تعرف على أحكام تعزية الميت وفضلها عند الله
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
تعزية المسلم من صفات المتقين وقال الله تعالى: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم التغابن:11). فإذا أيقن العبد أن ما أصابه من فقد زوج أو ولد أو والد أو قريب، إنما هو بإذن الله، يوفق الله قلبه إلى التسليم والرضا بالقضاء.
لذا ينبغي له أن يصبر ويحمد الله ويسترجع، حتى ينال الأجر العظيم، قال الله تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون.
وينبغي للمسلم أن يعلم أن الدنيا دار بلاء وامتحان، لذا يجب عليه أن يتحلى بالصبر عند الشدائد، فيمسك نفسه عن الجزع والسخط بالقضاء، ويحبس لسانه عن قول السوء، ويضبط جوارحه عن المعاصي، فلا يشق جيبا، ولا يلطم خدا ولا يقول إلا ما يرضي ربه، فتتحول بذلك محنته إلى منحة.
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:”ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها.
والتعزية فيها تسلية لأهل الميت وحث على الصبر والرضا بالقضاء، وتقوية لهم على تحمل هذه المصيبة واحتساب الأجر، ووقتها من وقت حلول المصيبة قبل الدفن وبعده حتى يزول أثرها عن النفس وتنسى.
وتجوز التعزية في كل مكان، في السوق أو المسجد أو العمل، إذ لا يجوز قصد أهل الميت لتعزيتهم، أو يسافر لهم لهذا الغرض، فليس ذلك من السنة، ما لم يخش قطع رحم فلا حرج.
وخير ما يعزى به ما عزى به الرسول صلى الله عليه وسلم ابنته زينب، حين أرسلت إليه رسولا يخبره أن صبيا لها في الموت، فقال صلى الله عليه وسلم:”إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب”.
واختار بعض أهل العلم ألفاظا مثل: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك، ومثل ذلك جائز، والأولى ما جاءت به السنة.
ويستحب أن يرد المعزى بقول: استجاب الله دعاءك ورحمنا وإياك. رد به أحمد
ولا يجوز التعزية بألفاظ بدعية مثل: البقية في حياتك، وما ماثل ذلك.
ويسن صنع الطعام لأهل الميت لانشغالهم بمصابهم عن الاهتمام بأنفسهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، عندما استشهد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقال:”اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم”.
ولا يجوز الاجتماع للعزاء في البيت، أو في أي مكان، ولا الإعلان عن ذلك، إذ لا أصل له، وقد عده بعض السلف من النياحة.
ولا يجوز قراءة القرآن، وهو ما يحدث في بعض البلاد الإسلامية من استئجار المقرئين في المآتم، لأنه بدعة، وإنفاق للمال في وجه غير مشروع.
ولا يجوز تخصيص لباس معين للتعزية، كالأسود في بعض البلاد الإسلامية، لما في ذلك من التسخط على قدر الله، ولم يفعله السلف.
ولا يجوز تعزية غير المسلمين، لأن التعزية تخفيف على المصاب، وتثبيت وحث على الصبر، والإيمان والرضا. والكفار أعداء للمسلمين، فلا ينبغي مواساتهم، ولا تشييع جنائزهم، ولا الاستغفار لهم، قال الله تعالى:لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله…
وقال تعالى:ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم].
ولا حرج أن نقبل تعزيتهم إن عزونا، وندعو لهم بالهداية.
ولا يجوز أن يتخذ الناس المصافحة والتقبيل للمعزى سنة، فإن ظن ذلك فتركها أولى، ولكن يجوز للملاقاة؛ للمعزى وغيره فلا حرج.
ولا يجوز لطم الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:”ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية”.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم ولا یجوز
إقرأ أيضاً:
حكم لبس الكمامة في الصلاة بالشرع الشريف
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا يوجد مانع شرعًا من لبس الكمامة أثناء الصلاة؛ تحرُّزًا من وجود عدوى أو فيروس، ولا يدخل ذلك تحت تغطية الفم والأنف المنهي عن تغطيتهما في الصلاة؛ بل هو عذرٌ من الأعذار المبيحة، وحالة من الحالات المستثناة من الكراهة؛ كالتثاؤب المأمور بتغطية الفم طروِّه من المصلي.
وأجاز الفقهاء حالات أخرى يستثنى فيها تغطية الفم والأنف في الصلاة؛ كالحرِّ والبرد ونحوهما من الأعذار العارضة؛ لأن النهي هو عن الاستمرار فيه بلا ضرورة؛ بل أجاز بعضهم استمراره في الصلاة لٍمَن عُرفَ أنه من زيِّه، أو احتيجَ له لعمَلٍ أو نحوه. وقد ثبت ضرر هذا الفيروس وسرعة انتقاله عن طريق المخالطة؛ فيكون اتِّقاؤه والحذر منه أشد، فتتأكد مشروعية تغطية الأنف والفم بالكمامة في جماعة الصلاة؛ حذرًا من بلواه، واجتنابًا لعدواه، واحترازًا من أذاه.
حكم تغطية الفمِ والأنف في الصلاة
ونهى الشرع الشريف عن تغطية الفمِ والأنف في الصلاة؛ لِما في ذلك من شغل عن الخشوع وحُسن إكمال القراءة وكمال السجود؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأن يُغَطِّيَ الرجلُ فاهُ" أخرجه أبو داود في "السنن"، والبزار في "المسند"، وابن حبان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والبيهقي في "السنن الكبرى".
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَضَعَنَّ أَحَدُكُمْ ثَوْبَهُ عَلَى أَنْفِهِ فِي الصَّلَاةِ، إِنَّ ذَلِكُمْ خَطْمُ الشَّيْطَانِ» أخرجه الطبراني في معجميه "الأوسط" و"الكبير"، ورواه ابنُ وهب في "الجامع" و"الموطأ" وأبو داود في "المراسيل" عن وهب بن عبد الله المعافري مرسلًا.
وعن عبد الرحمن بن الْمُجَبَّرِ "أنه كان يرى سالم بن عبد الله، إذا رأى الإنسان يغطي فاه وهو يصلي، جبذ الثوب عن فيه جبذًا شديدًا، حتى ينزعه عن فيه" رواه مالك في "الموطأ".
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (2/ 336، ط. دار الفكر): ["وأن يُغَطِّيَ الرجلُ فاهُ"، أي: فمه في الصلاة، كانت العرب يتلثمون بالعمائم، ويجعلون أطرافها تحت أعناقهم، فيغطون أفواههم كيلا يصيبهم الهواء المختلط من حرٍّ أو برد، فنهوا عنه؛ لأنه يمنع حسن إتمام القراءة وكمال السجود] اهـ.
والكراهة الواردة في هذه الآثار كراهة تنزيهية لا تمنع صحة الصلاة، والفقهاء مختلفون علة النهي التي يدور معها وجودًا وعدمًا؛ فقيل: لأنها عادة جاهلية، وقيل: لِما فيها من التشبه بالمجوس، وقيل: لِما فيها من معنى الكِبر. كما أن النهي عن تغطية الفم في الصلاة ليس على إطلاقه؛ فالفقهاء متفقون على أنه يُشرَعُ للمصلي إذا تثاءب في صلاته أن يغطي فَمَهُ؛ التزامًا بالأدب في مناجاة الله، ودفعًا للأذى والضرر، وذهب بعضهم إلى أن أصل الكراهية لمن أكل ثومًا ثم تلثَّمَ وصلى على تلك الحالة:
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (1/ 39، ط. دار المعرفة): [إن ترك تغطية الفم عند التثاؤب في المحادثة مع الناس تعد من سوء الأدب؛ ففي مناجاة الرب أولى] اهـ.
وقال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 216، ط. دار الكتب العلمية): [ويكره أن يغطي فاه في الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن ذلك؛ ولأن في التغطية منعا من القراءة والأذكار المشروعة؛ ولأنه لو غطى بيده فقد ترك سنة اليد، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فِي الصَّلَاةِ»، ولو غطاه بثوب فقد تشبه بالمجوس؛ لأنهم يتلثمون في عبادتهم النار والنبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن التلثم في الصلاة، إلا إذا كانت التغطية لدفع التثاؤب: فلا بأس به] اهـ.
والتثاؤب عذرٌ من الأعذار التي تُعرض للمصلي، يدخل فيه من كان في معناه، مما تدعو إليه الحاجة؛ كالحَرِّ أو البردِ أو نحوهما؛ فيأخذ حكمه من استثناء التغطية والاتِّقاء، فالمراد من النهي عن التغطية: الاستمرار فيه بلا ضرورة، أما عروضها ساعة لعارضٍ أو لحاجة؛ يدخل ضمن الرخصة والجواز، ولذلك أجاز العلماء التلثم في الصلاة لٍمَن عُرفَ أنه من زيِّه، أو أُحتيجَ له لعمَلٍ أو نحوه:
فعن قتادة: "أن الحسن كان يُرَخِّصُ في أن يصلي الرجل وهو متلثم إذا كان من بردٍ أو عذرٍ" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف".