الذكاء الاصطناعي.. البقاء للأذكى!
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
مؤيد الزعبي **
كثيرًا ما نسمع عن أخبار وآراء من تخوف المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي من مستقبل تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي واعتبارها واحدة من المعضلات الوجودية للجنس البشري.. وعلى جوانب أخرى عديدة؛ هناك من يتفاءل بهذا التطور ويجد فيه ما كان ينقصنا كجنس بشري من قدرات خارقة في التحليل والتجربة، ويجد في هذا الأمر العديد من الإجابات التي ستحسن حياتنا.
فهل نتفاءل فعلًا أم نتشاءم؟!
بما أن التاريخ أثبت مرارًا أن البقاء للأذكى؛ فهل الذكاء الاصطناعي "الذكي جدًا" سيتغلب علينا ويبقى هو؟! إجابة هذا السؤال سأحاول أن أصل إليها معك عزيزي القارئ.
الذكاء الاصطناعي كتطور تكنولوجي سيعود علينا كبشر بالكثير من الفوائد في العديد من جوانب الحياة، ولكن استخدامنا نحن كبشر لهذه الأنظمة هو من سيحدد هل نتفاءل بما وصلنا إليه من تطور وما سنصل إليه في قادم الأيام؟ أم نتخوف ونقلق ونقول لأنفسنا بأننا أمام تطور سنقول يومًا "يا ليت لم نصل إليه أبدًا"؟ وفي كلتا الحالتين، نحن محقون في هذه الحيرة، فنحن أمام تغيير جذري في تعامل التكنولوجيا أو الحواسيب مع المفاهيم الإنسانية ومحاكاتها بشكل يتفوق علينا نحن كـ"بشر" ونحن أصحابها وأهم ما يميزنا عن غيرنا.
بوجهة نظري أن الذكاء الاصطناعي عالم لم نكتشف ولا حتى 1% من إمكانياته وقدراته، ومهما تصورنا أو رسمنا سيناريوهات لما سيكون عليه شكل المستقبل بوجود كل هذا التطور، لن نستطيع تخيل الصورة كاملة، خصوصًا وأن سرعة تعلم الآلة مرعبة ومتسارعة لدرجة قد تُذهلنا وبيوم وليلة قد نتفاجأ بظهور تقنيات تغيِّر المشهد بأكمله، وما كنا نتوقع بأنه سيحدث بعد 5 أو 10 سنوات، يمكن أن يحدث في 5– 10 أيام. وسرعة مُلاحقة هذا التطور وتجاوبنا معه كبشر هو المعضلة الحقيقية، فنحن لا أذكى ولا نمتلك تلك السرعة مقارنة بالذكاء الاصطناعي، وكلما التَهَمَ الذكاء الاصطناعي من بياناتنا وأنماط تفكيرنا وطريقة معيشتنا وتعلم أساليبنا في كل شيء نقوم فيه بحياتنا، وقفنا عاجزين حتى من النظر إليه، وسوف يتعملق علينا لدرجة أن يقودنا، لا نحن من نقوده!
وحتى نجيب على التساؤل المطروح، يجب أن نُفرِّق بين أمرين؛ بين تخوفنا من الذكاء الاصطناعي كأداة ستحل مكاننا في الكثير من الأمور في حياتنا، وبين الذكاء الاصطناعي كخطر يهدد وجودنا أساسًا. وقد سبق أن طرحت هذا الأمر في مقال سابق بعنوان "الذكاء الاصطناعي وسيناريوهات انقراض البشرية"، ولكن ما يستدعيني أن التركيز على هذا الأمر مُجددًا، أن هناك أصواتًا كثيرة تتعالى لترسم حالة من التشاؤم ضد الذكاء الاصطناعي. وفي المقابل، هناك منافسة كبيرة بين عمالقة التكنولوجيا لصناعة ما هو مرعب بقدرات وإمكانيات مرعبة فإلى أين نتجه هل نتوقف عن التطوير أم نستمر؟ وهذا التساؤل الذي سيخطر ببالك طالما هناك تخوف؛ فلماذا نستمر أساسًا؟
من بين الحقائق التي يجب أن ندركها أن وقت التوقف انتهى وانقضى، فلما لمسناه من قدرات خارقة للذكاء الاصطناعي وإمكانية جني المليارات من الأرباح من تطويره وإدارته واستخدامه سيجعل مسيرة التطوير مستمرة؛ بل ستزداد شراسة في قادم السنوات. والحديث هنا ليس عن منافسة شركات فقط؛ بل حتى دول وكيانات، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن موظفًا بسيطًا يمكن أن يطور مهاراته وينجز أعماله بواسطة الذكاء الاصطناعي ولن يُستغنى عنه في قادم الأيام؛ فكيف لدول وكيانات وشركات تبني كياناتها باستخدامه وباستعماله وبمساعدته، وما زلنا في البداية.
صحيح أن الذكاء الاصطناعي خطر يمكن أن يُعرِّضنا كبشر للانقراض، خصوصًا وأن التاريخ قال كلمته مرارًا إن البقاء ليس للأقوى كما نعتقد؛ بل البقاء للأذكى كما أخبرتك سابقًا. نحن كبشر لسنا أذكى من الذكاء الاصطناعي ولكن ما يميزنا حتى الآن أننا نتكيف مل كل شيء ونحوله ليخدم مصالحنا وتطلعاتنا وأهدافنا، وإذا اكتسب الذكاء الاصطناعي هذه القدرات حينها علينا أن نعترف أنه لا شيء سيميزنا أبدًا، وعندما يأتي اليوم الذي سيصبح الذكاء الاصطناعي يحدد لنفسه أهداف ومصالح ويعمل على تحقيقها سنكون نحن في خطر، والخطر هنا لا يمكن في ابادتنا فقط بل يكمن في توظيف الذكاء الاصطناعي للبشر ليخدموا مصالحه وتنقلب الآية.
خلاصة قولي عزيزي القارئ.. إننا بالقدر الذي يجب أن نتفاءل فيه بأن الذكاء الاصطناعي سيساعدنا على إيجاد حلول لتحسين حياتنا من اختراعات جديدة أو مواجهة مخاطر حقيقية تهدد حياتنا كبشر كالأمراض والأوبئة أو مخاطر البيئة أو حتى مخاطر الحروب والنزاعات وصولًا لمخاطر غزو الفضائيين لعالمنا بنفس هذا القدر من التفاؤل يجب أن نتشاءم تجاه قدرات لا محدودة لنظام يتطور سريعًا ويتشكل لديه وعيه الخاص ونموذجه في التعلم نموذج إنساني، فنحن من نغذيه ببياناتنا ومعلوماتنا وعلومنا كبشر، والحل أن نُسرع عملية إيجاد أطار عالمي موحد وحط تحت موحد الف خط لتطوير الذكاء الاصطناعي ولاستخداماته في قادم الوقت.
حتى هذا أجد أنه لن يكفي في ظل المنافسة المُحتدمة في السيطرة والتحكم والربح والكسب.. ولهذا عندما ننظر للذكاء الاصطناعي يجب أن ننظر إليه على أنه نعمة ونقمة في نفس الوقت، وهنا الاختبار الحقيقي للبشرية بأن تُحدد كيف تتعامل معه في قادم الوقت!
** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام- الشرق الأوسط
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
إنشاء أول مركز لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الصحية في مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن مجلس إدارة هيئة الرعاية الصحية، برئاسة الدكتور أحمد السبكي، رئيس مجلس الإدارة والمشرف على مشروع التأمين الصحي الشامل، الموافقة على إنشاء أول مركز متخصص في علوم الطب الاتصالي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الصحية في مصر، وذلك بهدف تعزيز دقة التشخيص وتطوير خدمات الطب الافتراضي
جاء ذلك خلال الاجتماع الدوري رقم (81) لمجلس إدارة الهيئة، والذي ناقش عددًا من الموضوعات الهامة المتعلقة بتطوير الخدمات الصحية وتعزيز الأداء التشغيلي للهيئة، وتم خلاله اتحاذ مجموعة من القرارات الاستراتيجية التي تعكس التزام الهيئة برؤيتها المستقبلية.
كما وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية من حيث المبدأ على إنشاء مركز تدريب وتطوير مهني مستمر لتأهيل الكوادر خاص بالهيئة، وذاك بما يضمن رفع كفاءة الكوادر وتأهيلها وفق أعلى المعايير العالمية.
فيما وافق مجلس إدارة الهيئة على تقديم حزمة خدمات طبية مجانيّة للحجاج المصريين من منتفعي منظومة التأمين الشامل، أهمها الاستشارات الطبية عن بُعد (Teleconsultation) عبر تطبيق (البالطو) والمتابعة الطبية المجانية عبر الكول سنتر حتى العودة من الأراضي المقدسة.
وخلال الاجتماع، توافق مجلس إدارة الهيئة على تغيير المسمى والبرنامج الوظيفي لمستشفى (حوض الدرس) بمحافظة السويس إلى (دار صحة المرأة والطفل بالسويس)، موضحًا أن البرنامج الوظيفي للمستشفى يرتكز على تقديم حزم خدمات صحية متخصصة للمرأة والطفل وفق رؤية متكاملة تلبي احتياجاتهم.
واختتم الاجتماع باعتماد مجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية الإصدار الثالث للائحة أسعار خدمات غير المنتفعين وشركات الوساطة والتأمين الطبي الخاص، واعتماد التقرير النهائي لأعمال لجنة استلام الأصول بمحافظات السويس والإسماعيلية تنفيذًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2679 لعام 2024.
حضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة رقم (81) السادة أعضاء مجلس الإدارة كلًا من، الدكتور إيهاب أبوعيش، نائب رئيس هيئة التأمين الصحي الشامل، الدكتور أسامة عبد الحي، نقيب عام الأطباء، الدكتور سامي سعد، نقيب عام العلاج الطبيعي، الدكتور فريد محرم، خبير محاسبة تكاليف الصحة والمستشار الاقتصادي لهيئة الرعاية الصحية، الدكتور إبراهيم فخر، عضو المجتمع المدني من خبراء الرعاية الصحية، المستشار محمد فاروق موسى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعبر تقنية الزووم كلًا من الدكتورة فاتن عبد العزيز، أستاذ متفرغ بهيئة الدواء المصرية وعضو لجنة إدارة النقابة العامة للصيادلة، الدكتورة كوثر محمود، نقيب عام التمريض وعضو مجلس الشيوخ، الدكتور وائل عبد العال، عضو مجلس إدارة الهيئة عن المجتمع المدني من خبراء إدارة الرعاية الصحية.
بينما حضر الاجتماع من هيئة الرعاية الصحية، كل من الدكتور أمير التلواني، المدير التنفيذي للهيئة، والدكتور أحمد حماد، مستشار رئيس الهيئة للسياسات والنظم الصحية ومدير عام الإدارة العامة للمكتب الفني لرئيس الهيئة، والدكتور جمال رطبة، مستشار رئيس الهيئة للدراسات الاكتوارية ورئيس الإدارة المركزية لخدمات الدعم المؤسسي، واللواء شريف بلال، مساعد المدير التنفيذي للشؤون الهندسية والمشروعات، محمد إبراهيم، مدير عام الإدارة العامة للإدارة القانونية، الدكتور شادي سامي فرحات، رئيس وحدة التطوير والابتكار وريادة الأعمال، بالإضافة إلى رشا شاكر، رئيس الأمانة الفنية لمجلس إدارة الهيئة العامة للرعاية الصحية.
IMG-20241226-WA0028 IMG-20241226-WA0029 IMG-20241226-WA0026 IMG-20241226-WA0025 IMG-20241226-WA0023 IMG-20241226-WA0021 IMG-20241226-WA0018 IMG-20241226-WA0019 IMG-20241226-WA0017