مرسيدس تكشف عن سيارة كهربائية تتميز بمدى طويل جداً وشحن سريع عبر بنية 800 فولت
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
كشفت مرسيدس بنز النقاب عن سيارتها الاختبارية الكهربائية CLA Class EV القريبة من الإنتاج، والتي تتميز بمدى طويل جداً وشحن سريع عبر بنية 800 فولت.
وتعد سيارة السيدان ذات الأربعة أبواب هي الأولى في خط الشركة من سيارات مرسيدس-بنز ذات الهندسة المعيارية MMA
وعلى الرغم من أنه تم الكشف عنها كمفهوم في معرض IAA Mobility للسيارات في ميونخ، فمن المقرر أن تدخل حيز الإنتاج كسيارة كهربائية حقيقية في أواخر عام 2024.
وتم تصميم MMA لمركبات فئة CLA للمبتدئين من شركة صناعة السيارات كتصميم "كهربائي أول" جديد تماماً. وهذا المفهوم هو تقريباً نفس حجم سيارة السيدان CLA الحالية للشركة ويبلغ طولها 185 بوصة ولها شكل ناعم يشبه البيضة مصمم للتحرك في الهواء بأكبر قدر ممكن من النظافة، مع غطاء المحرك أطول من السيارات الكهربائية الأخرى، كما قد تقدمه مرسيدس.
ولا تتعلق فئة CLA بالقوة مقارنة بسيارات مرسيدس-بنز الكهربائية الأخرى، بل يتم التركيز على الكفاءة وسرعات الشحن متفوقة في ذلك على سيارات تسلا. ولتحقيق هذه الغاية، فإنها تستخدم بنية 800 فولت ومحرك واحد مثبت في الخلف بقوة 235 حصان مستعار من مفهوم Vision EQXX مع مواد أرضية نادرة "تقترب من الصفر في المائة").
كما تحتوي السيارة على مضخة حرارية جديدة للحفاظ على دفء البطاريات (والركاب) في الشتاء، حيث يمكن للهواء البارد أن يؤثر بشدة على نطاق السيارة الكهربائية، إلى جانب ناقل الحركة ثنائي السرعات.
ومع كل ذلك، يمكن لفئة CLA التجريبية تحقيق 466 ميلاً من نطاق WLPT (حوالي 400 ميل وفقاً لمعايير وكالة حماية البيئة)، مع كفاءة ممتازة تبلغ حوالي 150 ميلا في الغالون. كما ستسمح للسائقين بإضافة حوالي 200 ميل من المدى في 15 دقيقة فقط.
ولم تحدد مرسيدس حجم البطارية، لكن من المحتمل أن تكون أقل من 100 كيلووات في الساعة. ومما يساعد أيضاً في تحقيق هذه الكفاءة تصميم بطارية تحتوي على أنودات تحتوي على أكسيد السيليكون لتحسين كثافة الطاقة. وستقدم الشركة أيضاً خياراً أقل كفاءة ومخفضاً من فوسفات الحديد الليثيوم بالكيلووات في الساعة وبتكلفة أقل.
ميزة أخرى من المقرر أن تظهر في طراز CLA الكهربائي وهي القيادة الآلية من المستوى 3. ولن تكون هذه الميزة متاحة عند الإطلاق، ولكن السيارة الكهربائية ستحتوي على جميع أجهزة الاستشعار المطلوبة لتمكين الميزة على الطريق، بحسب موقع إن غادجيت.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
الاندماج النووي.. تقدّمٌ كبير لكن الطريق ما يزال طويلًا
يعدّ تاريخ الخامس من ديسمبر عام 2022 نقطة تحولٍ في مجال الأبحاث حول الاندماج النووي. فبعد مضيّ أكثر من مائة عامٍ عن تصريح عالم الفيزياء الفلكية البريطاني آرثر إدينغتون (Arthur Eddington) أن تقنية الاندماج النووي ستكون «مصدرًا لا ينضب للطاقة إذا تم التحكم فيها»، نجحت منشأة الإشعال الوطنية (National Ignition Facility) في الولايات المتحدة، ولأول مرة، في توليد كمٍّ من الطاقة من خلال تفاعلات الاندماج النووي يفوق الطاقة المطلوبة لتحفيز هذه التفاعلات. فماذا تعني هذه النتائج؟ ولما يعدّ هذا إنجازًا حقيقيًّا للبحث العلمي في هذا المجال؟ وما العواقب المترتبة عن تطوير عملية الاندماج النووي كمصدرٍ للطاقة منخفضة الكربون؟
الاندماج النووي هو العملية التي تحدث في قلب النجوم - حيث تقوم شمسنا مثلا بدمج حوالي 600 مليون طن من الهيدروجين في الثانية الواحدة، مما يؤدي إلى توليد كمٍّ من الطاقة في الثانية الواحدة يعادل ما تستهلكه البشرية جمعاء في عامٍ كامل (حوالي 418 إكساجول بناءً على أرقام عام 2021).
تركّز معظم الأبحاث على الاندماج بين نظيرين للهيدروجين هما الديوتيريوم (Deuterium) والتريتيوم (Tritium)، وينتج عن هذا الاندماج نيوترون عالي الطاقة وذرة هيليوم. يعدّ هذا النوع من التفاعل الاندماجي أكثر سهولة مقارنةً بالتفاعل الذي يحدث في قلب الشمس.لكي يحدث الاندماج النووي فإننا نحتاج إلى توفير ظروف جد متطرفة، حيث ينبغي أن تصل الحرارة إلى حوالي مائة مليون درجة. ويتطلّب الوصول إلى هذه الحرارة كمًّا كبيرًا من الطاقة، ولكي تكون عملية الاندماج مربحةً، فيجب أن تولّد قدرًا أكبر بكثير من الطاقة مما هو مطلوبٌ من أجل إحداثها. تسمّى النسبة بين الطاقة المستهلَكة والطاقة المنتجَة بالمكسب، فإذا كانت هذه النسبة أكبر من واحد فإن تفاعل الاندماج سيكون قد أنتج طاقةً أكبر من تلك التي تطلّبها.
ثمّة طريقتان محتملتان لتحقيق الاندماج النووي: الاحتواء المغناطيسي (Magnetic Confinement)، والذي يستخدم مغناطيسات قوية من أجل احتواء البلازما لفترات طويلة جدًا، والاحتواء بالقصور الذاتي (Inertial Confinement) الذي يحفّز التفاعل من خلال نبضات قصيرة جدًا ومكثّفة. تعمل منشأة الإشعال الوطنية على تقنية الاندماج بالقصور الذاتي مستخدمةً أشعة الليزر القوية للغاية.
وإلى وقت قريب، لم تنجح أي تجربة في الحصول على مكسبٍ يفوق الواحد. وكان الرقم القياسي للاندماج بالاحتواء المغناطيسي هو 0.65 في مفاعل توكاماك جت (Tokamak JET) بالمملكة المتحدة عام 1997، ولاحقًا وصلت منشأة الإشعال الوطنية بالولايات المتحدة إلى تحقيق نسبة 0.7 في شهر أغسطس من عام 2021. تجدر الإشارة إلى أن هذا المكسب حُسب بناءً على البيانات المسجّلة على مستوى البلازما وليس على مستوى المفاعل بكامله. وقد حقّقت منشأة الإشعال الوطنية نفسها مكسبًا أكبر من 1 لأول مرة نهاية عام 2022. لقد أنتج الاندماج (من خلال 192 ليزر) طاقةً بلغت 3.15 ميجا جول، مقارنةً بطاقة مستهلكة قدرها 2.1 ميجا جول ، وبالتالي كان المكسب واحدًا ونصف!
لما يعدّ ذلك إنجازًا حقيقيًا؟
بالإضافة إلى الجانب الرمزي الذي ينطوي عليه هذا الإنجاز، فإن النتيجة التي توصل إليها الباحثون تمثل تقدّمًا علميا حقيقيا. تستخدم منشأة الإشعال الوطنية مخطّطًا يسمّى بـ «الهجوم غير المباشر»، إذ لا يتم تسخين الوقود (كرة ماسية قطرها ميلمترين تحتوي على عنصري الديوتيريوم والتريتيوم) بشكل مباشر بواسطة أشعة الليزر. يُوضع الوقود في الواقع في أسطوانة معدنية (Hohlraum) يتم تسخينها بأشعة الليزر من أجل إنتاج أشعةٍ سينية ستقوم هي بتسخين الوقود وضغطه.
تمنح هذه المقاربة ميزةً تتمثل في توجيه أشعة الليزر بشكل أكثر سهولة، غير أن عيبها هو أن جزءًا فقط من طاقة أشعة الليزر (10-20%) يتحول إلى أشعةٍ سينية تعمل على تسخين الوقود. وعلى مستوى هذا الأخير، فإن طاقة الاندماج المنتجة تكون أكبر بكثير من الطاقة الواردة، فالبلازما تسخّن نفسها ذاتيًّا.
لقد تعالت العديد من الأصوات من أجل التقليل من أهمية النتائج التي تم الوصول إليها وإضفاء النسبية عليها من خلال الإشارة إلى حقيقة أن أشعة الليزر تتطلب حوالي 400 ميغا جول من الطاقة لكي تكون قادرة على توفير 2 ميغا جول التي تُضخّ في منشأة الإشعال الوطنية. غير أن من الواجب أن نضع بعين الاعتبار أن منشأة الإشعال الوطنية لم تُصمم من أجل توليد الكهرباء، وإنما فقط لإثبات الاشتعال. كما أن بناء المنشأة قد شُرع فيه عام 1997، وبدأت عملياتها عام 2009، وقد تطورت تكنولوجيا الليزر بشكل كبير منذ ذلك الحين.
الطريق نحو الاندماج ما يزال طويلًا
من الواضح، أن تحقيق مكسبٍ يفوق بكثير مستوى المائة سيكون ضروريا من أجل إنتاج كهرباءٍ بتكلفةٍ مقبولة في المستقبل، وبالتالي فما يزال هناك الكثير مما يتعيّن القيام به في هذا المجال. كما أن إجراء التجارب في منشأة الإشعال الوطنية ما يزال يتطلّب الكثير من الوقت من أجل الإعداد لتنفيذ كل تجربة، ولا يجرى سوى عدد قليل منها كل أسبوع. ينبغي أن يكون المفاعل قادرًا على العمل وفق وتيرة تصل إلى عشر طلقات في الثانية، على مدار 365 يومًا في السنة، وهو ما يمثل تحديًّا تكنولوجيا كبيرا. من الصعب تعميم المقاربة غير المباشرة التي تعمل بموجبها منشأة الإشعال الوطنية على المفاعلات لأنها تعقّد عملية تصنيع الوقود وتتطلب مكاسب أعلى للتعويض عن الخسائر. إلا أن ثمّة العديد من الشركات الناشئة التي تعمل بلا كلل من أجل تطوير مفاعلات تستخدم تقنية الاندماج بالقصور الذاتي.
لا تزال هناك أيضًا العديد من التحديات التكنولوجية الأخرى التي يجب التغلّب عليها من أجل بناء مفاعلات اندماجية جاهزة للعمل (سواء من خلال تقنية الاندماج المغناطيسي أو الاندماج بالقصور الذاتي). وتتمثل إحدى هذه التحديات في القدرة على الحصول على الوقود اللازم. فإذا كان الديوتيريوم متوفرًا بكثرة على الأرض، فإن التريتيوم بخلاف ذلك له عمر قصير جدا (12.3 سنة)، ويتم إنتاجه بشكل رئيسي في المفاعلات النووية من نوع كاندو (CANDU) في كندا. يُقدَّر المخزون العالمي من التريتيوم بنحو ثلاثين كيلوغراما، في حين أن مفاعلا اندماجيا واحدا سيتطلب حوالي تسعين كيلوغرامًا من التريتيوم سنويا من أجل إنتاج خمس مائة ميغاواط من الكهرباء.
ولكي نتغلّب على هذه المشكلة، فسيحتاج المفاعل الاندماجي إلى إنتاج التريتيوم بنفسه، من خلال إحاطة البلازما بطبقة تحتوي على الليثيوم. وسوف تتفاعل النيوترونات الناتجة عن عملية الاندماج مع طبقة الليثيوم مكونةً بذلك التريتيوم. يتطلب تشغيل مفاعلات أخرى، أن يكون الإنتاج فقط أعلى بقليل من الاستهلاك. لكن هذه التكنولوجيا لم تُختبر بعدُ على نطاقٍ واسع. تقترح بعض الشركات الناشئة استخدام أنواع أخرى من الوقود مثل الهيليوم 3 أو البورون، غير أن الاندماج النووي على مستوى هذه العناصر يتطلب درجات حرارة أكبر يصعب بلوغها.
ثمّة تحديات أخرى تتعلق بالمواد التي تُصنع منها المفاعلات، حيث أنها سوف تُقصف بالنيوترونات النشطة للغاية على نحوٍ مستمر، وستحتاج إلى الحفاظ على خصائص ميكانيكية وفيزيائية كافية لفترات طويلة للغاية، وهذا مجال آخر تتسابق فيه الأبحاث بشكل كبير.
أي تأثيرٍ لهذه النتائج؟
من الواضح أن النتائج التي توصّلت إليها منشأة الإشعال الوطنية تمثل تقدّمًا كبيرا في مجال تكنولوجيا الاندماج النووي، وهو المجال الذي يشهد منذ عدة سنوات إقبالا وحماسًا من مستثمري القطاع الخاص، ويضم حوالي ثلاثين شركة ناشئة تعمل على تطوير نماذج لمفاعلاتٍ اندماجية. لقد أعلنت الحكومة الأمريكية في وقت سابق من هذا العام أنها تعمل على تطوير خطةٍ سوف تنفَّذ على عشر سنوات وتطمح إلى تسريع تطور تكنولوجيا الاندماج النووي. وبالتالي فإن النتائج الأخيرة تأتي في الوقت المناسب لتبرير هذه الطموحات، ويمكننا أن نتصور أن مستثمري القطاع الخاص سوف ينظرون إلى هذا باعتباره سببا إضافيا من أجل الاهتمام أكثر بهذا المجال.
ومع ذلك، فإن تطوير الاندماج النووي يظل مغامرةً تحتاج نفسًا طويلا، والوصول إلى نقطة التعادل ليس سوى خطوة ضرورية، لكنها تبقى غير كافية. وإذا كان تطوير أول مفاعل اندماجي أمرًا في غاية الأهمية، فلكي يلعب الاندماج النووي دورًا في مزيج الطاقة العالمي، سيكون من الضروري بناء قدر كبير جدًا من المفاعلات الاندماجية، مما سيستغرق بالضرورة وقتًا حتى مع تبنّي مقاربة استباقية. ولذلك يظل الاندماج خيارا طاقيًّا للأمد الطويل، في حين يتطلب التغير المناخي إحداث تغييرات سريعة على مستوى منظومة الطاقة العالمية.
ريمي دولابورت ماتوران باحث في مجال الاندماج النووي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
غريغ دوتمرمان باحث مشارك بالمدرسة الوطنية العليا للمناجم في باريس
المصدر: موقع The Conversation