في المقال السَّابق تطرَّقنا إلى مفاهيم عِلْم الفلك وعلاقته بفنِّ التنجيم وحركة الأبراج وتأثيرها على صحَّة وسلوك وشخصيَّة الإنسان.. ومقالنا اليوم نحاول بشكلٍ مختصر وسردي أن نوضحَ ما علاقة فنِّ الدبلوماسيَّة بعِلْم الفلك وفنِّ التنجيم؟ وهل بعض السَّاسة على مختلف مُسمَّياتهم والدبلوماسيون وكبار الشخصيَّات.

. وغيرهم يعتمدون على عِلْم الفلك والتنجيم في خططهم الاستراتيجيَّة والتكتيكيَّة؟
أثرت الحضارة الإسلاميَّة على نظريَّات عِلْم الفلك الكثير، وأبدع المُسلِمون في الحسابات الفلكيَّة والتقويم الهجري، حيث قال تعالى في سورة التوبة:)إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ…)، وقال تعالى:(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) (الصافات ـ 6)، وتفنَّن علماء العرب بعلوم الأبراج وتأثيرها على صحَّة الإنسان وسلوكه، مستندين للحديث النبوي حيث قالَ رسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم):(إِذا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثًا، فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبعَ عَشْرَةَ، وخَمْسَ عَشْرَةَ) (رواه الترمِذيُّ)؛ والسؤال هنا: لماذا اختار الرسول الكريم هذه الأيَّام ولَمْ يختَر الأسبوع الأوَّل أو الأسابيع الأخرى؟ وما تأثيرها على صحَّة الإنسان ومستقبله؟ أثبتت الدراسات البحثيَّة الطبيَّة في أوروبا بأنَّ الأيَّام المقمرة يظهر تصرُّف غير طبيعي على بعض النَّاس، حيث مزاجهم متعكِّر عصبيون أكثر من المعتاد، حسَّاسون لكُلِّ صغيرة وكبيرة… وكذلك شدَّد علماء النَّفْس الاجتماعي على عدم اتِّخاذ قرارات استراتيجيَّة في هذه الفترة، وذلك لوجود السَّاعة البيولوجيَّة بشدِّها في هذه التوقيتات، لذلك المُسلِمون نصحوا بعمل الحجامة بهذه التوقيتات؛ لأنَّها مثاليَّة لتنظيف الجسم من السموم.
بدأ المُنجِّمون مستندين إلى عِلْم الفلك بدراسة تأثير القمر والأجرام السماويَّة القريبة من الأرض على صحَّة وسلوك وشخصيَّة ومستقبل الإنسان، وأوضحوا بأنَّ التشكيلات الظاهريَّة النجميَّة لهذه الأبراج تتكوَّنُ من نجوم متباعدة بمسافات كارثيَّة وليست قريبة كما نراها. وتوسَّع المُنجِّمون بموضوع الأبراج وتسمياتها استنادًا إلى تاريخ الميلاد، وبدأوا يفتحون أبواب السِّياسيِّين ورجال الأعمال لغرض الثراء والمكانة الاجتماعيَّة، وفعلًا نجح بعضٌ مِنْهم لإتقانهم المهنة بشكلٍ كبير.
بدأت بعض المدارس الدبلوماسيَّة تُروِّج كثيرًا لعِلْم الفلك وفنِّ التنجيم بخصوص الاستقصاء والتنبُّؤ بالأحداث استنادًا إلى تحليل المستجدَّات الواقعة على الأرض بفعل حركة الكواكب والأجرام السماويَّة وتأثيرها على عقليَّة وسلوك وحياة البَشَر. ونصحوا كبار مسؤوليهم بالاستشارة من المُنجِّمين الموظفين لدَيْهم تحت مظلَّة قِسم الفلك و(الباراسيكولوجي)، وبدأ الدبلوماسيون من كبار الشخصيَّات بتقديم المشورة لهرم الدولة بهذه الاستشارات لأهمِّيتها، حيث بدأ كثير من الرؤساء وكبار الشخصيَّات بدخول عالَم التنبؤات وفنِّ التنجيم.
وإذا ما انتقلنا إلى وضع بعض البُلدان ورئاستها فإنَّه لا يُمكِننا إغفال دَوْر الاستخبارات والمستشارين في (الباراسيكولوجي) والمُنجِّمين ومراكز الأبحاث في دراسة السِّياسات في العالَم، إلَّا أنَّ يدًا خفيَّة لا تزال تتدخل وتتنبَّأ لإحداث تغيير على مستوى محلِّي أو إقليمي أو دولي ألا وهي حركة الأبراج والكواكب والأجرام السماويَّة.
تخبرنا الوثائق بأنَّ اجتماعات الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريجان، لَمْ تكُنْ مرهونة فقط بجدول زمني مكتبي، بل بتنبُّؤات المُنجِّمين الذين كان لَهُم الأثر في يوميَّات البيت الأبيض (وربَّما إلى الآن) حتَّى زوجته نانسي على إيمان مطلق بدَوْر التنجيم في تسيير بعض الشؤون الحياتيَّة للرئاسة الأميركيَّة ـ آنذاك. ريجان الذي اعترف بأنَّه لا يذهب إلى اجتماع أو قمَّة من دُونِ تعويذات أو تنبُّؤات من المُنجِّمة المشهورة ـ آنذاك ـ جوان كويجلي. وقصَّة أخرى حَوْلَ تاريخ الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران تذْكُر أنَّ المُنجِّمة إليزابيث تيسييه كانت من كبار مستشاري الإليزيه وميتران شخصيًّا الذي كان يستشيرها بأُمور الدولة، ويُشاع أيضًا أن تشرشل يأخذ بآراء وتنبُّؤات العرَّافين.
وقَدْ كوَّنت إشارات هؤلاء العرَّافين نقاطًا ترتسم خلالها خيوط لعبة القرار السِّياسي أو الدبلوماسي بقراءة طالع الرئيس والوزير والسِّياسي ورجُل الاقتصاد. ولا يقتصر هذا على مشورة بخطَّة سياسيَّة، بل لربَّما تعدَّاه إلى قرارات توثيق العلاقات السِّياسيَّة أو قطع العلاقات الدبلوماسيَّة أو تقليل التمثيل الدبلوماسي.
وهنا تؤدِّي القنوات الإعلاميَّة ووسائل الاتِّصال الجماهيري والدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة دَوْرًا مُهمًّا في نشر آراء المُنجِّمين من خلال استضافتهم في القنوات الإعلاميَّة على مختلف أنواعها من خلال ذرِّ الرَّماد في العيون لِتربطَ فنَّ الدبلوماسيَّة بعِلْم الفلك وفنِّ التنجيم وتكُونَ حركة بعض الدبلوماسيِّين وكبار الشخصيَّات مرتبطة بالمُنجِّمين والعرَّافيين حتَّى بعض من الرؤساء العرب يستعينون بهم في تحرُّكاتهم وقراراتهم.
وفي الختام؛ المستقبل لا يعرفه إلَّا الله سبحانه وتعالى، ولكن لا يزال هناك أشخاص يبنون علاقاتهم مع الآخرين بحسب أبراجهم، ولو كان هذا البرج لا يتناسب عاطفيًّا أو ماليًّا أو عمليًّا مع البرج الآخر فإنَّ المؤمن بالأبراج يقرِّر ما سيتَّخذه بخصوص هذا الشخص صاحب البرج الناري، المائي، الهوائي، الترابي.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ع ل م الفلک على صح

إقرأ أيضاً:

المتحدث باسم الأمم المتحدة: الدبلوماسية هي أفضل طريقة للتعامل مع إيران

يمن مونيتور/قسم الأخبار

رحبت الأمم المتحدة بـ”الجهود الدبلوماسية” إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توجيهه رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، أعرب فيها عن رغبته بالتفاوض حول الملف النووي الإيراني.

وأوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان للصحفيين مساء الجمعة، أن “الدبلوماسية هي أفضل طريقة للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني”.

وقال دوجاريك، بشأن أسئلة حول رسالة ترامب إلى المرشد الإيراني حول المفاوضات النووية: “اطلعنا على تقارير تفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إنه بعث رسالة إلى قائد الثورة الاسلامية آية الله الخامنئي اقترح فيها التفاوض على اتفاق نووي جديد مع إيران”.

وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة: “من حيث المبدأ، فإننا نؤكد أن الدبلوماسية هي أفضل وسيلة لضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني. وفي هذا الصدد، نرحب بكل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق هذا الهدف”.

يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد أعلن سابقا أنه أرسل رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وأضاف أنه يفضل عقد صفقة مع طهران حول البرنامج النووي الإيراني بدلا من محاولة حل القضية النووية الإيرانية بالوسائل العسكرية.

وفي مطلع شهر فبراير الماضي وقع ترامب على مذكرة حول استعادة سياسة “الضغوط القصوى” تجاه إيران، والتي تشمل محاولات لخفض صادراتها النفطية إلى الصفر بغية منعها من امتلاك سلاح نووي.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن سياسة الضغوط القصوى التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، هي تجربة فاشلة.

هذا وأوضح المرشد الإيراني علي خامنئي أن التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية “ليس عقلانيا وبعيدا عن العزة”، مشيرا إلى أن التجربة السابقة أثبتت أن التفاوض لا يؤثر في حل مشاكل البلاد.

المصدر: “economic times”

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • بريطانيا تردّ على اتهامات روسيا بـ "التجسس الدبلوماسي"
  • بعلم الفلك..إليك موعد عيد الفطر المتوقع
  • سعد: على الحكومة أن تدرك أن الدبلوماسية وحدها لن تزيل الاحتلال
  • الدبلوماسية المصرية
  • ميشال عيسى.. من عالم المال والسيارات إلى الدبلوماسية الأميركية في لبنان
  • رجل يتسلق برج بيغ بن في لندن ويلوح بعلم فلسطين.. فيديو
  • بكين تؤكد مسارات الدبلوماسية الصينية وترفع شعار "مجتمع المستقبل المشترك للبشرية"
  • بالفيديو والصور.. رجل يتسلق برج بيج بن في لندن ويلوح بعلم فلسطين
  • المتحدث باسم الأمم المتحدة: الدبلوماسية هي أفضل طريقة للتعامل مع إيران
  • معهد فلسطين للأمن: الدبلوماسية المصرية تقود جهودًا مضنية لإنجاح خطة إعمار غزة