التلفيق الاعلامي الإسرائيلي لقضية السود في إسرائيل
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
التلفيق الاعلامي الإسرائيلي لقضية السود في إسرائيل
في مجتمعات الاستعمار الاستيطاني ، تتباين الثقافات الفرعية لمكونات هذه المجتمعات القهرية، وهو الحال ذاته في إسرائيل.
الطبيعي في ظل التمييز العنصري ان يحتقن مجتمع السود في باطن المجتمع الاستيطاني الإسرائيلي، وأن ينفجر بوجه هذا التمييز في أرض "الميعاد" المزيف.
ليس من الذكاء اختصار الصورة بانها بين "أنصار أسياس افورقي وبين معارضيه"، وقد يُفهم ان يلجأ معارضوه لإسرائيل، لكن ما معنى لجوء انصاره بهذا الزخم لاسرائيل؟
الرواية الإسرائيلية تقدم المظاهرات الأخيرة لليهود الإريتريين كصراع بين أنصار الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ومعارضيه، ولما تدخلت الشرطة الإسرائيلية اصطدم المتظاهرون بها.
تحاول الرواية الإسرائيلية إبعاد "التمييز العنصري" عن "الديمقراطية الوحيدة بالشرق الاوسط" وأن الامر صراع بين إريتريين، لا تستقيم وسجل العلاقة بين أجهزة الأمن والسود في إسرائيل.
* * *
ككل مجتمعات الاستعمار الاستيطاني ، تتباين الثقافات الفرعية لمكونات هذه المجتمعات القهرية ، وهو الحال ذاته في اسرائيل، ولن اتوقف عند الثقافات الفرعية كلها( عرب-يهود- سفارديم -اشكناز – حريديم – روس -المان و...الخ).
بل سأتوقف عند مجتمع السود في اسرائيل، والذي كانوا موضع عناية وسائل الاعلام الدولية في الايام الاخيرة بسبب المظاهرات والاصطدام مع الشرطة ووقوع اصابات تفوق المعدل المعتاد في مظاهرات اسرائيل.
تتضارب أعداد السود في اسرائيل بشكل كبير، لكن الرقم الاقرب الى التداول هو ما بين 200 الى 220 الف اسود ، وهم يتوزعون على 3 مجموعات هي:
أ- العبرانيون السود: وهم اليهود السود الذين جاءوا من الولايات المتحدة في ستينات القرن الماضي في معظمهم ويقدر عددهم بحوالي 25 الف نسمة.
ب- اليهود الأفارقة وأغلبهم من أثيوبيا، وهم الذين جاءوا في فترة الثمانينات بتسهيلات ساهم فيها الرئيس السودان الاسبق جعفر النميري، وعددهم يقارب 155 الف نسمة.
ت- اللاجئون الأفارقة السود: وهم ليسوا يهودا ،واغلبهم من طالبي اللجوء او الباحثين عن العمل ، وأغلبهم من إريتريا ومن جنوب السودان، وقد عبر اغلبهم من افريقيا الى فلسطين المحتلة عبر صحراء سيناء خلال فترة 2012-2014، اثناء الاضطرابات في مصر.
وساعدهم بدو سيناء في العبور، ثم تقلص عبورهم بعد أن أكملت مصر واسرائيل بناء حاجز طولة 230 كم عام 2015 على الخط الفاصل بين سيناء وفلسطين المحتلة. ويبلغ عددهم ما بين 30-40 الف ويقيم اغلبهم في تل ابيب وميناء ايلات.
اليهودي الأبيض واليهودي الأسود
حاولت الرواية الاسرائيلية ان تقدم المظاهرات الأخيرة لليهود الإريتريين على انها صراع بين انصار الرئيس الإرتري أسياس أفورقي، (يحكم منذ 1993، (وهم اصحاب الراية الحمراء) وبين معارضيه (اصحاب الراية الزرقاء)، وعندما تدخلت الشرطة الاسرائيلية اصطدم المتظاهرون معها .
هذه الرواية التي تنطوي على محاولة ابعاد "التمييز العنصري" عن "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"، وان الامر ليس الا صراعا بين الإريتريين ، لا تستقيم وسجل العلاقة بين الاجهزة الامنية الاسرائيلية والسود على اختلاف منابتهم وأصولهم في اسرائيل، ويكفي التذكير بما يلي:
أ- تشكيك الدوائر الدينية اليهودية في يهودية العبرانيين السود القادمين من امريكا في الستينات
ب- رفض تبرعات الدم التي قدمها اليهود السود بخاصة الاثيوبيين لبنوك الدم الاسرائيلية بحجة "التلوث" عام 1996 والذي فجر اضطرابات بهذا الخصوص.
ت- في مظاهرات السود عام 2012 وصفهم نيتنياهو بانهم " اغرقوا الدولة ويهددون النسيج الاجتماعي للمجتمع الاسرائيلي"
ث- في مواجهات متجددة مع اليهود السود الاثيوبيين عام 2019 وصفهم عضو الكنيسيت الاسرائيلي ميري ريغيف (Miri Regev ) بان هؤلاء السود "سرطان في الجسد الاسرائيلي"، بينما وصفهم الحاخام اسحق يوسيف بانهم "قردة".
ج- التعقيدات الادارية المنهكة للاسود المهاجر لاسرائيل ، فطبقا للقانون الاسرائيلي على الاسود ان يجدد اقامته كل 3 شهور والا يوضع في الحجز الى حين ايجاد طريقة لترحيله، وهو ما اعاد نيتنياهو هذه الايام تكراره من ضرورة ترحيل كل الذين شاركوا في مظاهرات العنف خلال اليومين الماضيين من السود.
ح- عند النظر في احصاءات العنف في المجتمع الاسرائيلي طبقا للمصادر الاسرائيلية يتبين ان نسبة السود وهي حوالي 1.5% من المجتمع الاسرائيلي ، يعانون من تمييز ابرز ملامحه تظهر في المؤشرات التالية :
1- - ضحايا العنف منهم هي الاعلى وتصل الى 320% قياسا لنسبتهم السكانية مقابل 223% بين العرب الفلسطينيين و 160% بين اليهود الروس و 53% بين بقية اليهود
2- نسبة السجناء منهم الى نسبة عددهم السكاني تصل الى 760%
3- 40% من الجنود السود في الجيش الاسرائيلي تعرضوا للسجن.
4- اقتصاديا، يشكل دخل اليهودي الاسود مقارنة بدخل اليهودي الأبيض اقل من 20%.
5- الفارق في المستوى التعليمي بين اليهودي الابيض واليهود الاسود هو 18% لصالح الابيض.
ماذا يعني ذلك؟
من الطبيعي في ظل هذا التمييز العنصري ان يحتقن مجتمع السود في باطن المجتمع الاسرائيلي،وان ينفجر في وجه هذا التمييز في "أرض الميعاد" المزيفة، وليس من الذكاء اختصار الصورة بانها بين "أنصار أسياس افورقي وبين معارضيه"، وقد يُفهم ان يلجأ معارضوه لإسرائيل، ولكن ما معنى ان يلجأ انصاره وبهذا الزخم لاسرائيل؟
*د. وليد عبد الحي أستاذ العلاقات الدولية، باحث في الاستشراف والمستقبليات
المصدر | facebook.com/walid.abdulhayالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل العنف إريتريا الاستعمار الاستيطان التمييز العنصري أسياس أفورقي التمییز العنصری فی إسرائیل فی اسرائیل السود فی
إقرأ أيضاً:
اسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة وتشن هجمات وتمنع دخول المساعدات الى غزة
غزة"الأراضي الفلسطينية المحتلة"وكالات":
أوقفت إسرائيل دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة اليوم في وقت تتصاعد فيه أزمة تواجه اتفاق وقف إطلاق النارالذي أوقف القتال على مدى ستة أسابيع ودعت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الوسطاء القطريين والمصريين للتدخل.
وفيما انتهت السبت المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار الذي بدأ سريانه في 19 يناير، أعلنت إسرائيل دعمها لمقترح أميركي لتمديد الهدنة حتى منتصف أبريل.
وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان أن "إسرائيل تعتمد خطة المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف لوقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان" الذي ينتهي في نهاية مارس .وأضاف أن إسرائيل مستعدة للبدء "فورا" بمفاوضات حول "تفاصيل خطة ويتكوف" مع حماس.
في المقابل، تصر حماس على انطلاق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار التي من شأنها وضع حد للحرب في قطاع غزة، مشيرة اليوم إلى أن "الاحتلال يتنصل بشكل متكرر من الاتفاقات التي وقع عليها".
وتقول حماس إنها ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار الأصلي الذي يتضمن الانتقال لمرحلة ثانية مع مفاوضات تهدف إلى إنهاء الحرب ورفضت فكرة التمديد المؤقت.
وصباح اليوم، أعلن مكتب نتانياهو في بيان "اعتبارا من صباح (الأحد)، تعليق دخول السلع والإمدادات إلى قطاع غزة".
وأضاف البيان "إسرائيل لن تقبل بوقف إطلاق النار من دون إطلاق سراح أسراها ، إذا استمرت حماس في رفضها، ستكون هناك عواقب أخرى".
من جهته، كتب المتحدث باسم مكتب نتانياهو، عومر دوستري عبر حسابه على منصة إكس "لم تدخل أي شاحنات إلى غزة هذا الصباح"اليوم"، ولن تدخل في هذه المرحلة".
ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اليوم التحذيرات من خطر وقوع مجاعة في غزة بأنها "كذبة" بعدما علّقت حكومته دخول المساعدات.
من جانبها، وصفت حركة حماس قرار إسرائيل بأنه "ابتزاز" و"جريمة حرب" تخالف اتفاق وقف إطلاق النار.
ودعت حماس الوسطاء والمجتمع الدولي للتحرك والضغط على "الاحتلال ووقف إجراءاته العقابية وغير الأخلاقية بحق أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة".
وأضافت "ندعو الوسطاء إلى الضغط على الاحتلال لتنفيذ التزاماته بموجب الاتفاق، بجميع مراحله... السبيل الوحيد لاستعادة أسرى الاحتلال هو الالتزام بالاتفاق، والدخول الفوري في مفاوضات بدء المرحلة الثانية والتزام الاحتلال بتنفيذ تعهداته".
وقال سامي أبو زهري القيادي الكبير في حماس "هذا القرار يعقد الأمور ويؤثر على مسار التفاوض وحماس لا تستجيب للضغوط".
وفي وقت لاحق اليوم، قال مسؤولون إسرائيليون إن وفدا سيصل إلى القاهرة فيما بدا أنه تحرك لمناقشة سبل للتهدئة والتأكد من استمرار سريان وقف إطلاق النار.
وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم إن المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة انتهت بنجاح لكن المرحلة الثانية ستكون صعبة وتحتاج إلى إرادة سياسية من كل الأطراف.
وقال عبد العاطي في مؤتمر صحفي مشترك مع مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر المتوسط دوبرافكا شويتسا "انتهينا من المرحلة الأولى بنجاح رغم أنه كانت هناك صعوبات كثيرة، لكن بالدور المصري الحيوي، بالتعاون مع أشقائنا في قطر ومع الأصدقاء في الإدارة الأمريكية، نجحنا في تنفيذ المرحلة الأولى رغم ما شهدته من بعض الصعوبات".
وأضاف "علينا الآن أن نتحرك في التفاوض حول المرحلة الثانية.. ستكون صعبة بطبيعة الحال لكن إذا توافرت حسن النية، والإرادة السياسية، فبالتأكيد من الممكن الاتفاق حول المرحلة الثانية والعمل على تنفيذها، وصولا إلى المرحلة الثالثة.. انتهاء إلى استدامة وقف إطلاق النار".
وعلى مدى الأسابيع الستة المنقضية، تبادل الجانبان الاتهامات بشأن انتهاك الاتفاق. لكن على الرغم من تلك الاتهامات المتكررة ظل الاتفاق صامدا وجرى استكمال تبادل الرهائن مقابل المعتقلين حسبما كان مقررا في المرحلة الأولى.
وأبرم الاتفاق بعد حرب مدمّرة اندلعت قبل أكثر من 15 شهرا عقب هجوم حركة حماس الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في السابع من تأكتوبر 2023.وبدأت الهدنة في 19 يناير، وامتدت مرحلتها الأولى 42 يوما وانتهت السبت، وهي واحدة من ثلاث يتضمنها اتفاق وقف النار.
وخلال هذه المرحلة، أفرجت حماس وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة، بينهم ثمانية متوفين. في المقابل، أطلقت إسرائيل سراح نحو 1800 فلسطيني من سجونها من بين 1900 معتقل كان من المفترض الإفراج عنهم.
لكن المحادثات بشأن استمرار الهدنة صعبة، ففيما كان ينص الاتفاق على أن يبدأ التفاوض بشأن المرحلة الثانية خلال المرحلة الأولى، تعرقلت المفاوضات جراء اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق.
وأكدت حركة حماس استعدادها لإعادة كل الرهائن "دفعة واحدة" خلال هذه المرحلة.أما الثالثة فتخصص لإعادة إعمار غزة وهو مشروع ضخم تقدر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 53 مليار دولار.
وفي مؤشر على هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار، قال مسؤولون في قطاع الصحة بغزة إن قصفا إسرائيليا أسفر عن استشهاد أربعة فلسطينيين في هجمات منفصلة في شمال وجنوب قطاع غزة.
وقالت وزارة الصحة في بيان مقتضب "وصل مستشفيات قطاع غزة منذ صباح اليوم 4 شهداء و6 إصابات نتيجة استهدافات الاحتلال في مناطق متعددة بالقطاع".
وكانت الأمم المتحدة حذّرت السبت من أن تجدد الحرب في قطاع غزة سيكون "كارثيا".
وقال حازم قاسم المتحدث باسم حماس أمس السبت إن الحركة رفضت "صيغة" إسرائيل لتمديد المرحلة الأولى.
وخلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، سلمت حماس 33 من الرهائن لإسرائيل، إضافة إلى خمسة تايلانديين في إفراج غير مقرر، مقابل إطلاق إسرائيل لسراح نحو ألفي فلسطيني من سجونها والانسحاب من بعض المواقع في قطاع غزة.
وبموجب الاتفاق الأصلي، من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات على الإفراج عن 59 هم من تبقوا من الرهائن في القطاع والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية منه وإنهاء الحرب.لكن المحادثات لم تبدأ وقالت إسرائيل إن كل الرهائن يجب أن يعودوا ليتوقف القتال.