هل توسّع إسرائيل "الحملة بين الحروب" إلى لبنان؟
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
رأى الباحث في مجال الاستراتيجية والأمن القومي الإسرائيلي عمر دوستري، أنه لا ينبغي الوثوق بقوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة، كما على إسرائيل ألا تستمر في التغاضي عن استفزازات التنظيم، وإنما شن "حملة بين الحروب" في لبنان أيضاً.
قال دوستري في مقال بموقع "ماكور ريشون" الإسرائيلي، إنه تم تصوير الموافقة على قرار مجلس الأمن الدولي بتمديد مهمة قوات اليونيفيل في لبنان على أنه إنجاز سياسي ودبلوماسي لإسرائيل، وذلك في ضوء إضافة مجلس الأمن بنداً إلى الاتفاق يسمح بحرية الحركة لقوات حفظ السلام في لبنان ويتيح لها القيام بدوريات في كل منطقة جنوب لبنان لا في المنطقة الحدودية فحسب.
أضاف الكاتب، أنه من وجهة النظر الإسرائيلية يعد ذلك الأمر تحركاً دبلوماسياً وسياسياً ناجحاً، حيث إن فرنسا عارضت إضافة هذا البند رغبة منها في إعطاء الحكومة اللبنانية فرصة للترويج للمبادرة الفرنسية للحل السياسي في لبنان وتسوية النزاع والتوصل إلى توافق وطني بشأن انتخاب رئيس للبلاد.
ברקע ההסלמה הביטחונית | נסראללה נפגש עם מנהיג הג'יהאד האיסלאמי וסגן מנהיג החמאס אל-עארורי להערכת מצב. חיזבאללה: "ביצענו הערכת מצב ודיברנו על האיומים של ישראל"#חדשותהשבת @HaimOmri pic.twitter.com/jxP6Lphc82
— כאן חדשות (@kann_news) September 2, 2023
حجة لحزب الله
ولكن الكاتب لفت إلى وجوب تخفيف الحماسة في الجانب الإسرائيلي، موضحاً: "أولاً بما أن القرار فيه إشارة عامة إلى أن اليونيفيل تعمل بالتنسيق مع الجيش اللبناني (حتى لو قيل إنه مسموح لها القيام بدوريات مستقلة)، فإن هناك عذراً للجيش اللبناني وحزب الله للتصرف بشكل مستقل".
هل تعمل قوات حفظ السلام
أما عن الأمر الثاني، فقال إنه على إسرائيل ألا تثق في قوات حفظ السلام، وألا تتوقع منها القيام بالمهمة نيابة عنها في جنوب لبنان، مشيراً إلى أنه في مرات عديدة لا تتحرك قوات حفظ السلام كما يجب، على غرار ما حدث مثلاً مع اندلاع أحداث الثورات العربية في سوريا. ولفت إلى أن قوات اليونيفيل تعمل في لبنان منذ أكثر من عقد، وخلال هذه الفترة عزز حزب الله نفسه حتى امتلك حوالي 200 ألف صاروخ، وعشرات الصواريخ الدقيقة.
استفزازات حزب الله
وتأتي الموافقة على تمديد تفويض قوات اليونيفيل في مجلس الأمن الدولي على خلفية التوترات المستمرة في الشمال بين إسرائيل وحزب الله. فمنذ بداية عام 2023، نفذ حزب الله عدداً من الاستفزازات والإجراءات الغامضة ضد إسرائيل، مثل تفجير قنبلة عند مفترق مجدو، والموافقة على إطلاق 34 صاروخاً من قبل نشطاء حماس في لبنان، وإطلاق صاروخ مضاد للدبابات باتجاه إسرائيل، ونصب مسلحين من حزب الله خيماً في المنطقة الحدودية، ومحاولات متكررة لتدمير السياج الحدودي والتسلل إلى الجانب الإسرائيلي.
جرأة
وقال الكاتب إنه يمكن إرجاع جرأة حزب الله المتزايدة إلى التآكل المستمر للردع الإسرائيلي، نتيجة لعدد من المتغيرات، أولها أن اتفاق الحدود البحرية الموقع بين إسرائيل ولبنان تم في ظل ضغوط واضحة من جانب حزب الله الذي هدد بإجراء عسكري ضد إسرائيل إذا بدأت بالتنقيب عن الغاز من حقل "كاريش" قبل التوقيع، وفي الوقت نفسه، أرسل "حزب الله" ثلاث طائرات مسيرة نحو حقل غاز إسرائيلي في 2 يوليو (تموز) 2022.
وتابع: "حتى لو كان ممكناً مناقشة مضمون الاتفاق ، فإن الموافقة عليه في وقت يهدد حزب الله إسرائيل كان خطأ فادحاً من وجهة النظر الإسرائيلية"، لافتاً إلى أن تلك التهديدات عززت قوة الحزب على الساحة اللبنانية الداخلية.
بالإضافة إلى ذلك، لم ترد إسرائيل على معظم الاستفزازات والإجراءات التي اتخذها حزب الله ضدها في العام الماضي، بما في ذلك إقامة الخيمة في المنطقة الحدودية وهجوم مجدو. ورأى الكاتب أن "هذا الواقع أضعف بشكل كبير قوة الردع ضد حزب الله ".
הסכם הגבול הימי עם לבנון ישוחזר ביבשה? בישראל אותתו: "אין טעם כל עוד חיזבאללה מייצר פרובוקציות"https://t.co/WuXvX9xPWe pic.twitter.com/Y4q6hQAt7l
— ynet עדכוני (@ynetalerts) September 2, 2023
لا مصلحة في التصعيد
أضاف الكاتب أنه لا مصلحة لإسرائيل حالياً في تصعيد الوضع في الشمال والذهاب إلى الحرب ضد حزب الله في لبنان، لأن إسرائيل تواجه تحديات سياسية وأمنية، مثل رأب الصدع والانقسامات في المجتمع الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع، وتعميق وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، فضلاً عن التعامل مع التهديد الإيراني، بما في ذلك الاتفاق النووي وما تبين أنه اتفاق سري مؤقت بين الولايات المتحدة وإيران.
تفعيل الحملة بين الحروب
وأوصى الكاتب أنه يتعين على إسرائيل أن تعزز قوة الردع ضد حزب الله، لذلك لابد من إيجاد حل وسط وتفعيل الحملة بين الحروب في لبنان أيضاً، تماماً كما تفعل إسرائيل في سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط، وهذا بسرية تامة وغموض من أجل منع الحزب من القيام برد فعل بقدر الإمكان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني حزب الله الجيش الإسرائيلي إسرائيل اليونيفيل قوات حفظ السلام قوات الیونیفیل بین الحروب فی لبنان حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف سيخرج لبنان من الحرب مع إسرائيل؟
واقع قاتم يعيشه لبنان مع تحوله إلى نقطة محورية لحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران، يلعب فيها حزب الله دوراً مركزياً. وتعكس الدعوة العلنية التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، للمواطنين اللبنانيين لتحدي حزب الله المخاطر العالية المترتبة على هذا الصراع المتصاعد، وفق مديرة مركز مالكولم كير في كارنيغي الشرق الأوسط، مهى يحيى.
يواصل جيل أصغر من القادة، مدفوعاً بالحماسة الإيديولوجية، دعم طموحات حزب الله الإقليمية
وتضيف في مقالها المطول بموقع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية: على النقيض من ذلك، فإن تورط إيران المتزايد من خلال حزب الله يؤكد طموحاتها الإقليمية الأوسع نطاقاً. وفي خضم هذا الشد والجذب، يعاني لبنان بشكل كبير، سواء كساحة معركة أو كرمز لمنافسات أيديولوجية واستراتيجية أكبر في الشرق الأوسط. الأزمات التي تشل الحياة في لبنانويذكر أنه قبل وقت طويل من اندلاع أعمال العنف الأخيرة، كان لبنان يعاني بالفعل من أزمات متشابكة، على رأسها الانهيار الاقتصادي، حيث أدى الانهيار المالي في لبنان إلى تقليص الطبقة المتوسطة، مما دفع معدلات الفقر من 12% في عام 2012 إلى ما يقدر بنحو 44% بحلول عام 2022.
ويواجه لبنان، الذي يعد بالفعل أحد أكثر بلدان العالم مديونية، دماراً اقتصادياً جديداً، حيث يتنبأ البنك الدولي بأن يؤدي الصراع المستمر إلى خسائر اقتصادية مباشرة تبلغ 8.5 مليار دولار. كما حدث عجز في القطاع الزراعي، الذي يساهم بشكل كبير في الدخول الريفية، بسبب العنف الدائر.
Israeli strikes pounded parts of Beirut's southern suburbs on Tuesday, a day after eight people were killed, according to the authorities. Strikes from Lebanon killed two people in northern Israel on Tuesday, the Israeli authorities said. https://t.co/0Wbhye436Z pic.twitter.com/UGwZzoDzN4
— The New York Times (@nytimes) November 12, 2024ويعاني لبنان أيضاً من جمود سياسي؛ فقد أدى فشل لبنان الطويل الأمد في انتخاب رئيس إلى جعل حكومته غير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة، كما تعمل الانقسامات الطائفية العميقة بين النخبة الحاكمة على إدامة الخلل الوظيفي.
كما يعاني النسيج الاجتماعي في لبنان من انقسام شديد، وتفاقمت الانقسامات الطائفية بعد استهداف القوات الإسرائيلية معاقل حزب الله في المناطق ذات الأغلبية الشيعية؛ فالبعض يرى أن حزب الله يدافع عن لبنان والبعض الآخر يتشكك في ذلك ويطالب بنزع سلاحه والانخراط في العملية السياسية فحسب؛ ويؤدي هذا التفاوت في الآراء إلى تعميق الاستياء وتأجيج المظالم القائمة بين الطوائف الدينية في لبنان.
وتناولت الكاتبة الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب جنوب لبنان ووصفتها بالصادمة. على صعيد الخسائر البشرية، فقد أكثر من 3481 شخصاً حياتهم، وأصيب 14786 شخصاً، وتشرد 1.2 مليون شخص، وهو ما يرسم صورة قاتمة للدمار الذي حل بلبنان. ويعيش أغلب النازحين في ظروف مزرية، مع مأوى غير ملائم ومساعدات إنسانية غير كافية.
وبالنسبة للبنية الأساسية، دمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة البلدات والمدن في جنوب لبنان، حيث أفادت تقارير باستخدام قذائف الفوسفور الأبيض التي لا تدمر الأرواح والمنازل فحسب، بل تخلق أيضاً مخاطر بيئية تهدد جهود التعافي على المدى الطويل.
The proxy war between Iran and Israel has come to Lebanon “at perhaps the worst possible moment,” writes @mahamyahya. To prevent a new era of conflict and unrest, Lebanon’s political parties must act quickly to stabilize their country’s institutions. https://t.co/Ti1LyE5FG8
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) November 21, 2024أما من ناحية التأثير الاقتصادي على العمالة والناتج المحلي الإجمالي، فَقَدَ أكثر من 166 ألف شخص وظائفهم، ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنسبة 9%. وتواجه البلاد مستقبلاً اقتصادياً قاتماً مع شلل السياحة والزراعة والصناعات المصرفية.
حالة حزب الله وخلّفت الحرب خسائر فادحة في حزب الله، سواء على المستوى المادي أو السياسي. ودمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية 80% من ترسانة حزب الله بالقرب من الحدود الجنوبية، في حين قُتل كبار القادة، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله.وعدّت الكاتبة هذه التطورات تحولاً حاسماً في القدرات العملياتية لحزب الله. ومع ذلك، ورغم هذه الخسائر، ما يزال حزب الله يتمتع بنفوذه، مع تدخل إيران لإعادة تنظيم صفوفه. ويواصل جيل أصغر من القادة، مدفوعاً بالحماسة الإيديولوجية، دعم طموحات حزب الله الإقليمية.
خطوات نحو الاستقرار: الحوار والإصلاح
وقالت الكاتبة إن تعافي لبنان يتوقف على تضافر الجهود لمعالجة قضاياه العميقة الجذور؛ فالحوار الوطني، الذي يشمل جميع الفصائل، أمر ضروري. وتشمل الأولويات الرئيسية: أولاً: استراتيجية الدفاع الوطني؛ فتنفيذ اتفاق الطائف وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بدمج قوات حزب الله في القوات المسلحة اللبنانية أمر بالغ الأهمية لتعزيز سيطرة الدولة.
ثانياً: القيادة السياسية؛ فانتخاب رئيس وتشكيل حكومة طوارئ سيمهد الطريق للإصلاحات المؤسسية والتعافي الاقتصادي.
ثالثاً: التماسك الاجتماعي؛ فإعادة بناء الثقة بين المجتمعات اللبنانية؛ أمر حيوي لتجنب المزيد من الصراعات الطائفية واستعادة الاستقرار.
دور المجتمع الدوليوأضافت الكاتبة أن الدعم الخارجي أمر بالغ الأهمية لبقاء لبنان، وأكدت الكاتبة ضرورة توسط المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار بالضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية في لبنان مع إشراك إيران دبلوماسياً للحد من عمليات حزب الله؛ وتعزيز مؤسسات الدولة عن طريق تمكين الجيش اللبناني عبر المساعدات العسكرية للعمل كقوة موحدة، والحد من نفوذ حزب الله؛ والمساهمة في جهود إعادة الإعمار لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في لبنان بالشفافية والمساءلة لضمان الاستخدام الفعال.
مخاطر عدم الاستقرار ومضت الكاتبة بالقول: إذا استمر الصراع، فإن لبنان يخاطر بالانزلاق إلى مزيد من الفوضى. وقد ينهار التوازن الدقيق بين مجموعاته الطائفية، مما يؤدي إلى إبطال عقود من التعايش الهش. وقد تستغل القوى الإقليمية، بما في ذلك إيران وإسرائيل، عدم استقرار لبنان لتحقيق أجنداتها، وتحويل البلاد إلى ساحة معركة طويلة الأمد.من هنا، تؤكد الكاتبة الحاجة الملحة للإصلاح والمصالحة في لبنان. فبدون اتخاذ إجراءات حاسمة في هذا الصدد، ستواجه البلاد مستقبلاً غير مؤكد، مشوهاً بالدمار الاقتصادي والخلل السياسي، مع احتمال تجدد الاضطرابات المدنية.
وشددت الكاتبة على أن الجهد التعاوني الذي يشمل القادة اللبنانيين والمجتمع الدولي هو السبيل الوحيد للبنان نحو الاستقرار والتعافي.