علي بن سالم كفيتان

رنَّ هاتفي كالعادة ومن رقم غير مسجل معي وهو أمر يحدث في الغالب لأناس يتوسمون في القلم خيرًا لإبراز قضاياهم والحديث عن مظالمهم، كان على الطرف الآخر رجل في قمة الأخلاق، حدثني باستفاضة عن موضوع شائك بدأت فصوله منذ ثلاثين عامًا ونيف، كان واثقًا ويملك الحجج والبراهين التي تدل على حدوث معضلة حقيقية لموظفي محطات تحلية المياه بولايات محافظة ظفار، وتعمقت تلك المعضلة بعد دمج المديرية العامة للمياه التي كانت تتبع مكتب محافظ ظفار سابقًا مع شركة ظفار للخدمات المدمجة (نماء ظفار حاليًا) التي قبلت استلام محطات التحلية كمكائن ومعدات ورفضت نقل موظفيها العُمانيين؟

الجهة المختصة بمكتب محافظ ظفار، أوضحت لنا أنها أرسلت كشف الموظفين إلى الشركة عقب عملية الدمج، بينما تنفي الشركة ذلك، وتتحجج بأن الموظفين المذكورين مقيدين بعقود مع المديرية العامة للمياه سابقًا ليعملوا في الشركات التي يتم تكليفها بتشغيل وصيانة تلك المحطات في الوقت الذي اطلعنا فيه على بعض التفاصيل التي تثبت وجود موازنة مالية ثابتة لرواتب ومكافأة هؤلاء الموظفين، ضمن موازنة المديرية العامة للمياه سابقًا، وأنهم يحصلون على شهادات رسمية من المديرية المذكورة، حول رواتبهم وآلية تحويلها للبنوك، وغير ذلك، مما يثبت أنهم موظفون حكوميون، وإن كانوا بعقود، فهذا لا يُجيز مطلقًا عدم قبولهم في شركة نماء ظفار التي آلت إليها تلك المحطات، وهم ما زالوا يقومون بتشغيلها ومتابعتها إلى اليوم، ويقدمون خدمات جليلة لولاياتهم وبلدهم، ولا يجب أن يكافأوا بالتسريح؛ فهم يعيلون أسرًا وعليهم قروض والتزامات مُنحت لهم بناء على ضمانات حكومية بوجود وظائفهم وموازناتهم واستمرارية رواتبهم أوضحتها المديرية المختصة آنذاك.

قدَّم هؤلاء الموظفون أجل الخدمات لولاياتهم ومعظمها مناطق نائية، وما زالوا إلى اليوم في ظروف صعبة واستثنائية؛ فتوفير المياه الصالحة للشرب، كان مهمة صعبة في العديد من ولايات المحافظة، ولذلك قامت الحكومة في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بإنشاء محطات للتحلية في الولايات التي تعاني من شح المياه وخصصت موازنات لتوظيف عُمانيين فيها لإدارتها وتشغيلها، ورغم ما قد يبدو من عدم الاستغلال الجيد لتلك الموازنات وحرمان الموظفين الحقيقيين من العلاوات والمكافآت وميزة التأمين، مُقابل عمليات توظيف تُثار حولها الشكوك والريبة.

لا أدري من الذي يصنع العقبات ويضع الحواجز أمام العُمانيين تحت الكثير من المصوغات، فقد لاحظنا استغلالًا فجًا وغير مسؤول لمبدأ الترشيد، وما بات يعرف بإعادة الهيكلة وترشيق الحكومة؛ ففي تلك المصطلحات المعقدة- التي لا يوجد لها تعريف مُحدد سوى ما يُقرره المسؤول في كل وحدة حكومية- تضيعُ الكثير من الحقوق للأسف؛ حيث يتبارى المسؤولون في تعميق جراح المواطن والتزلف بزيادة الترشيد وقطع حبال إنسانية- تمتد لنحو 50 عامًا- لمواطنين عُمانيين باتوا اليوم في مهب الريح بين مكتب محافظ ظفار وشركة نماء ظفار، ولا حديث بين تلك الجهات وبين هؤلاء إلّا عبر اللجوء للقضاء الذي لجأوا إليه مُجبرين، بعد أن تقطعت بهم السبل، واحتجب عنهم من كان بالأمس يمنحهم شهادة تحويل رواتبهم إلى البنوك مدموغة بتوقيع مكتب المحافظ في الوقت الذي أغلقت فيه شركة نماء ظفار كل القنوات للتسوية.

وكعادة قضائنا العُماني النزيه الذي يحق الحق، فقد حكم لصالح هؤلاء الموظفين في الدائرة الابتدائية بأنهم يخضعون لقانون الشركات العُمانية الحكومية، وبالتالي يجب نقلهم بدرجاتهم ومخصصاتهم إلى شركة نماء ظفار التي أنيط بها تشغيل محطات تحلية المياه بعد الدمج، فأي منطق تطبقه الشركة المملوكة لجهاز الاستثمار العُماني بأخذ المكائن وتسريح العاملين عليها لصالح شركات جديدة، تتعاقد معها ومعظم طواقمها من الوافدين.

كنَّا نتوقع أن تستجيب الشركة للحكم الابتدائي وتُعيد الأمور إلى نصابها وتقلل تكاليف المحاماة على هؤلاء الموظفين المنهكين ماليًا في ظل الغلاء والضرائب والبطالة، لكن حدث العكس باستئناف الشركة الحكم في ظل تأخير رواتب ومستحقات هؤلاء لمُدد تصل أحيانًا إلى أربعين يومًا، وتنزل دون وقت ثابت. وحتى كتابة هذا المقال لم يستلموا راتب شهر أغسطس، فما عساهم يفعلون بمصاريف المدارس وفواتير الخدمات في ظل هذه المماطلة غير المبررة، ورسم الصور غير الحميدة لأداء هذه الشركات بعد إعادة هيكلتها؟

إنَّنا ننتظر تدخلًا سريعًا يُعالج هذا الوضع ويمنح هؤلاء حقهم في العيش الكريم والاستقرار العائلي، الذي كفله لهم السلطان الراحل- طيب الله ثراه- ويحميه اليوم بكل عزم مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق- أبقاه الله. وحفظ الله بلادي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس السلفادور يقترح تبادل سجناء مع فنزويلا

سان سلفادور"أ.ف.ب": عرض رئيس السلفادور نجيب بوكيلة على كراكاس تبادل 252 فنزويليّا مسجونين في بلاده بعد طردهم من الولايات المتحدة، مقابل "سجناء سياسيين" فنزويليين، وسط مواجهة بشأن الهجرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقضاء.

وكتب بوكيلة على تويتر "أود أن أقترح اتفاقا إنسانيا ينص على إعادة 100% من الفنزويليين الـ252 الذين تم طردهم، مقابل إطلاق سراح وتسليم عدد مماثل (252) من السجناء السياسيين من بين الآلاف الذين تحتجزونهم".

وأضاف بوكيلة متوجها إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو "على عكسكم (...) ليس لدينا سجناء سياسيون".

وبوكيلة الذي استُقبل في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، هو حليف رئيسي لترامب في سياسته المناهضة للهجرة.

وفي غضون شهر واحد فقط، استقبل بوكيلة واحتجز 288 مهاجرا تم ترحيلهم من الولايات المتحدة، وأودِعوا في سجن ضخم شديد الحراسة في السلفادور، وبينهم 252 فنزويليّا معظمهم متهمون بالانتماء إلى عصابة ترين دي أراغوا التي أعلنتها واشنطن منظمة "إرهابية".

ووصف النائب العام الفنزويلي طارق ويليام صعب، اقتراح بوكيلة بـ"الساخر"، منددا بـ"الاعتقالات التعسفية" لمواطنيه الذين قال إنهم في حالة "اختفاء قسري في معسكر اعتقال" سلفادوري.

وقال صعب في بيان "أطلب على الفور اللائحة الكاملة مع تحديد هوية جميع المحتجزين ووضعهم القضائي، بالإضافة إلى إثبات على أنهم أحياء وتقرير طبي عن كلّ من هؤلاء الرهائن". كما طالب بمعرفة "ما هي الجرائم التي ارتكبها هؤلاء المواطنون الفنزويليون في السلفادور" وما إذا كانوا قد مثلوا أمام قاضٍ وإذا كان لديهم محامون.

والسبت، دعا الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره السلفادوري إلى تسليمه الكولومبيين المطرودين من الولايات المتحدة والمسجونين في مركز الاحتجاز نفسه.

ومن أجل ترحيل هؤلاء المهاجرين إلى السلفادور، لجأ ترامب إلى قانون حول "الأعداء الأجانب" يعود للعام 1798، لم يُستخدم إلا في أوقات الحرب.

وانتقد ترامب امس القضاة الذين عارضوا هذه السياسة، وذلك عقب قرار أصدرته المحكمة العليا أوقف موقتا عمليات ترحيل مهاجرين فنزويليين دون محاكمة استنادا إلى "قانون الأعداء الأجانب".

والأحد وجّه ترامب عبر منصته تروث سوشل انتقادات للمحكمة العليا من دون أن يسميها، في منشور ندّد فيه بـ"القضاة ومسؤولي إنفاذ القانون الضعفاء وغير الفاعلين الذين يسمحون بأن يستمر هذا الهجوم الشرير على أمّتنا، هجوم عنيف إلى درجة أنه لن يُنسى أبدا".

مقالات مشابهة

  • موظفو “صافر” في مأرب يهددون بإضراب شامل احتجاجاً على تدني الرواتب 
  • فوز بنك ظفار بجائزة "أسرع البنوك نموًا من حيث شبكة الفروع"
  • بركة: تحلية المياه ستغطي 50% من حاجيات الشرب وتخدم 75% من سكان المدن الساحلية
  • بالصور: تركيب محطة تحلية متنقلة بمجمع الشفاء الطبي في غزة
  • بالإنفوغراف.. شُحّ المياه يدفع غزة إلى حافة الكارثة
  • السودان الجديد يتخلق و لكن؛ برؤية من؟
  • حديث حكومي حول رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية
  • اتهامات نارية ورسائل مشفرة.. ناطق حكومة صنعاء يكشف المستور ويهاجم هؤلاء
  • رئيس السلفادور يقترح تبادل سجناء مع فنزويلا
  • خطأ تقني يكشف مخططات البيت الأبيض ومعلومات سرية لآلاف الموظفين