تمثل مساعي إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية "صفقة مضللة" و"وهما كبيرا"، إذ من شأنها أن تكافئ الأطراف الخطأ، ولن تضمن حقوقا للفلسطينيين أو تحد من نفوذ الصين في منطقة الشرق الأوسط.

ذلك ما خلص إليه جديون راشمان، في تحليل بصحيفة "فياننشال تايمز" البريطانية (Financial Times) ترجمه "الخليج الجديد".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية علنية مع إسرائيل، وترهن الأمر علنا بقبول تل أبيب الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

راضمان أضاف أنه للمساعدة في تحقيق "الصفقة الكبرى" للتطبيع، "يُقال إن واشنطن مستعدة لتقديم ضمانات أمنية للمملكة، فضلا عن المساعدة لبرنامج نووي مدني. والجزء الخاص بإسرائيل من الصفقة هو أنها ستقدم تنازلات تجاه الفلسطينيين".

وتابع: "بالنسبة لمروجيها، توفر صفقة بايدن الكبرى العديد من "الانتصارات" التي تبدو مغرية، ومن شأنها أن تعزز السلام والرخاء والاستقرار في الشرق الأوسط وتدعم واشنطن في صراعها مع الصين على النفوذ العالمي، وكذلك تمنح بايدن إنجازا دبلوماسيا يتباهى به قبل الانتخابات الرئاسية عام 2024 (يسعى للفوز بفترة رئاسية ثانية)".

واستدرك: "لكن لسوء الحظ، فإن واقع الصفقة يمكن أن يكون أقل جاذبية بكثير، وقد ينتهي الأمر بأن تعد واشنطن بالدفاع عن الحكم (...) في السعودية، وتدعم الحكومة الإسرائيلية (اليمينية المتطرفة برئاسة بنامين نتنياهو) التي تعمل على تآكل ديمقراطية إسرائيل بسرعة"، في إشارة خطة الحكومة المثيرة للجدل بما ما تعتبره إصلاحا للقضاء.

"وفي الوقت نفسه، فإن المكاسب المأمولة بالتصدي للصين ودعم الفلسطينيين، قد لا تتحقق أبدا. وسيتبين أن الصفقة الكبرى مجرد وهم كبير"، بحسب راشمان.

وأردف أن "العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة كانت متوترة خلال إدارة بايدن، إذ شعر الحاكم الفعلي للمملكة، (ولي العهد الأمير) محمد بن سلمان، بالغضب من نشر تقرير للحكومة الأمريكية اتهمه بالتورط المباشر في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي (داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في 2018)".

و"كانت معاملة السجادة الحمراء لشي جين بينغ (رئيس الصين) عندما زار المملكة، أكثر دفئا بشكل ملحوظ من الاستقبال الذي حظي به بايدن. وكانت الصين، وليس الولايات المتحدة، هي التي ساعدت في التوسط في السلام بين إيران والسعودية في مارس/آذار الماضي"، كما أضاف راشمان.

واستطرد: "وقد أعلن السعوديون مؤخرا أنهم سينضمون إلى مجموعة بريكس، وهو ما يبدو على نحو متزايد وكأنه رد بكين على مجموعة السبع (بقيادة الولايات المتحدة)".

وبريكس تكتل أُسس في 2006 ويضم حاليا الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ودعا في أغسطس/ آب الماضي كلا من السعودية والإمارات ومصر وإيران وإثيوبيا والأرجنتين للانضمام إليه.

اقرأ أيضاً

انضمام السعودية لبريكس.. بقرة حلوب للمجموعة؟ أم داعم لنظام اقتصادي مواز؟

مكافأة خاطئة

و"على مستوى الفلسطينيين، من المشكوك فيه للغاية أن يكون لدى السعوديين أو الأمريكيين الوسائل أو الإرادة لفرض تقدم حقيقي نحو حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)"، كما تابع راشمان.

وأضاف أن "الصفقة الكبرى لإدارة بايدن في الشرق الأوسط تبدو مغرية، لكنه يخاطر بمكافأة الأشخاص الخطأ في الوقت الخطأ ولأسباب خاطئة".

راشمان قال إن "إدارة بايدن أرادت الانفصال عن الشرق الأوسط والتركيز على (مواجهة) صعود الصين (في منطقة المحيطين الهندي والهادئ)، لكن المغازلة بين الرياض وبكين ساعدت في إقناع البيت الأبيض بأن إعادة الانخراط في المنطقة كانت ضرورية، كجزء من المنافسة العالمية على النفوذ مع الصين".

وزاد بأن "النضال بين الولايات المتحدة والصين لتشكيل النظام العالمي يجري على جبهات عديدة، بينها التمويل والتجارة والأمن. وباعتبارها اقتصادا كبيرا وعضوا في مجموعة العشرين وثاني أكبر منتج للنفط في العالم، تعد السعودية لاعبا كبيرا في كل هذه المجالات، ولذلك تريد واشنطن إعادة السعوديين إلى المعسكر الأمريكي".

واستدرك: "لكن في حين أن عوامل الجذب في الصفقة الأمريكية السعودية الإسرائيلية واضحة، فإن المخاطر واضحة كذلك، فعلى النقيض من الدول الأخرى التي تعهدت أمريكا بالدفاع عنها، مثل اليابان أو ألمانيا، فإن السعودية ليست دولة ديمقراطية ولا يزال سجل حقوق الإنسان فيها قاتما".

اقرأ أيضاً

صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين

مشاكل نتنياهو

كما "يطرح الجانب الإسرائيلي من الصفقة مشاكل أيضا، إذ تواجه حكومة نتنياهو اتهامات بتقويض الديمقراطية الإسرائيلية"، بحسب راشمان.

وتابع أن "ائتلاف نتنياهو (الحاكم) يحتوي على "أحزاب عنصرية فظيعة"، على حد تعبير تامير باردو، الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية، الذي عينه نتنياهو نفسه. إذ تعمل هذه الأطراف على تسريع توسيع المستوطنات الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين، في حين يتصاعد العنف في الأراضي المحتلة".

وزاد بأن "نتنياهو يُحاكم بتهمة الفساد، ما يجب أن يدق جرس إنذار في البيت الأبيض في عهد بايدن. والشيء الوحيد الذي قد ينقذ الموقف السياسي الداخلي لنتنياهو هو لعب دور رجل الدولة بقيادة اتفاق سلام تاريخي مع السعودية".

و"يردد مؤيدو الصفقة الكبرى أنه، كجزء منها، سيتعين على إسرائيل تقديم تنازلات للفلسطينيين. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى إحياء حل الدولتين، في حين يجبر نتنياهو على الدخول في ائتلاف مع أحزاب أكثر اعتدالا. لكن هناك طرق عديدة يمكن لنتنياهو بها التملص من أي تنازلات نظرية"، وفقا لرشمان.

اقرأ أيضاً

على قطار التطبيع السعودي.. نتنياهو ينتظر من بايدن ثمن التذكرة

المصدر | جديون راشمان/ فياننشال تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تطبيع السعودية إسرائيل بايدن صفقة فلسطين الصين الصفقة الکبرى الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

فريق التفاوض الإسرائيلي يعود من قطر لإجراء مشاورات داخلية بشأن صفقة التبادل

قال مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن فريق التفاوض الإسرائيلي، سيعود إلى مساء الثلاثاء من قطر لإجراء "مشاورات داخلية" بشأن صفقة الرهائن بعد محادثات مهمة على مدى أسبوع بشأن غزة.

في وقت سابق، تصاعدت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين نتنياهو، ورئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس، إثر اتهام الأخير للأول بـ"تخريب" مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.

والأحد الماضي، اتهم غانتس، نتنياهو، بـ"تخريب" مفاوضات الصفقة.

وانتقد غانتس، في كلمة متلفزة نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، حديث نتنياهو مع وسائل إعلام أجنبية بشأن الصفقة الجاري بلورتها مع حماس.




وأضاف: "نحن في أيام حساسة، الحياة والموت حقا يتحكم فيهما اللسان".

وقال غانتس: "كما قال نتنياهو نفسه قبل أسبوع واحد فقط كلما تحدثنا أقل، كلما كان ذلك أفضل، بينما المفاوضون يعملون، نتنياهو يخرب المفاوضات من جديد".

وفي رد على هذه التصريحات، أصدر مكتب نتنياهو، بيانا قال فيه: "غانتس الخانع، الذي طالب بوقف الحرب قبل دخول رفح لا يجب أن يُنظّر على نتنياهو بكيفية القضاء على حماس وتنفيذ المهمة المقدسة بإعادة المخطوفين".

وتابع: "ليس صدفة أنه بعد خروجه غانتس من الحكومة لاعتبارات سياسية، قاد رئيس الحكومة ضربة قاضية ضد حماس وتدمير حزب الله، والعمل مباشرة ضد إيران"، على حد زعمه.

من جهته، رد غانتس في بيان جديد، قائلا: "نتنياهو، لا تكن جبانا، خفت من تفكيك الائتلاف، وفقط بفضل إصرار غانتس تمكنا من إعادة أكثر من 100 مختطف إلى هنا".

مقالات مشابهة

  • اتهامات متبادلة بين حماس وإسرائيل حول صفقة استعادة المحتجزين
  • الصفقة المنتظرة: نتنياهو يريد ولا يريد
  • فريق التفاوض الإسرائيلي يعود من قطر لإجراء مشاورات داخلية بشأن صفقة التبادل
  • فشل صفقة انتقال مورينو إلى القادسية
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يحاول شراء الوقت ولا يريد صفقة أسرى
  • نتنياهو: تقدم في مفاوضات صفقة التبادل وإعادة المحتجزين
  • الإعلام العبري: بايدن قدم “هدية الفراق” لمصر
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: نتنياهو لا يريد صفقة في غزة
  • الصين تهاجم بايدن بعد مساعدات لتايوان
  • خلاف رئيسي يُعيق التقدم حاليًا في صفقة تبادل الأسرى