في عام 1925، أثار كتاب الشيخ علي عبد الرازق بعنوان "الإسلام وأصول الحكم" جدلاً واسعًا، حيث دعا فيه إلى فصل الدين عن السياسة وأبدى آراؤه في دور الإسلام في الخلافة، هذا التصريح أدى إلى إقالة عبد العزيز فهمي من وزارة الأوقاف بأمر من الملك فؤاد في 5 سبتمبر من نفس العام، فلماذا اتخذ الملك فؤاد هذا القرار؟.

نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم

تبدأ القصة عندما نشر الشيخ علي عبد الرازق كتابه، الذي دعا فيه إلى فصل الدين عن السياسة، و كان الأزهر يرد على الكتاب بكتاب آخر بعنوان "نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم"، وذلك لإرضاء الملك فؤاد، و هذا الحدث كان بداية للعداء بين الشيخ علي عبد الرازق والأزهر.

عندما اندلعت الغضبة بسبب الكتاب، قررت هيئة كبار العلماء سحب للشهادة العلمية من الشيخ علي عبد الرازق وطرده من جميع المناصب التي يشغلها بسبب عدم كفاءته لأداء أي وظيفة دينية أو مدنية.

الملكة فريدة.. الملك فاروق حرم زواجها وعاشت على بيع اللوحات وأموال التبرعات المركز القومي للسينما يقيم عروض نادي السينما المستقلة.. السبت إستقالة عبد العزيز باشا

ومع ذلك، قام عبد العزيز فهمي بالوقوف إلى جانب الأحرار الدستوريين ضد هذا القرار، عندما أرسل شيخ الأزهر قرار الاستبعاد لعبد العزيز فهمي باشا، وزير العدل في ذلك الوقت، للحصول على تصديقه، رفضه وكتب قائلاً: "قرأت هذا الكتاب مرة أخرى ولم أجد فيه أي فكرة يمكن انتقادها لمؤلفه"، وأضاف: "أعتبر من الواجب علي أن لا أنفذ هذا الحكم الباطل، الذي صدر عن هيئة غير مختصة بالقضاء، وأن لا أُحاكَمَ في جرم الخطأ في الرأي لعالم مسلم يشهد بالإسلام. فكل ما في الأمر هو أن من يتهمونه يفسرون أقواله ويُنتجون منها اتهامات لا أساس لها من الحق".

عندما علم الملك فؤاد بموقف عبد العزيز فهمي، غضب بشدة، وانتهى الأمر باستقالة عبد العزيز باشا فهمي وثلاثة وزراء آخرين: محمد علي علوبة وتوفيق دوس وإسماعيل صدقي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: كتاب الملك فاروق عبد العزيز فهمي وزارة الأوقاف الحكم الخلافة الملک فؤاد

إقرأ أيضاً:

في مئـويّـة «الإسـلام وأصـول الحكـم»: الكــتابُ القـضيّـة

لم تُـغـيِّـر المائـةُ عـامٍ التي تـفصلـنا عـن صـدور كـتاب الإسـلام وأصول الحكـم للشّـيخ عليّ عبـد الرّازق من المكانـةِ الاعـتـباريّـة للكـتاب، في الفكـر العـربيّ والإسلامـيّ المعاصـر، ولا هي نالت من قيـمته النّـظريّـة وروحـيّـتـه الاجتهاديّـة في مسـألةٍ هي في جملـةِ أمّـهات مسائـل ذلك الفـكـر: العلاقـة بين السّـياسة والدّيـن في تاريـخ الإسـلام؛ فـلقـد زادتِ القيمـةَ تلك كـثـافـةً وسلّطت عليها ضـوءَ الإبـانة والتّـظهيـر، في نطـاق دوائـرَ فكـريّـةٍ عربيّـة تخطّـت دائـرة الفـكـر الإسـلاميّ، وأَبْـدَتْ (= الدّوائـرُ تـلك) من آيات الاحتـفاء المستـمرّ بـه ما لم يتـمتّـع بـه كـتابٌ أو تأليف في التّـاريخ الفـكـريّ المعاصـر.

فَـرَضَ كـتـاب عبد الرّازق نـفـسـه في ميدانـه وتَـنَـزَّل من ذلك الميـدان - وفي الموضوع المطروق فيـه - منـزلـةَ النّـصّ المرجعـيّ الذي عليـه مبْـنى القـول في عـلاقات الدّيـنيِّ والسّياسيّ في الإسـلام. ومع أنّ التّـشنـيع عليه استـمرّ يُـطِـلّ برأسـه، طَـوال هـذه الأعـوام المائـة، في بيـئـات فـكـريّـة وفـقـهيّـة محافظـة وتـقـليـديّـة استـأنـفت جـداليّـاتها ضـدّه، بـل حـربها عليه، إلاّ أنّ ذلك ما نـال مـن صورة النّـصّ في الوعـي العربيّ ولا أَحْـدَث خـدْشـاً فيها؛ على الأقـلّ في أوساط مَـن وقـفـوا على وجـوه الجِـدّة والرّصانـة في أطـروحـتـه، وأكـثـرُهـم من المدافـعيـن عن الحداثـة والمناصـريـن للاجتـهاد. والحـقُّ أنّ أعظـمَ الاستـقبـال الطيّـب لكـتاب عليّ عبد الرّازق، وأكـبـرَ الاحتـفـاء بـه والبـناءِ عليه، إنّمـا جـرى في هـذه البيـئـات الـفكـريّـة الحديثة التي قـدّرتْـه حـقّ قـدْره فيـما حـافَ عليه مفكّـرو الإسـلام المعاصـرون وأَنْـكـروه، بـل نـبـذوهُ من مصادرهم فما أتـوْا عليه بالذّكـر إلاّ في معـرض الهـجوم والقـدْح والتّـقريـع!

لا نجـادل، طـبـعاً، في أنّ المائـة عـامٍ هـذه التي تفـصلنـا عـن صدوره شهِـدتْ على وجـوهٍ من التّـطـوير والصّـقـل للأفكـار التي وردت في الكـتاب عـن المشروع النّـبـويّ، وعـن مكانةِ الدّيـن والسّـياسـة منـه، وعـن مؤسّـسـة الخـلافة في الإسـلام ومـدى مشروعيّـتـها أو بطـلانِ دعـوى الحاجـة إليها؛ بـل لقـد شهِـدتْ على صُـوَر متـعـدّدة مـن مجاوَزة التّـأليف الفـكـريّ في هـذا الغـرض لِـمَـا أفصح عنـه الشّـيخ المجـتهـد في كـتابـه وارتيادِ ذلك التّـأليف آفـاقـاً ما كانت لتـدخُـل، قبـل قـرنٍ من اليـوم، ضمـن الأفـقـه الذّهـنـيّ لعبـد الرّازق ولا في عِـداد ممـكـناتِ معارفِـه المتاحـة.

وعـندي أنّ التّسليـم بوجـود حالةٍ من المجاوزَة، في هـذا الباب، تسليـمٌ بسُـنّـة التّـطوّر الموضوعـيّ وسلطـانِ أحكامه. مع ذلك، مَـن يملك منّـا أن يجـحـد حـقيقـة أنّ النّـصّ هـذا نـصٌّ مؤسِّـس، وأنّـه هـو الذي فَـتَـح ودشَّـن وفَـلَـقَ الأفـقَ أمـام البحـث السّياسيّ أو البحث الفكريّ في السّياسة؛ ومَـن يملك أن يـتـجاهـل مـدى الجَـراءَة التي بـلغـها خطـاب الشّـيـخ عليّ عبـد الرّازق في كـسْـرِ المحظـور في بيئـات العلم الدّيـنيّ التّـقـليديّ السّـائـد في مِـصَـر وسائـر البـلاد العـربيّـة إبّـانـئـذٍ. تكـفي الحمْـلاتُ الشّـعواء التي شنّـها فـقـهاء كُـثـر على الكتاب وصاحبه، والتي بلغ فيها الطّـعـنُ على رأيـه مبلـغاً من الشّـدّة والعـنـف غيـرَ مسبوقٍ ولا مألوف؛ ويـكـفي ما لـقـيَـه من إنكـارٍ رسمـيّ ومن عـقابٍ مبـرِّح مـسَّ مـركـزَه وعَـمَله لـيُـطْـلِعنا على حـجم تلك الرّجّـة الهائـلة التي أحـدثها الكِـتاب في الأوساط المحافظـة ومؤسّـساتها، وما نَـجَـم منها من شعـورٍ بالخـوف - من جانب تلك الأوساط - على مكانـة المعارف التّـقـليـديّـة.

لـقـد أتى يـقـدّم أوّل اجتـهادٍ فـكـريّ جريء، من داخـل الفـكـر الإسلامـيّ، يراجع ما استـقـرّ عليه العلـمُ الدّيـنيّ التّـقـليـديّ من يـقيـنـيّـاتٍ في شـأن المسألة السّياسيّـة في الإسلام وصلـةِ الدّولة بالدّيـن ونِصـاب الخـلافة في الاجتماع الإسلامـيّ.

ولـقـد يحْـسُـن بالنّـاظـر في كـتاب الشّـيخ عبـد الرّازق وظـروفِ صـدوره، وما جـرّه ذلك الصّـدور مـن ضـروب الهجـوم عليه بعـنـفٍ لفـظيٍّ بـالغ، أن يـلْـحظ واقـعـتـيْـن وقَـعـتَـا، وقـتـئـذٍ، وأن يعـتـبـر بهما من أجـل إحسان فـهـم قيـمة الكـتـاب، مـن وجْـهٍ، ودواعـي القسـوة في ردود مَـن ردّوا عليه... من وجْـهٍ ثـان.

فأمّـا الواقعـة الأولى فـتـتـمثّـل في إلـغاء نظـام الخـلافة في تركيا (مارس 1924)، بعـد حـلّ مصطـفى كمال أتاتـورك نظام السّـلطنـة قبـل ذلك بعاميـن، مع ما تَرَكَـهُ ذلك الإلغاء من حسـرةٍ لـدى التّـقـليـديّـيـن والمحافظيـن، حتّى الذين لم يُـوالوا الدّولـة العثمانيّـة منهم.

وأمّـا الواقعـة الثّانيّـة - وهـي شـديـدة الاتّـصال بالأولـى - فـتـكـمَـن في إقـدام أحـد كبـار مراجـع الفـكـر الإسـلاميّ، وتـلمـيذ محمّـد عـبده، السّـيّـد محمّـد رشيـد رضـا على إحـياء مـوضوعـة الخـلافـة - في لحـظـة انهـيـار نظامـها في تركيـا - بكتابـة سلسلة مـقالاتٍ جُـمِـعت في كـتـابٍ حمـل عـنـوان: الخـلافـة أو الإمـامـة العظـمـى.

في سـياق الواقـعتيـن هاتيـن، بَـدَا الكـتـاب وكأنّـه تــكرَّس للـرّدّ عليـهمـا معـاً، فكـان على صاحبـه أن يـواجـه دعاةَ الخـلافة من الفـقـهاء ومـن الأمـراء على السّـواء، وأن يتـلـقّـى الأذى منهمـا.

إذا كـان رشيـد رضـا قـد وضَـع كـتـابـه دفـاعـاً عـن خـلافـةٍ رآهـا تـتـهالك أمـام ناظـريْـه ثـمّ تُـفارق الوجـود بإيـعازٍ من مصـطفى كمـال - الذي بـجَّـله رضـا طـويلاً ورفَـع مـن مقامـه وسـوّقـه في كـتابـاتـه قـبل أن يـنـقـلب عليه -، فـقـد أعـاد بوضـعـه الكـتاب ذاك إحـياءَ «عـلـمٍ» إسلامـيّ تـقـليديّ هـو الفـقـه السّـياسيّ أو فـقـه السّـياسـة الشّـرعـيّـة بعـد أن تجـاوزُه فـكـرُ الإصلاحيّـة الإسلاميّـة التي كان رضـا ينـتمي إليها.

كـان الشّـيـخ علـيّ عبـد الرّازق مـن نسْـلِ الإصـلاحيّـةِ الإسلاميّـة التي تَمَسَّـك بتقاليدها الفـكـريّـة الاجـتـهاديّـة التي أرساها جمـال الدّيـن الحسـيـنيّ (الأفـغانـيّ) ومحمّـد عـبده، لذلك مـا كـان يسـعه أن يسـتسيـغ خطاب رضـا العائـد بالوعـي الإسلامـيّ إلى أُزعـومة الخـلافة وأنـفـاق فـقـه الإمـامة أو فـقـه السّـياسـة الشّـرعيّـة. لذلك يـبـدو نـقْـضُـه لنظـام الخـلافة نقـضاً غـيـرَ مباشـر لأطـروحة محمّـد رشيـد رضـا حولها. وعلى ذلك، إذا كـان محمّـد عبـده قـد سـدّد ضربـةً موجـعـةً للـفـقه السّياسيّ الإسلامـيّ التّـقـليـديّ بالانـصـراف عنـه إلى الدّفـاع عـن فكـرة الدّولـة الوطنـيّـة الحـديثـة، فإنّ مقـالة عـليّ عبـد الرّازق تـسـتأنـف صـنيـع محمّـد عـبده وتضـيف إليـه إنكـارَها مشـروعيّـة ذلك الفـقـه السّـياسـيّ من أساسـه والقـولَ ببـطـلان حاجة الاجتـمـاع الإسلامـيّ إليـه.

على أنّ إلغـاء الخلافة في تركيـا لـم يمـرَّ مـن دون أن تخـامر بعـضَ المحافـظيـن فكـرةُ اصـطنـاع خـلافة في مصـرَ لـم يُخْـف الخـديـوي فـؤاد الأوّل استحـسانـه لـها بـل السّـعي إليها. هـذا ما يفـسّـر لماذا ارتـفع الطّـلبُ على فكـرة الخلافـة في البيئـات العلميّـة التّـقـليـديّـة في مِـصْـرَ وخارجِـها، وتَـزايَـد التّـأليـفُ فيـها والدّفـاعُ عنها في تلك البيـئات. بـل هـذا ما يفـسّر اشتـداد الحمـلة على الشّـيخ عـبد الرّازق مـن قِـبَـل أقـلام ذات نـفوذٍ مـؤسّـسيّ ديـنيّ (مـن قـبيـل ما كـتبـه كـلّ مـن الشّـيـخ محمّـد الخضـر حسيـن، والشّـيـخ محمّـد بخـيت المطـيـعي، والشّـيـخ محمّـد الطّاهـر بـن عـاشـور دحـضاً لكـتـاب علي عـبد الرّازق) ، وبـلـوغَـها حـدّ محاكمـةٍ لـه في الأزهـر لم يكـنِ القـصـرُ بعـيـداً عـن الإيـعاز بـها: على ما تـدلّ على ذلك البـرقـيّـةُ التي رفعـها شيـخ الجامـع الأزهـر أبـو الفضـل الجيـزاوي إلى الملك فـؤاد عـقـب قـرار الأزهـر بـفصـل عليّ عبـد الرّازق وتجـريـده من شهادة العالميّـة. لـقـد كـان الكـتـاب في قـلـب هـذه الحسابـات السّـياسيّـة التي أسّـست لـفكـرة تـأليـفـه ومساهمةً من صاحبه في دحض دعوى الخلافة وإبطال مسوّغات من سوّغوا لها في عصره.

مقالات مشابهة

  • ضبط مواطن مخالف لنظام البيئة لاقتلاعه الأشجار في محمية الملك عبد العزيز الملكية
  • في مئـويّـة «الإسـلام وأصـول الحكـم»: الكــتابُ القـضيّـة
  • بعد عرض «وتقابل حبيب».. أحمد فهمي يوجه رسالة لشقيقه وياسمين عبد العزيز
  • كتاب: اغتصاب العقل البشري
  • دي روحي.. ماذا قال الفنان منذر ريحانة عن مصر؟
  • خلال زيارته السنوية لمصر.. الملك أحمد فؤاد الثاني في ضيافة قناة السويس
  • هدير عبد الرازق الوجه الآخر للنجاح: شهرة وجدل وسقوط
  • الباشاوية تطل برأسها من جديد؟!
  • معالي الباشا وسعادة «البيه»!
  •  بدء نزع ملكية 86 عقارًا ضمن مشروع تطوير شارع الملك عبد العزيز بالقطيف