abusaeeda1966@gmail.com

في مقاله الثاني في الرد على مقالي، والذي أتى بعنوان " الجذريون والوقوف عند محطة الشراكة"، ذكر صديقي د. صديق الزيلعي حرفياً ما يلي: " كتب الدكتور أحمد عثمان، في إطار نقده لقحت، وفي إطار وقوفه، مثل كل دعاة التغيير الجذري، عند محطة الشراكة ، رغم اجماع معظم القوى على التخلي عنها"، وبالرغم من أنه لم يعرف معظم القوى التي أجمعت على التخلي عن الشراكة، إلا أنه دلل على هذا التخلي بنقده للوثيقة الدستورية، وبورشة أقامتها جريدة الديمقراطي بالتنسيق مع (قحت) لتقييم المرحلة الإنتقالية ، تقدم بعض منسوبي (قحت) فيها بمساهمات نقدية لتلك المرحلة.

ولعله من المفيد قبل أن أنتقل لنقض إدعاء تخلي (قحت) عن الشراكة ضمن القوى التي أجمعت على ذلك، أن أتوقف لتأمل أدلة د. صديق الزيلعي على هذا التخلي، وأسأله مباشرة: هل نقد بعض منسوبي (قحت) للشراكة نفسها -إن تم- لا للمرحلة الإنتقالية بصفة عامة في ورشة، يعني تخلي (قحت) عن الشراكة؟ وهل التخلي عن خط سياسي يتم بنقد أفراد في ورش أم بوضع خط سياسي بديل بشكل مؤسسي ، تنبني عليه ممارسة سياسية ترفض الشراكة علناً ؟ في تقديري أن نقد الأفراد – مهما كانوا وكان مركزهم- لخط سياسي ما في ورشة تقييمية تقيمها صحيفة ، لا يعني مفارقة مؤسساتهم لهذا الخط، ولا تغير تحالفاتهم وفقاً لورقة نقدية قدمت في ورشة. وسوف نرى لاحقاً أن هذا النقد ، لم يؤثر على خط (قحت) السياسي، التي واصلت مسلسل الشراكة ومازالت تواصله حتى الآن وستستمر فيه، حتى تعلن خطاً سياسياً واضحاً برفض الشراكة بشكل مؤسسي وبإسم تحالفها السياسي وعبر منابره، لا في ورش تقييمية لا يعرف أين ذهبت مخرجاتها ، وهل كان ما قدم فيها مبادرات فردية أم رؤية لبعض التنظيمات المنتسبة ل (قحت). وبالرغم من أن هذا لوحده كاف لرد القول بأن الجذريين هم من يقفون عند محطة الشراكة ، وأن (قحت) قد تجاوزتها لأن (قحت) ليس لديها أي وثيقة تدعم هذا الإدعاء الكبير ، إلا أننا سنسترسل لنثبت أن (قحت) كانت ومازالت وستظل، خطها السياسي هو الشراكة مع اللجنة الأمنية تحت رعاية دولية حتى بعد إنقسامها. ولنسبة (قحت) وخطها السياسي للشراكة، لابد منهجياً من تعريف الشراكة، لأن الخطاب الإعلامي ل (قحت) ، يحاول أن يقصر الشراكة على السلطة التنفيذية فقط (الحكومة). والشراكة حتماً هي الشراكة في السلطة، والسلطة هي فرض الإرادة على الجميع ومظهرها الرئيس إحتكار إستخدام العنف، وهذا يشمل إصدار الوثائق المؤسسة للسلطة والمكرسة لسلطاتها. وبهذا الفهم للشراكة ،(قحت) غارقة حتى أذنيها في شراكة مع اللجنة الأمنية للإنقاذ. ومثال لذلك شراكتها المبنية على الإتفاق الإطاري. وذلك لأن الاتفاق بين التسوويين (قحت) و العسكريين الإنقلابيين (اللجنة الأمنية للإنقاذ قبل إنقسامها ودخولها في حرب) ، بأي صورة يتم هو شراكة، لأنه يتضمن إعترافاً بالإنقلابيين كطرف أصيل في إتفاق يؤسس لطبيعة السلطة القادمة، و كشريك في صياغة مستقبل السودان السياسي، تؤسس إرادته مع إرادة التسوويين لخارطة العمل السياسي ، و أسس إدارة الدولة و مؤسساتها ودستورها. و هذا يجعل شرعية السلطة القادمة، مستمدة من شراكة أسست لتوصيفها و منحتها وجودها. و بدلاً من محاسبة الإنقلابيين على إنقلابهم، تتم مكافأتهم بتمكينهم من المشاركة في تحديد مستقبل البلاد السياسي، و يتم الزعم مع ذلك بأنه لا توجد شراكة!!! فأي شراكة أكثر من ذلك؟ ألا تعتبر الإرادة المشتركة المؤسسة شراكة؟ ألا يعتبر من يحدد مصير البلاد و نظامها السياسي و يفرض إنقلابه كأحد إرادتين تعطي السلطة القادمة مشروعيتها شريكاً؟ إذا كانت الإجابة بلا، فمن هو الشريك و ما هي الشراكة؟ فوق ذلك، الإتفاق الإطاري مثله مثل الوثيقة الدستورية المعيبة، أخرج أدوات العنف (الجيش والجنجويد) من سلطة الحكومة والتبعية الكاملة المباشرة لها، وترك مهمة إصلاحها لها لتصلح نفسها بنفسها. وبذلك أخرج مظهر السلطة الأساسي من يد السلطة التنفيذية، وجعلها سلطة شكلية وعاجزة، لا سبيل لها لفرض إرادتها إلا عبر شراكة مع هذه الأدوات التي لاتخضع لسلطانها، فهل هذه شراكة أم لا؟ أما مشروع الإتفاق النهائي الذي كانت (قحت) على أتم الإستعداد لتوقيعه ومنعها من ذلك نشوب الحرب، والذي تسرب عبر وسائل التواصل الإجتماعي، فقد كان شراكة كاملة الدسم. فهو قائم على شراكة كاملة مع اللجنة الأمنية في تحديد هياكل الدولة ومؤسساتها وسلطاتها ، مع إخراج كامل للجيش والجنجويد من سلطة الحكومة الإنتقالية، وتكوين مجلس أمن ودفاع ذو صفة دستورية تهيمن عليه أدوات العنف وحلفائها في الإنقلاب من حركات محاصصة جوبا، يحكم رئيس الوزراء الذي يرأسه ويقيده بقراراته التي ستصدر بالأغلبية في الغالب، وعدم إخضاع الجيش والجنجويد وجهاز الأمن لسلطة الحكومة الإنتقالية بشكل تام، وإسناد إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية لأطراف اللجنة الأمنية، مع إشراك خجول للحكومة في وضع برنامج الإصلاح هذه المرة، على أن يكون متوافقاً مع الأسس الموضوعة في الدستور الذي ستسنه (قحت) بالشراكة مع الجيش والجنجويد الذين تم شرعنتهم مجدداً على مستوى دستوري، وتمت الموافقة على دمجهم بالجيش بدلاً من حلهم كما يطالب الشارع الثائر.
وكل هذه الوثائق، تخلق حكومة واجهة مدنية ليقال بأن السلطة مدنية خالصة، وهي حكومة رسمية (Dignified Government) لا حول لها ولا قوة لأنها منزوعة الأسنان وبدون أدوات عنف، مع حكومة فعلية (Efficient Government) تسيطر على إستخدام العنف وأدواته سيطرة كاملة، وتكامل الحكومتين هو الشراكة بعينها حتى تكون هناك سلطة تنفيذية فعلية قادرة على فرض إرادتها على الجميع. فوق ذلك وبالإضافة إليه، هذه الوثائق جميعاً حمت القضاء غير المستقل التابع للجنة الأمنية للإنقاذ بوصفه جزءاً من التمكين بمبدأ إستقلال القضاء، وهذا يعني إنفراد تلك اللجنة بالسلطة القضائية، مع خردقة وإختراق السلطة التشريعية بحلفائها الذين سيوقعون حتماً على الإعلان السياسي، وحلفائها من حركات محاصصة جوبا. ومفاد ذلك أن اللجنة الأمنية للإنقاذ تبقى شريكة مع (قحت) في السلطات الثلاث، فكيف تكون (قحت) قد أجمعت مع معظم القوى على التخلي عن الشراكة وهذا هو خطها السياسي وإتفاقاتها السياسية؟ بعد إندلاع الحرب ، نادت (قحت) بوقف الحرب والعودة للعملية السياسية على لسان الناطق الرسمي بإسمها، ولسان الناطق الرسمي بإسم العملية السياسية، وشاركت مع رئيس الوزراء المنقلب عليه في لقاءات تشاورية على هامش إجتماع رؤساء الإيقاد القائم على العودة إلى العملية السياسية ، وعقدت إجتماعها في القاهرة، وشاركت في إجتماع القوى المدنية الموقعة على الإتفاق الإطاري، ولم تقل ولو تعريضاً في كل هذه الفعاليات إنها ضد الشراكة مع طرفي الحرب، ولم تطالب علناً بإبعادهما من المعادلة السياسية بصورة شاملة. الإستثناء الوحيد هو تصريحات منسوبة لأحد منسوبي واحد من إحزابها، بعد أن صرح دبلوماسي أمريكي بأن الطرفين المتحاربين لا يصلحان للحكم، وهذا بالطبع ليس موقفاً مؤسسياً. وحتى تعلن (قحت) بشكل مؤسسي وبوثيقة أو تصريح من الناطق الرسمي بأنها لن تعود للشراكة بأي صورة من الصور، وأنها لن تقبل إشراك الطرفين المتحاربين في المعادلة السياسية، وأنها لن تشاركهما في صنع وتحديد هياكل الدولة ومؤسساتها وسلطاتها وتقديم دستور المنحة الإنتقالي، وأنها لن تقبل بأقل من خضوعهما خضوعاً كاملاً للحكومة المدنية الخالصة، تظل (قحت) في موقع الشراكة، ويظل الجذريون في محطة الشراكة حتى تغادرها (قحت). ف (قحت) ليس مطلوب منها نقد الشراكة، بل مغادرة الشراكة، وهو ما لم تفعله حتى الآن. فهل المطلوب من الجذريين أن يغادروا هذه المحطة قبل تغادرها الجهة المعنية أم ماذا؟ بالطبع سيبقى الجذريون يرفضون الشراكة والشركاء ، وحين تغادر (قحت) محطة الشراكة، وتترك الشراكة مع العدو، وتعود للتوافق على التناقض الرئيسي معه، الجذريون حاضرون للتحالف معها وقبول التناقضات الثانوية التابعة لذلك التناقض الرئيسي، على أساس برنامج حد أدنى هو برنامج الشارع الثائر لا برنامج الشراكة مع العدو.
(نواصل الحوار)  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: اللجنة الأمنیة الشراکة مع عن الشراکة التخلی عن شراکة مع

إقرأ أيضاً:

بعثة الأولمبياد الخاص المصري تغادر إيطاليا بعد إنجاز تاريخي بثلاث ميداليات

تغادر في الرابعة مساء بتوقيت ميلان بعثة الأولمبياد الخاص المصري مدينة تورين الإيطالية متجهة إلى القاهرة، بعد مشاركتها الناجحة في الألعاب العالمية الشتوية التي اختُتمت أمس، السبت .

حقق ابطال الاولمبياد الخاص المصري انجازات في تلك الالعاب حيث حقق اللاعب محمد النقاش الميدالية الذهبية في سباق 100 متر رجال لتزلج اختراق الضاحية بينما حصلت اللاعبة رضوى أبو سريع على الميدالية البرونزية في سباق 100 متر سيدات لتزلج اختراق الضاحية ، فضلا عن تحقيق انطوان سعد الميدالية البرونزية في سباق التزلج المتعرج علي الثلج ليرتفع إجمالي الميداليات إلى ثلاث ميداليات.

بينما حقق منتخب الجري علي الثلج مراكز متقدمة في اولي تقسيمات المسابقات حيث حقق اللاعب محمود اليهواشي المركز الخامس والمركز السادس بينما حققت ايمان الشافعي مركزين السادس ، بينما حقق فريق التزلج علي الثلج مرامز متقدمة حيث حققت اللاعبة نورهان عثمان مركزين الخامس والسابع بينما حقق انطوان مركز سادس بالاضافة الي الميدالية البرونزية ، وحقق رضوة ابوسريع مركز رابع بالاضافة الي الميدالية البرونزية ، بينما حقق محمد النقاش  الميدالية الذهبية.

أعرب الاستاذ الدكتور باسم تهامي رئيس البعثة المصرية عن فخره بالإنجازات المحققة، مشيرًا إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها مصر في رياضة تزلج اختراق الضاحية والتزلج على الثلج، مما يجعل هذه الميداليات إنجازًا تاريخيًا يُضاف إلى سجل مصر في الأولمبياد الخاص.

وأكد "تهامي" أن هذه النجاحات تعكس الجهد الكبير الذي بذله اللاعبون والجهاز الفني خلال فترة الإعداد، وتظهر قدرة المصريين على التميز في مختلف الرياضات.

ضمت البعثة المصرية 6 لاعبين ويتكون منتخب  تزلج اختراق الضاحية من محمد أيمن محمد عبد العظيم، رضوة محمد سعيد محمد ومنتخب الجري على الثلج من محمود  البهواشي، إيمان محمد شافعي ومنتخب التزلج على الثلج من أنطوان ماجد سمير، نورهان عثمان محمد عبد المنعم.

وكانت اختتمت الألعاب العالمية الشتوية للأولمبياد الخاص في تورين أمس بحفل ختامي شهد أجواء احتفالية، حيث عرضت فقرات فنية وثقافية عكست التراث الإيطالي، وسط حضور ومشاركة واسعة من الوفود الرياضية من مختلف دول العالم.

مقالات مشابهة

  • بعثة الأولمبياد الخاص المصري تغادر إيطاليا بعد إنجاز تاريخي بثلاث ميداليات
  • المجلس السياسي: الرد على العدوان سيكون بصورة احترافية وموجعة
  • الدفعة الـ43 من مرضى وجرحى غزة تغادر عبر معبر رفح
  • سفينة إيرانية تحمل مكونات صاروخية خطيرة تغادر الصين وسط مراقبة أميركية
  • وضع الأوطان مرآة لحكامها وليس لشعوبها!!!
  • أسماء صديق المطوع لـ24: الأدب الإماراتي يكتسب مكانته عالمياً وفي قلوب القراء
  • صحف عالمية: التجويع المتعمد للمدنيين في غزة جريمة حرب
  • بالفيديو.. شياخة يشارك بديلاً ويقصى أمام تشيلسي
  • شاهد بالفيديو.. وسط أجواء وصفها شهود عيان بــ(الخرافية).. شارع النيل الخرطوم يتحول إلى غابة وأشجاره تنتج ثمار وفواكه طبيعية
  • عضو لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري الأستاذ عبد الحميد العواك في مؤتمر صحفي: اخترنا نظاماً سياسياً يعتمد الفصل التام بين السلطات وهذا النظام السياسي المقترح في مسودة الإعلان الدستوري يساعد على إدارة المرحلة الانتقالية