الخليج الجديد:
2024-12-23@16:46:36 GMT

في مصر يوصون بتلفزيون للأطفال بالعامية

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

في مصر يوصون بتلفزيون للأطفال بالعامية

في مصر يوصون بتلفزيون للأطفال بالعامية

ليست مصر في حاجةٍ إلى كلامٍ كثير عن الهوية الوطنية المصرية، ولا إلى الثرثرة الاستعراضية في التأكيد على هذه الهوية وتنوّع مشمولاتها.

الوطنية لا تعني مطلقا تعظيم اللهجات العامية ونبذ اللغة العربية السليمة بل إن حماية العربية مسألةٌ وطنيةٌ واستراتيجية عليا، وفي صلب مسألة الهوية!

يبعث على أسىً كثير أن الذين خاضوا في هذه الأمور (وكثيرٍ غيرها بتفصيلٍ وفيرٍ) لم يأتوا أبدا على اللغة العربية مرتكزا أساسيا وجوهريا في ترسيخ الهوية الوطنية المصرية.

دعك من أن ضمن اللهجة المصرية تنويعاتٍ عديدة، تجيز القول إن ثمّة لهجات مصرية. الأساسي هنا: لماذا يوصَى بقناةٍ تلفزيونيةٍ للأطفال باللهجة المصرية فقط؟

لماذا لا تكون قناة الأطفال باللغة الفصحى، لتُساعدهم على امتلاكها صحيحة، مع المرور على اللهجات المتنوّّعة بدون عداء، سيما وأن العاميّة هي التي تسود الفضاء اللغوي المحيط بالطفل؟

* * *

عندما يُطنِب مجتمعٌ ما، نخبُه وتمثيلاتُه في التعليم والإعلام والفضاء السياسي، في الحديث في موضوعة هويّته، وبإلحاحٍ واسترسال، فهذا شاهدٌ على أزمةٍ يعبُر بها هذا المجتمع، وعلى أن اختلالا عميقا في أداء صنّاع السياسات الإعلامية والثقافية والتعليمية في إشاعة إحساسٍ مجتمعيٍّ عام بهويةٍ جامعةٍ مؤكَّدةٍ ومركّبةٍ ومنفتحة.

وللتخصيص هنا، ليست مصر في حاجةٍ إلى كلامٍ كثير عن هويتها، ولا إلى الثرثرة الاستعراضية في التأكيد على هذه الهوية وتنوّع مشمولاتها، مع القول، في الوقت نفسه، إن أيّ "استراتيجياتٍ" أو سياساتٍ أو خططٍ توضَع في هذا الأمر، لتعزيز الهوية المصرية الوطنية على ما يقال عادةً، لا يمكنها إلا أن تعبُر من البديهيّ إلى المستجدّ موضوع النقاش العام، الراهن أو الطارئ أو المطروح.

وأول هذا البديهيّ أن تعزيز اللغة العربية (اللغة الرسمية كما ينصّ الدستور) وحمايتها وسلامتها في الفضاء العام أمرٌ مركزي، لا يجوز التهاوُن والتسامح بشأنه.

مناسبة المجيء هنا على ما انكتَب أعلاه ما صودف في واحدةٍ من "توصيات لجان ومجلس أمناء الحوار الوطني ... المرحلة الأولى" في مصر، وذلك بعد جولات نقاشٍ في جلسات استمرّت أسابيع، ضمن "الحوار الوطني ... الطريق نحو الجمهورية الجديدة ... مساحات مشتركة".

وبعيدا عن رأيٍ وجيهٍ يذهب إلى أن هذا كله مُصطَنع، وأن مؤسّساتٍ أخرى، تشريعية وتنفيذية وإدارية، في الدولة والمجتمع، منوط بها صياغةُ سياساتٍ وخياراتٍ وطنيةٍ في الشؤون التي أشغل بها هذا الحوار نفسَه، والذي انعقد بطلبٍ من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

بعيدا عن هذا، صودف في هذه التوصيات أن شيئا منها أنجزتْه "لجنة الثقافة والهوية الوطنية"، مخصوصٌ بقضية "ترسيخ الهوية الوطنية والحفاظ عليها"، ويضجّ بحزمةٍ من ينبَغي(ات) تقليديةٍ، ذات سمتٍ إنشائيٍّ مكرور، لطالما عوين وقُرئ في بيانات لجان وخطط مجالس مختصّة وتوصيات مؤتمراتٍ بلا عدد لمثقفين وإعلاميين حكوميين وغير حكوميين.

ولمّا تقرأ هذه التوصيات تلقاك تتحمّس لكثيرٍ منها، وترى وجوب مساندتها، غير أنك أيضا ستعجََب من مقادير الأوهام التي استبدّت بأفهام الذين كتبوها، وهم يسترسلون بمجانيّةٍ ظاهرةٍ في كتابة كلامٍ لا يتوفّر على سُبل تنزيله إلى الواقع وأدوات الأخذ به!

وإنْ يتعلق الأمر بمهمّات وزارات التعليم ومؤسّساته وهيئاته الحكومية والأهلية، خذ مثلا "ترسيخ القيم الإنسانية كنمط حياة للمصريين"، و"تعزيز ثقافة نبذ العنف وخطابات الكراهية والتوعية المستمرّة بأخطارهم" (يحتاج الذين كتبوا التوصيات دورة تأهيليّة لتدريبهم على الصياغات الأفضل والأصحّ).

يبعث على أسىً كثير أن الذين خاضوا في هذه الأمور (وكثيرٍ غيرها بتفصيلٍ وفيرٍ أحيانا) لم يأتوا أبدا على اللغة العربية مرتكزا أساسيا وجوهريا في ترسيخ الهوية المصرية. لا يدري واحدُنا إن كان إغفال بديهيّة موقع اللغة في تشكيل الهويّة صدر عن جهلٍ بها، أم عن إهمالٍ وعدم اكتراث، أم هو مقصود.

وما يزيد الاستغراب الحادث هنا ما نصّت عليه واحدة من التوصيات التي تبعث على نفور واجب، وتستحقّ الاستنكار، وهي الخامسة في البند المؤشّر إليه أعلاه، ونصّها بالضبط "إطلاق قناة خاصة بالأطفال بإنتاج وطنيٍ متميّز يعبّر عن هويّتنا، يكون محتواها منطوق (الصحيح منطوقا) بلهجةٍ مصريةٍ صحيحةٍ في مقابل ما تقدّمه قنوات والمنصات العالمية والإقليمية الأخرى".

دعك من خلل الجملة تعبيريا، ودعك من أن ضمن اللهجة المصرية تنويعاتٍ عديدة، تجيز القول إن ثمّة لهجات مصرية. الأساسي هنا: لماذا يوصَى بقناةٍ تلفزيونيةٍ للأطفال باللهجة المصرية فقط؟ ولماذا لا تكون باللغة العربية الفصحى، لتُساعد الأطفال على امتلاكها صحيحة، مع المرور على اللهجات المتنوّّعة وعدم التعامل معها بعداء، سيما وأن العاميّة هي التي تسود الفضاء اللغوي الذي يحيط بالطفل؟

الأصل أن تتأصّل لدى الناشئة لغةٌ واضحةٌ يكونون قادرين على نطقها صحيحةً، بمخارج للحروف سليمة، وأن يعرفوا أن الفصحى هي الجوهر والأساس، وأن عليهم أن يعرفوها ويُتقنوها ويتدرّجوا في هذا مع جريان السنوات، ويقرأوا القرآن الكريم والإنجيل، والشعر القديم والحديث بها.

ولمّا كانت التوصية بإنتاج "وطنيٍّ متميز"، فالوطنية لا تعني، في أي حال، تعظيم اللهجات العامية ونبذ اللغة العربية السليمة. بل لا تزيّد أبدا في القول دائما إن حماية اللغة العربية مسألةٌ وطنيةٌ واستراتيجية عليا، وفي صلب مسألة الهوية ...

أخفق الحوار الوطني المصري في غير مسألةٍ وشأن. وسقط في واحدة من بديهيّات البديهيّات.

*معن البياري كاتب ومحرر صحفي

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر العامية الفصحى الوطنية المصرية اللغة العربية القيم الإنسانية الحوار الوطني الهویة الوطنیة اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

لأول مرة.. إطلاق حملة تصويت عامة لاختيار الهوية البصرية الوطنية لسلطنة عُمان

الهوية الوطنية تعزز مكانة عُمان عالميًا وإبرازها كموقع رئيسي للاستثمار والسياحة والإقامة

◄ "استراتيجية الهوية" تمر بالمرحلة الثالثة من بين 6 مراحل

◄ الإعلان عن الشعار الفائز أوائل عام 2025

 

 

الرؤية- فيصل السعدي

رعى معالي قيس بن محمد اليوسف، وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، انطلاق أعمال المؤتمر الصحفي لمشروع الهوية الوطنية الترويجية الموحدة لسلطنة عمان؛ وذلك بحضور المسؤولين والفرق العاملة في مشروع الهوية الوطنية إلى جانب ممثلي وسائل الإعلام.

وخلال خلال المؤتمر الصحفي، جرى الكشف عن تفاصيل الحملة التصويتية على الهوية البصرية الوطنية لسلطنة عُمان؛ وهي خطوة أولى في إطار المبادرات المقررة للمشاركة العامة ضمن استراتيجية الهوية الوطنية في البلاد.

حيث تمتد حملة التصويت لمدة أربعة أيام خلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر 2024، وستمنح الحملة المواطنين العُمانيين والمقيمين في السلطنة فرصة المشاركة في الإختيار والتصويت بين ثلاث هويات بصرية للهوية الوطنية عبر الموقع الإلكتروني المخصص للتصويت. مرحلة بحث وتطوير مكثّفة وشاملة استمرت لمدة 12 شهرًا، وهي خطوة أولى في إطار المبادرات المقررة للمشاركة العامة ضمن استراتيجية الهوية الوطنية في البلاد.

وستمنح الحملة المواطنين العُمانيين والمقيمين في السلطنة فرصة المشاركة في الاختيار والتصويت بين 3 هويات بصرية للهوية الوطنية عبر الموقع الإلكتروني المخصص للتصويت.

 ويستوحي كل خيار من الشعارات توجهه الإبداعي من عناصر ثقافية وفنية عُمانية متنوعة. وسيتم اختيار الشعار الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات لاحقًا كهوية بصرية رسمية للهوية الوطنية العُمانية.

وتعليقًا على إطلاق حملة التصويت على الهوية البصرية الوطنية، قالت المهندسة عائشة بنت محمد السيفية مديرة مشروع الهوية الوطنية الترويجية الموحدة لسلطنة عُمان، نائبة رئيس البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية "نزدهر": "نحتفي بإطلاق حملة التصويت على الهوية البصرية الوطنية، داعين المواطنين والمقيمين للمشاركة في صياغة مُستقبل هويتهم الوطنية من خلال اختيار الشعار الذي يُمثّلهم أمام العالم خير تمثيل". وأضافت السيفية: "تُعدّ التصورات والمشاعر والعواطف التي يربطها العالم بأي بلد أمرًا بالغ الأهميّة، حيث يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي أو سلبي كبير على اقتصاده ومجتمعه. وبالتالي فقد قامت سلطنة عُمان بتطوير موقع حملة التصويت على الهوية البصرية واستراتيجيتها طويلة المدى لتوفير المنصة الأساسية التي يمكن من خلالها تشكيل وعرض قصة وهويّة السلطنة أمام العالم، وضمان ترسيخ صورة إيجابيّة عنها من شأنها أن تُفضي إلى نتائج إيجابية".

وتتضمن الأهداف الأساسية لمشروع الهوية الوطنية لسلطنة عُمان تسليط الضوء على سلطنة عُمان عالميًا وتمييزها عن الدول الأخرى في المنطقة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال عرض السلطنة كموقع رئيسي للاستثمار والسياحة والإقامة؛ وتسليط الضوء على منتجاتها وخدماتها الأصيلة. ومن المتوقع أن تدعم الهوية البصرية الوطنية الصناعات الناشئة والمشاريع المبتكرة من خلال تسليط الضوء على المواهب المحلية مع تصحيح المفاهيم الخاطئة ومشاركة قصة سلطنة عُمان الأصيلة.

ويمر حاليًا مشروع استراتيجية الهوية الوطنية بالمرحلة الثالثة من بين 6 مراحل أساسية، تتضمن البحث، وتطوير الاستراتيجية، وتطوير الهوية البصرية، واختيار المبادئ التوجيهية، وخطة التنفيذ، وأخيرًا الإطلاق الرسمي. واستمر المشروع على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، متضمناً بحثًا شاملاً على الصعيدين المحلي والدولي. وشمل البحث 500 استبيان و128 مقابلة وعدد من مجموعات النقاش والمقابلات العامة مع المواطنين العُمانيين والمقيمين في مختلف أنحاء السلطنة. كما تم جمع 5500 استبيان دولي، إضافة إلى تحليل أكثر من 3.8 مليون كلمة مفتاحية في محركات البحث لتحديد أفضل الطرق لتنفيذ استراتيجية الهوية الوطنية العُمانية.

وتُعدّ خيارات الهوية البصرية الثلاثة نتاج عمل مكثف ووثيق بين المواهب العُمانية والخبرات الدولية. فقد عملت لجنة إبداعية تضم نخبة من المبدعين العُمانيين والمتخصصين في مجالات التصميم الجرافيكي والتصوير الفوتوغرافي والفنون والموسيقى على مراجعة أكثر من 700 صورة تُجسّد "الفكرة المركزية" لِسلطنة عُمان. وقد ساهم هذا التعاون بين المصممين العُمانيين والدوليين في ابتكار خيارات متنوّعة للهوية البصرية.

ومن المقرر الإعلان عن الشعار الفائز بعد انتهاء حملة التصويت العام، وذلك خلال تدشين استراتيجية الهوية الوطنية الرسمية في أوائل عام 2025.

مقالات مشابهة

  • "صوِّت لقصتنا".. الهوية الوطنية الترويجية لعُمان
  • "الثقافة ودورها في تدعيم الهوية المصرية" بفعاليات ثقافة أسوان
  • لأول مرة.. إطلاق حملة تصويت عامة لاختيار الهوية البصرية الوطنية لسلطنة عُمان
  • نهيان بن مبارك: تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال هدفٌ سامٍ
  • الثقافة ودورها في تدعيم الهوية المصرية بفعاليات ثقافة أسوان
  • "الثقافة ودورها في تدعيم الهوية المصرية" بثقافة أسوان
  • مدبولي يتابع مع وزير الثقافة استراتيجية الوزارة لتعزيز الهوية المصرية
  • نهيان بن مبارك: شتاء صندوق الوطن يستهدف تعزيز الهوية الوطنية
  • نهيان بن مبارك: صندوق الوطن حريص على تعزيز الهوية الوطنية
  • الأمين العام لمؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية : اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية