سؤال يُطرح، وهو بديهي: هل ينجح آموس هوكشتاين في تثبيت ترسيم الحدود الجنوبية مع لبنان برًّا كما نجح في ترسيم الحدود بحرًا؟ 
أمّا السؤال البديهي الآخر فيتمحور حول إمكان قبول "حزب الله" هذه المرّة بالوساطة الأميركية البرّية بين لبنان والعدو الإسرائيلي كما قَبِل بوساطته في الترسيم البحري؟  
   
موقف "الحزب" واضح في هذا المجال، وهو لن يقول اليوم ما قاله قبل مفاوضات الترسيم البحري من أنه يقف خلف الدولة في ما تقرّره، مع العلم أنه لو لم "يطرّيها" بعض الشيء لما كان هذا الترسيم قد أبصر النور، وذلك باعتراف أميركي واسرائيلي معًا.

فالمسؤولون المعنيون مباشرة بهذا الملف بتكليف من الأمين العام السيد حسن نصرالله شخصيًا يبدو أنهم غير مستعدين هذه المرّة عن التنازل عمّا يُعتبر حقًّا طبيعيًا للبنان، وهو يقضي بانسحاب إسرائيل من النقاط السبع على طول "الخط الأزرق" من أصل ثلاث عشرة نقطة تم تذليل تعقيدات ست نقاط منها، وذلك بناء على الترسيم المتفق عليه في اتفاق الهدنة عام 1949، وهو ما يُعرف بخط الهدنة.    فإذا قَبِل "حزب الله" بمبدأ المفاوضات البرّية بين لبنان الرسمي والعدو الإسرائيلي، وإن بالواسطة، فهذا يعني أنه على استعداد لدخوله مرحلة جديدة من النضال، الذي لا بدّ من أن ينتقل في مرحلة من المراحل إلى النضال السياسي بعد أن يكون النضال العسكري قد أدى دوره كاملًا. وهذا الأمر يقود المحللين إلى استنتاج طبيعي وبديهي، وهو يتمحور حول استعداد "حارة حريك" للدخول في "مغامرة" البحث الجدّي في "الاستراتيجية الدفاعية" على طاولة حوار "السبعة أيام" برعاية فرنسية، وهل بات بالتالي جاهزًا للدخول في "بازار" التسوية الاقليمية الشاملة القائمة على أساس التفاهم المتنامي بين المملكة العربية السعودية وإيران حول مستقبل المنطقة وفق نظرة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الهادفة إلى تحويل المنطقة إلى كيان اقتصادي متكامل مواصفات الاكتفاء الذاتي كمرحلة أولى، والتحّول بعدها إلى محور مؤثّر على مستوى مركزية القرار العالمي في الصراعات الاستراتيجية.     هذه هي النظرة لمآل المفاوضات، التي أبدى هوكشتاين كامل استعداده لخوض غمار المفاوضات الجديدة فيها، مستندًا بذلك إلى ما سمعه بالمباشر من الرئيس نبيه بري في المقام الأول، وما سمعه من المسؤولين الإسرائيليين الذين التقاهم قبل وصوله الى بيروت عن وجود جهوزية واستعداد للدخول في المفاوضات، والعمل على تهدئة طويلة الأمد تبعد شبح الحرب أو المواجهة، بالتوازي مع التزام أميركي بالاستقرار في لبنان، ولا سيما في الجنوب وعلى طول الحدودية البرية، بعد اقناع قادة العدو بالقبول بشروط لبنان الطبيعية.    وهذا الأمر، وفق رؤية بعض المحللين السياسيين، لا يتم بمعزل عن الوضع الداخلي اللبناني، وقبل التوصل إلى تفاهمات لبنانية داخلية، وبرعاية دولية خماسية، حول الاستحقاق الرئاسي، الذي قد يكون نتيجة طبيعية لحوار بنّاء وهادف، خصوصًا إذا لمست قوى "المعارضة" جدّية من قِبَل "حزب الله" لناحية قبوله بمناقشة "الاستراتيجية الدفاعية" من دون شروط مسبقة، وكذلك الأمر في تحديد هوية الرئيس العتيد للجمهورية.  
 

وقد تكون بداية "مشوار" هوكشتاين في "مغامرته البرّية" بعدما نجح في "مغامرته البحرية" ما ورد في نص قرار التجديد لقوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، والذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من شمال قرية الغجر، خصوصًا بعدما نجح "حزب الله" من خلال "استراتيجية نصب الخيام" في المناطق المتنازع عليها، في تحقيق جُملة من الأهداف المركبة، والتي تتداخل مع الاعتبارات السياسية والأمنية الإيرانية، ومع المعطيات الداخلية اللبنانية وموقف الحزب منها، ومن بينها استغلال الانقسامات العميقة في المجتمع الإسرائيلي والتي يعتقد أنها تضعف الحكومة والجيش الإسرائيليين عن الإقدام على خطوات ضد الحزب قد تُفضي إلى تصعيد بين الجانبين، وإن كان محدوداً، وبذلك فإن خطوات الحزب تندرج ضمن سياق الحرب النفسية المعنوية الموجهة، إضافة إلى تطلعه لإحياء قضية الأراضي اللبنانية المحتلة، وإعادة فتح النقاش حولها في الهيئات الدولية، في ضوء عدم الاعتراف اللبناني بالخط الأزرق كخط للحدود مع إسرائيل، وما رافق التجديد لقوات "اليونيفيل" من لغط.  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

ضغوط اعلامية وسياسية وديبلوماسية.. لا حرب واسعة


يستمر التهويل الذي يتعرض له لبنان منذ عدّة ايام بالتوازي مع التهديدات الاسرائيلية بتوجيه ضربة كبيرة ضدّ "حزب الله" في لبنان وسوريا بعد انتهاء معركة رفح التي تحتاج اسابيع قليلة جداً بحسب التقديرات لدى الحكومة الاسرائيلية، اذ شهدت المرحلة الاخيرة وساطات وتواصلا غربيا كبيرا مع بيروت ومع حارة حريك من اجل الوصول الى ما يسميه هؤلاء الوسطاء ضبط الجبهة ومنع توسعها وصولاً الى وقف اطلاق النار في لبنان بالتوازي مع انتقال الجيش الاسرائيلي الى المرحلة الثالثة من الحرب في غزة.

وبحسب مصادر مطلعة فإن الهدف الفعلي من كل ما يحصل هو الوصول الى اجبار الجبهة اللبنانية على ايقاف دعمها العسكري لغزة مع بدء المرحلة الثالثة التي ستشمل وقف الحرب البرية وانسحاب الجيش الاسرائيلي من المدن الكبرى في القطاع مع ابقاء قوات كبيرة فيه، من اجل القيام بعمليات اغتيال او اقتحام عندما تقتضي الحاجة، لكن عمليا ستكون الحرب بمفهومها المرتبط بالكثافة النارية وبالعمليات البرية قد توقفت، من دون اعلان ذلك بشكل واضح، ومع الاستمرار بإحتلال غزة والسيطرة عليها وعدم تسليمها لاي سلطة محلية حتى لو لم تكن حماس.

وترى المصادر أن واشنطن تعتقد أنها قادرة على اقناع "حزب الله" بإيقاف الجبهة في لبنان، وهذا يتطلب ضغوطاً من انواع عدة، لكي تكون المفاوضات والتسوية مع الحزب رابحة اميركياً وتالياً إسرائيلياً، وعليه فإن إلزام الحزب او اقناعه بوقف اطلاق النار ليس كافياً بل ان المطلوب هو تسوية مرضية ومناسبة لا تكسر موازين القوى الى الأبد بين الحزب وإسرائيل لصالح الاول، وقد تكون الضغوط التي تحصل اليوم مجرد محاولة لإيهام حارة حريك ان الحرب واقعة لا محالة في حال لم تقدم تنازلات.

وتشير المصادر الى أن التهديدات الاسرائيلية تترافق بشكل جدي مع حشود عسكرية اسرائيلية برية وتقنية بإتجاه الحدود مع لبنان وهذا ما يعطي "صدقية" اكبر للحكومة الاسرائيلية التي دمرت "صدقيتها" بسبب التهديدات المتكررة الفارغة منذ بداية "طوفان الاقصى". وعليه فإن المرحلة المقبلة ستشهد اجراءات اسرائيلية تظهر المزيد من الجدية في البدء بعملية التصعيد خلال الاتي من الايام، علما ان واشنطن لا تعطي عبر تصريحاتها اي ضوء أخضر للاسرائيليين لكي يبدأوا تصعيداً ممنهجاً في الجنوب.

وتعتبر المصادر ان التسريبات التي حصلت بشأن مطار بيروت لا تخرج ابداً من سياق الضغوط التي يراد فرضها على الدولة اللبنانية والمجتمع اللبناني لكي يزيد الضغط بدوره على "حزب الله"، كما ان التحذيرات الديبلوماسية التي تنقل الى لبنان والتي تحسم امكانية قيام الجيش الاسرائيلي بحرب واسعة ضدّ الحزب في حال فشلت الوساطات، تخدم الهدف نفسه وكذلك البيانات الصادرة عن السفارات الغربية التي تدعو مواطنيها الى الحذر ولا تشجعهم على زيارة لبنان.

كل ما تقدم يرجح فرضية ان يكون التصعيد والضغوط الحاصلة اليوم دليل قطعي على ان الحرب الشاملة لن تحصل وكل التحذيرات هي محاولة للتعويض عن عدم وجود امكانية لخوض المعركة العسكرية ضد الحزب، وعليه فإن التهويل سيستمر خلاف الاسابيع المقبلة، وان اي تصعيد سيحصل لن يرتقي ليصبح حربا شاملة، بل سيبقي تصعيدا محدودا.. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • حزب الله يوسّع هجماته من دون أي اعتبارات… فما هي أهدافه؟!
  • قتلى وجرحى في هجوم من لبنان.. بيانٌ مهم لـحزب الله!
  • بايدن: ترامب رفض الإجابة 3 مرات عن قبوله لنتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة
  • قصف متبادل بين حزب الله وإسرائيل وقوات أميركية تصل البحر المتوسط
  • تطور خطير على الحدود اللبنانية
  • ضغوط اعلامية وسياسية وديبلوماسية.. لا حرب واسعة
  • أرض الجزيرة الممزقة بين الولايات .. ومدى تأثير ذلك من زاوية تعدد اللجان الأمنية ؟!
  • توصية إسرائيلية باستهداف الأسد للضغط باتجاه إحباط أي هجوم لحزب الله
  • توصية إسرائيلية باستهداف الأسد للضغط باتجاه إحباط هجوم لحزب الله
  • دريان التقى وفدا من اللقاء الديمقراطي