- حملة "استدامة وطنية" تبرز دور المشاركات الفردية في العمل المناخي.
• حملة "استدامة وطنية" تهدف إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية.
• المتطوعون في الإمارات يضطلعون بدور كبير في استدامة البيئة والحفاظ على المظهر الجمالي والحضاري للدولة.
• حملة الإمارات نظيفة 2022 أسهمت في تفعيل دور أكثر من 61.

646 متطوعاً قاموا بجمع 40.404 كجم من النفايات
• مبادرات متنوعة لوزارة التغير المناخي والبيئة لتعزيز العمل التطوعي من أجل تنظيف وحماية البيئة.
• هيئة البيئة - أبوظبي توفر 4 برامج للتطوع البيئي لزيادة الوعي الاجتماعي وبناء مجتمع يساهم في تحقيق الاستدامة
• حملة "نظفوا العالم" لبلدية دبي تحظى بمشاركة واسعة لتنظيف أماكن متنوعة في المدينة والبيئة البحرية والساحات المفتوحة
• الهيئات الحكومية والخاصة في الدولة تولي اهتماماً كبيراً بإدخال جوانب العمل التطوعي البيئي ضمن برامجها .


أبوظبي في 5 سبتمبر/ وام/ يمثل العمل التطوعي إحدى الدعائم المهمة لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في الحفاظ على البيئة، والتصدي لمتغيرات المناخ، حيث تحرص الدولة على تعزيز المسؤولية المجتمعية، وترسيخ فكرة العمل التطوعي في المجال البيئي، بما يرفع مساهمة كافة أفراد المجتمع في الحفاظ على البيئة وحمايتها لضمان مستقبل صحي وآمن للأجيال الحالية والقادمة.
وتزخر التجربة الإماراتية في العمل التطوعي من أجل البيئة، بالإنجازات والنجاحات التي حققها متطوعون، من فئات وشرائح المجتمع كافة، وذلك في إطار جهود الدولة لتعزيز المسؤولية المجتمعية، وتوفير فرص تطوعية ميدانية، للمساهمة في حماية واستدامة البيئة المحلية، وتعزيز التنمية المستدامة.
ويضطلع المتطوعون في الإمارات بدور كبير في حماية البيئة، والحفاظ على المظهر الجمالي والحضاري للدولة، إضافة إلى تعزيز الوعي بين شرائح المجتمع حول القضايا البيئية المحلية، وغرس الشعور بالمسؤولية تجاه استدامة البيئة والحفاظ عليها.
وتعد حملة "استدامة وطنية"، التي تم إطلاقها مؤخراً، تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، منصة مثالية لاستعراض جهود المتطوعين في حماية البيئة، حيث خصصت الحملة محوراً خاصاً لـ"أبطال العمل المناخي"، بهدف إبراز المشاركات الفردية في مبادرات مبتكرة في مجال العمل المناخي لبناء مجتمع أكثر استدامة.
وتهدف الحملة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية، ودعم الاستراتيجيات الوطنية ذات الصلة بالعمل المناخي، بما يحقق التأثير الإيجابي على سلوك الأفراد ومسؤولياتهم، وصولاً إلى مجتمع واعٍ بيئياً.
ويبرز الموقع الإلكتروني للحملة sustainableuae.ae المبادرات وقصص النجاح الوطنية في مجال الاستدامة، حيث تحظى دولة الإمارات بسجل حافل في هذا المجال، من خلال مبادرات ومشاريع رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة.
وتؤدي حملة "استدامة وطنية" دوراً مهماً في زيادة وعي المجتمع بجهود دولة الإمارات في العمل المناخي، وتُسهِم في تعزيز السلوك الإيجابي والممارسات المستدامة المثلى تجاه البيئة والمناخ داخل الدولة.
- حملة الإمارات نظيفة .
ارتكزت الجهود التطوعية في دولة الإمارات على مبدأ إشراك الجميع، كل في مجاله وتخصصه، لتوسيع دائرة خدمة المجتمع، وتعد الإمارات من أوائل الدول في العالم التي سنت قوانين تهدف إلى تشجيع ثقافة العمل التطوعي وتنظيمه، واعتماد مرجعية موحدة له، بعدما أقرت قانوناً اتحادياً بشأن العمل التطوعي، حددت فيه الشروط الواجب توفرها في المتطوع الطبيعي، وشروط وضوابط تطوع الأشخاص الاعتباريين، إضافة إلى تحديد شروط تطوع الأشخاص الزائرين للدولة.
وانطلاقاً من أهمية مفهوم التطوع للمجتمع الإماراتي، اعتمد مجلس الوزراء في ديسمبر الماضي، مبادرة حملة "الإمارات نظيفة"، التي أطلقتها وزارة تنمية المجتمع ووزارة التغير المناخي والبيئة، توافقاً مع حملة السياحة الوطنية الداخلية "أجمل شتاء في العالم"؛ بهدف تنظيف الوجهات السياحية في الدولة، وذلك بالتعاون مع مجموعة عمل الإمارات للبيئة.
وجاءت الحملة في سياق مبادرة تطوعية لتعزيز الجهود التطوعية للجهات الحكومية الاتحادية وكافة أفراد المجتمع وأسرهم من مختلف الفئات والأعمار، لتحقيق المشاركة المجتمعية الواسعة في الأعمال التطوعية، من أجل تنظيف الأماكن والوجهات السياحية الممتدة على مستوى إمارات ومناطق الدولة، بما يؤكد روح المواطنة الإيجابية، ويجسد الموروث الإماراتي الأصيل وحب الوطن.
ونجحت حملة "الإمارات نظيفة" في غرس ممارسات اجتماعية بيئية بين كافة شرائح المجتمع للمحافظة على البيئة، وتبني تطبيقات عملية مستدامة، كما نجحت الحملة في تشجيع كافة الأفراد على المبادرة الإيجابية لخدمة المجتمع، وتعزيز روح العمل التطوعي على نطاق أوسع، والمحافظة على قيم الثقافة البيئية.
وأسهمت حملة الإمارات نظيفة 2022 التي نظمت خلال الفترة من 5 إلى 15 ديسمبر الماضي، بتفعيل دور أكثر من 61,646 متطوعاً، قاموا بجمع 40,404 كجم من النفايات من مساحة 38.5 كيلومتر مربع.
وكانت مجموعة عمل الإمارات للبيئة قد أطلقت هذه الحملة للمرة الأولى في عام 2002، بهدف غرس الممارسات المستدامة بين مختلف شرائح وقطاعات المجتمع في دولة الإمارات، ونجحت الحملة منذ انطلاقها في جمع 1.604.1588 كجم من النفايات، بمشاركة أكثر من 907.742 متطوعاً.
كما ساهمت برامج إعادة التدوير للمجموعة في الحد من 92.445 طناً مترياً من غاز ثاني أكسيد الكربون، فيما نجحت برامج التشجير الحضرية في زراعة 2.114.316 شجرة محلية في دولة الإمارات، فضلاً عن إشراك 704.840 طالباً وطالبة من 12870 مدرسة وجامعة في الإمارات والمنطقة العربية في برامج المجموعة التعليمية، وإجراء أكثر من 200 جلسة حوارية.

- مبادرات متنوعة.
أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بوابة التطوع البيئي في عام 2017، كإحدى مشاركاتها المجتمعية الفعالة، ضمن مبادرات "عام الخير"، بهدف الحفاظ على البيئة، وتعزيز مستوى الوعي لدى مكونات المجتمع كافة، وذلك في إطار الأهداف الاستراتيجية للوزارة، والمتمثلة في حماية البيئة وضمان استدامة مواردها الطبيعية وتنوعها البيولوجي.
كما أطلقت الوزارة في عام 2018، الحملة التطوعية الأولى على مستوى الدولة "بيئتي مسؤوليتي الوطنية"، حيث شاركت مجموعة من الإعلاميين ورواد التواصل الاجتماعي وموظفي إدارات الاتصال الحكومي بالوزارات والدوائر الاتحادية والمحلية بالدولة في تنظيف البيئة الصحراوية.
وأقيمت الحملة في منطقة الفاية في الشارقة بمشاركة عدد من مسؤولي الوزارة، وأكثر من 400 متطوع، وجاءت الحملة انطلاقاً من التزام الوزارة بنشر الوعي البيئي، بالتعاون مع الهيئات البيئية والجهات الحكومية المحلية المسؤولة عن الشؤون البيئية في إمارات الدولة كافة.
كما أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة خلال الفترة من ( 2020 -2023 ) سلسلة من الحملات، التي تهدف إلى جمع المخلفات البلاستيكية والورقية والزجاجية والإلكترونية وعلب الألمونيوم، وبلغ وزن المخلفات التي تم جمعها أكثر من 27 ألف كجم.
وأطلقت الوزارة أيضاً حملة "صون كنوز الطبيعة البحرية" خلال الفترة من (24-29 يوليو 2020)، والتي هدفت إلى زراعة الشعب المرجانية، وذلك بمشاركة العديد من الغواصين المتطوعين.

- الاهتمام بالتشجير.
منذ قيام اتحاد دولة الإمارات في عام 1971، شكلت الزراعة والاهتمام بالبيئة والتشجير أولوية كبرى لدى الآباء والأجداد المؤسسين، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه"، حيث كان لديهم إيمان راسخ بأهمية الزراعة، وكان الشيخ زايد "رحمه الله" يقول دائماً “أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة”، وقد سارت القيادة الرشيدة للدولة على خطى الوالد القائد المؤسس، ولهذا أصبحت دولة الإمارات علامة فارقة ومميزة في خارطة التشجير وتزيين المدن، من خلال الجهود المبذولة في نشر الرقعة الخضراء والاهتمام بالأشجار والنباتات المحلية على وجه الخصوص، وذلك لأهمية التشجير في استهلاك كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، الذي يمثل أحد أهم الأسباب وراء ارتفاع درجات الحرارة والتلوث البيئي على وجه الأرض.
وفي هذا الإطار تم إطلاق مبادرة أسبوع التشجير، والذي يقام على مستوى دولة الإمارات سنوياً، ويتم خلاله زراعة الآلاف من الأشجار، وافتتاح الكثير من الحدائق والمحميات والمماشي، والتي تنعكس بشكل إيجابي على البيئة والمجتمع من خلال مؤشرات جودة الحياة.
ويهدف أسبوع التشجير إلى تطبيق التقنيات الذكية والابتكارات المتميزة وأفضل الممارسات في مجال التشجير والزراعة التجميلية، وإشراك فئات المجتمع وأصحاب الهمم في فعالياته وتعزيز دورهم في نشر الرقعة الخضراء والمحافظة عليها والاهتمام بنباتات البيئة المحلية والتوعية بأهمية التشجير، بما يحافظ على زيادة المساحات الخضراء، فضلاً عن إبراز غرس الشيخ زايد واهتمام القيادة الرشيدة في المحافظة على الموروث النباتي المحلي، وأهمية توعية المجتمع لمعرفة الأشجار المحلية والحفاظ عليها.

-4 برامج للتطوع البيئي في أبوظبي .
من جهتها أتاحت هيئة البيئة - أبوظبي الفرصة أمام الراغبين في تقديم الدعم والمساهمة في حماية البيئة للتطوع ضمن أربعة برامج، حيث يساهم من خلالها المتطوع في زيادة الوعي الاجتماعي وبناء مجتمع يدعم أهداف التنمية المستدامة.
ويتمثل البرنامج الأول في "المواطن الأخضر"، الذي يهدف إلى توفير الفرصة للمواطنين والمقيمين الشغوفين بالعمل البيئي في المجتمع، من خلال إشراكهم بشكل أكبر في حماية تراث إمارة أبوظبي الطبيعي، مما سينتج عنه مواطنون ومقيمون مسؤولون ونشطون يساهمون في الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.
أما البرنامج الثاني من برامج التطوع البيئي فيتمثل في برنامج المراقب البيئي للشباب "مرشد"، الذي تنفذه هيئة البيئة – أبوظبي، بالتعاون مع مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي ودائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي.
وتسعى الهيئة من خلال البرنامج إلى إلهام وإشراك الطلبة الملتزمين والمهتمين بحماية البيئة والمحافظة عليها، كما يوفر البرنامج الفرص الكافية لتقديم وتلقي الإرشاد والتطوير القيادي، بالإضافة إلى اكتساب الخبرة في التعليم البيئي وتعزيز جهود الشباب المبذولة في مجال استعادة النظم البيئية.
ويحفز البرنامج الشباب على التطوع ليكونوا مراقبين بيئيين، كما يهدف إلى تدريب مجموعة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً من طلاب الحلقتين الثانية والثالثة في مدارس أبوظبي سنوياً، لفهم دور المراقبين في حماية البيئة والمحافظة عليها.
أما برنامج "الخبير الأخضر"، فهو يختص بدعم مشاريع هيئة البيئة - أبوظبي وفعالياتها وتعزيزها، والاستفادة من معارف الخبراء وخبراتهم.
وتشمل المسؤوليات المتوقعة من "الخبير الأخضر": عقد ورش عمل أو محاضرات، ومراجعة أو تقييم التقارير ودراسات الحالة، وتدريب المتطوعين.
فيما يتيح البرنامج الرابع للتطوع، وهو "المجلس الأخضر للشباب"، للأعمار بين 18 و35 عاماً، الانضمام إلى المجلس وتبادل الأفكار، إضافة إلى تمكينهم من أن يصبحوا فاعلين في اتخاذ إجراءات لحماية البيئة والحفاظ عليها.
وتشمل المسؤوليات المتوقعة من أعضاء المجلس الأخضر للشباب: المشاركة في أنشطة وفعاليات المجلس والمساعدة في تنظيمها، والمشاركة في ورش عمل وفعاليات هيئة البيئة - أبوظبي لتعزيز التعلم البيئي الخاص بهم، والتواصل الفعال مع الجمهور.
-حملة نظفوا العالم .
وتتعدد مبادرات بلدية دبي، لتنمية السلوك الإيجابي تجاه استدامة نظافة البيئة، وتعزيز مسؤولية الأفراد للمحافظة على بيئتهم المحلية، حيث تنظم البلدية فعاليات متنوعة للتطوع المجتمعي، من أجل نظافة المدينة وتعزيز الوعي البيئي.
وتحظى حملة "نظفوا العالم"، التي تنظمها بلدية دبي منذ العام 1994، بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة وفئات المجتمع المحلي، للقيام بتنظيف أماكن متنوعة في المدينة والبيئة البحرية والساحات المفتوحة، حيث تعد الحملة من أكبر الحملات التطوعية في المنطقة، ويشارك فيها آلاف المتطوعين سنوياً، ما يعكس نجاحها واهتمام المؤسسات والأفراد بترك بصمة بيئية مستدامة في دبي.
وتسعى حملة التطوع المجتمعي "نظفوا العالم"، إلى الارتقاء بمستوى الفكر والوعي البيئي المستدام لدى مختلف أفراد وشرائح المجتمع، والتأكيد على أهمية دورهم في حماية البيئة وتنميتها، باعتبارها مسؤولية فردية وجماعية في الوقت نفسه.
وتنظم بلدية دبي العديد من المبادرات التطوعية في مجال نظافة المدينة والحفاظ على استدامة البيئة، وأبرزها المبادرة التطوعية الميدانية "ساعة.. مع عامل النظافة"، التي تسهم في توفير فرص تطوعية ميدانية لجميع فئات المجتمع المحلي بشكل مستدام، في مجال النظافة العامة، والحفاظ على المظهر الجمالي والحضاري وحماية البيئة المحلية في دبي.
وشهدت مبادرة "ساعة.. مع عامل النظافة"، التي نظمتها بلدية دبي في مارس الماضي تزامناً مع اليوم العالمي لإعادة التدوير، تنفيذ فعاليات وأنشطة تطوعية بالتعاون مع القطاع الخاص، بمشاركة أكثر من 500 متطوع، يمثلون 11 جهة حكومية وخاصة من مختلف فئات المجتمع.
ومن منطلق حرص بلدية دبي على خلق مجتمع واعٍ بالقضايا والتحديات البيئية، تم إتاحة فرصة للتطوع بالمحميات الطبيعية في الإمارة وذلك لمن لديهم هواية تصوير الحياة البرية أو الراغبين في العمل الميداني والمشاركة في الدراسات الخاصة بالحياة الفطرية في المحميات الطبيعية أو المشاركة في الفعاليات البيئية وذلك من خلال تعبئة استمارة التطوع المتوفرة في الموقع الإلكتروني للبلدية.
كما تولي الهيئات الحكومية والخاصة في دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بإدخال جوانب العمل التطوعي البيئي ضمن برامجها، من أجل رفع مستوى الوعي بالقضايا البيئية، وتشجيع أفراد المجتمع على المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة البرية والبحرية، بالإضافة إلى رصد العديد من الجوائز التي تشجع العمل التطوعي لحماية واستدامة البيئة.

دينا عمر

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: التغیر المناخی والبیئة الحفاظ على البیئة فی دولة الإمارات فی حمایة البیئة استدامة البیئة خلال الفترة من العمل المناخی العمل التطوعی فئات المجتمع بالتعاون مع فی الإمارات والحفاظ على المشارکة فی هیئة البیئة البیئی فی بلدیة دبی فی العمل أکثر من من خلال فی مجال فی عام من أجل

إقرأ أيضاً:

من الفوضى إلى الفرص: رؤية مجتمعية

 

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية

 

في عالم يتسم بالتغيرات السريعة والتحديات الاجتماعية، تظل الأنظمة والقوانين الوطنية العمود الفقري الذي يحفظ توازن المجتمعات. ومع ذلك، فإن هناك فئة من الأفراد تتجاوز هذه القوانين، مما يثير تساؤلات عميقة حول الأسباب والدوافع وراء هذه التجاوزات. كما إن تفشي ظاهرة الجنوح لا يعكس فقط ضعفًا في الالتزام بالقوانين؛ بل يكشف أيضًا عن أبعاد اجتماعية واقتصادية ونفسية معقدة، ومن خلال تحليل هذه الظواهر وتقديم استراتيجيات فعالة، يمكن التقدم نحو التغيير الإيجابي، وبناء مجتمعٍ يتسم بالتماسك والاستقرار، لتحقيق الرؤى المستقبلية بكل ثقة واقتدار. وفي هذه المقالة، سنسلط الضوء على عدة قضايا مجتمعية، وهي:

القضية الأولى: يُعدّ الفقر وتدني الأحوال الاقتصادية للأُسر من العوامل الرئيسة التي تدفع بعض أفرادها إلى تجاوز الأنظمة والقوانين، فعندما يعاني الفرد من ظروف اقتصادية صعبة، يصبح أكثر عرضة لاتخاذ قرارات غير قانونية لتأمين لقمة العيش، وغالبًا ما تؤدي هذه الظروف إلى فقدان الأمل في الحصول على فرص عمل مشروعة؛ مما يخلق بيئة محفزة للسلوكيات المنحرفة، وتآكل القيم الاجتماعية والأخلاقية. فعلى سبيل المثال: قد يلجأ بعض الشباب من الباحثين عن عمل أو المراهقين من ذوي الأسر ذات الدخل المنخفض، للانخراط في أنشطة غير قانونية كالسرقات والترويج للمخدرات، وغيرها من الأنشطة بهدف تحسين واقهعم الاقتصادي، مما يكون سببًا لانتشار الجرائم وزعزعة استقرار المجتمع.

إن واقع العديد من المجتمعات العربية يُظهر ضرورة مُلحَّة لتحسين الظروف الاقتصادية، والاتجاه نحو مشاريع تعليمية وتدريبية مُستدامة في مجالات التقنية والمهن الحرفية. وتُعد هذه المشاريع من الاستراتيجيات الفعّالة لتفادي تجاوز الأنظمة واللوائح، حيث يُسهم تعزيز الاقتصاد المحلي في تقليل معدلات الفقر والحاجة؛ مما يساعد على تقليص دوافع الجنوح وارتكاب المخالفات القانونية.

علاوة على ذلك، يتطلب الأمر إعادة تقييم النظرة السائدة حول طبيعة الوظائف والتخصصات التي يحتاجها المجتمع المعاصر، ويتعين مواءمة المخرجات التعليمية مع متطلبات سوق العمل المستقبلية، وهو ما يُعد استراتيجية حيوية لتسريع وتيرة توظيف الباحثين عن عمل. ومن خلال هذه الجهود، يمكن تقليص أعداد الباحثين عن العمل، وتقليل حالة التخبط والفوضى التي قد تنشأ في أفكارهم وسلوكياتهم. فالاستثمار في التعليم والتدريب ليس مجرد خيار؛ بل هو ضرورة استراتيجية لرسم مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للأفراد والمجتمع ككل.

القضية الثانية: يُسهم نقص الوعي بالقوانين والحقوق في تفشي التجاوزات القانونية؛ حيث يفتقر الكثيرون إلى المعرفة الكافية بالقوانين، مما يجعلهم يرتكبون المخالفات دون إدراك عواقب أفعالهم. كما أن عدم المعرفة بالحقوق والواجبات يؤدي إلى استغلال بعض الشباب من قِبل آخرين، أو اتخاذ قرارات غير مبنية على أساس قانوني، مما يزيد من معدلات الانحراف.

ومن الضروري تنفيذ برامج تعليمية متكاملة وحملات توعية شاملة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، مستفيدة من الوسائط المتعددة، لتفسير القوانين بطريقة مبسطة وفعالة. وهذا التوجه لا يسهم فقط في تقليل فرص الانخراط في أنشطة غير قانونية؛ بل يعزز أيضًا من قدرة الشباب على التفكير النقدي، مما يمكنهم من مقاومة الأفكار المتطرفة والتنصل من الانزلاق نحو النزاعات اللفظية التي قد تندلع عبر المنصات الرقمية العالمية. وعليه، فإن بناء مجتمع واعٍ ومتعلم هو السبيل نحو تحقيق الاستقرار والازدهار، حيث يتسلح الأفراد بالمعرفة القانونية الضرورية لمواجهة التحديات والمساهمة الفعالة في تنمية مجتمعهم.

القضية الثالثة: يُمثل التهميش الاجتماعي أحد العوامل الأساسية التي تسهم في تفشي ظاهرة عدم المشاركة في الرأي؛ حيث يواجه العديد من الأفراد شعورًا عميقًا بعدم الاعتراف بهم أو تقديرهم في المجتمع، بحيث تخلق فجوة واسعة بين الأفراد والأنظمة الاجتماعية، مما يدفعهم إلى التصرف بطرق يُعبّرون من خلالها عن إحباطهم وسخطهم. والإحساس بعدم الانتماء لا يؤدي فقط إلى تراجع المشاركة الفعّالة؛ بل قد يُحرِّض أيضًا بعض الأفراد على الانخراط في أنشطة غير قانونية. وهكذا، يُعزز هذا التهميش مشاعر الاستياء ويُفضي إلى تجاوز الأنظمة، مما يخلق حلقة مفرغة من عدم الثقة والرفض، ويعمق من الفجوة بين المجتمع وأفراده.

لذا، من الضروري أن تتنبه المجتمعات إلى أهمية رصد هذه القضايا ومعالجتها، وتشجيع الأفراد على المشاركة في صنع القرارات، بما يُسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا. فعلى سبيل المثال: توفير منصات للشباب للتعبير عن آرائهم والمشاركة في القضايا المجتمعية، تُعدّ وسيلة ناجعة وفرصة كبيرة لتعزيز الثقة في الأنظمة، وتقوية مشاعر الانتماء والولاء للمجتمع، مما يؤدي إلى سدّ منابع الانحراف والجنوح بين فئة الشباب. ومن التجارب العُمانية لتعزيز الشراكة المجتمعية، يأتي ملتقى "معًا نتقدم" كمنصة قيّمة للحوار بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية.

القضية الرابعة: تؤدي الضغوط النفسية والعائلية دورًا جوهريًا في اتخاذ قرارات غير مدروسة قد تؤدي إلى تجاوز الأنظمة والتشريعات. وفي كثير من الأحيان، يواجه الفرد ضغوطًا هائلة تجعله يتصرف بشكل متهور، مما يزيد من احتمالات ارتكابه للمخالفات ويؤدي إلى تآكل القيم الأخلاقية. على سبيل المثال، قد يلجأ بعض الأفراد إلى ممارسة أنشطة غير مقبولة اجتماعيًا، أو استخدام أساليب غير قانونية مثل النصب والاحتيال، وفي حال تعثرهم وفشل مخططاتهم، يجدون أنفسهم في دوامة الإفلاس والمديونية، مما يقودهم إلى التخبط واتخاذ قرارات عشوائية، حتى يصلوا إلى مرحلة فقدان التوازن واتخاذ قرارات همجية وغير عقلانية.

لذا، يُعد توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعانون من ضغوط نفسية ضرورة ملحة، تتجاوز كونها مجرد خطوة، لتصبح دعامة أساسية لمساعدتهم في اتخاذ قرارات أكثر وعيًا لتحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية. ومن الأهمية بمكان إنشاء مراكز دعم نفسي في المجتمعات المحلية، حيث يمكن أن تكون هذه المراكز بمثابة ملاذ آمن للأفراد الذين يواجهون تحديات نفسية أو اجتماعية.

كما أن هذه المبادرات لا تقتصر على تقديم الدعم؛ بل تُسهم أيضًا في الحدّ من دوافع الجنوح والانحراف، مما يمنع الأفراد من الانزلاق إلى دوائر المعارضين أو الخارجين على القانون، فمن خلال تعزيز الوعي والتمكين، يمكن أن يتحول هؤلاء الأفراد إلى قوى إيجابية في المجتمع، بدلاً من أن يصبحوا أدوات تُستغل للتشكيك في أسس المجتمع، قيادةً ونظامًا.

وفي الختام.. يتضح أن تجاوز الأنظمة والقوانين الوطنية ليست مجرد ظاهرة عابرة؛ بل هي قضية معقدة تتطلب تفكيرًا عميقًا وتحليلًا شاملًا للأسباب الكامنة وراءها؛ فالتعامل مع هذه الظاهرة يتطلب رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار العوامل الجذرية التي تسهم في تفشيها. وفي هذا الشأن، نؤكد ضرورة تكامل الجهد الحكومي مع المبادرات المجتمعية لضمان تحقيق نتائج فعّالة ومستدامة. ومن الضروري أيضا النظر إلى المخالفين كأفراد يمكن إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، ومثل هذا التوجه يُسهم في إعادة بناء الثقة في النظام القانوني، ويفتح آفاقًا لتحقيق تغيير إيجابي نحو مجتمع أكثر استقرارًا وأمانًا.

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. "الأوقاف" تدعو للإسهام في وقف الأب
  • «الشؤون الإسلامية» تطلق حملة «زكاتك من المجتمع إلى المجتمع»
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لإشعاله النار في أراضي الغطاء النباتي بمحمية طويق الطبيعية
  • "البيئة" تُنظم ورشة بعنوان "المؤشرات البيئية ونظم المعلومات الجغرافية"
  • عبد الله بن بيه يحث أفراد المجتمع ومؤسساته على المساهمة في حملة «وقف الأب»
  • عبد الله بن بيه يدعو أفراد المجتمع ومؤسساته للمساهمة في حملة وقف الأب
  • دعبس: يجب استغلال الموارد الطبيعية في إنتاج الطاقة
  • «دو» تطلق حملة «وتحيا الحياة بكم»
  • من الفوضى إلى الفرص: رؤية مجتمعية
  • طلب إحاطة بشأن تشجيع ثقافة الوقف الخيرى لاستدامة الموارد المالية