يسود احتقان شديد في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، على خلفية "المطالب بتسليم مرتبات موظفي الدولة" المنقطعة منذ سنوات، بعد استئناف النشاط التجاري لميناء الحديدة على البحر الأحمر، وسط تساؤلات عن مآلات هذه الأزمة.

وألقت جماعة الحوثي باللوم على التحالف الذي تقوده الرياض بشأن أزمة المرتبات، رغم حجم الإيرادات التي تحصل عليها، ومنها إيرادات ميناء الحديدة التي سبق أن قالوا أنها ستخصص لتسليم مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرتها شمال ووسط وغرب البلاد، وفق مراقبين.



ويشترط الحوثيون لتسليم "الرواتب" أن "تكون من إيرادات النفط والغاز" في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها، والتي توقفت بسبب الهجمات التي شنتها الجماعة على موانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة، شرقي البلاد في العام 2022.

وما زاد الاحتقان شدة، هو دخول حزب المؤتمر الشعبي العام ( الجناح المتحالف مع الحوثي في صنعاء)، عبر رئيسه، صادق أبو راس، في سياق المطالب للجماعة بتسليم مرتبات الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها.


" من حق الموظفين"
وقال أبو راس، في كلمة خلال احتفال الحزب الذكرى 41 لتأسيسه، في صنعاء، أواخر أب/ أغسطس الفائت، "إن من حق الموظفين المطالبة بدفع الرواتب كونها سلطة أمر واقع"، مطالبا السلطات التابعة للجماعة "تسليم شيكات آجلة لكل موظف محروم من راتبه بوصف ذلك التزاما من قبلها حال توافر الأموال، أن تصرف لهم مرتباتهم جميعها دون نقصان".


كما حث رئيس حزب مؤتمر صنعاء جماعة الحوثي المتحالف معها "بالشفافية وتقديم شرح مفصل لليمنيين عن الموازنات والمبالغ المالية التي صرفت، وكيف تم صرفها".

فيما اتهم رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين والتي يشارك حزب المؤتمر بممثلين فيه، مهدي المشاط في كلمة ألقاها أمام جموع من مناصريه بمحافظة عمران، قبل أيام، "أبو راس" والمعلمين والأكاديميين وأساتذة الجامعات والموظفين الحكوميين المطالبين بالرواتب، بـ "الحمقى والغوغائيين والعملاء" و"بإثارة الفتن والمؤامرات والعمل لمصلحة المخططات الأمريكية".



"سياسة مقصودة"
وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع إنه "لم يتعرض الشعب اليمني لعدوان داخلي من قبل الحوثيين ترتب عليه عدوان خارجي من قبل دول التحالف فحسب، بل تعرض أيضا لتجريف اقتصادي من قبل الطرفين أيضا الذين اتبعوا سياسة تجويع ممنهجة، إذ أن المرتبات في مناطق سيطرة الحوثيين هي مسؤولياتهم، بل هي استحقاق لحكمهم، لكنهم يريدون أن يحكموا بدون مقابل" على حد وصفه.

وأضاف الشجاع وهو قيادي بحزب المؤتمر في حديث لـ"عربي21" أن انقطاع المرتبات لم يكن بسبب شح في الموارد، بل هي سياسة مقصودة لذاتها، "كون طرفي الحرب يريدون قتل أكبر قدر ممكن من اليمنيين".

وتابع: "فقطع المرتبات يجبر الناس على الذهاب إلى جبهات القتال فيموتون أو يعاقون، ويجعل الناس بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وبالتالي يتم التحكم بتبعية الناس لهذا الطرف أو ذاك، ويجعل الناس يموتون جوعا وأذلاء غير قادرين على رفع رؤوسهم وهو ما اشترك فيه طرفا الحرب".

وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن السعودية تحكمت بتقديم المساعدات عن طريق مركز الملك سلمان ومنعت أي مساعدات تأتي خارج المركز لتضمن من التحكم بمقاليد الشرعية وتبعيتها لها ومنعت تصدير الغاز الذي يدر أموالا تكفي لتشغيل ميزانية الدولة، وأحلت الفساد داخل منظومة الشرعية.

وأكد أن "أهداف الطرفان متوافقة، ساعدهما على ذلك صمت الأمم المتحدة التي لم تحرك ساكنا في قضية المرتبات بالرغم من أنها واحد من الحقوق الرئيسية التي لا يسمح بالمساس بها".


واستدرك قائلا: "لكن الأمم المتحدة، صمتت عن ذلك، لكي تتسول مساعدات إنسانية باسم اليمنيين وتنفقها بمعرفتها وحولت الشعب اليمني إلى شعب معاق تتسول باسمه" على حد قوله.

ورأى الشجاع أن "السعودية تتفاوض على المرتبات مع الحوثيين، وتريد تسليمها لهم لكي يتحكموا بالناس أكثر فأكثر".

وقال: "اليوم وبعد الهدنة، تكشف للناس أنهم وقعوا بين عدوانيين، داخلي وخارجي وبدأوا يطالبون بمرتباتهم التي احتجزت تحت مبرر العدوان...فهاهما يجلسان معا ويأخذان بعضهما البعض بالأحضان وأصبحت صنعاء والرياض وجدة ومكة ومسقط أماكن للقاءاتهما"، على حد قوله.

وأوضح عضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر أن أصوات الناس بدأت ترتفع وستزداد بالارتفاع وسوف تتحول إلى زمجرة تقتلع الحوثيين.

وتوقع أن الأيام القادمة ستكون محتقنة لتعطي الإشارة للناس بأنه قد حان إزالة هذا الأذى الذي حل على رؤوس اليمنيين.

"اشتعال الأزمة"
و اشتعلت أزمة " الرواتب" بعد إعلان نادي المعلمين والمعلمات اليمنيين (كياني نقابي) أواخر تموز/يوليو الماضي، "الإضراب العام والشامل في مناطق سيطرة الجماعة حتى صرف رواتبهم المقطوعة منذ سبعة أعوام".

ويتمسك النادي بمطالبه، رغم تهديدات الحوثيين، إذ جدد نادي المعلمين في الأيام الماضية، رفضه "إنهاء الإضراب حتى وصول إشعارات بنكية عن تحويل تلك المستحقات إلى حسابات جميع العاملين في قطاع التعليم من مدرسين وتربويين وموجهين وإداريين".

"فقدت مبرراتها"
من جانبه، قال رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات، عادل الأحمدي إن الاحتقان الحاصل في مناطق سيطرة الحوثي في واقع الأمر بمثابة الواقع الذي لا مفر بالنسبة للجماعة منه، كحصيلة لجملة من العوامل أولها ما لحق المواطن اليمني عموماً وبعض الفئات بشكل خاص مثل الموظفين، جراء الحرب التي أشعلها الحوثي في اليمن منذ ما يقرب من 9 سنوات، بل منذ صيف 2004.

وأضاف الأحمدي في حديثه لـ"عربي21" : "الآن في ظل الهدنة أو توقف الحرب إلى حد كبير، بدأت المليشيات تفقد مبرراتها الواهية التي كانت تلوكها للتهرب من دفع حقوق الموظفين المنهوبة وبعض الالتزامات البديهية".

وأشار إلى أنها مسألة ما تزال حبلى بثورة حقيقية ستندلع اليوم أوغداً طالما أن هناك نهبا وسلبا ومصادرة للحقوق وسطوا على الإيرادات وما إلى ذلك من تعسفات وممارسات إرهابية حوثية.

وكثف الحوثي "حربه على الفئات الصامتة في مناطق سيطرته منذ تراجعت وتيرة الحرب في الجبهات، إذ استمرت المليشيات بالحرب على أكثر من صعيد، ومنها الحرب على المواطن وما تبقى من مصادر رزقه، بدلاً عن الاتجاه للقيام بالحد الأدنى من الواجبات التي تفرضها سيطرتها على مؤسسات الدولة"، حسبما ذكره الأحمدي.

واعتبر رئيس مركز نشوان للدراسات أن تصريحات أبوراس كانت شجاعة وعبرت عما يكنه الغالبية من المواطنين في هذه المناطق، وما يتعلق بموظفي الدولة الذين تواصل المليشيات نهبهم على وجه خاص.

وقال،إنه من الواضح أن الاستنفار الحوثي تجاه تلك التصريحات تعبير عن عجز وتخبط وإفلاس، وإلا فإن كان لديهم ما يردون سيردون بالحجة والدليل وليس بإلقاء الاتهامات ومحاولات الترهيب.

وأردف قائلا: "لن يكون بأيدي الحوثيين أن يلحقوا بأبي راس والمؤتمر أكثر مما فعلوا، فهم عملياً يحرضون عليه وعلى الحزب وعلى كل من لا يتبعهم، ليل ونهار وكلنا نعلم كيف أنهم سلطوا سفهاءهم بالتهجم عليه بمختلف الوسائل"، على حد وصفه،


فيما  استدرك قائلا: "لكنهم كلما أوغلوا في الإرهاب والتسفيه، كلما أصبح انتصار اليمنيين على هذه الجائحة أقرب من ذي من قبل".

وفي أحدث مواقف الجماعة بشأن الرواتب، دعا عضو المجلس السياسي التابع للحوثيين، محمد علي الحوثي عبر موقع "إكس" ( تويتر سابقا) أمس الأحد، لـ"بيع البيوت و"المقرات المؤجرة لجماعته" من ممتلكات النظام السابق(في إشارة لحزب المؤتمر) إذا تأكد أنها ليست من أموال ورثها المسؤول عن أبيه أو أمه" وتوريدها لصالح صندوق المعلم الذي يرأسه، شقيق زعيم الجماعة، يحيى الحوثي، وزير التربية والتعليم في حكومة الجماعة غير المعتر ف بها.

مالم يكن هناك مانع شرعيا او قانونيا
نوجه الاخوة في وزارة المالية ومكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والنائب العام
ببيع اي مقرات مؤجرة لانصار الله من ممتلكات النظام السابق اذا تأكدت الجهات انها ليست من اموال ورثها المسؤل عن ابيه او امه .
ايضا بيع بيوت المرتزقة الذين ثبت… — محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) September 2, 2023

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحوثيون المؤتمر الشعبي صنعاء المعلمين صنعاء الحوثي المعلمين المؤتمر الشعبي أزمة رواتب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مناطق سیطرة فی مناطق من قبل على حد

إقرأ أيضاً:

كيف عمّقت هجمات الحوثي على التجارة الدولية مأساة اليمنيين؟

كيف عمّقت هجمات الحوثي على التجارة الدولية مأساة اليمنيين؟

مقالات مشابهة

  • كيف عمّقت هجمات الحوثي على التجارة الدولية مأساة اليمنيين؟
  • المعلمون اليمنيون يرفضون التدريس بمناطق الحوثي يؤكدون على إضرابهم الشامل
  • قاض يمني يضع شريطاً لاصقاً على فمه تعبيراً عن حالة القمع والتكميم الحوثي للافواه (صورة)
  • يغذيها الحوثي.. تصاعد الحروب القبلية في مناطق سيطرة المليشيات
  • الكشف عن جرعة سعرية وشيكة بصنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين
  • الإعلان عن نتيجة اختبارات الشهادة الأساسية بمناطق الحوثيين بنسبة نجاح 88.10 %
  • من ذمار إلى تعز.. مركبات الحوثي تدهس اليمنيين
  • تحركات عدائية حوثية لإغلاق منفذ القصر وإفشال جهود فتح طرقات أخرى إلى المدينة
  • اختراق خطير.. مليشيا الحوثي تنجح في حفر أنفاق تمتد إلى مناطق سيطرة الشرعية في تعز
  • عملية عسكرية ناجحة في عمق سيطرة الحوثيين