أثارت المعالم الأثرية -التي شيّدها قدماء المصريين قبل آلاف السنين- خيال كثير من الكتاب والأدباء والرحالة والمستشرقين، على مدار قرون مضت وحتى اليوم.

وكانت -ولا تزال- تلك المعابد والمقابر والأهرامات المصرية القديمة في الجيزة والأقصر وأسوان، وما ارتبط بها من حكايات وأساطير، موضوع الكثير من الروايات والقصص والقصائد والأعمال السينمائية والدرامية على المستويين العربي والعالمي.

وكتب الأديب العباسي أبو عثمان عمرو الجاحظ (776-868 م) أن "عجائب الدنيا 30 أعجوبة، عشر منها بسائر البلاد، والعشرون الباقية بمصر. وهي: الهرمان، وهما أطول بناءٍ وأعجبه، ليس على الأرض بناء أطول منهما، وإذا رأيتهما ظننت أنهما جبلان موضوعان".

وكتب العلامة جلال الدين السيوطي في "حسن المحاضرة" معددا عجائب آثار مصر القديمة، وقد شاركه كثير من المؤرخين في وصفها كابن فضل الله العمري في كتابه "المسالك والممالك" والمسعودي في كتابه "مروج الذهب". وقد بدا في تأريخهم لهذه الآثار نظرة الناس إليها في عصورهم، وما ورثوه عن أسلافهم من آراء حول إنشائها، وأعجب كثير منهم ببنيانها، بينما أبدوا استغرابهم اللغة التي كتبت عليها.

ووقف الشاعر العربي المتنبي أمام الهرمين يستعظم أمرهما، وبناءهما، قائلا:

أين الذي الهرمان من بنيانه    من قومه؟ ما يومه؟ ما المصرع؟
تتخلف الآثار عن سُكانها      حينا ويُدركُها الفناء فتتبع

واحتلت تلك الآثار مساحات كبيرة من مؤلفات قدامى الرحالة والمؤرخين، وكما يقول الشاعر والمترجم المصري الحسين خضيري، فإن مدينة الأقصر -التي كانت تحمل اسم طيبة وظلت لقرون عاصمة مصر القديمة- لم تغب عن عيون وأخيلة الشعراء والأدباء والرحّالة والمستشرقين، انطلاقا من هوميروس الذي وصفها في إلياذته الشهيرة.

وامتد تأثر الشعراء العالميين بالمدينة التي كتبوا عنها الكثير، ومازالت قرائحهم تستلهم عبق التاريخ فوق أرض "طيبة". وتقرأ فوق جدران المقابر والمعابد آيات الشموخ والخلود، مثل الشاعر اللورد الإنجليزي بايرون الذي صاغ الكثير من القصائد لطيبة ومنها قصيدة أوزيماندياس، وتيريزا هولي الشاعرة الإنجليزية التي عشقت مصر وكتبت عن أرض "طيبة" ومجدها، والشاعر الأميركي هنري أبي، الذي وصف النيل والنخيل و"طيبة" ومعابدها في قصيدة طويلة بعنوان "تعبر النيل" وكذلك الشاعر الإنجليزي بريان وولر بركتر، وغيرهم.

وأشار "خضيري" -في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية- إلى أن الشاعر الإنجليزي نيكولاس ميشيل عاشق الممالك القديمة، كتب عن طيبة (الأقصر حاليا) بهيام لا نظير له عدة قصائد.

واعتبر أن طيبة العتيقة وآثارها العريقة مثل تمثالي ممنون اللذين ألهما الكثيرين من الشعراء والأدباء، معبد الكرنك، وادي الملوك، مقبرة الملك سيتي الأول، وغير ذلك من الآثار التي مثّلت مصدر إلهام لكثير من أدباء وشعراء الغرب.

شعراء العصر الفيكتوري

وأشار خضيري إلى أن شعراء العصر الفيكتوري كتبوا عن "طيبة" أيضا، ومنهم جوزيف إيليس صاحب جماعة برايتون الأدبية، وكتب عنها ريتشارد ميلنيس أول لورد لمدينة هوتون الإنجليزية وكان عضوا بالبرلمان الإنجليزي، إضافة إلى الشاعرة والروائية الإنجليزية فلورنس مارغريت التي لم تستطع مقاومة سحر تمثالي "ممنون" اللذين ألهماها قصيدة رائقة.

وكذلك كتب الشاعر الكندي مايكل ويليام قصيدته "الأقصر" والأيرلندي باري، إن ويليامس، وكتب أيضاً دون مانويل إكاكينو الشاعر والروائي النيجيري عن شمس الأقصر "طيبة القديمة".

أما الشاعر والمسرحي الأميركي كيل يانغ رايس، فقد كتب عن معبد الرامسيوم بالأقصر، كما كتب أيضا الشاعر والكاهن والمعلم والمؤرخ الإنجليزي آرثر وينتورث هاميلتون إيتون عن "طيبة" و"الكرنك" و"وادي الملوك".

وكتب الأديب والشاعر الإنجليزي نيكولاس ميشيل بعضا من قصائده، وننقل عنه تعريبا لمعاني تلك القصيدة التي كتبها متأثراً بمشاهدته لتمثال ممنون في البر الغربي من مدينة الأقصر (طيبة القديمة) والتي نقل معانيها للعربية المترجم الحسين خضيري في كتابه "الأقصر في الشعر والفن العالميين":
نَعبُرُ النيل
باليا يبدو
كبرج شاهق
تمثال ممنون الضخم أنهَكَتْهُ السنون التي لا تُعَدِّ
توقَّفَ العَرَبُ
شاحبو الوجوه
كي يمسحوا جَبينَه الأبي
ويصغوا للموسيقى
المنبعثة منه.

ويورد الكاتب أحمد أحمد بدوي، في كتابه "الآثار المصرية في الأدب العربي" أن الآثار المصرية مصدر إعجاب الناس في القديم والحديث، وبحسبه فإن أهرامات الجيزة كانت صاحبة الحظ الأوفر مما قيل في الآثار من الشعر العربي والقارئ.

وجمع السيوطي المتوفي سنة 911 هجرية -في كتابه "حسن المحاضرة"- الآراء التي قيلت في الأهرامات قبله، ومقدار ما كان من اختلاف في الرأي حول الوقت الذي بنيت فيه، وحول بانيها، والهدف الذي أنشئت من أجله.

وبحسب كتاب "الآثار المصرية في الأدب العربي" فإن ما قيل من شعر في الأهرامات يظهر وقع تلك الآثار في نفوس الشعراء، وما حملوه لها من الإكبار والإجلال.

كما كان تمثال أبي الهول موضوعا للعديد من القصائد والكتابات في كتب الرحالة والمستشرقين والأدباء، ولعل خير قصيدة قيلت فيه كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي، تحدث فيها عن عراقة أبي الهول، حتى إنه وصفه بأنه "ولد مع الدهر".

توت عنخ آمون

وكانت عناية المصريين القدماء بمقابرهم من ناحية حفرها في أعماق الصخور مثار تفكير عميق، ومصدر إلهام تلقفه الشعراء العرب والأجانب على حد سواء، وكان شوقي من بين من أعجبوا بتلك المقابر بوجه عام، وبمقبرة الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون بوجه خاص.

وقد ظفرت مقبرة توت عنخ آمون بعناية أمير الشعراء وإبداعه، وخاصة ما وجد بها من آثار حازت إعجاب العالم أجمع عند الكشف عنها بواسطة المستكشف البريطاني هيوارد كارتر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی کتابه

إقرأ أيضاً:

الشاعر الكبير عبدالوهاب هلاوي.. شكرا مصر .. شكرا يسريه الوفية!!..

شكرا مصر .. شكرا يسريه الوفية .. فما كتبت ينم عن فكر عال ورقة في الشعور ولا غرابه ..
انها الصديقة الاعلاميه يسريه بكل تاريخها المقترن بالصدق والوعي المسئوليه َ.. وكفاها شهادة كل من عمل بجانبها أو عرفها .. مجرد عرفه ..

قبل أيام وانا في تواصل حبيب مع
الصديق المخرج العظيم محمد الأسد وهو في هجرته الطويله .. لم يسألني قدر سؤاله عن يسريه
وهو يبحث عن رقم هاتفها يقينا بصداقة وزملاة السنوات .. والأسد صادقا حين يهتم ويسأل ..
بالامس قرات لها وهي تمنح الجنرال ما يستحقه من حروف وفيات ..
هكذا هي دائما صادقه وفيه ..
تكتب عن استاذها عمر الجزلي فتدرك معنى الوفاء لأهل العطاء .. تكتبت وتكتب وتكتب دون إشارة لشخصها أو تلميح ..
لم تتحدث عن نفسها وهي رائده
بين زميلاتها الإعلاميات .. لم تشر الي كثير من الأحداث التي شهدتها وهي تقوم بأداء واجبها دون خوف أو تردد .. ولم تتطالب بحقها نظير ما قدمته للناس ..
يسرية كل الحب .. كل الوفاء .. في زمن عز فيه الوفاء والحب …

هلاوي

شكرا مصرعبد الوهاب هلاوييسرية محمد الحسن

مقالات مشابهة

  • مكتبة مصر العامة بالدقي تناقش كتاب نجيب محفوظ شرقًا وغربًا
  • الشاعر الكبير عبدالوهاب هلاوي.. شكرا مصر .. شكرا يسريه الوفية!!..
  • العيد مناسبة يحتفي بها الشعراء في كل زمان ومكان
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • بين الأزقة العتيقة.. سيد الخشب يُبقي نبض المهنة حياً في أربيل (صور)
  • استئناف الدراسة بجامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر
  • جامعة طيبة التكنولوجية تستأنف الدراسة بعد إجازة عيد الفطر
  • غدا.. مؤتمر دولي حول "التقاطعية في الأدب واللغة والترجمة" بجامعة عين شمس
  • خبير يوضح تأثير الرسوم الجمركية الجديدة على الاقتصاد المصري والعالمي
  • ترجمة الأدب الأجنبي.. تميّز ثقافي فرنسي تسعى دور نشر للحفاظ عليه