سلطت الكاتبة المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط، أمبرين زمان، الضوء على ما اعتبرته فشلا للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالعودة إلى اتفاق الحبوب المهم في البحر الأسود بعد اجتماعهما، الإثنين، في مدينة سوتشي الروسية.

وذكرت أمبرين، في تقرير نشره "المونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الزعيمان أكدا أنهما يعملان على خطة منفصلة لإرسال الحبوب إلى الدول الإفريقية الأكثر احتياجا بدعم مالي من قطر.

وأشارت أمبرين أن نتيجة اجتماع أردوغان-بوتين ضربة للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإعطاء الأولوية لمبيعات الحبوب الأوكرانية بشكل آمن عبر البحر الأسود، ما قد يترك أوكرانيا دون وسائل لتخزين الإمدادات غير المباعة.

وقال بوتين، في مؤتمر صحفي بعد المحادثات مع أردوغان إنه مستعد لإحياء اتفاق الحبوب السابق لكن فقط إذا تم الوفاء بشروط روسيا.

وتقول روسيا إن الاتفاق الذي توسطت فيه مع الأمم المتحدة بالتوازي مع اتفاق آخر، تم التوصل إليه بين تركيا والأمم المتحدة وأوكرانيا في يوليو/تموز 2022 لم يتم تنفيذه بشكل عادل، إذ تعرقلت صادراتها الزراعية.

وهنا تشير الكاتبة إلى أن روسيا غاضبة بشكل خاص لأنها لم تتمكن من تصدير الأمونيا التي تستخدم لإنتاج الأسمدة، ولأن القيود لاتزال مستمرة على وصولها إلى نظام المعاملات المالية "سويفت".

وأضافت أن أردوغان بدا مؤيدا لبوتين بعد المباحثات، قائلا: "نعتقد أن المبادرة يجب أن تستمر من خلال تصحيح أوجه القصور"، بل انتقد أوكرانيا قائلاً إنها بحاجة إلى أن تكون أقل عناداً فيما يتعلق بممر الحبوب.

وأضاف أردوغان بعد محادثاته مع بوتين: "ممر البحر الأسود سيخدم الدول الأكثر فقرا التي سيتم شحن هذه الحبوب إليها".

واعتبرت أمبرين هذه التصريحات دليلا على فشل أردوغان في التصدي لخطابات بوتين المناهضة لأوكرانيا، وادعائه بأن كييف "مزقت وألقت في سلة المهملات" مخطط وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه تركيا في الأيام الأولى من الحرب.

اقرأ أيضاً

لإنقاذ صفقة الحبوب.. وزير الخارجية التركي في روسيا قبل وصول أردوغان

واستشهدت الكاتبة بوصف يفغينيا جابر، الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلسي والدبلوماسية الأوكرانية السابقة التي خدمت في تركيا، للمشهد في سوتشي بأنه "صورة غير عادلة وغير سارة"، مضيفة: "كان من المحزن أن نرى زعيم بالناتو يقف إلى جانب مجرم حرب، ويستمع إلى أكاذيبه ودعايته وتضليله حول صفقة الحبوب ولا يرد على ذلك".

وشدد الزعيمان على أن مبادرة قطر لم يكن المقصود منها أن تكون بديلاً لمبادرة حبوب البحر الأسود، ولا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر ذلك على الجهود التي تقودها الولايات المتحدة وأوكرانيا لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر الموانئ البلغارية والرومانية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان مخطط قطر هو لمرة واحدة أم أنه سيستمر.

وأعلنت روسيا في 17 يوليو/تموز انسحابها من المبادرة، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الحبوب العالمية. وشنت روسيا منذ ذلك الحين سلسلة من الهجمات على ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود.

وتضغط تركيا، التي لعبت دور الوسيط منذ بداية الصراع الأوكراني في فبراير/شباط 2022، على الكرملين للانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير حبوبها إلى الأسواق العالمية دون مواجهة هجوم من السفن البحرية الروسية في البحر الأسود.

وضمنت الصفقة نقل ما يقرب من 33 مليون طن من المحاصيل من الموانئ الأوكرانية تحت الحماية التركية، وكان من شأن نجاح مباحثات أردوغان-بوتين أن تعزز مكانة الرئيس التركي قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في الهند في 8 سبتمبر/أيلول.

لكن الزعيمان اتفقا، بدلاً من ذلك، على تنفيذ مخطط منفصل يرسل بموجبه مليون طن من الحبوب إلى 6 دول أفريقية بعد معالجة الحبوب وتحويلها إلى دقيق في المصانع التركية. وسيتم تمويل شراء الحبوب من روسيا من قبل قطر، الحليف الوثيق لتركيا، وسيتم منحها للأفارقة مجانًا، بموجب هذا الاتفاق.

وفي السياق، قال يوروك إيشيك، المحلل الجيوسياسي المقيم في إسطنبول والذي يراقب الصراع عن كثب: "هذه صفعة كبيرة على وجه أوكرانيا (..) قد يكون ذلك جيدًا للأفارقة، لكن روسيا ستحصل على أموال يمكنها من خلالها الاستمرار في تمويل حربها ضد أوكرانيا".

وقال مايكل تانشوم، الزميل غير المقيم في معهد الشرق الأوسط: "هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لأوكرانيا لأنهم كانوا يحاولون بيع القمح من السنوات السابقة. لن يكون لديهم مساحة تخزين كافية وقد يخسرون المحاصيل والعائدات نتيجة لذلك".

وتفاقمت المشكلة بسبب الهجمات الروسية على البنية التحتية البحرية ومنشآت تخزين الحبوب في أوكرانيا، التي تقول إن ما يصل إلى 60 ألف طن من الحبوب تم حرقها في الضربات حتى الآن.

والنتيجة هي أن المزارعين الأوكرانيين سيفتقرون إلى الوسائل اللازمة لزراعة منتجات جديدة، ما قد يدفع الدولة، التي مزقتها الحرب، إلى الخروج من تجارة الحبوب العالمية تمامًا، حسبما قال تانشوم لـ "المونيتور".

وعلى الجانب الآخر، ستستفيد أفريقيا، فإحدى أهم الشكاوى المتعلقة بالصفقة الحالية هي أن أكثر من نصف القمح الذي يتم شحنه عبر البحر الأسود، وهو ما يمثل 51% من إجمالي شحنات الحبوب، لا يذهب إلى الدول الأكثر احتياجًا، بل إلى الدول الغربية.

وهنا تشير أمبرين إلى مفارقة، وهي أن تركيا هي ثالث أكبر مشتر لهذا القمح، بعد الصين وإسبانيا، وهي أكبر مصدر للدقيق في العالم والثانية للمعكرونة، وهو ما علقت عليه بالقول: "هذا فوز كبير لتركيا، فبدلاً من مجرد الحصول على القمح الأوكراني، ستحصل على المزيد من القمح الروسي وتحافظ على دورها المهيمن في سلسلة توريد القمح إلى صناعة الخبز".

وتشير الكاتبة إلى أن مباحثات أردوغان-بوتين انطوت على ما هو أكثر من القمح والخبز، مثل الخطط الروسية لإنشاء مركز للطاقة في تركيا، حيث ستقوم بتسويق غازها الطبيعي من خلاله، إضافة إلى ملف سوريا، حيث أقام البلدان علاقة تنسيق على الرغم من دعمهما لأطراف المتعارضة في الصراع المستمر منذ 12 عامًا.

كما بحث كل من أردوغان وبوتين العلاقات الاقتصادية، وتحدثا عن أرقام عدد السياح الروس الذين زاروا تركيا هذا العام حتى الآن وفي العام الماضي.

وأشار بوتين إلى أن الوحدة الأولى من أول محطة للطاقة النووية في تركيا، والتي تبنيها شركة روساتوم الروسية وتوظف أكثر من 20 ألف تركي وروسيا، ستدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

اقرأ أيضاً

كبير مستشار أردوغان: لدينا شكوك حول استمرار اتفاقية الحبوب

المصدر | أمبرين زمان/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تركيا روسيا أوكرانيا البحر الأسود صفقة الحبوب أردوغان بوتين البحر الأسود إلى أن

إقرأ أيضاً:

الالتقاء بين الأسود والتماسيح

إلتحام قوات الجيش الفرقة 17 سنار (الأسود) والفرقة 18 كوستي (تماسيح بحر أبيض) ، ذو قيمة عسكرية كبيرة ، ويمكن الإشارة إلى ذلك فى ثلاث نقاط:

أولا: ما حدث هو نتيجة خطة عسكرية محكمة ، ولذلك فإن العملية العسكرية ومع تعقيداتها واتساع رقعتها ، فانها لم تستغرق الكثير من الوقت ، ما بين 3- 5 ايام ، مع أن التحرك شمل عدة محاور ، هجوم مباشر من ناحية سنار واخر من ناحية ربك ، ومناورات غير مباشرة لقطع الامداد والفزع ومساهمة الطيران وتحييد المناطق ، وهذه نقطة مهمة ، فالمليشيا ورغم التحصينات الدفاعية والطبيعة (سلسلة جبال موية وفنقوية وسقدى) ، والحاضنة الإجتماعية ، فانها لم تصمد طويلا و انهارت فعليا امام هجوم كاسح وحاسم وقيادة مدركة لتفاصيل واهمية المنطقة..

وثانيا: فإن التقاء الجيشين يعزز قدراتهما الهجومية ، وفى المقابل فإن الهزيمة قصمت ظهر المليشيا من عدة نواح ، فقد افقدتها المخزون الكبير من الاسلحة والذخائر والمنصات والقاعدة ، وافقدتها الترابط فى الامداد والفزع العسكري ، وحيدت الحاضنة الاجتماعية ، وما تبقى هو مجموعات شفشافة تراجعت ناحية الدالى والمزموم والى سنجة.. وهى قوة بلا دافعية وبلا قيادة فعلية وبلا هدف..

وثالثا: فإن الالتقاء هو بداية وتحضير لعمل عسكري اكثر أهمية من خلال إزالة وتقليم الاظافر وتبديد القوة واستنزاف القدرات ، والحالة النفسية للمليشيا الآن في تراجع وانكسرت عزيمتهم ، وهذا نصف الانجاز العسكري ، ومع سطوة السلاح فإن الخيار امامهم الاستسلام أو الهزيمة..
انخفضت حالة الزهو الكذوب ومعها هبطت روح الدعاية والضوضاء ، ومع تحركات القوات المشتركة فى دارفور وامتدادات القوات فى بحري وفى الجزيرة ، فإن كثير من الاوراق سيتم إعادة قراءتها..

ابراهيم الصديق على
6 اكتوبر 2024م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أردوغان: تركيا الدولة الوحيدة التي فرضت قيودا اقتصادية على إسرائيل
  • الالتقاء بين الأسود والتماسيح
  • مصر ترسل مساعدات للبنان.. وتجلي مواطنيها الراغبين بالعودة
  • هل تقوم تركيا بما يكفي للسيطرة على التضخم المرتفع؟
  • أسعار الغذاء بالعالم تسجل أكبر زيادة خلال 18 شهر
  • الفاو: ارتفاع أسعار الغذاء العالمية بفعل زيادة السكر في سبتمبر
  • بايدن عن لقاء محتمل مع رئيس روسيا: أشك في حضور بوتين
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي: لن نسمح لحزب الله بالعودة إلى المناطق القريبة من الحدود
  • أندرو غارفيلد: هذه شروطي للعودة إلى سبايدرمان
  • «صناعة الحبوب» تشيد بقرار زيادة سعر أردب القمح المحلي إلى 2200 جنيه