هل ترسم العشائر العربية خريطة جديدة لشمال شرق سوريا؟
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
شمال سوريا- يزداد المشهد الميداني في شمال شرقي سوريا تعقيدا مع استمرار المعارك المحتدمة بين قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ذات الغالبية الكردية ومقاتلي العشائر العربية، تزامنا مع اتساع رقعة الاشتباكات في محافظة دير الزور وتصعيد الطرفين عسكريا.
وانطلقت شرارة الصراع عقب اعتقال "قسد" الأسبوع الماضي قائد "مجلس دير الزور العسكري" أحمد الخبيل بتهم تتعلق بالفساد ومن ثم اعتقال قياديين آخرين من أبناء العشائر العربية، ما ينذر بتصاعد الصراع مع دعوات زعماء العشائر إلى حمل السلاح والقتال.
في الأثناء، يشهد ريف دير الزور الشرقي معارك ضارية بين قوات سوريا الديمقراطية ومقاتلي العشائر، وتحديدا في بلدات ذبيان والشحيل والحوايج حيث تستقدم "قسد" تعزيزات عسكرية لاستعادة المناطق التي سيطر عليها مقاتلو العشائر.
وأمس الاثنين، امتد القتال ليشمل مناطق بريف محافظة الحسكة وأعلن مقاتلو العشائر السيطرة على قريتي الطركي وتل طويل بعد هجوم على مواقع "قسد" قرب الطريق الدولي "إم 4".
تتهم "قسد" الشيخ الهفل بأنه وراء التمرد المسلح الذي يقوده مقاتلو العشائر ضدها (الجزيرة) بين التمرد ورد الفعلوتصف "قسد" الحراك العشائري بأنه "تمرد مسلح يقوده شيخ قبيلة العكيدات السورية إبراهيم الهفل بشكل شخصي، إضافة إلى حديث وسائل إعلام محسوبة عليها بأنها تشن حملة أمنية ضد تنظيم الدولة الإسلامية ومجموعات أرسلها النظام السوري إلى المنطقة".
في المقابل، يعتبر أهالي المناطق "المنتفضة ضد قسد" أن الحراك "رد فعل على تعديات "قسد" عليهم بإقصاء العنصر العربي وفرض التجنيد الإجباري"، وحملوها مسؤولية تردي أوضاع السكان المعيشية.
وأفاد شيخ قبيلة العكيدات إبراهيم الهفل بأن مقاتلي العشائر تمكنوا من تحرير منطقة تمتد من بلدة الباغوز إلى أطراف بلدة الشحيل في ريف دير الزور الشرقي، إثر معارك عنيفة مع عناصر "قسد".
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن القتال "مستمر حتى السيطرة على بلدة البصيرة وتحقيق النصر"، معلنا عدم وجود أية مفاوضات حتى الآن بين الطرفين لإيقاف القتال سواء من قبل التحالف الدولي أو أي أطراف دولية أخرى.
ويطالب الهفل بأن تدير مجالس مدنية وأخرى عسكرية بدعم من قوى التحالف الدولي، المناطق في دير الزور بعد رحيل قوات سوريا الديمقراطية عن المنطقة.
تحالف دولي صامت
في الأثناء، اتخذ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة موقفا أقرب إلى الحياد بدعمه لجهود التهدئة ورفض التصعيد العسكري، مع تركيز الجهود على قتال تنظيم الدولة الإسلامية وإطلاق التحذيرات من عودته إلى شمال شرقي سوريا.
وقال التحالف في بيان "ما زلنا نركز على العمل مع قوات سوريا الديمقراطية لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش، دعما للأمن والاستقرار الإقليميين"، وهو ما يفسره الباحث في مركز "جسور للدراسات" رشيد حوراني، بأن قوات قسد "تمكنت من إقناع التحالف الدولي بروايتها، لكنه يرى أن التحالف لا يمكنه التدخل.
واعتبر حوراني في تصريح للجزيرة نت أن التحالف الدولي "على دراية بالمظالم والمطالب التي قدمها له زعماء العشائر في شمال شرق سوريا منذ عام تقريبا، دون أن يتم تحقيق أي منها".
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي أن التحالف الدولي "مازال يتخذ موقفا صامتا ويقوم حتى اللحظة باستطلاع الآراء واستمزاجها في وقت تمر فيه قوات سوريا الديمقراطية من مناطق انتشاره نحو ريف دير الزور المنتفض".
وحذر علاوي -في حديث للجزيرة نت من أن الوضع الإنساني في تلك المناطق يتجه نحو الأسوأ مع فرض "قسد" الحصار على المناطق التي سقطت بيد مقاتلي العشائر، وفرض حظر التجوال على مناطق قريبة من جبهات القتال.
سيناريوهات الصراع
ورغم سيطرة مقاتلي العشائر على بلدات، تصر "قسد" على إعادة إحكام قبضتها على تلك المناطق بالنظر لما تملكه من إمكانيات عسكرية من حيث العتاد وأعداد المقاتلين، فضلا عن الدعم الذي تلقته على مدار سنوات من قوى التحالف.
ويؤكد أهالي من عشائر دير الزور للجزيرة نت عدم تراجعهم حتى تحقيق مطالبهم في "التخلص من سلطة "قسد" وإقامة مجالس محلية مدنية يقودها سكان المنطقة".
بينما يقول الباحث حوراني، إن "قسد عازمة على إسكات الحراك باستخدام أقصى درجات القوة ويظهر ذلك بشكل أوضح بعد بيان قوة المهام المشتركة المؤيدة لها".
وشدد حوارني على أن مقاتلي العشائر "وبعد أن خبروا سياسة قسد"، لن "يسمحوا لها بالعودة لما كانت عليه سابقا في مناطقهم وأنهم سيعملون على تحصيل مكتسبات يمكن تسميتها بإدارة ذاتية خاصة بدير الزور، إن تمكنت العشائر من تقديم الكفاءات الإدارية والقيادية ضمن مناطق شرقي الفرات".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات سوریا الدیمقراطیة التحالف الدولی للجزیرة نت دیر الزور
إقرأ أيضاً:
حكايات الإبداع بـ«أيادي مصرية».. عم ربيع يحول «العرجون» لتحف فنية و«ملك» ترسم بالرمال الملونة
في إحدى زوايا معرض الحرف التراثية بمعرض «أيادي مصر»، يقف عم ربيع بكري محمد، 65 عامًا، إلى جانب زوجته، يعرضان أعمالًا يدوية فريدة أبدعتها أنامله من بقايا سعف النخيل «العرجون»، الذي حوّله من مجرد مخلفات إلى تحف فنية متقنة من السلال والأطباق إلى الصواني والمعلقات، وكل قطعة تحمل حكاية إبداع مستمر في تحويل المواد المهملة إلى منتجات عملية وجمالية يمكن أن تزين أي منزل.
بداية عم ربيع مع العرجون«بدأت هذه الحرفة بعد سن المعاش منذ حوالي 5 سنوات فقط»، يقول عم ربيع الذي انتقل من «فرشوط» بمحافظة قنا إلى محافظة الوادي الجديد، «كانت فكرة إعادة تدوير العرجون تراودني، فوجدت فيها فرصة لتحويل شيء لا قيمة له إلى شيء مفيد وجميل، لكن خبراتي السابقة جعلتني اتقن هذا العمل بسرعة» كان هذا التحدي بمثابة شغف، حيث بدأ عم ربيع وزوجته في تكريس وقتهما لتصنيع قطع فنية لتزين المنازل، واستطاعا أن يضعا بصمة واضحة على الخامات المتاحة لهم.
رئيس الوزراء يشيد بمنتجات عم ربيععندما افتتح الدكتور مصطفي مدبولي معرض «أيادي مصر» كان عم ربيع وزوجته جزءًا من هذا الحدث الكبير، «سعادتي لا توصف عندما أشاد رئيس الوزراء بعملي، فقد شعرت أنني قد حققت شيئًا يستحق التقدير»، كلمات عم ربيع تكشف عن فخره بهذه الحرفة، التي لا تقتصر على فنون الحرف اليدوية، بل تحمل بين طياتها قصة الحفاظ على التراث وتجديده.
عم ربيع: هذه الحرفة أصبحت حياتييضيف عم ربيع: «هذه الحرفة أصبحت جزء من حياتي الآن، ولكن أهم شيء بالنسبة لي هو أن أقدم سر الصنعة للأجيال المقبلة، أريد أن أراهم يحتفظون بهذه الحرفة ويحافظون على هذا التراث، لاعتقادي أنها جزء من هويتنا» ورغم التحديات، فإن العمل اليدوي الذي يقوم به عم ربيع وزوجته يستمر في النمو، مع زيادة تقدير المجتمع المحلي لهما، علاوة على أنه توجه للدولة بالاستفادة من المخلفات.
يظل عم ربيع مثالًا حيًا للإبداع والتمسك بالتراث، وتحويل التحديات إلى فرص، بل وأداة لتعليم الآخرين أهمية إعادة التدوير في حياتنا اليومية.
فتاة الوادي الجديد تحوّل الرمال إلى لوحات تحكي التراثبين ألوان الرمال الطبيعية، تألقت ملك مصطفى صابر، طالبة الصف الثالث الإعدادي، في تحويل حبيبات الرمال هذا المكون البسيط إلى لوحات فنية تعبر عن التراث الواحاتي.
البداية من معرض مدرسيبدأ شغف ملك بالرسم بالرمال في معرض فني نظمته مدرستها، كانت حينها مجرد طفلة تتلمس طريق الإبداع، لكن مع حصولها على دورة تدريبية في تشكيل الرمال، تحولت الهواية إلى شغف حقيقي قادها لتخصص في هذا الفن النادر.
جمال مستخرج من أعماق الصحراءتحكي ملك لـ«الوطن» قصتها، وأنها تجمع الرمال من بيئتها الطبيعية في صحراء مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، حيث ألوان الرمال المختلفة من الأحمر، الأبيض، الأسود، ودرجاتها المتعددة فتُشكل لوحات متناغمة، بل إنها تطلب من أصدقائها إحضار الرمال ذات الألوان المختلفة إذا صادفوها خلال رحلاتهم.
بمواد بسيطة، تبدأ ملك أعمالها الفنية بالغراء، وتضع عدة طبقات من الرمال الملونة، تقول: «ابدأ الرسم بالقلم الرصاص، ثم أضيف طبقة تلو الأخرى من الرمال الملونة. أحب أن أعبر عن التراث الواحاتي ليكون حاضرًا في لوحاتي».
حلم يتسع مع كل لوحة
منذ 5 سنوات، وملك تُبدع في هذا الفن، لكن مشاركتها في معرض الحرف اليدوية خلال زيارة رئيس الوزراء كانت لحظة فارقة «شعرت بالفخر والخوف معًا»، خاصة وأنها أرادت أن تكون نموذجًا مشرفًا يعكس جمال التراث الواحاتي في هذا المعرض الذي يحضره كبار رجال الدولة.
تقول ملك: «كنت سعيدة جدًا بوجودي في المعرض، هذه السعادة شعر بها كل من كان بجواري، وأتمنى أن تكون هذه المشاركة بداية خير لي، فأنا أحلم بأن أستمر في التعبير عن تراث الواحات، وأشارك في معارض أكبر على مستوى مصر والعالم».
ملك ليست فقط فنانة، بل حارسة للتراث الواحاتي، بلمساتها الإبداعية، تروي حكايات الصحراء، وتحول الرمال إلى رسائل تحمل عبق الواحات وأصالتها.