هل تهدد أزمة الرواتب تحالف الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي؟
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
صنعاء- تصاعدت حدة التصريحات الغاضبة من جماعة الحوثيين ضد حليفهم المفترض في الحكم حزب المؤتمر الشعبي العام، في خطوة عدها قادة في الحزب ويمنيون مؤشرا على أن الجماعة في طريقها للانقلاب على الحزب والاستفراد بالحكم بعد أن حرصت منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 2014 على أن تبدو منفتحة على الشراكة مع بقية الأطراف اليمنية.
جاء ذلك على إثر الاحتقان الشعبي بسبب توقف صرف الرواتب لموظفي القطاع الإداري منذ أواخر عام 2016، في حين وجه الحزب اتهامات إلى الجماعة بالمسؤولية كونها سلطة أمر واقع.
وتواجه الجماعة الأصوات المطالبة بصرف الرواتب بحساسية بالغة خشية أن تخرج الأوضاع عن سيطرتها، ومؤخرا استدعت الأجهزة الأمنية التابعة لها كل من يتحدث عن الرواتب، خصوصا من النشطاء والنقابيين والحقوقيين.
وقال صبري (موظف اكتفى بذكر اسمه الأول) إن الحوثيين كانوا يتعذرون بالحرب، وبعد سنة ونصف من توقف المعارك يرفضون صرف الرواتب، وإذا طالبنا يحولوننا إلى التحقيق.
وأضاف صبري للجزيرة نت أن "الأوضاع صارت محتقنة جدا وقابلة للانفجار بأي وقت، الناس فقط يحتاجون طرفا يقودهم بصدق ويقدم لهم نموذجا في الحكم، صدقنا أن الحوثيين لن يطوّلوا (يبقوا) في السلطة نهائيا".
صادق أمين أبو رأس رئيس فرع المؤتمر في صنعاء يفتح النار على الحوثيين ويكشف المستور ويتكلم بكل صراحة ،
المعارضة الشعبية تتوسع يوما بعد يوم ضد الحوثية وسيأتي اليوم الذي يخرج الناس لكنس هذا المشروع الخبيث . pic.twitter.com/e5GGItGn0g
— احمد العماد (@Ahmed_alemd) August 28, 2023
هجوم حادوفي سياق متصل، اتهم رئيس حزب المؤتمر جناح صنعاء صادق أبو راس الجماعة بالفساد ودعم مطالب الموظفين، وقال "للمواطنين الحق في أن يتكلموا عن مرتباتهم لأنها حق، ويجب أن نفكر بأن نضع للموظف شيكا في يده بقيمة مرتباته خلال السنوات الماضية، ومتى ما توفرت الموارد يستلمها".
جرى ذلك خلال حفل نظمه الحزب بمناسبة مرور 41 عاما على تأسيسه، منها 33 عاما كان فيها على سدة الحكم بقيادة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي تنحى عن الحكم إثر انتفاضة شعبية عام 2011.
ومنذ ذلك الحين تراجع دور الحزب وانقسم إلى عدة أجنحة، وكانت الضربة الأقسى حين قُتل صالح على يد الحوثيين أواخر 2017 بعد أن تصدعت عرى التحالف بينهما، ليخلفه صادق أبو راس على رأس الحزب في صنعاء، لكن المعطيات تشير إلى أن الحزب قد يتعرض لضربة أخرى.
وقد يحدث ذلك نتيجة تخوف الجماعة من أن تصريحات أبو راس قد تؤجج غضب الشارع، لكن رئيس الكتلة البرلمانية للحزب عبد الوهاب معوضة يرى أن قيادات المؤتمر الموجودة في مناطق سيطرة الحوثيين لا تقوى على ذلك منفردة.
وقال معوضة للجزيرة نت إن "الأمر يتطلب جهودا جماعية بين مختلف القوى السياسية في الداخل والخارج، وفي مقدمة ذلك قيادة واعية وشجاعة تتولى قيادة وتوجيه الجماهير الغاضبة في الداخل".
ودون أن يسمه شن القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى (أرفع سلطة سياسية في مناطق الحوثيين، والذي شكّل بالشراكة بين الجماعة والمؤتمر) هجوما قاسيا على نائبه في المجلس أبو راس، ووصف المطالبين بالرواتب بأنهم "حمقى".
وقال المشاط في حديث جماهيري "نتحمل الطعن في الظهر وكل الدعايات التي تتلقاها آذان الحمقى والعملاء حفاظا على الجبهة الداخلية".
من جهته، طالب القيادي البارز محمد علي الحوثي ببيع مقرات وممتلكات ما سماه النظام السابق (حزب المؤتمر) بحجة تحويل أموالها إلى صندوق المعلم، فيما هدد نشطاء حوثيون أبو راس.
لكن المتحدث باسم حزب المؤتمر في صنعاء عبده الجندي قلل من تهديدات الحوثيين، وقال للجزيرة نت إنها انفعالات فقط من عناصر ليست قيادية، مشيرا إلى أن الوضع لم يعد يحتمل أي خلاف.
عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي يرفض الحوافز ويطالب الحكومة بتسليم الرواتب شهريا pic.twitter.com/34TtfbCnUX
— ابوزيد الكميم (@dLJthf00pxD1uQQ) September 4, 2023
إنهاء الشراكةينتمي رئيس الحكومة في مناطق سيطرة الحوثيين (غير معترف بها) عبد العزيز بن حبتور إلى حزب المؤتمر، ورغم أن دوره ينحصر في حضور تشريفي للفعاليات والنشاطات فإن الجماعة قد تنقلب حتى على الشراكة الصورية مع الحزب بعد أن تصاعدت النقمة ضدها فيما قد يستغلها المؤتمر لصالحه.
ونقل موقع "المصدر أونلاين" المحلي عن مصدر لم يسمه أن الحوثيين يعتزمون إلغاء منصب "الرئيس" في الحكومة المحسوب على حزب المؤتمر، وربط الوزراء برئيس المجلس السياسي مثل النموذج الإيراني.
لكن المتحدث باسم المؤتمر عبده الجندي قال إن ذلك يبقى توقعات، واستدرك أن "التوقعات تكون غير صحيحة".
ولم يسمِ الجندي ما يجري بين الطرفين أزمة، بل اختلاف في وجهات النظر بشأن الرواتب، ففي حين رأى المؤتمر ضرورة أن تكون هناك آلية لها يرى الطرف الآخر أن صرف السندات (الشيكات) ليس عمليا، وقال إن هناك حوارات وتقاربا في هذا الجانب تدور بين الطرفين حاليا بشأن هذا الملف.
مواقف الرجال تعرف بأفعالهم
الأخ صادق أبو رأس، وخلال تعيينه في المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، لم يتفقد جبهة عسكرية، ولم يخرج للناس بخطاب ثوري ضد العدوان، لم نشاهده في فعاليات، أو أية مناسبات.. لا يوجد مشهد واحد لهذا الرجل في جبهة مناهضة للعدوان، وكما يقولون : (صمت دهرا ونطق… pic.twitter.com/ok8ZQW4Vim
— مازن هبه (@Mazen_Hebah) September 4, 2023
أزمة متوقعةمن جهته، قال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب عبد الوهاب معوضة إن هناك أزمة حقيقية يبدو فيها المؤتمر "الحلقة الأضعف أمام غطرسة واستبداد المليشيات الحوثية، وبالتالي لا يوجد تكافؤ حتى في حده الأدنى".
ويضيف معوضة -الذي يقيم خارج مناطق سيطرة الحوثيين- أن ذلك يضعف موقف قيادات الحزب، خاصة في ظل الخنوع والاستسلام الشعبي لدى معظم الناس، علاوة على تشتت أطراف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وهو ما يخدم جماعة الحوثيين ويساعدها على فرض هيمنتها.
وأشار إلى أن جماعة الحوثيين قد تنقلب على المؤتمر وتستبعده من المشاركة الصورية للحكم وتصادر كل أملاكه، و"هذا الاحتمال قائم منذ اللحظات الأولى للتحالف المشؤوم بينهما، ولم يتأجل إلا لظروف الحرب".
ومؤخرا، اصطف عدد من قادة الصف الثاني في الحزب مع الحوثيين ضد تصريحات أبو راس، في خطوة تشير إلى أن الجماعة تدفع بتيار جديد من الحزب، ليعلن عن نفسه واحدا من أجنحة الحزب المتشظي.
بدوره، قال عضو الأمانة العامة في الحزب عبد الرحمن معزب إن ما جرى كان متوقعا والأعمق فيها لم يظهر بعد، فالحوثيون قد يسلكون أي منحى للتضييق أكثر على المؤتمر.
وأضاف معزب للجزيرة نت أن ذلك سيستمر حتى يحين التوقيت لاستهداف القيادات الموجودة في صنعاء أو الاستيلاء على مقار وأموال الحزب.
لو كان لدى الحوثي حاضنة شعبية لما لجأ لتسليط أبواقه الإعلامية ضد رئيس المؤتمر في صنعاء صادق أبو راس الذي كل جريمته أنه تضامن مع الموظفين في مطالبهم بالراتب.
يقلق الحوثي لتوسع القاعدة الجماهيرية للمؤتمر الذي يصعب على الحوثي وصفه بالتهم الجاهزة: دواعش ومرتزقة وغيرها من ترهات فارغة
— د. محمد جميح (@MJumeh) September 4, 2023
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المجلس السیاسی حزب المؤتمر للجزیرة نت فی صنعاء صادق أبو أبو راس إلى أن
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد الدولي يحذر: أزمة ديون عالمية تهدد الاستقرار المالي
الاقتصاد نيوز - متابعة
صدر تقرير مهم لصندوق النقد الدولي بعنوان “وضع حد للدين العام” في 11 أكتوبر 2024، تزامنًا مع انعقاد قمة البريكس السادسة عشر في مدينة قازان، عاصمة جمهورية تتارستان يومي 22 و23 أكتوبر. التقرير سلط الضوء على أزمة الديون المتفاقمة عالميًا بعد وصولها إلى مستويات تهدد الاستقرار المالي العالمي، ما يستدعي من الحكومات اتخاذ إجراءات فورية لتعديل أوضاعهم المالية.
يرى الصندوق في تقريره أنه في ظل ما اعتبره انخفاضاً لأسعار الفائدة وتوجه السياسة النقدية نحو الحياد، فإن هناك فرصة لتعزيز الاستدامة المالية على المدى المتوسط إلى الطويل، إلا أن بسبب ما خلّفته آثار جائحة “كوفيد-19” من تراكمات ضخمة للديون، تحتاج هذه الفرصة لاستجابة حاسمة لضبط الأوضاع المالية ومنع تصاعد الأزمات الاقتصادية، لا سيما في الاقتصادات الناشئة.
بحسب توقعات الصندوق، من المحتمل أن يتجاوز الدين العام العالمي 100 تريليون دولار هذا العام 2024، ومع ذلك تظل الصورة غير موحًدة بين الاقتصادات بسبب اختلاف استراتيجيات استدامة الدين من دولة لأخرى، ومن المتوقع أيضا – وفقًا للتقرير- أن تواجه ثلث الدول التي تمثل 70% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تسارعًا في تراكم الديون. أما عند استثناء الصين والولايات المتحدة، فإن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي ستنخفض بمقدار 20%.
أشار التقرير إلى أن الحلول تقتضي خفض الإنفاق الحكومي وتقليص دور الدولة في الاقتصاد مع تعزيز النمو العضوي المدفوع بالسوق، ويرى الصندوق أن زيادة التوسع المالي ورفع الضرائب قد تعقد الوضع بدلاً من تحسينه، مشددًا على ضرورة تبني سياسات تدعم نمو القطاع الخاص لتحقيق توازن مالي مستدام.
كما طرح الصندوق وجهة نظره في التقرير إلى استعداد الأسواق المالية لمزيد من التضخم، حيث تواصل الديون الحكومية المتزايدة الضغط على أسواق الدخل الثابت، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، ارتفعت عائدات السندات لأجل 10 سنوات بأكثر من 60 نقطة أساس منذ منتصف سبتمبر، ما أثر سلبًا على قطاع العقارات، وقد انخفضت طلبات الرهن العقاري بنسبة 6.7% في الأسبوع المنتهي في 18 أكتوبر، مع بقاء معدلات الفائدة على القروض لأجل 30 عامًا عند 6.52%، وهي مستويات أعلى من تلك التي كانت سائدة قبل تخفيض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
لذلك، يعتقد الصندوق أن الأسواق تترقب دورة تيسير أبطأ للسياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وقد قدّر بنك “أسكوتلندا” أن التخفيضات المتوقعة للفائدة لن تتجاوز 22 نقطة أساس في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة، مع إمكانية الوصول إلى 38 نقطة أساس فقط بنهاية العام.
يَبرُز هذا التقرير الهام كوثيقة استراتيجية في ظل تعقيدات المشهد المالي العالمي، لا تُظهر فقط ضرورة التعاون الدولي، بل تضع المسؤولية على عاتق الدول لتبني سياسات حاسمة ومستدامة للتصدي لأزمة الديون المتصاعدة، فالتحديات القادمة لا تسمح بالتسويف أو التأجيل، وعلى الهامش ربما للتقرير مساهمة – بشكل ما – في تفسير ظاهرة ازدياد عدد الدول المتقدمة بطلبات للانضمام إلى مجموعة البريكس (فاقت 30 دولة وفقًا للرئيس الروسي)، فغالب هذه الدول ترى فيها منصة لمواجهة أزماتها المالية وضمان استقرار اقتصادي أكبر في المستقبل من خلال الشراكات الاستراتيجية فيما بين الأعضاء، وبعيدا عن التأثير العميق عليهم من قِبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والعريض من قِبل الدولار الأمريكي والاحتياطي الفيدرالي.