جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-07@15:35:20 GMT

لن تكسب الحكمة دون ألم

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

لن تكسب الحكمة دون ألم

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

كلما تأملنا في أسرار حياتنا التي نعيشها، وفي طبائع الأشياء، ظهر لنا جليًا أنه كلما امتلكنا رؤية أعمق وأشمل لواقعنا، ظهرت حاجتنا إلى أن لا نثقل كاهلنا أكثر مما تحتمل أنفسنا، نزولا عند قوله تعالى: "لا يُكلّفُ اللّهُ نفسًا إلّا وُسعها"، بمعنى أن الله لا يُطالبنا ولا يُحملنا ما لا يدخل تحت طاقتنا، أو يشق علينا مشقة كبيرة، ولكننا كثيرًا ما نحمّل أنفسنا ما لا تُطيق ونتحسر على الأشياء في حياتنا، ونعبّر عنها آهات ونكتبها قصائد وقصصًا.

فهل يكتب المرء أنفاسه التي تتردد، أو قطرات دمه العابرة في عروقه، أو أقسام روحه الهائمة؟ الذي يتكلم أو يكتب عن الآخرين يكتب ليُعبر عن نفسه، فكيف إذا كان الآخر هو النفس والنفيس والروح الساكنة في الجسد، وعادة ما تبدو الإجابات ذات طابع خيالي، إما مُغرقة في التفاؤل أو على النقيض، إجابات غارقة في السوداوية التي تنظّر لواقع مليء بالمشكلات والأزمات والبؤس، ومقالنا هذا نبدأه بسؤال مفاده هل كسبنا الحكمة لفهم حقيقة واقعنا الذي نعيشه كُلما هبت ريحُ الخطر على قيم مجتمعنا وجماله؟ وكيف يمكن أن يتجرد كل واحد منا من رداء الفردية الزائل ليدخُل معبد الفكر الخالد ويتكلم باسم المجتمع الواحد المُتحد.

الفرد منَّا والمجتمع وجهان لعملة واحدة؛ حيث تعد علاقتنا ببعض علاقة تبادلية بصفة عامة يعتمد فيها كلٌ منَّا على الآخر ونؤثر في بعضنا البعض، وحين يعرض الفرد منَّا نفسه لابتلاءات قاسية فإنه يضع نفسه ومجتمعه على حافة الخطر؛ حيث لا ضمانة لصبره على ما جره لنفسه من البلاء، ولا ضمان لنجاحه في الاختبار الصعب الذي قرر الدخول فيه، وقد نرى ونسمع الكثير الكثير من نكثوا على أعقابهم نتيجة تحميلهم لأنفسهم ما لم يحملهم الله تعالى إياه، وكانت النتيجة أنهم فقدوا الحكمة وانتهوا إلى لا شيء، لا كم ولا كيف، لأنَّ كل شيء نحمله فوق طاقته سنخسره أو نكاد.

خسارتنا لما نحمله فوق طاقته أشكال وألوان، قد تتجلى الخسارة في فقد الشيء وانعدامه، كما لو ضغطنا على كأس زجاج رقيق أكثر من طاقته على الاحتمال فيصبح عدما، وقد تتجلى الخسارة في فقد الوظيفة، والخسارة في بعض الأحيان تأتي في فقد فاعليتنا، وقد تتجسد الخسارة في عدم القدرة على الاستمرار.

 

هذا الألم سيظل موجودًا دائمًا ضمن واقع الحياة المجتمعية، ولكن ماذا عن واقعنا الآن؟ ونحن بصدد سطوة وسائل التواصل الاجتماعي حيث استشراء ظاهرة الرسائل والتغريدات، هل يُشكِّل هذا الفضاء الحيوي الجديد ميدانًا للخسارة والألم؟ أم أن الحكمة ستكون حاضرة تقصي الألم وتطرد الخسارة؟ بحيث تحظى الحكمة بالمكانة والحضور المنشود في فضائنا الافتراضي؛ سواءً على صعيد الموضوع أو الشكل، وعلينا أن نضع نصب أعيننا أننا لا نستطيع اكتساب الحكمة كما لو أنها لغة جديدة نتعلمها، أو على أنها دورة تدريبية بعد أن نجتازها سنجد الحكمة، ولكن هناك منهج سلوك فردي يصبح صاحبه في دائرة المجتمع حكيما تدريجيا، أو على الأقل يستطيع أن يتصرف بشكل يحميه ويحمي مجتمعه من أن يتخذ أي قرار انفعالي خاطئ في ساعة غضب، لكون أن الحكمة تبعده عن اتخاذ أي قرار لم يخضع للدراسة أو التخطيط وتحليل النتائج، والوقوف على السلبيات والإيجابيات، وتساعده الحكمة على تطوير علاقاته الاجتماعية من خلال عدم التسرع أو إطلاق الأحكام على الغير دون البحث في المشكلة، والتماس العذر للآخرين، وذلك في حال صدر خطأ سبب له ألمًا؛ لأن كل ذي حكمة يثق بنفسه وفي الخير الذي يحمله بين يديه، ولكل حكيم مكانة كبيرة وشأن عالٍ، وشعور دائم بالتفاؤل والقدرة لإيجاد الحل المناسب لكل مشكلة أو ألم أو فقد.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قضية رأي عام .. تلفزيون لبنان يمنع مذيعة من الظهور بسبب الحجاب

أثار قرار تلفزيون لبنان، بمنع الإعلامية زينب ياسين من الظهور على شاشته مرتدية الحجاب ردود أفعال واسعة بعد القرار المثير للجدل الذي أغضب قطاع كبير حيث عبر الإعلاميين عن انطباعاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

وأعلنت الإعلامية زينب ياسين، أنها مُنعت من الظهور على الشاشة بسبب الحجاب، في خطوة أعادت فتح النقاش حول حرية المظهر في الإعلام الرسمي، وحدود ما يُعرف بـ"الحياد البصري" داخل المؤسسات الرسمية.

وتوجهت ياسين في استقالتها إلى وزير الإعلام اللبناني بول مرقص، متسائلة عن ما سمته "الوطنية المجتزأة"، ومعتبرة أن المؤسسة "لم تكن وطنية لجميع موظفيها، بل فقط لأولئك الذين لا يرتدون الحجاب".

وتعليقا على هذا الأمر، قالت الصحفية اللبنانية نانسي اللقيس، في منشور لها: "لبنان دولة لكل الناس، والحرية ما بتتجزأ، بس كمان ما لازم تنفهم بمعناها الانتقائي"، داعية في الوقت نفسه إلى مقاربة أكثر واقعية، مشيرة إلى أن زينب كانت على دراية مسبقة بقوانين المؤسسة: "زينب قبلت تشتغل بهالمؤسسة وهي عارفة بهالقواعد... اليوم، لما تفتح الملف من جديد بعد سنة، وتحمّل وزير جديد المسؤولية، هيدا بيطرح علامات استفهام".

وفي السياق نفسه، اعتبرت الصحفية زينب كحيل أن المسألة لا تتعلق فقط بياسين، بل تشمل المحجبات عموماً في المؤسسات الإعلامية، وكتبت: "إذا الوحدة محجبة مسلمة وعم تقوم بشغلها الصحفي، ليه ننحرم من حلم درسناه وحبينا نحققوا؟ عم ننظلم كلنا بهالموضوع ولازم يغيروا هالنظام الفاشل".

مقالات مشابهة

  • إذا كان قد أشبع فارس النور ألف شخص في يوم، فإنه قد قتل واغتصب وجوع ودمر حياة ملايين
  • عون أمام وفد من جامعة الحكمة: التربية والثقافة ركيزتان لبناء الوطن
  • أحمد شوبير: الأهلي بيصرف على نفسه وبيحقق أرباح
  • محافظ مطروح يناقش المواقع المقترحة لتقديم الخدمات العامة لمنطقة شمس الحكمة وحبلة
  • عبدالرحيم نفسه وإخوته ومستشاريه وضباطه كيزان
  • عائلات الأسرى الصهاينة: نتنياهو يسعى لإنقاذ نفسه وهو العقبة أمام إعادة كل الرهائن
  • قضية رأي عام .. تلفزيون لبنان يمنع مذيعة من الظهور بسبب الحجاب
  • شاب يهدد بإلقاء نفسه من برج ضغط عال على الأوتوستراد في المعصرة
  • مازق المثقف في المنفى: بين التماهي والهويات المنقسمة
  • دي بروين ينهي قصته مع مانشستر سيتي بصعوبة على نفسه