فرنسا تستقبل أفغانيات مهددات من حركة طالبان ومنفيات في باكستان
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
استقبلت فرنسا الإثنين، أفغانيات مهددات من حركة طالبان ومنفيات في باكستان المجاورة في عملية إجلاء رمزية متواضعة، يطالب بها منذ فترة داعمون لهن يدعون باريس إلى إنشاء ممر إنساني "نسائي".
وهبطت طائرة تقل أربعا من النساء الأفغانيات الخمس المتوقع قدومهن، بينهن واحدة برفقة ثلاثة أطفال، بعد ظهر الإثنين في مطار رواسي في باريس، بعد أشهر من فرارهن من نظام طالبان الذي استعاد السلطة في أفغانستان في صيف 2021.
وقالت حفصة (28 عاما) رافضة الكشف عن اسمها لوكالة الأنباء الفرنسية لدى وصولها: "ما زلت لا أدرك، أشعر كأنني أحلم".
وكانت المرأة تعمل مدرسة، إلا أن سلطات طالبان في كابول، "طلبت منها وقف التدريس" وهددتها بالسجن في حال تواصلت مع طلابها. وأكدت أنها باتت حاليا "بأمان".
ولم تتمكن النساء، وبينهن مديرة سابقة لجامعة علوم، ومستشارة في منظمة غير حكومية، ومقدمة برامج تلفزيونية، من أن يكن جزءا من عمليات الإجلاء الجوية إلى دول غربية خلال فصل الخريف بعد سقوط الحكومة الأفغانية على يد حركة طالبان، ما اضطرهن إلى الفرار إلى باكستان المجاورة.
وقال المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والإندماج ديدييه ليشي: "بموجب التعليمات التي أصدرها رئيس الجمهورية، يتم في المقام الأول إيلاء اهتمام خاص بالنساء المهددات من حركة طالبان لأنهن كن يشغلن مناصب مهمة في المجتمع الأفغاني (...) أو على اتصال وثيق مع +الغربيين+"، مشيرا إلى أن "هذا ينطبق على النساء الخمس اللواتي يصلن اليوم".
"لجوء نسوي"وتوجهت النساء إلى مركز استقبال في منطقة باريس وسيتم تسجيلهن كطالبات لجوء ثم توجيههن إلى أماكن إقامة "طويلة الأجل"، فيما تتولى السلطات البت في طلباتهن.
وقال ليشي إن عملية إجلاء الأفغانيات إلى فرنسا التي أطلق عليها اسم "أباغان" (Apagan) تتواصل بهدوء"، مشددا على أن عمليات إجلاء "من المرجح أن تحدث مرة أخرى إذا وجدت نساء أخريات بهذا الوضع لجأن إلى باكستان".
وقالت الناشطة سولان شالفون فيوريتي التي تشارك في قيادة مجموعة "الترحيب بالنساء الأفغانيات" وقامت بحملة استمرت أشهرا لحصول عملية الإجلاء هذه: "من الممكن بالتالي إنشاء آلية لجوء نسوي".
وقالت الوزيرة الاشتراكية السابقة نجاة فالو بلقاسم التي ترأس اليوم منظمة "فرانس تير دازيل" (فرنسا أرض اللجوء) غير الحكومية، من جهتها: "شكرا للحكومة لأنها أثبتت أن ذلك ممكن".
وأضافت بلقاسم التي ستستقبل منظمتها النساء الأفغانيات، عبر منصة إكس "الخطوة التالية تتطلب الخروج من هذا الإجلاء بالتنقيط، وإيجاد شبكة تضامن إنسانية حقيقية تجاه النساء الأفغانيات اللاجئات".
إلا أن المديرة العامة لجمعية "فرانس تير دازيل" دلفين رويو، وعلى الرغم من ترحيبها بـ"الأخبار الجيدة" التي يشكلها وصول النساء إلى فرنسا، أشارت إلى أن الأمر ليس "ثمرة قرار سياسي"، و"تمت الموافقة على استقبالهن بعد نضال شاق" من ناشطين سعوا "للحصول على تأشيرات دخول" للنساء.
وتقدر الجمعية عدد النساء الأفغانيات "المختبئات" في باكستان بالمئات.
" متروكات لمصيرهن"وفي صيف 2021، وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن تبقى فرنسا "إلى جانب المرأة الأفغانية"، في خضم عملية إجلاء 15769 شخصا بين ربيع 2021 ونهاية تموز/يوليو 2023، بحسب السلطات.
بعد مرور عامين، "أهملت النساء إلى حد كبير، لا سيما اللواتي كن بمفردهن، ولم تكن لديهن المهارات اللازمة للتعامل مع الآخرين"، وفق ما كتبت "مجموعة الترحيب بالنساء الأفغانيات" في مقال نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية في نهاية أبريل/نيسان.
ومنذ عودته إلى السلطة، قام نظام طالبان تدريجيا بتقليص حقوق المرأة الأفغانية التي لم تعد قادرة على الذهاب إلى المدرسة بعد سن الثانية عشرة، أو الذهاب إلى الجامعات أو المتنزهات أو الصالات الرياضية.
كما لم يعد للنساء اللواتي عليهن تغطية أنفسهن بالكامل عند مغادرة منازلهن، الحق في العمل في المنظمات غير الحكومية مع استبعادهن من معظم وظائف الخدمة المدنية.
وقالت نجلاء لطيف، إحدى الأفغانيات اللواتي تم إجلاؤهن بعدما أصبحت أول امرأة ترأس كلية في بلادها: "يتم تجريدهن من كل شيء". وأعربت عن أسفها لدى وصولها إلى فرنسا قائلة: "لم يعد لدينا مستقبل في أفغانستان".
وردا على سؤال عما إذا كانت ستتبع عملية الإجلاء التي ستتم الإثنين، عمليات إجلاء أخرى أكثر أهمية، لم تشأ وزارة الخارجية او قصر الإليزيه التعليق.
فرانس 24/ أ ف بالمصدر: فرانس24
كلمات دلالية: العراق الغابون النيجر ريبورتاج فرنسا أفغانستان طالبان لجوء أوروبا النساء الأفغانیات حرکة طالبان
إقرأ أيضاً:
105 هجمات خلال شهر مارس.. أين تتمركز خريطة العنف في باكستان؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تشهد باكستان تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة العنف المسلح، حيث سجّل شهر مارس 2025 أعلى عدد من الهجمات المسلحة في البلاد منذ عام 2014، وفقًا لإحصاءات معهد باكستان لدراسات الصراع والأمن. فقد شهدت البلاد 105 هجمات، ما أسفر عن مقتل 228 شخصًا، بينهم 73 من أفراد الأمن، و67 مدنيًا، و88 مسلحًا.
كما نفذت قوات الأمن الباكستانية عمليات مكثفة لمكافحة التمرد، أسفرت عن مقتل 107 أشخاص، بينهم 83 مسلحًا و13 من أفراد الأمن و11 مدنيًا، ليصل إجمالي عدد القتلى خلال الشهر إلى 335 شخصًا. ويعكس هذا الرقم تصاعدًا في العنف لم تشهده البلاد منذ عقد، حيث كان شهر مارس ثاني أكثر الشهور دموية بالنسبة لقوات الأمن الباكستانية خلال العشر سنوات الأخيرة، بعد يناير/كانون الثاني 2023.
وتتسم خارطة العنف في باكستان بتمركز واضح للهجمات في مناطق تشهد اضطرابات أمنية مزمنة، مثل مقاطعتي بلوشستان وخيبر بختونخوا، إلا أن اللافت في تصاعد العنف خلال مارس هو تسجيل زيادة غير مسبوقة في النشاط المسلح في مقاطعة البنجاب، حيث وقعت سبع هجمات، معظمها منسوبة إلى حركة طالبان باكستان.
ويعد هذا الرقم الأعلى في المقاطعة خلال العقد الأخير، ما يشير إلى تغير واضح في استراتيجيات الجماعات المسلحة، التي باتت توسع عملياتها خارج نطاقها التقليدي. إن هذا التوسع الجغرافي للعنف يعكس تحولًا في المشهد الأمني داخل باكستان، حيث لم تعد مناطق التوتر مقتصرة على الأطراف الحدودية، بل امتدت إلى مناطق كانت تُعد أكثر استقرارًا نسبيًا.
لا يمكن فهم التصعيد الحالي في باكستان بمعزل عن العوامل الإقليمية، حيث تتهم الحكومة الباكستانية حركة طالبان الأفغانية بتوفير بيئة حاضنة للجماعات المسلحة التي تشن هجمات داخل أراضيها. ووفقًا لمسؤولين باكستانيين، فإن المسلحين يستغلون الأراضي الأفغانية كقاعدة انطلاق لتنفيذ عملياتهم، لا سيما في المناطق الشمالية الغربية من البلاد. من جانبها، تنفي طالبان هذه الاتهامات، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.
هذا التوتر المستمر بين إسلام أباد وكابول يفتح الباب أمام تصعيد أكبر، وربما يؤدي إلى تدخلات إقليمية إضافية، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على كلا البلدين لضبط الأمن على حدودهما المشتركة. ومع ذلك، فإن غياب التنسيق الأمني الفعّال بين الحكومتين يجعل من الصعب احتواء هذا التهديد المتنامي، ما يزيد من احتمال استمرار العمليات المسلحة خلال الأشهر المقبلة.
في ظل هذه المعطيات، يواجه الأمن الباكستاني تحديات متزايدة، حيث لم تنجح العمليات العسكرية وحدها في القضاء على الجماعات المسلحة بشكل كامل. فعلى الرغم من تنفيذ حملات أمنية مكثفة خلال السنوات الماضية، لا تزال الجماعات المتشددة قادرة على إعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات واسعة النطاق.
وتطرح هذه التطورات تساؤلات حول جدوى النهج الأمني الحالي، ويدعو إلى التفكير في استراتيجيات بديلة تتجاوز الحلول العسكرية التقليدية، فإلى جانب المواجهات المسلحة، تحتاج الحكومة إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تغذي العنف، بما في ذلك الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، التي توفر بيئة خصبة للتطرف.
على الصعيد السياسي، يزيد تصاعد العنف من الضغوط على الحكومة الباكستانية، التي تواجه بالفعل تحديات داخلية متعددة، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية وغياب الاستقرار السياسي. إن تزايد الهجمات المسلحة يؤثر بشكل مباشر على صورة الحكومة أمام الرأي العام، حيث تتعرض لانتقادات بسبب عدم قدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية. ومن المرجح أن يؤدي استمرار العنف إلى مزيد من التوترات السياسية، خاصة إذا استغلت المعارضة هذا التصعيد لمهاجمة سياسات الحكومة الأمنية. كما أن التراجع الأمني قد تكون له تداعيات اقتصادية، حيث يتردد المستثمرون في ضخ أموالهم في بلد يعاني من اضطرابات متكررة، مما يزيد من تفاقم الأزمة المالية التي تمر بها البلاد.
يبدو أن باكستان أمام اختبار صعب يتطلب إعادة تقييم شاملة لسياساتها الأمنية والإقليمية. فبينما تواصل قوات الأمن عملياتها لمواجهة الجماعات المسلحة، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الدولة على احتواء هذه الموجة من العنف ومنع امتدادها إلى مناطق جديدة. إن الأرقام المسجلة في مارس 2025 ليست مجرد إحصاءات، بل تعكس واقعًا معقدًا يستدعي حلولًا جذرية تتجاوز النهج العسكري البحت. وفي ظل التوترات الإقليمية المستمرة، تظل خيارات الحكومة محدودة بين التصعيد الأمني أو البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية، وهو تحدٍّ قد يحدد ملامح الاستقرار في باكستان خلال السنوات القادمة.