عربي21:
2025-01-30@08:31:38 GMT

هل ستعود روسيا لاتفاق تصدير الحبوب؟

تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT

منذ أن أعلنت روسيا عن انسحابها من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود في تموز/ يوليو الفائت، تنصبّ الجهود التركية على محاولة إقناعها بالعودة للاتفاق، لا سيما وأنها نجحت في ذلك أكثر من مرة سابقاً حين جمّدت موسكو مشاركتها في تطبيق الاتفاق. ولذلك، ومن بين ملفات عديدة ومتشابكة، فقد كانت مسألة مشاركة موسكو في الاتفاق مجدداً على رأس جدول أعمال القمة الثنائية التي جمعت بين الرئيسين بوتين وأردوغان في سوتشي يوم الاثنين، وقبل ذلك زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لروسيا ولقائه نظيره الروسي لافروف ووزير الدفاع شويغو.



ذهب أردوغان إلى سوتشي مصرّاً على أمله في إقناع بوتين بالعودة للاتفاق، بينما بدا الأخير متشبثاً بموقف بلاده المطالب بـ"ضمانات" حقيقية في التنفيذ وليس مجرد "وعود" أو تعهدات.

في المرات السابقة وفي الانسحاب الأخير، تركزت التحفظات الروسية على التطبيق العملي للاتفاق من زاويتين؛ الأولى عدم التوازي في التطبيق والتصدير، بحيث استطاعت كييف تصدير حبوبها ومنتجاتها بينما واجهت موسكو عقوبات أوروبية ولا سيما من شركات التأمين، بما قلل كثيراً من استفادتها من بنود الاتفاق المكتوبة.

لم تسفر قمة بوتين- أردوغان عن عودة روسيا للاتفاق، لكن من قال إن ذلك كان منتظراً أصلاً؟ كانت روسيا صلبة في موقفها ومطالباتها بالضمانات، وهي الضمانات التي لا تملكها تركيا ولا الأمم المتحدة
وأما الثانية فهي عدم مطابقة التطبيق العملي للأهداف الإنسانية المرجوة وفق النصوص المكتوبة. فقد قال بوتين إن زهاء 70 في المئة من صادرات الحبوب ذهبت للدول الغنية وفي مقدمتها الأوروبية، في حين كان المخطط والمرجو أن تصل للدول الفقيرة ذات الحاجة الماسة لها وخصوصاً في القارة الأفريقية.

سابقاً وحالياً، أيدت تركيا أحقية التحفظات الروسية وَسَعَتْ لتطبيق أكثر توازناً والتزاماً بالنصوص والأهداف مما كان سابقاً، وأكدت أكثر من مرة أنها لا ترى الاتفاق من الزاوية الاقتصادية- التجارية فقط، وإنما كذلك كوسيلة فعالة لنزع فتيل التصعيد في حوض البحر الأسود، ومن هنا جاءت تسمية أردوغان للاتفاق بـ"جسر السلام".

لم تسفر قمة بوتين- أردوغان عن عودة روسيا للاتفاق، لكن من قال إن ذلك كان منتظراً أصلاً؟ كانت روسيا صلبة في موقفها ومطالباتها بالضمانات، وهي الضمانات التي لا تملكها تركيا ولا الأمم المتحدة. فدور تركيا في الاتفاق كان تقريب وجهات النظر وتيسير التفاوض وتهيئة أرضيته، دون أن تمتلك -ولا الأمم المتحدة- أوراق ضغط كفيلة بضمان التطبيق المطلوب من مختلف الأطراف. ولئن كانت أنقرة لا تملك إجبار الدول الأوروبية على رفع العقوبات عن روسيا، وهو شرط الأخيرة للعودة للاتفاق، فإن عودتها له لم تكن مرجحة ولن تكون.

ورغم ذلك، يمكننا القول إن الباب ما زال مفتوحاً على التوصل لاتفاق ما يشمل انخراط روسيا مجدداً في عملية التصدير. ليس بالضرورة أن تعود روسيا للاتفاق السابق بنصوصه الحرفية، بل ربما لم يعد ذلك ممكناً أصلاً، ولكن العودة للفلسفة والآلية والتقنيات المشمولة بالاتفاق بغض النظر عن عنوانه وتسميته. بمعنى أنه يمكن التوصل لاتفاق بديل أو مكمّل يمكن عدُّه تطويراً و/أو تعديلاً للاتفاق السابق، بحيث يشمل تصدير البضائع الروسية من جهة وضمانات أمنية من موسكو لتصدير الحبوب الأوكرانية من جهة ثانية.

ففي المقام الأول، أشار أردوغان إلى أنه قدم لبوتين مقترحات عملت عليها بلاده مع الأمم المتحدة. ورغم أن الرئيس التركي لم يعلن عن تفاصيل هذه المقترحات، إلا أنه من المفهوم أنها مقترحات تسعى للإجابة على التحفظات الروسية وتخطيها، وأنها الآن قيد الدرس بالنسبة لموسكو.

المرجح هو التوصل لاحقاً لاتفاق جديد منفصل عن الاتفاق السابق، لكن بشكل يجعله مكمّلاً له أو تعديلاً عليه. ويرجح لدينا أن تتضمن المقترحات التركية- الأممية المقدمة لروسيا نموذجاً لتصدير روسيا منتجاتها بشكل منفرد عبر تركيا، ولكن مع إعطاء أوكرانيا الضمانات الأمنية السابقة لتصدير حبوبها عبر البحر الأسود، وبحيث تكون أنقرة والأمم المتحدة ضامنَيْن ومتابعَيْن لتطبيق "الاتفاقين

ومن جهة ثانية، تحدث بوتين بدوره عن نية بلاده إرسال مليون طن من الحبوب على شكل هبة لِسِتِّ دول أفريقية بالتعاون مع كل من قطر وتركيا، بحيث تقدم الأولى دعماً مالياً والثانية لوجستياً فنياً للمشروع. هذا النموذج، الذي قال الرئيس الروسي إنه ليس بديلاً عن اتفاق تصدير الحبوب وإنما هو اتفاق إضافي له، يشكل مثالاً على تفاهمات أو اتفاقات يمكن إبرامها مع الجانب الروسي.

وعليه، فالمرجح هو التوصل لاحقاً لاتفاق جديد منفصل عن الاتفاق السابق، لكن بشكل يجعله مكمّلاً له أو تعديلاً عليه. ويرجح لدينا أن تتضمن المقترحات التركية- الأممية المقدمة لروسيا نموذجاً لتصدير روسيا منتجاتها بشكل منفرد عبر تركيا، ولكن مع إعطاء أوكرانيا الضمانات الأمنية السابقة لتصدير حبوبها عبر البحر الأسود، وبحيث تكون أنقرة والأمم المتحدة ضامنَيْن ومتابعَيْن لتطبيق "الاتفاقين".

وهكذا، ما زال ممكناً عودة روسيا لنفس فلسفة الاتفاق القديم وإن باسم جديد أو عنوان مختلف، لأنه ما زال يمثل مصلحة لجميع الأطراف، كما كان منذ اليوم الأول. كما أن تحسن مسار العلاقات التركية- الروسية سيفتح المجال في المدى المنظور للدبلوماسية التركية لأن تنشط بين كييف وموسكو، وهو ما يرفع فرص التوصل لاتفاق جديد.

twitter.com/saidelhaj

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه روسيا الحبوب تركيا تركيا روسيا اوكرانيا إتفاق الحبوب مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمم المتحدة تصدیر الحبوب البحر الأسود

إقرأ أيضاً:

إيران: ننتظر عرض ترامب بخصوص الملف النووي

أبدى عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، اليوم الثلاثاء، ترحيباً إيرانياً رسمياً بسماع عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاتفاق النووي. 

اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

ورحب عراقجي بإجراء مُفاوضات جديدة بشأن الملف النووي، بُناءً على المُعطيات الراهنة. 

وقال عراقجي، في تصريحاتٍ لشبكة سكاي نيوز، :"في ضوء ما حدث مع الاتفاق النووي السابق، فإن إقناع إيران بالبدء في مفاوضات مع الولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق آخر يتطلب وقتًا أطول بكثير من هذا".

وقال عراقجي إن الوضع الحالي مختلف تمامًا وأكثر صعوبة من المفاوضات السابقة حول الاتفاق النووي.

وأضاف :هناك الكثير من الأعمال التي يجب على الطرف الآخر القيام بها لكسب ثقتنا، لم نسمع سوى كلمات طيبة، ومن الواضح أن هذا غير كافٍ".

الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التوصل إليه في يوليو 2015، يُعد أحد أبرز الإنجازات الدبلوماسية في مجال الأمن الدولي في القرن الواحد والعشرين. هذا الاتفاق، المعروف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، شمل إيران ومجموعة الدول الست الكبرى: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا، روسيا، الصين، وألمانيا. 

بموجب هذا الاتفاق، وافقت إيران على تقليص برنامجها النووي بشكل كبير مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. تم تحديد عدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران استخدامها، وفرضت رقابة صارمة على منشآتها النووية، بالإضافة إلى السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحقق من التزام إيران بالشروط. الهدف الرئيسي من الاتفاق كان ضمان أن برنامج إيران النووي سيظل للأغراض السلمية فقط، وعدم تطوير الأسلحة النووية.

لكن بعد ثلاث سنوات من التوقيع، شهد الاتفاق تحولات كبيرة بسبب انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018 تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب. هذا القرار جاء في إطار سياسة "الضغط الأقصى" التي تبنتها واشنطن، والتي تضمنت إعادة فرض عقوبات شديدة على إيران. هذا الانسحاب الأمريكي تسبب في توتر العلاقات بين إيران والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق، حيث استمرت إيران في تنفيذ بعض التزاماتها في البداية، لكنها بدأت في خرق بعض البنود مع مرور الوقت، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى من المسموح بها. منذ ذلك الحين، جرت محاولات لإعادة التفاوض على الاتفاق، لكن العقوبات المستمرة وتدهور الثقة بين الأطراف أدت إلى استمرار التوترات. ويبقى مستقبل الاتفاق النووي مع إيران غير واضح وسط المناخ السياسي الدولي المعقد.

مقالات مشابهة

  • مختار علي يوقع للاتفاق 4 مواسم ونصف
  • اغتيال بوتين خط أحمر.. روسيا تتوعد برد نووي على أي محاولة استهداف
  • حزب المصريين الأحرار: زيارة الرئيس الكيني لمصر ستعود بفوائد كبيرة للبلدين
  • أقوى 10 أساطيل جوية عسكرية في العالم (2025).. هذا هو ترتيب تركيا
  • صحفي أمريكي يزعم أن بلينكن أراد اغتيال بوتين
  • بوتين: روسيا لديها كل الموارد اللازمة لتطوير صناعة الطيران المسير
  • بوتين: روسيا ستسعى جاهدة لتحقيق ما يخدم مصالحها
  • إيران: ننتظر عرض ترامب بخصوص الملف النووي
  • روسيا: صحفي أمريكي شهير كشف محاولة إدارة بايدن لقتل بوتين وإبادة الفلسطينيين
  • صادرات تركيا من الحبوب الى العراق تحقق أرقاما قياسية