بعد مبادرة برّي: ما الذي يقوله حزب الله؟
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
كتب نقولا ناصيف في" الاخبار": بماذا يفكر حزب الله وماذا يريد؟ تلك هي المعضلة الآن لا ما يقول به ويعلنه. لم يعد خافياً ان الحوار الذي يجريه مع التيار الوطني الحر يتقدم اي اهتمام سواه بما في ذلك انتخاب رئيس للجمهورية. يناقش ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ملفات غير ذات صلة بانتخاب الرئيس من قريب او بعيد.
مع انه ايّد مبادرة حليفه رئيس المجلس، بيد ان المعروف عن الحوار الذي ينادي به حزب الله، في معرض تشبثه بترشيح فرنجية والاصرار على انتخابه، اقرانه اياه بحوار موسع من حول المرحلة المقبلة في العهد الجديد. هو بذلك يدل على «مشروع» ما، ولا يكتفي باتخاذ موقف بتأييد المرشح.رابعه، بات معلوماً بلا اي لبس ان ما يهتم به حزب الله في الوقت الحاضر محاولة استدراك اخطاء اربعة قد يكون ارتكبها، او فاته الانتباه اليها، او ربما قفزت من فوقه، الا انها في كل حال اربكته واحرجته اخيراً، وهو الآن يحتاج الى التخلص منها:
1 ـ تفكيك جبهة مسيحية عريضة نجمت عن ترشيحه فرنجية على نحو لم يكتفِ بتجميع الاحزاب المسيحية المناوئة له وقوى غير مسيحية كعدد من النواب السنّة والحزب التقدمي الاشتراكي في ظل رئيسه الجديد تيمور جنبلاط، بل ساهم في إبعاد حليفه التيار الوطني الحر عنه منذ كانون الاول 2022 الى غداة جلسة 14 حزيران 2023 لانتخاب الرئيس، انضم خلالها باسيل الى تكتل مناوئيْ فرنجية، الاعداء الفعليين لحزب الله. بات عليه اخيراً انتزاع «درة التاج»، التيار الوطني الحر، من ذلك الائتلاف العريض واعادة الحياة الى تحالفه معه.
2 ـ يحاذر حزب الله اتخاذه موقف المواجهة الداخلية مع افرقاء لبنانيين، بينهم المسيحي والدرزي والسنّي ممن لا يشاطرونه الرأي ووجهة النظر والخيار، وبعث الاعتقاد ان في وسعه حسم النزاع معهم بالقوة والعنف والتخويف باستخدام السلاح. هو الانطباع الشائع عنه المستند الى سوابق شتى لا تزال في الذاكرة، كاحداث ايار 2008 واحداث كانون الثاني 2011 بعد اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري واحداث الطيونة في تشرين الاول 2022.
3 ـ محافظته على مرجعية ادارة البلاد مذ انتقلت اليه عام 2005 بعد مغادرة الجيش السوري لبنان. ما أعطته سوريا لنفسها في هذا البلد منذ اتفاق الطائف من تأثير ونفوذ واحكام قبضة انتقل اليه بكليته. هو الامتياز الاكثر فاعلية بين يديه، متيحاً له موازنة سطوته في مؤسسات النظام بقوة سلاح المقاومة على الارض. اضاف اليهما في انتخابات 2022 شقاً بالغ الفاعلية هو امساكه بالنواب الشيعة الـ27. من خلالهم، عندما يعترضون او يوافقون، تتحرك ماكنة النظام والمؤسسات او تتجمد.
4 ـ استعادته الاكثرية النيابية التي اشعرته بفقدانها اخيراً بعد افتراق التيار الوطني الحر عنه في الاستحقاق الرئاسي. كان عوّل على الحصول على غالبية مرجحة في الانتخابات النيابية السنة الفائتة بيد ان نتائجها خذلته. ضاعف في خذلانه انصراف باسيل عنه بسبب فرنجية. في الحوار الدائر بينهما منذ اشهر محاولة استعادة غالبية النصف زائداً واحداً. ثبتت هذا الاعتقاد ان الاصوات الـ51 التي حازها فرنجية في جلسة 14 حزيران تحتاج الى تعزيزها باعادة التيار الوطني الحر الى كنف تحالفهما، كي يرتفع الرقم الى ما بين 68 و72 صوتاً لا تأتي بفرنجية رئيساً حتماً، بيد انها تكرّس الغالبية النيابية في هذا الفريق.بات من السهولة بمكان الاصغاء الى مَن في حزب الله يقول انه يتمسك باسترجاع الغالبية، سياسياً خصوصاً، دونما الحاجة بالضرورة في الوقت الحاضر الى الاتفاق مع الحليف العائد على مرشحه للرئاسة. المهم ان لا يعود الى حيث كان في 14 حزيران.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر حزب الله
إقرأ أيضاً:
التيار يعيد ترتيب اولوياته.. الانتخابات اولا
بعد تشكيل حكومة نواف سلام، دخل "التيار الوطني الحر" في مرحلة سياسية جديدة تمثلت بالتحوّل إلى موقع المعارضة، بعد سنوات من المشاركة في الحكومات المتعاقبة. جاء هذا التحوّل تماشيا مع تراجع نفوذ "التيار"في المشهد السياسي اللبناني، لا سيما في ظلّ الخسائر التي مُني بها في الانتخابات النيابية الأخيرة، وتقلّص تحالفاته الوطنية مع قوى سياسية تقليدية. ركّز التيار، بقيادة جبران باسيل، على إعادة تنظيم أولوياته، معتبرًا أن مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة الحالية هي فرصة لمراجعة استراتيجيته وتحديد أهداف قابلة للتحقيق في المدى المتوسط، أبرزها الانتخابات البلدية ثم النيابية.
تتمحور أولوية "التيار" اليوم حول الاستعداد للانتخابات البلدية، التي يراها بوابةً لتعزيز وجوده على الأرض، عبر بناء تحالفات محلية مع شخصيات مؤثرة في المناطق، تمتلك قاعدة شعبية وقدرة على حصد الأصوات. يهدف هذا التوجّه إلى تعويض تراجع التحالفات الوطنية الكبرى، والتي كانت تشكل سابقًا جزءًا من خطة "التيار" لضمان تمثيل واسع في المؤسسات. وفي هذا الإطار، يسعى "التيار" إلى تعديل سياساته، عبر التركيز على القضايا الخدماتية المباشرة، مثل الكهرباء والنفايات والبنى التحتية، والتي تُعتبر شواغل رئيسية للناخبين على المستوى المحلي، ما قد يمنحه ورقةً ضاغطة في المعادلة الانتخابية، خصوصا انه لم يعد في السلطة.
أمّا على صعيد الاستراتيجية العامة، فيعوّل "التيار" على عقد تحالفات مناطقية مع وجوه تمتلك ثقلًا تمثيليًا، خصوصًا في المناطق التي يشهد تنافسًا مع خصومه التقليديين، مثل الشمال والبقاع وجبل لبنان. وتكمن فكرة هذه التحالفات في تأمين رافعة انتخابية لمرشحيه والانطلاق من المصالح المشتركة على مستوى القضاء أو البلدة، ما يسمح ببناء شبكة دعم مرنة قادرة على التكيّف مع المتغيّرات. كما يسعى "التيار" من خلال هذه الخطوة إلى إعادة إنتاج خطابه السياسي بشكلٍ يتلاءم مع هموم المجتمعات المحلية، مع الحفاظ على شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد التي يرفعها منذ سنوات.
في المقابل، لا يخفي "التيار" انتقاده اللاذع لأداء حكومة سلام، خصوصا أنها لم تقدّم حلولًا جذرية للأزمات الاقتصادية والمالية، بل اكتفت بالاستمرار بسياسة ادارة الانهيار عبر سياسات ممجوجة. وسيُترجم هذا النقد عبر تحرّكات معارضة علنية، من خلال تصريحات قيادييه ومساعيه لتشكيل جبهة معارضة مسيحية تحديدا، تضمّ قوى غير راضية عن أداء السلطة. لكنّ هذه الجبهة ما تزال في طور التشكّل، إذ تواجه تحديات داخلية مرتبطة بتباين الأولويات بين الأطراف التي قد تنضم إليها.
رغم هذه الاستراتيجيات، يواجه "التيار الوطني الحر" تحدياتٍ عدّة، أبرزها انقسام الرأي العام حول صدقية خطابه الإصلاحي، في ظلّ اتهاماتٍ بالفساد وعدم القدرة على تقديم نموذجٍ مختلف خلال فترة مشاركته السابقة في الحكم. كما أن تحالفاته المناطقية الجديدة قد تضعفه، عبر تحوّله إلى تيارٍ مجزّء يعتمد على مصالح محلية متفاوتة، بدلًا من مشروع وطني موحّد. مع ذلك، يبدو أن خيار المعارضة والتركيز على الانتخابات هو المحور الأبرز في مرحلةٍ تحاول فيها القوى التقليدية إعادة ترتيب أوراقها، استعدادًا لاستحقاقاتٍ ستحدّد شكل الخريطة السياسية اللبنانية في السنوات المقبلة. المصدر: خاص "لبنان 24"