هل تنجح الوساطة الخليجية في رأب الصدع بين طهران وواشنطن؟
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
طهران – رغم بلوغ المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 1+4 (بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين) طريقا مسدودا منذ نحو عام، فإن الملف لم يخرج يوما عن "أجندة" الوساطات الإقليمية والأوروبية الرامية إلی تقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن.
وعشية الذكرى الأولى لإعلان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عن إخفاق مبادرته لإحياء الاتفاق النووي في سبتمبر/أيلول الماضي، لخص وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ما توصلت له تلك المفاوضات في ما عبّر عنه "بوثيقة سبتمبر"، مؤكدا في مقابلة مع صحيفة "اطلاعات" الناطقة بالفارسية استعداد بلاده لإكمال المسودة، واتخاذ الخطوة النهائية بشأن التعهدات في الاتفاق النووي.
وكان عبد اللهيان قد كشف -في مؤتمر صحفي مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب في بيروت- عن وساطة عمانية بين طهران وواشنطن، واستمرار المفاوضات غير المباشرة لرفع العقوبات، مؤكدا أن "الحوار غير المباشر بين الطرفين بشأن إطلاق سراح السجناء سيساعد في الحوار حول الاتفاق النووي".
خفض التوتر
يأتي ذلك بعد أسابيع قليلة من إعلان الجانبين الإيراني والأميركي عن صفقة تفرج بموجبها طهران عن 5 معتقلين أميركيين مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية، بينما أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية "تخفيض طهران في الأشهر الماضية مخزونها من اليورانيوم المخصب"، حسب تقرير غير معدّ للنشر اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية.
ويعتقد الدبلوماسي الإيراني السابق فريدون مجلسي، أن الحديث عن تبادل الرسائل بين طهران وواشنطن بوساطة عمانية وقطرية إلى جانب صفقة تبادل السجناء، مؤشر إلى خفض التوتر بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.
وأشاد في حديثه للجزيرة نت، بما وصفها بالعقلانية التي تتبناها دبلوماسية بلاده لخفض التوتر وحلحلة القضايا الشائكة مع الأطراف الإقليمية والدولية، بعد توصل السلطات الإيرانية إلى نتيجة مفادها أن العقوبات أثقلت كاهل الشعب، وأن تحسين الوضع المعيشي يمر عبر بوابة حسم الملفات الخلافية مع الآخرين.
ويرى مجلسي أن صفقة تبادل السجناء والإفراج عن جزء من الأصول الإيرانية المجمدة، تأتي في سياق المفاوضات غير المباشرة والوساطات الإقليمية، بهدف التوصل إلى اتفاق غير مكتوب بين طهران وواشنطن، مؤكدا أن أي اتفاق محتمل سيبقى منقوصا، إلا إذا تمكن من تجاوز عقبة أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث ستنتهي القيود المفروضة على برنامج إيران الصاروخي، وفق الاتفاق النووي المبرم في 2015.
وفي حال عدم قدرة الجانبين الإيراني والأميركي على تجاوز هذه العقبة، "فإن لجوء الجانب الغربي إلى تفعيل آلية الزناد سيكون السيناريو الأكثر احتمالا، ما سيؤدي إلى نسف جميع التفاهمات التي توصل إليها الجانبان خلف الكواليس"، حسب الدبلوماسي الإيراني السابق.
وحول ما يتعلق بالحديث عن تلميح غربي بالإبقاء على الحظر الصاروخي، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي اليوم الاثنين، "لا نستبق أحداثا يمكن أن تحدث، وإيران لديها جميع السيناريوهات، وسترد على خطوات الطرف الآخر في الوقت المناسب وبشكل مناسب، وعلينا أن نتنظر حلول هذا الموعد".
تفاهم شفهي
وبشأن طبيعة المساعي الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين، أكد الرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، أن توصل الجانبين إلى تفاهم شفهي يتضمن إدارة التوتر وملفات أخرى تتجاوز الملف النووي.
ويرى أن التوقيت والظروف لدى كل من إيران والولايات المتحدة غير مناسبين للعودة للاتفاق النووي، وتنفيذ تعهداتهما فيه دون الحصول على امتيازات ملموسة من الطرف المقابل، ما دفع الجانبين إلى تفاهم غير مكتوب يعزز شعبية الإدارة الديمقراطية قبيل رئاسيات 2024 ويخفف وطأة الضغوط المالية والاقتصادية على حكومة إبراهيم رئيسي.
وأضاف فلاحت بيشه أن التطورات الأخيرة التي طرأت على العلاقات بين طهران وواشنطن لا سيما توافقهما على تبادل السجناء، ستنعكس إيجابا على فتح باب التفاوض على مصراعيه من أجل رفع العقوبات عن إيران، موضحا أن المبادرة العمانية والوساطة القطرية ترميان إلى إدارة التوتر واحتوائه بشكل عام، بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة ولا تقتصران على الملف النووي فحسب.
تراجع المناوشات
وبرأي السياسي الإيراني فإنه "ليس من الصدفة أن تتراجع العمليات العدائية بين طهران وواشنطن طوال أكثر من 6 أشهر في الشرق الأوسط، حيث لم تشهد الأوساط الدولية والأممية صدور قرارات ضد إيران".
وأشار إلى زيادة الصادرات الإيرانية من النفط الخام مؤخرا بـ4 أضعاف، مقارنة مع الفترة التي كانت تطبق فيها واشنطن أقسى العقوبات ضد طهران، ووصف هذه التطورات وغيرها -مثل الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة وتبادل السجناء-، بأنها إحدى ثمرات التفاوض من أجل احتواء التوتر بين بلاده والولايات المتحدة.
وبالنظر إلى أن طهران مقبلة على انتخابات برلمانية مقررة في مطلع مارس/آذار المقبل، وانتخابات رئاسية بعد عامين، يرى فلاحت أن عليها "استغلال الفرصة المتاحة في الوقت الراهن، لترجمة خفض التوتر على الوضع المعيشي للشعب الإيراني".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: والولایات المتحدة الاتفاق النووی تبادل السجناء
إقرأ أيضاً:
هآرتس: هل سدد ترامب طعنة نجلاء لنية إسرائيل ضرب النووي الإيراني؟
ورد في تحليل إخباري لصحيفة هآرتس أن استعدادات إسرائيل العسكرية لضرب المنشآت النووية الإيرانية دونها عقبات عملياتية واضحة، حيث تشكل معارضة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتلك الخطط مأزقا أشد خطورة وإيلاما في الوقت الراهن.
ووفقا للمحلل العسكري للصحيفة يوسي ميلمان، فإن تحليق طائرات مقاتلة فوق سماء إسرائيل خلال الأسابيع الماضية، أثار فضول العامة وتساءلوا عن أسباب سماعهم أزيز تلك الطائرات. وجاءت الإجابة أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوجيه ضربة محتملة ضد منشآت إيران النووية، أو على الأقل هذا هو الانطباع الذي يريد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ترسيخه في أذهان مواطنيه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست:من سرب الخطط الإسرائيلية ضد برنامج إيران النووي ولماذا؟list 2 of 2غارديان: من هم الجلادون في سجون أميركا؟end of listلكن ميلمان يقول في تحليله إن الشعور السائد لدى الفرد الإسرائيلي هو أنه سبق له أن عاش مثل هذه التجربة من قبل.
خطة الهجومولفت إلى أن صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أوردت الأربعاء الماضي أن إسرائيل كانت تنوي ضرب المواقع النووية الإيرانية في مايو/أيار المقبل. وحسب الخطة، كان من المفترض أن تحصل العملية على موافقة الولايات المتحدة، وتتولى تنفيذها قوات خاصة مشتركة بين البلدين.
ولكن عندما أبلغ المخططون والقادة العسكريون الإسرائيليون رئيس الوزراء نتنياهو بأن العملية لن تكون جاهزة قبل أكتوبر/تشرين الأول، اضطر -وفقا لهآرتس- إلى مراجعة الخطة للتركيز على ضربات جوية واسعة النطاق في وقت مبكر من الشهر المقبل، والتي لا تزال تتطلب مساعدة أميركية كبيرة.
إعلانبيد أن الرئيس ترامب أوقف تلك الخطة لإفساح المجال للمفاوضات مع طهران بشأن قدراتها النووية، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
هل هو تسريب متعمد؟
ويقول ميلمان إن تقرير نيويورك تايمز تفوح منه رائحة تسريب متعمد من قبل مقربين من نتنياهو، الذين يبدو أنهم يحاولون أن يبرروا للقاعدة السياسية لرئيس الوزراء سبب وجود مثل هذه الفجوة بين تصريحاته النارية حول إيران والعمل الفعلي.
وبعبارة أخرى، يحاول نتنياهو إلقاء اللوم مرة أخرى على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نفسها بسبب عدم جاهزيتها وضعفها، كما قال في الماضي.
غير أن هآرتس تؤكد أن سوابق الماضي توحي بخلاف ذلك. فالصحيفة تصف قدرات إسرائيل العسكرية بأنها محدودة، وأن نتنياهو يدرك ذلك جيدا.
وكشفت في تحليلها الإخباري أن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) توقف عن إرسال عملائه إلى إيران منذ حوالي عقد ونصف العقد من الزمن، بعد أن خلص إلى أن مثل هذه المهمات تنطوي على خطر بالغ قد تنتهي بالقبض عليهم وإعدامهم.
آثر عدم المخاطرةوتساءلت هآرتس: "إذا كان الموساد قد آثر عدم المخاطرة بفرقه الصغيرة والمختارة، فكيف يمكن لإسرائيل أن ترسل مئات من قوات الكوماندوز إلى إيران -التي تبعد عنها أكثر من ألف كيلومتر- لضرب مواقع نووية، وتتوقع ضمان عودتهم سالمين إلى ديارهم؟".
وحتى الضربات الجوية الإسرائيلية تواجه قيودا خطيرة، فالمنشآت النووية الإيرانية شديدة التعقيد، ذلك لأن الموقعين الرئيسيين، نطنز وفوردو، محصنان بشدة ويقعان على عمق 20 إلى 40 مترا تحت الأرض، حيث قامت إيران بتركيب عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.
وأفادت الصحيفة بأن إسرائيل لا تملك قنابل خارقة للتحصينات، مثل الولايات المتحدة، كما أنها لا تمتلك قاذفات القنابل الثقيلة اللازمة لحملها.
فهل سيؤدي الهجوم على المواقع النووية الإيرانية التي تخزن اليورانيوم المخصب والمواد الكيميائية الحساسة إلى المخاطرة بإطلاق تداعيات إشعاعية على المناطق المدنية المكتظة بالسكان؟ هذا هو السؤال الملح الذي طرحته صحيفة هآرتس.
إعلانوتساءلت مرة أخرى عما إذا كانت لدى إسرائيل والولايات المتحدة معلومات استخباراتية دقيقة بما فيه الكفاية لتحديد جميع هذه الأهداف وضربها، وخاصة المختبرات التي يُعتقد أنها مسؤولة عن تطوير الأسلحة النووية الفعلية.
لا تستطيع العمل بمفردهاوعلى افتراض أن المعلومات الاستخبارية محكمة، فمن الواضح أن إسرائيل لا تستطيع العمل بمفردها وستحتاج إلى مساعدة أميركية فعالة، حسب ما ذكر ميلمان في تحليله.
وجاء في التحليل أيضا أن هناك وجهات نظر متضاربة عما يجب أن تكون عليه نهاية اللعبة التي يجب أن تنتهجها الإدارة الأميركية في المحادثات مع إيران؛ فإما أن تصر على التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني، أو تقبل بحل وسط كما اقترح مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وفي كلتا الحالتين، فإن الصحيفة الإسرائيلية ترى أن الطريق إلى توجيه ضربة عسكرية أميركية لإيران لا يزال بعيدا، وأن قدرة نتنياهو على التأثير في نتائج المحادثات محدودة، بل قد تكون منعدمة.
وختمت بالقول إن نتنياهو لن يستطيع إلقاء اللوم على ترامب -مثلما اعتاد على أن يفعل مع جهات أخرى- إذا كانت النتيجة أقل بكثير من توقعاته.