بعد 14 عاماً من انعقاد قمة مجموعة العشرين في لندن، حين أعلن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك غوردون براون عن "نظام عالمي جديد"، حيث تجتمع الدول الثرية مع الدول النامية لمواجهة التجاوزات والتحديات التي تفرضها العولمة، والاتجاه لعصر تقدمي جديد من التعاون الدولي، ستعكس قمة مجموعة العشرين في الهند في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مدى انقسام الآمال في نظام عالمي قائم على القواعد الغربية، وتقسيم العالم إلى معسكرين ديمقراطيين واستبداديين.

وذكر تحليل لشبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الخطر الأكبر الذي تنطوي عليه القمة هو أنها قد تؤدي في الواقع إلى زيادة العداء بين العديد من الدول الغربية والنامية التي تم إنشاء المجموعة من أجل تجاوزها، ومن المؤكد أن أي انعدام جديد للثقة بين الديمقراطيات الغربية والدول النامية في مجموعة العشرين، يصب في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ.

غياب صيني يثير القلق

ولا يستطيع الرئيس فلاديمير بوتين المخاطرة بالسفر للمشاركة في قمة العشرين، في حال القبض عليه بتهمة ارتكاب جرائم حرب بموجب مذكرة دولية.. ومن المرجح أن الزعيم الصيني شي جينبينغ، لن يحضر القمة.

#G20Summit2023 latest US mainstream media spin is China president Xi is not going to G20 because of China-India border dispute. But Xi & Modi meet regularly at BRICS gatherings so alleged border dispute can't be the reason. Reason: Xi refuses to meet and talk with Biden at G20

— Dr. Jack Rasmus (@drjackrasmus) September 5, 2023

وقال التحليل: "غالباً ما يكون منطق شي غامضاً، ولكن عدم حضوره قد يكون احتجاجاً على التوترات الحدودية المتصاعدة والقلق الجيوسياسي المتزايد تجاه الهند، القوة العظمى في شرق المحيط الهادئ، أو ربما يكون الدافع وراءه مخاوف اقتصادية داخلية بشأن أزمة سوق العقارات في الصين.. لكن "شي" وجد الوقت لحضور قمة دول البريكس في جوهانسبرغ الشهر الماضي.

ورحبت مجموعة البريكس -التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا- بالأعضاء الجدد، المملكة العربية السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة.. وقد تم تفسير هذه الخطوة على نطاق واسع على أنها خطوة أخرى من جانب الصين نحو إنشاء نظام عالمي منافس للولايات المتحدة وحلفائها، حيث تقود مجموعة من الدول النامية.. وفي ضوء ذلك، فإن غيابه عن مجموعة العشرين يأخذ منظوراً جديداً تماماً.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في نهاية الأسبوع إنه يشعر بخيبة أمل لأنه لن يرى شي، بعد أن زارت مجموعة من مسؤولي السياسة الخارجية والتجارة الأمريكية بكين، في محاولة لإبطاء العلاقات المتدهورة.

#Exclusive: Former Defence Minister Of Japan Yasuhide Nakayama speaks to CNN-News18's @akankshaswarups on #G20 Summit and criticizes Xi Jinping and Putin's absence
#Japan #G20Summit2023 #G20SummitDelhi pic.twitter.com/2kNdwhHExH

— News18 (@CNNnews18) September 5, 2023
تقوية العلاقات الأمريكية - الهندية

وقد يظل بايدن قادراً على عقد اجتماع ثنائي مع شي في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في سان فرانسيسكو في نوفمبر (تشرين الثاني).. لكن هيئة المحلفين لا تزال غير متأكدة مما إذا كانت بكين حريصة على تخفيف العلاقات المتضررة من الأزمة، بقدر حرص واشنطن على ذلك.

وقد يوفر غياب شي لبايدن فرصة لدفع علاقته مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي رحب به في حفل عشاء رسمي متألق في البيت الأبيض في يونيو (حزيران)، وترغب الولايات المتحدة في دفع الهند إلى مكان أقرب إلى الترتيبات الأمنية والتجمعات السياسية التي تضم حلفاءها في منطقة المحيط الهادئ، في حين تسعى إلى موازنة القوة الصينية الصاعدة.

وخيبت نيودلهي آمال الغرب بفشلها في إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا بقوة، واستفادت من النفط الروسي الرخيص بعد مقاطعة الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة، باعتبارها قوة صاعدة لا تزال تعتبر دولة نامية، وتعد الهند عضواً رائداً في كل من مجموعة بريكس ومجموعة العشرين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني مجموعة العشرين مجموعة العشرین

إقرأ أيضاً:

حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج

يبدو أن دول الخليج أمام حقبة مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. كمية الأموال التي تنفقها في أشياء قد تتجاوز الخيال على عكس ما كان الأمر قبل ثلاثة عقود أو أقل، يؤكد أنها قادمة بقوة إلى عالم الاستثمار، لتكون لاعبا أساسيا في الاقتصاد العالمي. هناك تفكير بين صناع القرار ليس في كيفية الوصول إلى المستقبل بتوظيف هذا الأموال، بل كيف نصل إلى الهدف دون ضجيج جيوسياسي.
تركيز الحكومات على الاستثمار بمبالغ ضخمة يعكس فهما عميقا بالنسبة إلى القادة الخليجيين و\خاصة السعوديين، والإماراتيين، والقطريين للميزة الإستراتيجية التي تتمتع بها المنطقة في الوقت الحالي. الجمع بين الموارد المالية الهائلة والموقع الجيوسياسي والترابط العالمي المتزايد يمثل فرصة فريدة لهذه الدول لوضع نفسها بطرق لا تستطيع الدول الأخرى، وخاصة المنشغلة بالتحديات الحالية، أن تفعلها.
المنطقة اليوم في وضع فريد يسمح لها بأن تقول لبقية العالم: “لقد حان الوقت لنوع مختلف من العمل،” بل “نحن نتصرف الآن، ولكن ليس بالطريقة التي يتوقعها العالم.” منطقة لديها كثرة في الأموال، والفرص التي لم تُغتنم في السابق جاء وقت الاستمتاع في كيفية إنفاق السيولة عليها بعيدا عن ضوضاء السياسة والحروب والخلافات الإقليمية والدولية، التي بات التعايش معها أمرا لا مفر منه. من يديرون الحكم أنفسهم يعون ذلك جيدا.


هل يمكن اعتبار أن هذا التحول المذهل له ثمن؟ وما هو؟ أم أنه حنكة سياسية رسمتها قيادات المنطقة لتكوين قدرة استثمارية لم تحدث في التاريخ أبدا، بينما العالم منشغل بمشاكل لا حصر لها؟
إحدى الأفكار الرئيسة اللافتة هي أن هذه الدول تستطيع أن تركز على التحول إلى نفسها. لم يكن ذلك ضمن اهتماماتها في السابق. هذا يعني أن لها القدرة على الاستثمار في المشاريع والصناعات التي تضمن لها السيادة على المدى الطويل. لم يعد يُنظَر إلى الثروة الناتجة عن النفط والغاز باعتبارها مجرد سلعة لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، بل باعتبارها حجر الأساس لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. القدرة الاستثمارية تسمح لها بتجميع ليس فقط رأس المال المالي، ولكن أيضا الأصول الإستراتيجية على مستوى العالم.
ومن خلال التركيز على بناء استثمارات داخلية ضخمة مستدامة طويلة الأجل مع التوسع في الخارج عبر صفقات مدروسة بعيدا عن الأموال الساخنة ضمن دبلوماسية الكل صديق لنا ما دمنا نربح ماديا وسياسيا، تستطيع هذه الدول أن تضمن أنها ليست مجرد لاعبين مهمين في الأسواق العالمية، بل ومهندسين نشطين لمستقبل الكوكب.
كل التحديات بالنسبة إليهم ستكسر عاجلا أم آجلا لا يهم الوقت. هناك احتياطيات مالية تفوق 4 تريليونات دولار، أكثر من نصفها عبارة عن أصول تديرها صناديقها السيادية العملاقة. هي فرصة لجعل تلك الثروة تنمو باطراد رغم المناخات السياسة المتقلّبة.
العالم يتعامل اليوم مع العديد من الأزمات، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى التوترات الجيوسياسية، وتغير المناخ، والاضطرابات الاجتماعية. في المقابل، تمنح البيئات السياسية والاقتصادية المستقرة في الخليج هذه الدول ميزة تنافسية. فهي لا تتعثر في هذه الأزمات بنفس القدر الذي تتعثر فيه الدول الأخرى، ويمكنها استخدام مواردها للمضي في مشاريع طموحة قد يتردد الآخرون في متابعتها.
هذا الاستقرار، إلى جانب الحياد الإستراتيجي في السياسة العالمية، مثل تجنب التورط في صراعات غير ضرورية، وما أكثرها في منطقتنا، يمنح قادة الخليج موقفا متميزا وقويا. فدولهم تملك الأدوات الكافية للتصرف بشكل أكثر حزما وبسرعة أكبر من العديد من الدول الأخرى، التي غالبا ما تشتت انتباهها المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية المباشرة.


هي الآن تمتلك سيولة كبيرة تشغيلية وإستراتيجية، وعلاقات دولية واسعة النطاق. هذا المزيج يمنحها أفضلية للوصول إلى الفرص التي لا تستطيع معظم الدول منافستها، كالاستثمار في التقنيات الناشئة والبنية الأساسية وغيرها من الصناعات المتقدمة. إن صناديق الثروة مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز أبوظبي للاستثمار ومبادلة والقابضة (دي.إي.كيو) وهيئة الاستثمار القطرية من بين الأكبر في العالم، تعد أدوات حاسمة تمكنها من الاستثمار على نطاق عالمي وبلا توقف.
أضف إلى ذلك، تتمتع دول الخليج برفاهية بناء شبكة عالمية من العلاقات المتعددة تمتد عبر الشرق والغرب. تسمح لها هذه الروابط بإنشاء تعاون مبني على المصالح المفيدة للطرفين، ما يبني أسس استثمارات رائدة في كل شيء من المدن المستقبلية العملاقة مثل نيوم، مرورا بالطاقة البديلة إلى الذكاء الاصطناعي. والأهم من ذلك كله أن رسم حدود التوازن الاقتصادي الداخلي والعلاقات الدولية تشكل نقطة مفصلية. كيف ذلك؟
سياسة الصمت السياسي بعيداً عن أن يكون علامة على التقاعس لجعل رقعة الأعمال تتوسع دون خطر هو في الواقع إستراتيجية ذكية. في عالم حيث يمكن فحص كل خطوة سياسية وتسييسها، فإن قدرة دول الخليج على البقاء هادئة نسبيا على المسرح السياسي العالمي تسمح لها بالتركيز على ما هو مهم حقا: التنمية الاقتصادية والتكنولوجية. وعبر تجنب التورط في المناقشات السياسية التي لا نهاية لها، يمكن لهذه البلدان أن تولّد بيئة حيث يمكن لأعمالها أن تزدهر دون التشتيت أو التحديات التي تأتي مع المواقف الجيوسياسية.
يمكن اعتبار هذا التكتيك خيارا متعمدا لتجنب التدخل في الصراعات العالمية، وتوجيه الموارد بدلا من ذلك، نحو بناء شيء تحويلي ذي فائدة. فالسياسيون والمسؤولون الخليجيون يدركون جيدا أن التركيز والاهتمام بالرخاء الاقتصادي طويل الأجل اليوم سيوفر لبلدانهم مسارا للأجيال القادمة من الثروة والنفوذ مستقبلا. وفي حين قد تكافح دول أخرى مع عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، فإن دول الخليج قادرة على استخدام ثرواتها ونفوذها للمضي قدما بطرق فعالة وقوية.
النهج الذي تتسلط عليه الأضواء والمتعلق بتوفير قدرة استثمارية لم يسبق لها مثيل من قبل، هو بالضبط ما تحتاج إليه دول الخليج. فهو لا يسمح لها فقط بتجاوز العواصف العالمية فحسب، وإنما أيضا باستخدام قوتها المالية وموقعها الإستراتيجي لإعادة تعريف دورها في العالم، الذي لطالما كان يركز باعتبارها تسبح على احتياطي هائل من النفط والغاز وتذهب مبيعاته للإنفاق الباذخ دون أيّ فائدة ترجى.

مقالات مشابهة

  • محافظ البنك المركزي يرأس وفد مصر المشارك في اجتماع مجموعة العشرين
  • حسن عبد الله يرأس وفد مصر في اجتماع وزراء مالية ومحافظي بنوك مجموعة العشرين بجنوب أفريقيا
  • فريق الحوكمة والمراجعة بالصحة يتفقد 3 مستشفيات في الوادي الجديد.. ماذا وجد؟
  • وزير الاتصالات للمرأة في يومها العالمي: كل عام وأنتِ القوة التي تبني المستقبل
  • الهند تبدي استعدادها لتخفيض التعريفات الجمركية وترامب يرحب
  • ماذا نعرف عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا قبل قرار ترامب بإيقافها؟
  • أستاذ علوم سياسية: مجموعة من الدول سارعت لتأييد القضية الفلسطينية لإعادة إعمار غزة
  • إدارة ترامب تستعد لحظر السفر الجديد بمراجعة برامج التأشيرات
  • حقبة الاستثمار العالمي بتوقيت الخليج
  • ترامب ينتقد الرسوم الجمركية التي تفرضها الهند على السلع المستوردة