دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بمناظرها الطبيعية التي لم يمسها أحد، والغابات والخلجان البكر على جانبينها، تبدو شبه جزيرة داتشا وكأنها عالم بعيد عن المدن السياحية في هذه الزاوية من البحر الأبيض المتوسط.

وتعد داتشا، الممتدة بين بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط في جنوب غرب تركيا، غير مأهوله في الغالب، كما أنها تختلف تمامًا عن بودروم الأشهر على مسافة قريبة منها.

وقد أدت القوانين الصارمة المتعلقة بالبناء إلى حماية داتشا من المشاريع السياحية واسعة النطاق، ما ترك مدينتها الساحلية الصغيرة، التي تحمل الاسم ذاته، وتقع في منتصف الطريق تقريبًا في شبه الجزيرة، متجذرة في الماضي.

تمتلئ شوارع داتشا بالمطاعم والمقاهي.Credit: Ayhan Altun/Moment RF/Getty Images

ويُعد ميناء داتشا مركز الحياة المحلية، إذ تصطف مطاعم الأسماك ذات الطاولات والكراسي الخشبية البسيطة على الواجهة البحرية، بينما تملأ المتاجر الصغيرة التي تبيع السلع المحلية والمقاهي الحديثة الشوارع الخلفية الممتدة صعودًا وهبوطًا في المناطق السكنية الجبلية.

وعلى المنحدرات، يمكن رؤية ومضات من اللون الأزرق لبحر إيجه بين المنازل البيضاء ذات الأسطح البرتقالية المطلة على الميناء. ويبدو أن إيقاع الحياة اليومية الخالي من الهموم لا يتأثر بالسياحة الجماعية.

وخلف الميناء، توجد 9 قرى صغيرة منتشرة حول شبه الجزيرة.

يمكن أن تزدحم مناطق الخليج التي يسهل الوصول إليها بالباحثين عن أشعة الشمس خلال ذروة موسم العطلات، ولكن هناك الكثير من الشواطئ المخفية التي يتوجه إليها السكان المحليون.Credit: Mikel Bilbao Gorostiaga/Alamy Stock Photo

وتؤدي الطرق عبر شوارعها الضيقة إلى واحدة من مناطق الجذب المحلية الرئيسية، أي أطلال كنيدوس، التي كانت ذات يوم مدينة إغريقية تقع في منطقة كاريا القديمة.

ويقع هذا الموقع التاريخي على الطرف الغربي لمدينة داتشا، في نهاية طريق يمر عبر غابات الصنوبر العطرة، والجبال الشاهقة، والبساتين حيث يتم حصاد اللوز المحلي الشهير.

وفي الصيف، يتوافد السياح الأتراك إلى الخلجان الرئيسية، مثل بالاموتبوكو، بشاطئها الطويل المغطى بالحصى، وصفوف من المطاعم الصغيرة التي تنتشر عليه.

تشمل مناطق الجذب المحلية آثار مدينة كنيدوس الإغريقية.Credit: Selcuk Oner/iStockphoto/Getty Images

ويفضّل السكان المحليون قضاء أيامهم في أحد الخلجان العديدة التي لم يمسها أحد، وبعضها لا يعرفها أحد سواهم.

وعلى بعد 10 دقائق بالسيارة من جنوب وسط المدينة، تكون الشوارع الضيقة في مدينة داتشا القديمة، بمنازلها الحجرية التاريخية، ومقاهيها ومحلاتها التجارية، مزدحمة دائمًا تقريبًا. كما يجذب المنزل الصيفي السابق للشاعر التركي الموقر، جان يوسيل، الزوار.

أماكن الإقامة

وبعد التنزه على ممشى الواجهة البحرية لمدينة داتشا، والمعروف باسم "Sevgi Yolu" (طريق الحب)، يظهر أحد أحدث أماكن الإقامة في شبه الجزيرة، وتحده آثار قديمة اكتُشفت أثناء عملية البناء.

يعكس فندق Palaia فن العمارة والثقافة التقليدية في منطقة داتشا.Credit: Furkan Uyan/Courtesy Palaia

ومن خلال مجموعة من المنازل التي تتكونّ من طابقين مع واجهات حجرية محلية، وغرف بسيطة ومتجددة الهواء، ومطعم يقدم أطباق بحر إيجه المعاصرة، يعتبر فندق "Palaia" بمثابة تفسير حديث ومستدام للعمارة والثقافة التقليدية في مدينة داتشا.

ويقول عصمت تكينالب، مالك فندق "Palaia": "لقد أحببت شبه الجزيرة هذه منذ عام 2000، وعندما عثرت على هذا العقار، أدركت أني أريد إنشاء مكان هادئ ومتناغم مع المناطق المحيطة به".

ويشير إلى أن أهم العناصر المميزة في داتشا تتمثل بجودة الهواء، قائلا: "أستيقظ كل يوم لأتنفس هذا الأكسجين النقي".

Credit: Hayrullah Yondem/iStockphoto/Getty Images

ويرى أن الأشخاص الذين يأتون للزيارة هنا، يتوجب عليهم "رؤية آثار كنيدوس القديمة، واستكشاف الخلجان الجميلة مثل Hayıtbükü، وتذوق لوز داتشا المحلي الرائع وعسل الصنوبر، وجميعها تشارك في مهرجان أزهار اللوز السنوي في فبراير".

وفي وسط مدينة داتشا القديمة، توجد مجموعة من المنازل الحجرية التقليدية الواقعة في حديقة، وهي بمثابة فندق بوتيكي حديث.

وتحتوي منازل "Ultava" على أربع غرف ذات أسقف عالية ولمسات صغيرة أنيقة وشرفات مطلة على الحديقة الخضراء.

وبعيدًا عن مدينة داتشا، في قرية جومالي الصغيرة، يمكن للزوار الذين يبحثون عن ملاذ أكثر هدوءًا الإقامة في المنازل الحجرية التقليدية التي توفر الشعور وكأنهم في منزلهم وسط المناظر الطبيعية الجبلية في داتشا، وتحيط بها بساتين الزيتون وأشجار اللوز المتمايلة مع النسيم العليل.

وفي وسط مدينة داتشا، تبيع المحلات التجارية، مثل "Pehlivan"، اللوز المحلي بكل أشكاله التي يمكن تخيلها. وتمتلئ الرفوف بالمكسرات المعبأة، والتي تباع نيئة أو محمّصة أو في قشرتها أو على شكل زبدة اللوز، والدقيق، والمرزبان، والحلاوة الطحينية، والزيت.

وفي مطعم "Meşhur Datça Badem Kurabeyicisi"، تملأ الشارع رائحة كعك اللوز الطازج. 

ويُباع طبق "bal badem" المحلي الشهير، وهو عبارة عن لوز هش بالعسل، في متجر "Kaya Balları"، المتخصص في العسل المحلي، بما في ذلك العسل المصنوع من الصنوبر وزهر اللوز.

ويُعد اللوز بالعسل مكونا رئيسيا في البوظة المحلية السميكة المصنوعة من حليب الماعز، التي يمكن تجربتها بمتجر "Tekin Usta" الصغير في البلدة القديمة.

وتقع مزرعة "Knidia Eco Farm" على الطرف الغربي من شبه الجزيرة وأسفل طريق غير مطور يمر عبر الغابات الهادئة، وهي واحدة من أفضل أسرار داتشا، حيث توفر فرصة للتعمق في هدوء الطبيعة.

وتأسست المزرعة التي تبلغ مساحتها 12 فدانًا في عام 2000 على يد علي سومر، الذي ترك فوضى إسطنبول ليصبح مزارعًا، وبدأت المزرعة في استضافة الضيوف في أكواخها الخشبية الأربعة وأربعة منازل حجرية في عام 2007.

ويتم إعداد وجبات الطعام بالكامل تقريبًا من المكونات المزروعة في حديقة "Knidia"، وتُطهى على نار الحطب.

ويُعد الشاطئ القريب في "Değirmenbükü" ملاذاً للهدوء.

ويقول سومر: "أعتقد أن أحد أبرز السمات هنا هو الهدوء الذي ينعم به المكان. وسماء الليل الصافية، حيث لا وجود للضوضاء التي تستبدلها أصوات الطبيعة".

ويضيف:"داتشا هي واحدة من الأماكن النادرة في تركيا حيث يمكنك الاستمتاع بمناظر بحر إيجه الطبيعية التي لم تمس منذ قرون".

تركيانشر الثلاثاء، 05 سبتمبر / ايلول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: شبه الجزیرة

إقرأ أيضاً:

فيلم صومالي..”قرية قرب الجنة” يتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية

توج الفيلم الطويل الصومالي “قرية قرب الجنة”، للمخرج مو هاراوي، بالجائزة الكبرى “عصمان سامبين” للدورة الـ25 من مهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية، وذلك خلال حفل الاختتام الذي أقيم مساء أمس السبت بمدينة خريبكة.

وحظي الفيلم، الذي نال إشادة النقاد بفضل بساطة ديكوراته وعمق شخصياته وصدق المشاعر التي ينقلها، بالتتويج من بين خمسة عشر فيلما طويلا إفريقيا شارك في المسابقة الرسمية.

وحاز فيلم “قرية قرب الجنة” على تتويج مزدوج، حيث فاز أيضا بجائزة النقد السينمائي الإفريقي، تقديرا لجودته الفنية ولالتزامه الموضوعي.

أما في فئة الأفلام الطويلة، منحت جائزة لجنة التحكيم “نور الدين الصايل” لفيلم “وشم الريح” للمخرجة المغربية ليلى التريكي، بينما عادت جائزة الإخراج “إدريسا ويدراووغو” لفيلم “راضية” للمخرجة المغربية خولة أسباب بنعمر، فيما كانت جائزة أفضل سيناريو “سمير فريد”، من نصيب فيلم “الشاي الأسود” للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو.

كما تم منح جائزة أفضل دور نسائي “أمينة رشيد” للممثلة التونسية سارة حناشي عن أدائها في الفيلم الطويل “قنطرة”، في حين نال جائزة أفضل دور رجالي “محمد بسطاوي” الممثل بنمحمود مباو، عن دوره في الفيلم السنغالي “ديمبا”.

أما في مسابقة الأفلام القصيرة، فآلت الجائزة الكبرى “نجيب عياد” لفيلم “شيخة” من إخراج المغربيين أيوب ليوسفي وزهوى راجي، بينما عادت جائزة لجنة التحكيم “بولان سوماونو فييرا” لفيلم “حفل زفاف مائي” للمخرجة أورييل جيويا من البنين.

وتميزت هذه الدورة بإحداث جائزة “الجامعة الإفريقية لمهرجانات السينما والتلفزيون”، التي كانت من نصيب الفيلم الليبي القصير “صعود” للمخرج أسامة رزق؛ في خطوة تعكس انفتاح المهرجان على شبكات جديدة لعشاق السينما في القارة.

وحصل الفيلم التونسي “قنطرة” للمخرج وليد مطار على جائزة “دونكيشوط” التي تمنحها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، في حين نال الفيلم المغربي “كازابلانكا-داكار” للمخرج أحمد بولان تنويها خاصا.

وأكد مدير المهرجان، عز الدين كريران، بهذه المناسبة، أن هذه الدورة الخامسة والعشرين كانت استثنائية على أكثر من صعيد، مشيرا إلى أنها تجسد ما يقارب نصف قرن من الالتزام بخدمة السينما الإفريقية وحوار الثقافات.

كما أشار إلى أن هذا الموعد السينمائي شكل فرصة للاحتفاء بـالإبداع والاندماج وصمود الفنانين الذين “يواصلون جعل قارتنا تتألق على شاشات العالم”، رغم التحديات.

وشهد حفل الاختتام، تكريما لأيقونة السينما المغربية عمر السيد، في أجواء احتفالية امتزجت فيها المشاعر والتقدير والاحتفاء بالفن السابع الإفريقي.

وينظم مهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ويستقبل خلال هذه الدورة 350 سينمائيا من 45 بلدا، في احتفاء بالإبداع السينمائي الإفريقي، وبمواهبه الصاعدة، وتحولاته العميقة.

وتنعقد هذه الدورة تحت شعار “من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات: تجاذبات السينما الإفريقية”، حيث تهدف إلى فتح نقاش عميق حول تأثير الذكاء الاصطناعي على المهن، والسرديات، والخيال السينمائي في القارة الإفريقية.

مقالات مشابهة

  • تركيا.. حملة اعتقالات واسعة تطول 157 شخصًا في مدينة إزمير
  • تركيا: الرسوم التي تصور الأنبياء جريمة
  • هل 15 يوليو 2025 عطلة رسمية في تركيا؟ إليك المؤسسات التي ستُغلق أبوابها
  • دورة “الثقافة السياحية لبلدياتنا” تعزز التعاون بين المدن السياحية
  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة
  • مدينة تركية تتصدر عناوين العالم بلقب “عاصمة الفطور”.. إليك سر المائدة التي جمعت 52 ألف شخص
  • مشروع بقيمة مليار ليرة يرى النور.. أصبحت ثاني مدينة في تركيا بعد إسطنبول
  • فيلم صومالي..”قرية قرب الجنة” يتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية
  • الوداع ليس بعيدا.. مصطفى شلبي على أعتاب الرحيل عن الزمالك
  • وفد مستقبل وطن يتوجه لعزاء أسر ضحايا حادث المنوفية ويقدمون رحلات عمرة وفرص عمل لذويهم.. صور