الأسبوع:
2025-05-02@10:08:33 GMT

كل أسبوع.. عاقبة الكذب وخيمة في الدنيا والآخرة

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

كل أسبوع.. عاقبة الكذب وخيمة في الدنيا والآخرة

لا شك أن الصدق من أعظم الأخلاق النبيلة، ونقيضه الكذب، وهو أن يخبر الإنسان بالشيء على خلاف ما هو عليه، والكذب على درجات، أشدها عقوبة وأعظمها ذنبا: الكذب على الله، كالتكلم في الدين بغير علم، أو القول على الله كذبا، ثم الكذب على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو من أعظم الذنوب أيضا، ثم شهادة الزور، ثم اليمين الغموس، وهو الحلف كذبا بحصول شيء لم يحدث، ومن أنواع الكذب كذلك: اختلاق القصص بهدف إضحاك الناس، أو ملء الفراغ، وقول المرء: رأيت كذا وهو لم يره، أو لم أر كذا وقد رآه، وزعم رؤية شيء ما في المنام وهو لم يره.

والكذب فى عمومه غير جائز لا في الجد ولا في المزاح، وهو خلق مذموم كله، إلا إذا دعت الحاجة إليه، كالكذب على الأعداء أو للصلح بين المتخاصمين، وإن ترتب علي الكذب فساد أو ضرر فإن إثمه يكون عظيما، واعتياد الكذب عده العلماء من أكبر الكبائر.

ومما يجده الكاذب من عقوبة في الدنيا أن تنعدم راحته وأمنه، كما يقل شعوره بالطمأنينة، لأن الكذب اضطراب وشك وقلق وإزعاج، وسبب في عدم هدوء البال، كما أنه سبب في مرض القلب، فقلب الكاذب غير مطمئن ولا ساكن، والكذب سبب في محق البركة، ونقص الرزق، وابتعاد الملائكة عن الكاذب، وسبب أيضا في نفرة الناس من الكاذب وابتعادهم عنه، وبه يحرم العبد من الهداية، ويؤدي به إلى الفجور.

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم عند عبد الله بن عامر، فنادته أمه - أي أم عبد الله - وقالت له: "هاكَ تَعالَ أُعطِيكَ شَيئًا"، فسألها رسول الله عن ذلك، فقالت له إنها تريد أن تعطيه تمراً، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَا إنَّكِ لو لمْ تُعطِيه شَيئًا كُتِبَتْ عليكِ كِذبةٌ"، وفي هذا الحديث دليل على تربية الطفل على الصدق، حتى لا ينشأ على الكذب ويستسيغه.

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بكُلِّ ما سَمِعَ"، وهذا للأسف مما عمت به البلوى فى عصر الإتترنت ومواقع التواصل التى صارت سببا فى التقاطع الاجتماعى بسبب تداول كل ما يقال دون تمحيص أو تدقيق فيما إذا كان القول صادقا أو كاذبا.

والكذب من صفات المنافقين، فهو سبب في الفسوق والعصيان، وعاقبته ليست هينة في الدنيا والآخرة، وإنه يهوي بصاحبه إلى النار، حتى إن كان الإنسان مازحا، فقد توعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من يكذب ليضحك الناس بأشد الوعيد، حيث قال: "ويلٌ للَّذي يحدِّثُ فيَكذِبُ ليُضحِكَ بِه القومَ، ويلٌ لَه، ويلٌ لَهُ". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الكذبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النارِ، وإنَّ الرجلَ ليكذبُ ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتب عندَ اللهِ كذَّابًا".

إذن الكذب من الأمور التي ينهانا عنها الإسلام، وكذلك جميع الأديان السماوية، ومن الحكم التى قيلت في الكذب: إذا أخطأت فلا تجعل العذر كذبة مزخرفة، وليس لأحد ذاكرة قوية بما فيه الكفاية لكي تجعل منه كاذبا ناجحا، ومن يكذب مرة، لا يدرك قدر الورطة التي أوقع نفسه فيها، إذ عليه أن يخترع عشرين كذبة أخرى للحفاظ على الكذبة الأولى، ومن يعتقدون أن الكذب الأبيض لا ضرر منه يصابون قريباً بعمى الألوان.

وأخيرا كن عزيزى القارئ على يقين بأن أفضل وأقصر طريق يكفل لك أن تعيش في هذه الدنيا موفور الكرامة مطمئن النفس، هو أن تنطق بالحق ولو كان مرا، وأن يكون ما تبطنه في نفسك كالذي يظهر منك للناس.

أسأل الله أن يكتبنا عنده من الصادقين.

[email protected]

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الصدق صلى الله علیه وسلم رسول الله الکذب على

إقرأ أيضاً:

المسارعة إلى الخيرات من أعظم العبادات

إن المسارعة إلى الخيرات من أخلاق سيد الخلق سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الأبرار، وربما يأتيك الخير لأنك تمنيته للغير، وإن إطعام الطعام من أعظم أبواب الخير، ومن الأقوال الشائعة: "لقمة في فم جائع خير من بناء جامع"، وخاصة في وقت الأزمات الاقتصادية وصعوبة المعيشة على الفقراء.

ونحن عندما تطرق أسماعنا كلمة "عبادة" فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الصلاة والصيام والزكاة، وغيرها من العبادات، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير فضلها إلا أن هناك عبادات أصبحت خفية ـ ربما لغفلة الناس عنها - وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيراً من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة "جبر الخواطر".

إن جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس، وعظمة قلب، وسلامة صدر، ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاصا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، لذا يقول الإمام سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".

ومما يعطي هذا العبادة جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو اسم الله "الجبار" وهذا الاسم بمعناه الرائع يطمئن القلب ويريح النفس فهو سبحانه الذِي يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان، فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق. وطلب الجبر من الله كان من دعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني". (سنن الترمذي).

وجبر الخواطر هى عبادة يسيرة، ليس شرطا أن تبذل فيها مالا، أو جهدا، فيمكن أن تتحقق بابتسامة، بمسحة على رأس يتيم، بتواضع مع الغير ورفع الحرج عنهم،.. وهكذا "جبر الخواطر" من أعظم العبادات، لذا كان من ثواب فاعلها أن يكافئه الله عز وجل بجبر خاطره، ويكفيه شر المخاطر.

وقد حثنا الإسلام على التنافسِ في الخيرات والتسابق إلى فعلِ الطاعات والقربات، وقد تضافرت نصوص كثيرة مِن القرآن والسنة في هذ الشأن، قال تعالي: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (آل عمران: 133)، وقالَ سبحانَهُ: " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الحديد: 21)، ومدحَ الله تعالى أنبياءه بهذه الصفة الحميدة فقالَ: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الأنبياء:90) وقال بعد ما مدح المتصفين بالأعمال الصالحة مِن عباده الصالحين: "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" (المؤمنون: 61)، وأمرنا بذلك فقال: "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ" (البقرة 148)، وقال: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" (المطففين: 26). وقال: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (الواقعة: 10 - 12).

قال ابن القيمِ - رحمه الله -: السَّابِقُونَ في الدُّنْيا إلى الخَيْراتِ هُمْ السَّابِقُونَ يومَ القَيامةِ إلى الجنَّاتِ"، فسارع أخى الكريم إلى الخيرات وبادر إلى الطاعات: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المزمل: 20).

والنبي صل الله عليه وسلم ربى أصحابه على المنافسة والمسابقة إلى الخيرات، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا".

أسألك سبحانك أن تجعلنا من المسارعين إلى الخيرات فى الدنيا ومن السابقين إلى الجنات فى الآخرة.. اللهم آمين.

مقالات مشابهة

  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • سنن ليلة الجمعة الثابتة .. 8 أمور أوصى بها النبي
  • علي جمعة: قراءة السيرة والصلاة على النبي وتدبر القرآن مفاتيح محبة وتعظيم رسول الله
  • علي جمعة: الكذب حرام والتلبيس أشد منه لانه من الكبائر
  • دعاء لمن تعسر عليه الرزق .. احرص عليه يرزقك الله من حيث لا تحتسب
  • دعاء آخر الليل لتفريج الهم .. كلمتان يكفيانك هموم الدنيا
  • دعاء تسهيل الأمور الصعبة وقضاء الحاجة.. احرص عليه في جوف الليل
  • المسارعة إلى الخيرات من أعظم العبادات
  • معايير اختيار الصديق الصالح على الطريقة النبوية
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية