية، وتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في هذا المجال المهم.

وتخدم الشراكات الدولية بصورة خاصة تحقيق مختلف أهداف استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف أن تصبح الدولة رائدة عالمياً في توظيف الذكاء الاصطناعي بنسبة 100% بحلول عام 2031 في مختلف الخدمات وتحليل البيانات؛ مما يعزز الإنتاجية ويخفض التكاليف التشغيلية. وتشمل هذه الأهداف أن تكون حكومة الإمارات الأولى عالمياً في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، بجانب استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة.

وكان لهذه الشراكات، ضمن الرؤية الشاملة لدولة الإمارات، دورها في تعزيز ريادة الدولة في هذا الملف، حيث أصبحت الإمارات من أكثر الدول جذباً للمهارات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، مع زيادة عدد المتخصصين في هذا المجال بنحو 40% منذ عام 2022. كما أحرزت الدولة مركزاً ريادياً ضمن قائمة أفضل 10 دول عالمياً، من حيث عدد شركات الذكاء الاصطناعي لكل مليون نسمة، وذلك وفقاً لمؤشر تنافسية الذكاء الاصطناعي العالمي الصادر عن المنتدى المالي الدولي “آي إف إف” (IFF) ومجموعة المعرفة العميقة.

خلاصة الأمر، تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، مستندة إلى رؤية طموحة تدعم الابتكار والتطوير المُستدام. ومن خلال استراتيجيتها الوطنية وشراكاتها الدولية الكبيرة، تفتح الدولة آفاقاً جديدة للاستثمار والتنافسية، مع التركيز على تنمية المواهب والبنية التحتية المتقدمة. وبالرغم من التحديات، يبقى التزام دولة الإمارات بتطوير التشريعات وتعزيز الاستدامة عاملاً رئيسياً في ريادتها؛ مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به في مستقبل الذكاء الاصطناعي.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • ذبح الخنازير.. كيف يحوّل الذكاء الاصطناعي الاحتيال المالي إلى كارثة عالمية؟
  • الذكاء الاصطناعي تكلفة عالية على البيئة
  • كيف سيغير وكلاء الذكاء الاصطناعي هجمات سرقة بيانات الاعتماد
  • الخبرات النادرة والمعادلة الجديدة في الذكاء الاصطناعي
  • عندما يلتقي الذكاء الاصطناعي والعاطفي
  • الخوارزمية الأولى: أساطير الذكاء الاصطناعي
  • الشراكات الدولية وتعزيز الريادة الإماراتية في الذكاء الاصطناعي
  • الدماغ البشري يتفوّق على الذكاء الاصطناعي في حالات عدّة
  • حارس برشلونة: سوف أجدد عقدي لمدة موسم قادم
  • حَوكمة الذكاء الاصطناعي: بين الابتكار والمسؤولية