بعد 3500 عام .. إعادة إنتاج رائحة الخلود من امرأة مصرية محنطة
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
سبتمبر 5, 2023آخر تحديث: سبتمبر 5, 2023
المستقلة/- تمكن علماء من معهد ماكس بلانك من إعادة تصنيع إحدى الروائح المستخدمة في تحنيط مومياء مصرية منذ أكثر من 3500 عام. حيث قام العلماء بإعادة إنشاء رائحة تسمى “رائحة الخلود” أو “رائحة الحياة” التي تم استخدامها أثناء تحنيط مرضعة أمنحتب الثاني والتي تُدعى “سينيتناي”.
قام علماء من معهد ماكس بلانك في ألمانيا بتحليل مواد من ست عينات بلسم من رئتي سينيتناي وكبدها والذي استخدم في التحنيط. وكان شمع العسل والزيت النباتي والدهون والقار وراتنج الشجر من بين المكونات التي شكلت الرائحة منذ أكثر من 3500 عام.
تضمن إنشاء رائحة الخلود، سلسلة من الإجراءات العلمية المعقدة، بما في ذلك التحليل اللوني. ونجح العلماء في إعادة إنتاج الرائحة باستخدام البقايا العضوية المتبقية الموجودة في قاعدة الجرار الفارغة.
ومن الجدير بالذكر، أنه تم استخدام روائح مختلفة لتحنيط الأشخاص وفقًا لدورهم في المجتمع.
وقالت باربرا هوبر، مؤلفة الدراسة الرئيسية، وباحثة الدكتوراه في جامعة ماكس “إن مكونات التحنيط الموجودة في بلسم تحنيط سينيتناي هي من بين أكثر المكونات تفصيلاً وتنوعًا التي تم تحديدها على الإطلاق في هذه الفترة، إن وجود مثل هذه المجموعة الواسعة من المكونات، بما في ذلك المواد الغريبة مثل راتنج شجرة الفستق، يشير إلى أنه تم استخدام مواد نادرة للغاية وباهظة الثمن في تحنيطها. وأضافت هوبر “هذا يشير إلى مكانة سينيتناي الاستثنائية في المجتمع”.
وعملت صانعة العطور الفرنسية كارول كالفيز مع الباحثين لإعادة ابتكار الرائحة، والتي سيتم عرضها في متحف موسجارد في الدنمارك.
وقال فريق العلماء إنهم يأملون في أن توفر الرائحة المعاد إنتاجها “تجربة غامرة ومتعددة الحواس” للزوار، مما ينقل سحر التحنيط المصري القديم إلى يومنا هذا.
وقال الدكتور ويليام توليت، خبير التاريخ الحسي بجامعة يورك، لصحيفة الغارديان “بالنسبة لأنوفنا، قد تكون روائح الصنوبر الدافئة والراتنجية التي تشبه رائحة الصنوبر أكثر تذكرنا بمنتجات التنظيف ورائحة البيتومين الكبريتية قد تذكرنا بالإسفلت. لكن بالنسبة للمصريين، من الواضح أن هذه الروائح كان لها مجموعة من المعاني الأخرى المتعلقة بالروحانية والمكانة الاجتماعية”.
المصدر: رائج
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
قرية مصرية لا يسكنها أحد.. أم الحويطات مزارا سياحيا
في عمق الصحراء الشرقية وعلى بعد 27 كيلومترا من سفاجا (إحدى مدن محافظة البحر الأحمر بمصر) تقع قرية "أم الحويطات" أو كما يطلق عليها حاليا "قرية الأشباح".
وأكثر ما يميز هذه القرية هو الهدوء الغريب الذي يخيم عليها بعد أن هجرها سكانها واضطرتهم الظروف لمغادرتها منذ نحو أكثر من عقدين من الزمان، تاركين وراءهم بيوتا متهالكة تحكي جدرانها حكايات من عصر مضى، ويتوسط البيوت مسجد لا يزال صامدا كما هو بمئذنته التي تقف متحدية زحف الصحراء.
تاريخ القريةأثناء الاحتلال البريطاني لمصر، وتحديدا عام 1902 بدأت أعمال بحث مكثفة بالقرب من سفاجا، بهدف العثور على المواد الخام، وتمكن الجيولوجيون الأجانب بقيادة المهندس "آندي" من تحديد نسبة ضخمة من الفوسفات، وهو معدن مهم لصناعة الأسمدة.
وأدرك "آندي" الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، خاصة مع قربها من البحر. وعهدت إليه القوات البريطانية مهمة تأسيس أهم قرية تعدينية في مصر، وتم إنشاء خط سكة حديد يربط بين "أم الحويطات" وميناء سفاجا لنقل المواد الخام ثم شحنها إلى إنجلترا.
وجلب هذا المهندس الكثير من العمال من مناطق متفرقة في مصر للعمل بالمناجم، حتى عاش بالقرية في أوج ازدهارها حوالي 16 ألف شخص، وهيأ لهم حياة متكاملة تضمن استمرار استخراج المعدن، بداية من نقل مياه الشرب وتوزيع حصص تموينية تكفي احتياجاتهم الشهرية من الدقيق والبقوليات والزيت واللحوم وغيرها من المواد الغذائية والكيروسين "الجاز" لإنارة اللمبات ليلا، وحتى إنشاء المدارس لتعليم أبناء القرية ومستشفى صغير لعلاجهم، وكذلك بناء المساجد للصلاة.
إعلانوبعد 23 في يوليو/تموز 1952 وانتهاء الاحتلال البريطاني، أصبحت "أم الحويطات" تحت القيادة المصرية ويتولى مسؤولية التنفيذ شركة فوسفات سفاجا، واستمر العمل بالمناجم إلى أن أُغلقت الشركة وتم إيقاف العمل بها في تسعينيات القرن العشرين، الأمر الذي لم يترك لسكان القرية خيارا سوى البحث عن سبل العيش في أماكن أخرى أو العودة لمسقط رأسهم، وبعضهم حصل على وحدات سكنية في "أم الحويطات" الجديدة مكافأة لعملهم في المناجم سنوات طويلة.
ولم يكن لأحد أن يسمع عن "أم الحويطات" المجهولة والمهجورة، وكانت ستظل مجرد ذكرى في قلوب أهلها فقط، لولا أنها تحولت إلى مزار سياحي قبل بضع سنوات وأصبحت تجذب رحلات السفاري ومحبي سياحة المغامرات.
علاء يوسف (اسم مستعار) أحد مواليد القرية، ولد عام 1978 وعاش بها حتى المرحلة الثانوية من دراسته، ويحكي للجزيرة نت كيف كانت القرية مقسمة بشكل منظم، حيث تم تخصيص مساحة لمنازل العمال وأسرهم بالقرب من المناجم لتسهيل الوصول إلى العمل، بينما منازل الموظفين في مدخل القرية بالقرب من المدارس والمستشفى، في حين تم بناء "فيلا" المهندس آندي في أعلى الجبل بحيث تطل على القرية بأكملها.
ويواصل: كانت القرية تدب فيها كل مظاهر الحياة، عمال يذهبون للعمل في المناجم كل صباح، وتلاميذ يترددون على المدرسة للتعلم، ومسجد يجمع المصلين وتتردد صدى دعواتهم بين جدرانه، وأطفال يلعبون في الساحات.
ويتذكر علاء كيف كان الأهالي يهتمون بتعليم أبنائهم حتى لا يلقوا نفس مصيرهم ويعملون في مهام المناجم الشاقة، وكيف كان ناظر المدرسة ويدعى "سيف الدين إبراهيم" يمر كل يوم بعد صلاة العصر مع عدد من المدرسين على بيوت الأهالي لمتابعة مذاكرة أبنائهم ومساعدتهم في أداء واجباتهم، وأن هذا ساعد القرية في أن يخرج منها عدد من العلماء والأساتذة البارزين، أمثال الباحث المصري والأستاذ الجامعي بجامعة كوينز في إنجلترا، وأحمد إبراهيم وكذلك الدكتور عبد المنعم الخطيب أستاذ الجراحة بجامعة أسيوط، وغيرهم.
إعلانويحكي علاء وقد أخذه الحنين إلى أيام طفولته قائلا "التكافل والحب كانا عنوان الحياة في أم الحويطات، فقد نشأنا ونحن نسمع من أهلنا مقولة: الضيف ضيف البلد كلها". وكانت جميع البيوت مفتوحة لأي شخص، فالفرح واحد والحزن واحد، وساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية للمكان وعزلته في الصحراء.
وتوالت ذكريات "أم الحويطات" أمام عينيه عندما كان وأصدقاؤه يلعبون الكرة في ساحة القرية ويتجمعون لمشاهدة التلفاز حتى الساعة العاشرة حيث موعد قطع التيار الكهربي عن القرية.
"أم الحويطات" بشكلها الحالي بعد أن أصبحت خالية تماما من السكان (الجزيرة) إحياء "أم الحويطات"ومن ناحيته، يقول حسن العبودي أحد مواليد القرية -للجزيرة نت- إن عام 1996 كان فارقا في تاريخ "أم الحويطات" إذ إنه بالإضافة إلى توقف العمل بالمناجم، شهدت القرية سيولا مدمرة وصل ارتفاعها عدة أمتار وتأثرت البنية التحتية للقرية، مما دفع ما تبقى من الأهالي إلى الرحيل حتى أصبحت القرية مهجورة تماما عام 1998.
ويوضح العبودي أن "أم الحويطات" تعد نقطة جذب للمستكشفين والجيولوجيين، ولموقعها المثالي بين الطبيعة تجذب كذلك صانعي الأفلام الوثائقية وصناع الأفلام السينمائية والمسلسلات.
ويضيف أن "أم الحويطات" باقية في ذاكرة وقلوب كل من عاش فيها، ومع ذلك قد لا يفضل أحد من الأبناء والأحفاد الموجودين حاليا العودة إليها، إذ لا يتوفر بها مصدر للرزق سوى العمل بالمناجم التي تسببت في مشاكل صحية للكثير من العمال جراء الأبخرة السامة وظروف التعدين الخطرة، ويتابع "أنا مثلا أعيش في مدينة سفاجا بالقرب من البحر وجميع الخدمات، فلماذا أذهب للعيش بقلب الصحراء في مكان مغلق محاط بالجبال من جميع الجهات".
ويشيد العبودي بمشروع محمود الدندراوي أحد أبناء القرية، إذ أنشأ بموافقة الجهات المسؤولة محطة سفاري على الطريق المؤدي إلى أم الحويطات، وذلك لتنظيم رحلات للسياح وتعريفهم بتاريخ القرية التعديني، كذلك توفر هذه الجولات مجموعة من الأنشطة، بما في ذلك مشاهدة غروب الشمس وشروقها، والقيام بجولة سياحية في الشوارع المليئة بالرمال بين المنازل المتهالكة وزيارة المناجم المهجورة والأنفاق والكهوف.
إعلانولم ينس المواطن أن يضيف أن القصص المتداولة عن الأصوات المخيفة والظلال التي لا يمكن تفسيرها، أو الحديث عن خطوات تتردد بالغرف الفارغة أو سماع صوت الأذان مما يزيد من الإقبال على هذه الرحلات.