(عدن الغد)خاص:

تحليل يتناول الأزمة المتصاعدة بين الحوثيين والمؤتمر في صنعاء على وقع المطالب بصرف مرتبات موظفي الدولة..

(عدن الغد) القسم السياسي:

يبدو أن الوضع لم يستقر بعد للمليشيات الحوثية في مناطق سيطرتها شمال اليمن، فبعد أن تخلصت الجماعة الانقلابية من حليفها القوي علي عبدالله صالح في انتفاضة ديسمبر/ كانون أول عام 2017، ظنت المليشيات أن الأجواء باتت سالكة لتكون السلطة الوحيدة بلا منازع.

ورغم مرور قرابة ست سنوات على الانتفاضة التي لم تكن مجرد خلاف سياسي بين طرفي حلف تكتيكي، بقدر ما عكست عدم التعايش المطلق مع الحوثيين، إلا أن جذوة الرفض الشعبي للحوثيين في صنعاء ومناطق سيطرة المليشيات لم تخبو أبدًا، ولعل في اضطرابات المعلمين الأخيرة ومطالب موظفي الدولة هناك بصرف مرتباتهم أكبر دليل على ذلك.

انتفاضة ديسمبر قد تتكرر مجددًا، ولا يمكن استبعاد حدوث ثورة في صنعاء وليس فقط مجرد انتفاضة مؤقتة؛ عطفًا على تراكمات الممارسات الحوثية بحق المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات، ليس من اليوم ولكن منذ سيطرتهم على العاصمة المختطفة صنعاء في سبتمبر/ آيلول 2014.

التكرار هذه المرة قد يكون مستنسخًا، بحيث ‘ن رأس الحربة أيضًا في أي تطور أو تصعيد شعبي ضد الحوثيين صار اليوم مدعومًا سياسيًا، بعد أن أيد حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء مطالب المواطنين بالحصول على المرتبات، وعلى رأسهم المعلمين، الذين يخوضون حربًا لانتزاع حقوقهم مع المليشيات الرافضة لأي حقوق لهذا الشعب المكلوم.

ومؤخرًا، شهدت مدينة صنعاء أزمةً سياسية تصاعدت بشكل كبير وذلك عقب خلافات بين قيادة المؤتمر الشعبي هناك وجماعة الحوثيين، وبدأت الأزمة قبل أسابيع على خلفية قمع كبير نفذته الجماعة الحوثية ضد كل المطالبين بصرف المرتبات، وتصدر رئيس المؤتمر الشعبي العام بصنعاء صادق أمين أبو رأس الدعوات الشعبية لصرف المرتبات، وذلك خلال احتفال لحزب المؤتمر بذكرى تأسيسه.

أبو رأس ووجه انتقادات حادة لجماعة الحوثيين مؤكدًا أن من حق الناس أن تطالب بصرف المرتبات، بالتزامن مع تصاعد المطالب الشعبية وتحركات المعلمين لنيل حقوقهم، مقابل حدة الخطاب الحوثي ضد قيادات المؤتمر وصولًا إلى هجوم شنه قادة حوثيون بينهم محمد علي الحوثي ومهدي المشاط، أعلنوا فيه نية الجماعة بيع مقرات حزب المؤتمر ومساكن قياداته، بعد وصفها بـ "العمالة".

وفي حقيقة الأمر، فإن أي مواجهة قمعية يقوم بها الحوثيون لن تكون في صالح المطالبين بالحقوق والساخطين على الحوثي، بحكم تجبر السلطات المليشياوية ومصادرتها لأبسط حقوق الناس ومنعهم حتى من الاستمتاع بأبسط مقومات الحياة، وهو ما صنع غضبًا عارمًا في مناطق الحوثيين، ما يلبث أن ينفجر في أقرب فرصة، أو وجود مخفز خارجي، ما يستدعي وجود تخطيط مسبق لاستعياب وتوجيه هذا السخط والغضب والرسمي.

> سبب الخلافات الجديدة

يروح كافة موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين تحت الحرمان من أساسيات حقوقهم، وعلى رأسها المرتبات التي لم تصرف منذ عام 2016، وإن صرفت لعام أو عامين، وبنصف راتب فقط، في مفارقة لا تتوافق مع ادعاءات الحوثيين بعدم توفر سيولة مالية لديهم، رغم نهبهم أموال كافة مؤسسات الدولة الإيرادية، وإجبار الشركات والتجار والمواطنين حتى على دفع إتاوات مالية وجبايات غير قانونية.

كما أن المليشيات عمدت إلى إمشاء ما عُرف بـ "صندوق دعم التعليم" عام 2019، بغرض دفع مرتبات المعلمين بحسب رؤيتهم، لكن شيئًا من هذا لم يحدث، ومضت المليشيات في نهب أموال الصندوق التي قدرت بالمليارات دون أن تعطي للمعلمين حقوقهم، بل وفرضت عليهم وعلى موظفي الدولة كافة العمل بدون مرتب وبشكل مجاني وكأنهم سُخرة وليسوا موظفين.

وهذا ما تسبب يتصاعد مطالب المعلمين واحتجاجاتهم في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، حتى وصلت للإضراب الذي شل معظم العملية التعليمية في تلك المناطق، وخلق جوًا ساخطًا من استمرار الحرمان الذي يمارسه الحوثيين ببرودة دم.

ويمكن أن تكون هذه الأسباب هي من دفعت حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء صادق أمين أبو رأس إلى استغلال هذه الجزئية للحديث عنها خلال احتفالات الحزب بذكرى تأسيسه، كتنفيس ربما لحالة الكبت التي يرزح المؤتمريون، باعتبارهم الشريك الضعف في منظومة الحوثيين، بعد مقتل رئيس الحزب التاريخي ورئيس الدولة الأسبق علي عبدالله صالح.

وهذا ما خلق ردة فعل قوية من قبل قيادات الجماعة الانقلابية كمحمد علي الحوثي، ومهدي المشاط، الذين هددوا المؤتمريين بالوعيد، وباتت صنعاء تعيش ذات الأجواء التي عرفتها عشية انتفاضة ديسمبر/ كانون أول عام 2017، وهي نقطة جزئية لا بد من الوقوف أمامها طويلًا، خاصة وأنها تأتي بالتزامن مع ضغوط خارجية وإقليمية على الحوثيين لدفع مرتبات الموظفين وعلى رأسهم المعلمين.

الأمر الذي تخشاه مليشيات الحوثي التي لا تنقصها الأموال بعد أن تدفقت سفن الوقود والغاز والبضائع إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، وباتت ترى أنها بلا أية مبررات أمام ضغوطات العالم والإقليم، بالإضافة إلى الاحتجاجات الداخلية التي تنامت مؤخرًا، وتلقفتها قوى ومكونات حزبية وسياسية، في مقدمتهم المؤتمر الشعبي العام.

ويمكن أن يكون المؤتمر الشعبي العام يعي جيدًا أهمية التقاط الفرصة بعد أن سنوات من الخضوع والبقاء تحت عباءة الحوثي طيلة السنوات الماضية، والتي تعرض فيها للتهميش والإقصاء، وأصبح حزبًا هامشيًا لا يملك من أمره شيء، في ظل تسلط وسيطرة المليشيات الحوثية على كل مفاصل القرارات السياسية والحزبية هناك.

مراقبون لم يستبعدوا إمكانية استغلال حزب المؤتمر في صنعاء لحالة الاضطرابات الشعبية، ما يؤهله لتبني انتفاضة جديدة على الحوثيين، في سبيل إعادة المؤتمر لمكانته السياسية والحزبية، غير أن مثل هذا التوجه قد يصطدم بالقبضة الحديدة والقوة العسكرية والأمنية التي يمتلكها الحوثيون في مناطق سيطرتهم، والتي أجبرت الكثير من القوى السياسية على الانصياع والمهادنة، وانتظرت تحرك الشارع ضدهم.

خاصة وأن تجربة الانتفاضة الأولى في ديسمبر/ كانون أول عام 2017 مازالت ماثلة للعيان، ولم ينسَ المؤتمريون نتائجها القاسية، ولم تشفع لهم مكانة صالح السياسية داخليًا وخارجيًا.

> تهديد حوثي

ردة الفعل الحوثية تجاه موقف المؤتمر الشعبي العام، في ظل حالة الهيجان الشعبي ضد الحوثي، جعلت من هذا الأخير متوجسًا للغاية، حتى إن قياداته لم تستطع ضبط تصريحاتها، حين هددت بمصادرة أملاك قادة المؤتمريين وتهديدهم شخصيًا، على غرار ما حدث مع قادة انتفاضة ديسمبر/ كانون أول عام 2017، وعلى رأسهم علي صالح.

وربما يعود ذلك إلى استشعار الحوثيين بالخطر المحدق بهم نتيجة الاضطرابات الشعبية التي يقودها المعلمون، والتي إذا تبنتها جهة سياسية أو حزب له مكانته يمكن لها أن تتحول إلى ثورة عارمة، خاصة أن حزب المؤتمر يمكن له أن يقوم بهذه المهمة عطفًا على تاريخه السياسي، كما أن الناس ما زالوا قريبي عهد بدولة وجمهورية قادها ذات يوم للمؤتمر الشعبي العام.

وهذا ما يبدو أنه أثار حفيظة الحوثيين، فظهروا بهذا المظهر المسعور وهم يهددون القيادات المؤتمرية بالتصفية ومصادرة أملاكهم ومقرات الحزب، في محاولة منهم لردع أي محاولة للوقوف إلى جانب الشعب ومطالبه العادلة والحقوقية وعلى رأسها صرف المرتبات في ظل تغول المليشيات بثروات اليمنيين ونهب المليارات منها.

ولا يخفى على أحد قدرة الحوثيين على تصفية خصومهم بكل سهولة ويسر، ولا يعملون لأحد أي حساب، ولا يركنون إلى أية تفاهمات أو اتفاقات مع بقية الأحزاب التي تحالفوا معها منذ إسقاط صنعاء في سبتمبر/ آيلول 2014، حتى إنهم باتوا مكشوفين اليوم بلا حلفاء ولا شركاء داخليين، بعد أن تخلى عنهم الجميع، وتسببت ممارساتهم بنفور كل القوى السياسية والشخصيات البارزة من حولهم.

وهو ما يؤكد أن المليشيات باتت تنزف بحدة في الآونة الأخيرة في ظل ضغوطات دولية عديدة، بعد عرقلتها لجهود السلام وتصاعد احتجاجات المعلمين، حتى إيران، الداعم والحليف الخارجي الأول للحوثيين بدأ هو الآخر يتململ من شركائه في اليمن بعد التقارب مع السعودية، واحتمالات التوصل معها لتفاهمات تعيد الاستقرار إلى المنطقة.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: المؤتمر الشعبی العام موظفی الدولة مناطق سیطرة حزب المؤتمر فی صنعاء فی مناطق بعد أن

إقرأ أيضاً:

تفاصيل اليوم الدامي على الحوثيين جنوبي مأرب - قوات العمالقة تلّقن اذناب طهران درساً قاسياً

 

تصدت قوات العمالقة الاثنين 1 يوليو/تموز 2024 لهجوم فاشل شنته مليشيات الحوثي الارهابية على مواقع في منطقة الجفرة، بمديرية العبدية (جنوبي محافظة مأرب).

 

وافادت مصادر عسكرية لـ”مأرب برس“ بأن الهجوم الحوثي قابله رد عسكري حازم من قبل قوات العمالقة نتج عنه مصرع العشرات من عناصر المليشيات وفرار من تبقي دون ان تحقق المليشيات اي تقدم.

 

المصادر قالت بان " الهجوم الحوثي الفاشل الذي رافقه استخدام مختلف أنواع الاسلحة كان يهدف الى تمكين المليشيات من السيطرة على جبل العرش في منطقة الجفرة بمديرية العبدية، جنوبي محافظة مأرب".

مقالات مشابهة

  • ” المواطن اليمني هو ”الجدار القصير” لاعباء الحوثيين...نائب في برلمان الحوثيين يشن هجوما على المليشيات
  • تفاصيل اليوم الدامي على الحوثيين جنوبي مأرب - قوات العمالقة تلّقن اذناب طهران درساً قاسياً
  • مجلة داون: الاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري أصبحت شائعة بشكل مثير للقلق في صنعاء وعدن (ترجمة خاصة)
  • الناطق باسم "اليمنية" يكشف عن أسباب وصول الطائرات مطار صنعاء في أوقات متقاربة
  • الاتحاد اليمني للسياحة يدعو الحوثيين إلى إطلاق الطائرات التي تحتجزها وإنهاء معاناة الحُجاج العالقين
  • وزير خارجية اليمن: هجمات الحوثيين هدفها كسب تأييد شعبي والهروب من مشكلاتها
  • مصادر صحفية : وفد الحوثيين يغادر العاصمة صنعاء لإجراء جولة مفاوضات جديدة مع الشرعية في مسقط
  • ماذا سيحدث لو قرر بايدن الانسحاب من سباق الرئاسة؟.. تحليل يرد على أسئلة محتملة
  • ماذا قال بارولين للقيادات اللبنانية؟
  • مفاجأة.. منتخب عربي يضمن الصعود لـ كأس العالم 2026 قبل بداية التصفيات