افتتح الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، معبد بن عزرا اليهودي التاريخي بمصر القديمة وحصن بابليون بعد انتهاء مشروع ترميمهما وتطويرهما مؤخرا. 

وفى ضوء ذلك أكد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار: أن الآثار والثقافة ليست لها أطر سياسية بل هى وسيلة التقارب الحضارى والثقافى بين الشعوب ورسالة سلام للتعايش الآمن على كوكب الأرض، وأن اهتمام الدولة بترميم الآثار وإعادة تأهيلها لا يتجزأ، فآثار مصر كلها وحدة واحدة منذ عصور ما قبل التاريخ مرورًا بعصر مصر القديمة والعصر اليونانى والرومانى والآثار المسيحية والإسلامية واليهودية.

 وأضاف ريحان، لـ"البوابة نيوز"، أن الدولة تشهد نهضة ثقافية سياحية غير مسبوقة خلال الثمانى سنوات الماضية يشهد لها العالم أجمع، وأن معبد بن عزرا اليهودي ليس المعبد الأول التى تقوم الدولة بترميمه بل قامت بترميم وتوثيق المعبد اليهودي "الياهو هانبي بالإسكندرية" الذى فاز بجائزة أفضل مشروع عالمي في فئة مشروعات الترميم وإعادة التأهيل في مسابقة التحكيم العالمية لأفضل أعمال إنشائية في العالم لعام 2021، في نسختها السنوية التاسعة، بمشاركة 21 دولة فى 18 مجال مختلف فى صناعة التشييد والبناء وفقا لمجلة "Engineering News Record" الأمريكية. 

ونوه الدكتور ريحان إلى أن الآثار اليهودية في مصر هي آثارًا مصرية تخضع لكل عوامل الحفاظ والترميم والصيانة والدراسات والترويج لها شأنها شأن كل الآثار الكائنة على أرض مصر، وأن تاريخ المعابد اليهودية في مصر يشكّل صفحة من تاريخ التعانق والتواصل الحضارى بين الأديان والحضارات، ويوجد على أرض مصر 11 معبدا يهوديا مسجل كأثر، 9 بالقاهرة ومعبدين بالإسكندرية ومعابد القاهرة هى معبد بن عزرا بمصر القديمة المسجل عام 1984، ومعبد موسى بن ميمون بحارة اليهود بالموسكي المسجل عام 1986، ومعبد حاييم كابوسى بحارة اليهود والمسجل عام 1987، وشعار هشمايم بشارع عدلى مسجل عام 1987، ومعبد نسيم أشكنازى بشارع الجيش المسجل عام 1995، ومعبد اليهود الأشكناز بشارع الجيش مسجل عام 1999، ومعبد كرايم بالظاهر المسجل عام 1996، ومعبد موسى الدرعى بالعباسية المسجل عام 1997، ومعبد حنان بقنطرة غمره والمسجل عام 1997. علاوة على معبدين بالإسكندرية هما معبد (إلياهو النبى) بشارع النبي دانيال ومسجل عام 1987، ومعبد (يعقوب منشة) اليهودى بميدان المنشية المسجل 2018.

وأوضح الدكتور ريحان أن ترميم وإعادة تأهيل معبد بن عزرا بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة له مردود ثقافى وسياحى، والمردود الثقافى هو إرسال رسالة سلام من أرض مصر ملتقى الأديان بل ويمثل المعبد نفسه إنصهار الأديان فى بوتقة واحدة، فالمعبد أصله كنيسة كانت تسمى كنيسة الشماعين تخطيطها على الطراز البازيليكى المستمد من أصل روماني يتكون من صحن أوسط متسع وجناحين جانبيين وثلاثة هياكل، وذلك قبل أن يشتريها اليهودي الشامى برهام بن عزرا من الكنيسة الأرثوذكسية مقابل مبلغ قدره 20 ألف دينار، ويضم داخله تحفتين من العصر الإسلامى، تتمثل في (ثريا) معلقة على يمين هيكل المعبد محفور عليها باللغة العربية أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، بالإضافة إلى (ثريا) نحاسية أخرى تتدلى من السقف على شكل مخروطي، وتحمل اسم السلطان المملوكي قلاوون، وهما من إهداء السلطان المملوكي قلاوون بن عبدالله الألفى الصالحي، وهو ما يؤكد احتضان مصر على مر تاريخها لجميع الأديان وأن هذا المعبد يشكل مجمعًا للأديان مصغّر، موجود فى مجمع أديان أكبر بمصر القديمة.

 وأردف الدكتور ريحان أن المردود الثقافى يتمثل أيضًا فى إلقاء الضوء على العلاقات الطيبة بين المسلمين واليهود فى العصر الإسلامى بمنحهم مقابر البساتين في القرن التاسع الميلادى، حيث منحهم الأمير أحمد بن طولون أراضى أقاموا بها مقابرهم الموجودة حتى الآن، وأن أشهر من دفن بتلك المقابر يعقوب بن كلس الذي عهد إليه الخليفة المعز لدين الله 341- 364 هـ، 952- 974م بولاية الخراج، ووصلت هذه العلاقة إلى درجة تعيين الخليفة الحاكم بأمر الله لطبيب خاص يأتمنه على حياته من اليهود وهو صفير اليهودي، واستقبل المسلمون في مصر اليهود من شتى بقاع الأرض ليجدوا الملاذ الآمن بمصر حيث أقاموا في عدة مناطق منها الفسطاط وحارة اليهود والجمالية والعباسية والزمالك وجاردن سيتي.

 كما تعد الوثائق اليهودية في مصر مثل وثائق (الجنيزا)، وهي وثائق مستخرج جزء منها من معبد بن عزرا بمصر القديمة عام 1896 وجزء آخر من مقابر الجنيزا بالبساتين عام 1987، ذات أهمية كبرى فى تاريخ مصر، حيث تروى 250 ألف وثيقة 900 عام من تاريخ مصر والبلاد العربية ودول حوض البحر المتوسط والبلدان الآسيوية، وتوثق الحياة في العصور الوسطى وحتى العصر الحديث، وتلقى الضوء على حياة اليهود وثقافتهم في مصر خلال العصر الحديث باعتبارهم شريحة مهمة من المجتمع المصري كانت جزءًا لا يتجزأ في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافية والفنية، وتعني كلمة "جنيزة" في اللغة العبرية "حجرة الدفن"، التي تتخذ مخزنًا ملحقًا بالمعبد اليهودي، وتطلق أيضا على أي مكان تخزن فيه الأوراق المكتوبة بالخط العبري. 

 

وأشار الدكتور ريحان إلى المردود السياحى حيث يأتى مشروع الترميم والتأهيل للمعبد ضمن خطة الدولة فى إحياء السياحة الروحية وتطوير المسارات التاريخية الروحية، بتبنى الدولة لمشروع التجلى العظم بالوادى المقدس بمدينة سانت كاترين وتطوير مسار العائلة المقدسة فى 25 محطة من رفح إلى الدير المحرّق ودرنكة بأسيوط وإحياء مسار آل البيت بشارع الأشرف بالقاهرة، والعمل على تنمية وتنشيط السياحة بخمس مجمعات أديان فى مصر كرسالة سلام من أرض السلام، والمجمعات هي مجمع الواد المقدس طوى بسانت كاترين والذى يضم شجرة العليقة المقدسة وجبل موسى ودير سانت كاترين والجامع الفاطمى داخل أسوار الدير، ومجمع مصر القديمة الذى يضم معبد بن عزرا وكنائس مصر القديمة منها كنيسة أبى سرجة وبها المغارة التي لجأت إليها العائلة المقدسة علاوة على جامع عمرو بن العاص ثانى أقدم مساجد مصر بعد مسجد سادات قريش في بلبيس، ومجمع حارة زويلة بالقاهرة الإسلامية بالجمالية الذى يضم كنيسة السيدة العذراء أقدم الكنائس الأثرية فى مصر التى بنيت فى القرن الرابع الميلادى وأشرفت على بنائها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين فى القرن الرابع الميلادى وهى أحدى محطات رحلة العائلة المقدسة قادمة من المطرية، ‏ومعبد يوسف بن ميمون اليهودى طبيب البلاط السلطانى فى عهد الناصر صلاح الدين الأيوبى وأحد المقربين منه، والذى يعود إلى القرن 13م ودار الخرنفش، وما زالت قائمة حتى الآن وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة داخلها حيث استمر العمل بها حتى عام 1962م علاوة على الآثار الإسلامية بشارع المعز لدين الله الفاطمى.

372143126_6477812119005635_1186418360432390901_n 372381350_1966451943725465_8848265508701166449_n 372418876_680031963998879_2849494237968473311_n 278628707_671180517499415_7647576486005451061_n 278843419_670297667630445_2649159263611224090_n 371541515_123712554155396_1835556443781127460_n 371748870_309653601598602_5211312494545951573_n

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصر القديمة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء الدکتور ریحان بمصر القدیمة معبد بن عزرا مصر القدیمة فی مصر

إقرأ أيضاً:

أسواق الأغراض القديمة.. حينما يتحول الفقر إلى ترند

لطالما كانت أسواق الأغراض المستعملة ملاذا للفئات الأقل حظا ما بين وكالة البلح وسوق ديانا في القاهرة وأسواق "الفريب" في تونس وسوق الأحد في لبنان وغيرها من الأسواق حيث يمكنك إيجاد كافة احتياجاتك من الملابس والأثاث والكتب والأنتيكات، وحتى الأجهزة الكهربائية.

لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولا في علاقة المستهلكين بهذه الأسواق، ووفقا للتقديرات ارتفعت قيمة سوق الملابس المستعملة عالميا خلال السنوات من 2021 إلى 2023 من 138 مليار دولار إلى 211 مليارا، ومن المتوقع وصولها إلى نحو 351 مليار دولار بحلول عام 2027.

كما شهد سوق إعادة بيع المستعمل عبر الإنترنت نموا متصاعدا، لتتحول الأغراض القديمة -خاصة الملابس- إلى موضة جديدة وترند.

البعض يحترف اقتناص القطع المميزة وسط مئات القطع (الجزيرة) لماذا يعشق جيل زد الملابس المستعملة؟

يعد الوعي المتنامي بقضايا البيئة والمجتمع من بين سمات جيل زد المميزة، وقد نشأ أبناؤه في عالم مزدحم بالأزمات البيئية والاقتصادية، كما أن لديهم شعورا قويا بالهوية الفردية، وربما تفسر هذه الأسباب وغيرها انجذابهم للتسوق في أسواق المستعمل أو ما يعرف بـ"التوفير"، وهو اتجاه عززه التأثير الاقتصادي لجائحة "كوفيد-19" حين فقد الكثيرون وظائفهم، فوجدوا في أسواق الأغراض المستعملة وسيلة لإطفاء نهمهم للاستهلاك بميزانية أقل.

كما نشأ نوع من الاقتصاد الموازي القائم على إعادة بيع الأغراض المستعملة عبر الإنترنت بأسعار أعلى، سواء بحالتها الأصلية أو بعد إعادة تدويرها لصنع قطع جديدة، وهو ما شكّل مصدر دخل للعديد من الأفراد وساهم في ازدياد نمو المحتوى المعتمد على شراء القطع القديمة واستعراضها.

ويساعد شراء الأغراض المستعملة -خاصة من الملابس وقطع الديكور أو الإكسسوارات- على تعزيز الشعور بالتفرد عبر شراء قطع مميزة ومختلفة عن القطع السائدة والتنميط الذي تكرسه الموضة السريعة.

إعلان

كما أن العديد من المنتجات القديمة عادة ما تكون مصنوعة بحرفية أعلى مقارنة بتلك الحديثة.

ومن ناحية أخرى، أصبح البعض يعتبرون استكشاف وإعادة تنسيق القطع واكتشافها بمثابة هواية في حد ذاتها تمنحهم شعورا بالإبداع والإثارة.

كما أن الاستهلاك الواعي يوفر نوعا من بناء الهوية والاختيار الواعي، كما يعزز الشعور باحترام الذات عبر الاختيار الواعي للاستدامة، ويمنح شعورا إيجابيا للفرد بالقدرة على لعب دور في مساعدة المجتمع ومقاومة التأثيرات السلبية للموضة السريعة.

البعض يعتبر استكشاف وإعادة تنسيق القطع واكتشافها بمثابة هواية في حد ذاتها تمنحهم شعورا بالإبداع والإثارة (بيكسلز) دور وسائل التواصل الاجتماعي

وقد لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في هذا التحول، فبإمكانك مشاهدة آلاف المقاطع التي تحمل وسم "ثريفت توك"، و"فينتدج فايندز" وغيرهما.

وقد أصبح استكشاف الملابس المستعملة بمثابة ترند أو توجه عالمي مصحوب بتفاعل رقمي واسع، مما خلق لدى الأفراد نوعا من الشعور بالانتماء إلى مجتمع رقمي يقدّر تفردهم واختلافهم، وقد أصبح شراء المستعمل دلالة على الوعي البيئي والتفرد بدلا من ارتباطه التقليدي بانخفاض المكانة الاجتماعية.

الوجه الآخر للوعي

تمثل صناعة الموضة السريعة نحو أكثر من خُمس مصادر التلوث في العالم، كما ترتبط ببيئة عمل غير إنسانية، وتعتمد على العمالة الرخيصة وعمالة الأطفال في دول العالم الثالث لتقديم قطع ملابس سرعان ما تبلى، مما يخلق شعورا دائما لدى المستهلكين بحاجتهم لشراء المزيد من الملابس لمواكبة أحدث خطوط الموضة والتي تتغير بشكل شبه شهري.

وبينما يعتبر شراء الملابس المستعملة خطوة مهمة في تقليل الأثر البيئي للموضة فإن المفارقة أن الجانب الآخر منه هو تشجيع المشترين على استهلاك المزيد من الملابس، إذ يشجع أحيانا رخص سعر القطع المستعملة مقارنة بالجديدة على زيادة الاستهلاك والاكتناز وإدمان التسوق.

زيادة الطلب على السلع المستعملة أدت إلى زيادة أسعارها بدرجة كبيرة (بيكسلز)

ومن ناحية أخرى، فقد أدت زيادة الطلب على السلع المستعملة إلى زيادة أسعارها بدرجة كبيرة، مما حرم قاعدة كبيرة من المستهلكين الأقل حظا والذين كان اعتمادهم الأساسي قائما على متاجر المستعمل، لتصبح ساحة للطبقات الاجتماعية الأعلى بدلا من كونها مصدرا أساسيا لاحتياجات الطبقات الأقل حظا، مما يؤدي إلى تكريس التفاوت الطبقي، وكأن الاستهلاك الواعي يتحول من بديل أخلاقي للموضة السريعة إلى شكل آخر من أشكال الاستهلاك يحمل تحديات اقتصادية واجتماعية يجب عدم إغفالها.

إعلان

مقالات مشابهة

  • شاب يطعن آخر في مشاجرة بسبب خلافات مالية بـ مصر القديمة
  • فلسطين الشهيدة.. أقدم كتاب مصوَّر لبعض فظائع اليهود والإنجليز في حق الفلسطينيين
  • السيادي يعلن بشريات لرجال الأعمال السودانيين والعاملين في الصادر والوارد
  • نواب في هيئة الممثلين اليهود ببريطانيا يشجبون نتنياهو وحربه على غزة
  • أسواق الأغراض القديمة.. حينما يتحول الفقر إلى ترند
  • عكرمة صبري: الأقصى يُستباح من اليهود المتطرفين
  • السر وراء تدجين القطط… اكتشاف مذهل من مصر القديمة
  • القبض على سايس لاتهامه بفرض الإتاوة على المواطنين في مصر القديمة
  • ضبط «سايس» بتهمة فرض رسوم على المواطنين بمصر القديمة
  • حلم الثراء السريع.. حبس عصابة الحفر والتنقيب عن الآثار بمصر القديمة