قواعد المعارك العشر .. القاعدة الخامسة: بين المرونة والصلابة
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
#قواعد_المعارك العشر .. القاعدة الخامسة: بين #المرونة و #الصلابةؤ
م. #انس_معابرة
عندما سُئل معاوية بن أبي سفيان عن سبب طول مدة حكمه، ورضى الخلفاء المتعاقبين والناس عنه أجاب: “احافظ على شعرة بيني وبينهم، إن هم جذبوها أرخيت قبضتي قليلاً، وإن هم أرخوا قبضتهم جذبتها إليّ، فهي لا تنقطع”.
وفي المثل الشهير يقال: “لا تكن ليناً فتُعصر، ولا تكن صلباً فتُكسر”، ولكن ما علاقة هذه البداية في قواعد المعارك التي نتحدث عنها في هذه السلسلة؟
مقالات ذات صلة اتركوا لنا نافذة نتنفس منها حب الوطن….!!! 2023/09/04
الحقيقة أن البعض قد يكون جاهزاً للفوز بالمعركة، استعدَّ لها بشكل جيد، وامتلك السرعة اللازمة، والروح القتالية المرتفعة كذلك، بالإضافة الى دراسته لنقاط القوة والضعف لنفسه ولخصمه على حد سواء، ولكنه يخسر المعركة بسبب جموده، وعدم قدرته على المراوغة في المعركة.
قد تحتاج أحياناً إلى إستخدام القوة للفوز بالمعركة، عندها وجب أن تكون صلباً كالفولاذ، صارماً بتاراً كالسيف، مُقدماً غير مُدبر، لا تتردد في إتخاذ القرارات التي من شأنها أن تكون حاسمة لمجريات أحداث المعركة.
وأحياناً وجب عليك استعمال اللين والكلام الطيب للفوز في المعركة، خصوصاً إذا وصلت إلى مرحلة المفاوضات أو التسوية، عندها يكون للكلام على الأذن الأثر الذي لا تحدثه السيوف على الرقاب، وقد تحسمُ أنت فوزك في المعركة بكلمة واحدة فقط.
كما أن الخصوم يختلفون بإختلاف المعارك، بعض الخصوم لا ينفع معهم إستخدام القوة، بل تحتاج إلى السياسة واللين والدهاء، وبعضهم يحتاج إلى فيضان المشاعر والعواطف لتضمهم إلى قائمة ضحاياك، والبعض الآخر يحتاج إلى أن تمد يدك اليمنى له بالسلام، ويدك اليسرى على سلاحك، خوفاً من غدره.
ويقال بأن الشجرة القادرة على الإنحناء هي التي تبقى بعد مرور العاصفة، قد تكون أنت الشجرة؛ فلا تدع نفسك للأهواء تقاذفك خلال المعركة، بل وجب عليك الإنحناء حتى تمر تلك الجولة من المعركة، وبعدها ترتفع شامخاً وقد قهرت تلك العاصفة، وتمكنت من البقاء في الميدان لجولة أخرى، قد تكون حاسمة للنصر لصالحك.
ضمن جولات المعركة الطويلة بين الخير والشر كانت جولة الحديبية، عندما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أداء العمرة، ورفضت قريش ذلك، وانتهى الأمر لتوقيع صلح بين المسلمين والمشركين مدته عشر سنوات، ذلك الصلح الذي أغضب الكثير من أصحاب النبي، وأعتبره البعض فوزٌ للمشركين في المعركة.
ولكن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعلم كيف يتحول من الصلابة التي كان عليها قبل قليل في استعداده لقتال المشركين وقد أخذ البيعة من الصحابة على ذلك، إلى حالة المرونة في أن يجلس مع سهيل بن عمرو ليكتبوا صلح الحديبية.
بل قد وافق الرسول الكريم على الشروط التعجيزية التي أملها المشركون في عقد الصلح ظناً منهم أنهم يكتبون النصر لهم، ولكن الرسول الكريم كان يعلم جيداً أنه ما بعد هذا الإنحناء التكتيكيّ المؤقت؛ قيام كبير.
ولم يتأخر ذلك طويلاً؛ فلقد تم صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة، وفي السنة الثامنة للهجرة تم الفتح الأكبر، عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة فاتحاً منتصراً، ليكتب سطراً جديداً في إنتصار الخير على الشر.
لا تكتفِ بأن تمتلك المهارة للتحول بين الصلابة والمرونة بالسرعة اللازمة فقط، بل الأهم من ذلك أن تعلم جيداً متى تتقلب بين تلك الحالات، وكذلك الحالة المناسبة لكي تقابل بها كل خصم على حدة، والتي تضمن لك الفوز في تلك المعركة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المرونة فی المعرکة
إقرأ أيضاً:
حفتر قد يمنح روسيا قاعدة جديدة في جنوب ليبيا.. هل يثير غضب واشنطن؟
ترددت أنباء متطابقة عن توجه روسيا للحصول على قاعدة عسكرية جديدة في جنوب ليبيا عبر اتفاقات مع قائد الجيش في شرق البلاد، المشير خليفة حفتر وسط تساؤلات عن أهداف الخطوة وما إذا كانت ستثير غضب أميركا وحلف الناتو.
وكشف موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي عن تحركات موسكو بالتنسيق مع حفتر لإنشاء قاعدة عسكرية في ممطقة معطن السارة جنوبي ليبيا، وأن القاعدة قد تصبح مركزا رئيسيا لعمليات فيلق أفريقيا الروسي، نظرا لموقع المنطقة الاستراتيجي بالقرب من الحدود مع تشاد والسودان، كون روسيا تسعى لتعزيز نفوذها في منطقة الساحل الأفريقي على حساب النفوذ الفرنسي.
"معلومات عن القاعدة"
وبحسب المتداول ووفق مصادر عسكرية تحدثت إليها "عربي21" فإن "معطن السارة هو عبارة عن قاعدة عسكرية قديمة عرفت عندما استخدمها العقيد الليبي الراحل معمر القذافي خلال الحرب مع تشاد، وبعد مقتل القذافي وإنهاء حكمه تحولت القاعدة إلى منطقة مهجورة منذ 2011، وأهملها القادة الجديد بعد الثورة الليبية.
وتكمن أهمية القاعدة في أنها تقع في مثلث عسكري وجوسياسي استراتيجي بين ليبيا وتشاد والسودان، أي أنها نقطة عسكرية وجغرافية للتحكم والانطلاق نحو أفريقيا ككل، كما أن المنطقة المتواجدة فيها القاعدة غنية بالموارد الطبيعية خاصة الذهب.
"إعادة تشغيل"
ومؤخرا أظهرت صور أقمار صناعية أعمال بناء مكثفة في منطقة معطن السارة الواقعة في منطقة الكُفرة أقصى الجنوب الليبي ومحاطة بطرق صحراوية صعبة.
وبحسب تقرير لموقع "مليتاري أفريكا" المتخصص في رصد الأنشطة العسكرية في أفريقيا، صدر مطلع فبراير، فقد أظهرت صور الأقمار الاصطناعية قيام مرتزقة روس ببناء وتوسيع قواعد لوجستية في جنوب ليبيا، بالقرب من الحدود مع تشاد والسودان.
كما كشفت تقارير متطابقة، أن روسيا نقلت معدّات عسكرية متطورة من قواعدها بسوريا إلى قاعدة في الشرق والجنوب الليبي، الخاضعة لسيطرة قوات حفتر، وقامت بتعزيز حضورها في إفريقيا.
فما دوافع ومصالح روسيا في الحصول على قاعدة جديدة جنوب ليبيا؟ وهل تسبب مزيد من غضب أميركا ضد حفتر؟
"سيطرة ومناورة ودعم للفيلق"
من جهته، قال الباحث الليبي في الأمن القومي والخبير في الشؤون العسكرية، محمد السنوسي إن "قاعدة السارة الجوية ليست مجرد قاعدة في عمق صحراء جنوب شرق ليبيا، بل تمثل ارتكاز استراتيجي مهم على مستوى العمليات اللوجستية أو القتالية، وحتى الاستخباراتية. كونها قريبة من مثلث حدودي يشرف على ثلاث دول جاره لليبيا، هي مصر، والسودان، وتشاد".
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "روسيا تدرك الأهمية الاستراتيجية للقاعدة، وهي تلبي احتياجات الفيلق الإفريقي وهناك معلومات تفيد بتواجد روسي فاعل في القاعدة، ما يجعل روسيا متواجدة عسكرياً شرق، ووسط، وجنوب غرب وجنوب شرق ليبيا، ما يتيح لها مرونة كبيرة وخيارات مثالية في الحركة والمناورة"، وفق قوله.
وأضاف: "أما فيما يتعلق باستمرار حفتر في توسيع تحالفه مع روسيا، في تقديري العلاقة بين الطرفين هي علاقة لم تصل للمستوى الاستراتيجي بعد، ولكن هذا لا ينفي كون العلاقة مهمة على المستوى العسكري تسليحاً وتدريبا".
"مصالح حفتر"
وأكد السنوسي أن "روسيا أثبتت جدية في التعامل مع حفتر، بعكس الغرب، وفي ذات الوقت حفتر يحاول أن يدير المتناقضات، ويقول للغرب إما أن تعترفوا بأني رجل ليبيا القوي القادر على الحكم وتتعاملوا معي على هذا الأساس أو سأطور علاقتي بروسيا وحلفائها مستغلاً حالة الارتباك الاستراتيجي الذي يشهده الغرب في هذه المرحلة، هذا من جانب.
وتابع: "من جانب آخر بتواصله مع الغرب يجعل روسيا في حالة توجس ما يدفعها للتعامل معه بسخاء وكرم كأنها تتعامل مع رئيس دولة. ودفعت بيلاروسيا لتقوم بهذا الدور، أما تقاربه مع فرنسا لم يكن الأول وكان هذا التقارب قبل حتى أن تدخل روسيا على الخط، لكن فرنسا لم تكن بسخاء روسيا، بحسب تعبيره.
وختم حديثه لـ"عربي21": "والاتحاد الأوروبي أيضا لم يبلور سياسة موحدة تجاه حفتر، لذا سيستمر الأخير في ممارسة دور الانفتاح على جميع الأطراف، حتى يضمن الحد الأدنى من طموحه السياسي في البقاء كأقوى فاعل في المشهد الليبي، وفق تقديراته.
"استقلالية حفتر واستراتيجية موسكو"
في حين رأى الباحث الروسي بمركز الدراسات العربية الأوراسية، ديمتري بريدجيه أن "تحركات روسيا لإنشاء قاعدة جوية في معطن السارة بجنوب ليبيا تعكس استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز النفوذ الروسي في شمال أفريقيا والساحل الأفريقي، مستفيدة من الفراغ الجيوسياسي الذي تركه الغرب بسبب تراجعه النسبي في التعامل مع الملفات الأفريقية".
وأشار خلال تصريحات خاصة لـ"عربي21" إلى أن "هذا التوسع الروسي ليس مجرد تحرك عسكري تكتيكي، بل خطوة مدروسة تأتي في سياق أوسع من إعادة تموضع روسيا في النظام الدولي، حيث تسعى إلى بناء موطئ قدم دائم يتيح لها التأثير المباشر في مسارات الصراع الليبي والإقليمي"، حسب رأيه.
وأكد أن "حفتر يدرك تمامًا أن روسيا ليست مجرد داعم عسكري له، بل هي شريك استراتيجي يمكنه من خلاله تحقيق توازن أكبر في تحالفاته، خاصة مع الضغوط المستمرة من الولايات المتحدة والتحركات الأوروبية المتذبذبة تجاه الملف الليبي. استمرار تعاونه مع موسكو رغم التحذيرات الأمريكية يعكس مدى استقلاليته في اتخاذ قراراته، فهو ليس مجرد أداة بيد أي طرف دولي"، كما قال.
"ما علاقة الفيلق الإفريقي؟"
وبسؤاله عن علاقة الخطوة بمشروع روسيا في إفريقيا قال بريدجيه: الحديث عن أن القاعدة قد تصبح مركزًا رئيسيًا لعمليات “فيلق أفريقيا” الروسي ليس بعيدًا عن الواقع، فموسكو لطالما استخدمت شركات عسكرية خاصة ووجودًا غير رسمي لتحقيق أهدافها دون الاضطرار إلى مواجهة مباشرة مع القوى الغربية، ومع ازدياد التوترات بين روسيا والغرب في عدة جبهات، فإن تحويل ليبيا إلى نقطة ارتكاز لعمليات روسية في أفريقيا سيكون خطوة طبيعية تتماشى مع استراتيجية موسكو في توسيع دائرة نفوذها دون الانخراط في مواجهات مباشرة مع الناتو"، كما رأى.
وتابع لـ"عربي21": "من الناحية المستقبلية، إذا مضت روسيا قدمًا في ترسيخ وجودها العسكري في الجنوب الليبي، فسنشهد تغيرًا في موازين القوى الإقليمية، حيث ستمتلك موسكو نقطة تأثير رئيسية بالقرب من أوروبا، وقريبة من مناطق النزاع في الساحل الأفريقي، مما قد يؤدي إلى ردود فعل أكثر حدة من قبل واشنطن وحلفائها الأوروبيين.
في المقابل، قد نشهد تصعيدًا في الدعم الغربي لحكومة طرابلس أو محاولات لخلق تحالفات مضادة في المنطقة لإضعاف النفوذ الروسي"، بحسب تقديره وتصريحاته.