عُرفت السويد بأنها رمز للانفتاح والتسامح منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنها تحولت جذريا في العقود القليلة الماضية، حتى باتت توصم بالعنصرية وتنامي مظاهر الكراهية ضد الأجانب والمهاجرين، وصعود التيار اليميني المتطرف في البلاد.

وتحت عنوان "السويد.. مواطنون ولكن"، كشف برنامج "للقصة بقية" -بتاريخ (2023/9/4)، في شهادات حصرية- عن تعرض مهاجرين مسلمين وأفارقة لممارسات عنصرية ممنهجة من قبل أفراد الشرطة، مع تمييز واضح لصالح ذوي البشرة البيضاء على حساب الأقليات.

ويخشى عدد كبير من المهاجرين الظهور على وسائل الإعلام والتحدث عن الاضطهاد والظلم اللذين يتعرضون لهما في السويد خشية انتقام التيارات العنصرية التي تتحدث عن تفوق العرق الأبيض، وذلك في وقت قالت فيه الأمم المتحدة إنه يتعين على ستوكهولم تكثيف الجهود لمحاربة العنصرية الممنهجة والتركيز على إستراتيجيات استعادة الثقة بين الشرطة والأقليات.

وحسب وثائقي نشره برنامج "للقصة بقية"، فإن المهاجرين يقطنون في ضواحي المدن السويدية ويتركزون في مناطق مهمشة وأقل جاذبية، إلى جانب المعاناة من العنصرية بناءً على المظهر الخارجي واللون في مختلف مناحي الحياة، فضلا عن تجاهل شكواهم المتكررة، وعدم قيام الشرطة بدورها المنوط في التحقيق في جرائم القتل ومحاسبة مرتكبيها.

صعود اليمين المتطرف

نائب بالبرلمان السويدي عن حزب "ديمقراطيو السويد" (حزب يميني متطرف) وصف مناطق المهاجرين بأنها بؤرة للجريمة والمخدرات وانتشار الأسلحة، وأشاد بتعامل قوات الشرطة، مؤكدا أنهم يقومون بعملهم على أكمل وجه، ويتبعون القانون ويحترمون المدنيين، على حد زعمه.

وفي شهادة حصرية للبرنامج بعيدًا عن كاميرات المراقبة، أكد "جون" (أحد العاملين في القطاع الأمني بالسويد) وجود تفرقة عنصرية واضحة في تعامل الأجهزة الأمنية مع وقائع وأحداث يكون أطرافها مهاجرين، حيث يتم ابتزازهم واضطهادهم والتعامل معهم بدونية ووحشية، خلافا لسكان البلاد الأصليين.

ومع أن رئيس منطقة الشرطة المحلية في جنوب السويد أقر بارتكاب أفراد الأمن أخطاء، فإنه أكد في الوقت نفسه التزام السلطات بالقوانين واللوائح السارية وتنفيذها على نحو منظم.

الدكتور عدنان أبو شقرا -الكاتب السويدي من أصول فلسطينية والمتخصص في الشؤون الأوروبية- أكد أن السويد شهدت تغييرات في معاملتها مع المهاجرين والأجانب، مع تراجع الأوضاع الاقتصادية ومستوى الرفاهية المعيشية في البلاد، وبيّن أنه يتم تحميل الأجانب مسؤولية ذلك.

لكن أبو شقرا حمّل المهاجرين والجاليات جزءا من مسؤولية تنامي العنصرية وخطاب الكراهية في ظل تقاعسهم عن محاولة التأثير داخل المجتمع السويدي، وعدم الرغبة في الدخول إلى دوائر صنع القرار، علاوة على عدم استخدام الأدوات السياسية والقانونية والثقافية التي يخولها لهم القانون السويدي بممارستها.

ومع هذا الرأي ذهب الدكتور ماتياس غارديل -وهو باحث في مركز دراسات العنصرية وأستاذ مقارنة الأديان- مشيرا إلى أن التحولات حدثت على النطاق الاقتصادي؛ فبعدما كان المجتمع السويدي يشهد رفاها متوسطا حمّل بعض الشعبويين الأقليات مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية، واعتبروا ما يحدث مؤشرات لبيع البلاد من قبل النخبة السياسية.

ورفض غارديل تحميل الأقليات مسؤولية ما يجري، متهما حركات راديكالية تحاول إعادة السويد إلى ما كانت عليه في الماضي. ولفت إلى أن تنامي العنصرية لا يتعلق بالسويد فحسب مع تنامي التيارات العنصرية واليمينية في القارة الأوروبية.

وكشف عن أنه أجرى دراسة ميدانية شملت مساجد ومناطق أخرى خلصت إلى تعرض عدد كبير من المهاجرين لهجمات عنصرية، وهي ضد مبادئ الديمقراطية وضد حرية المعتقد والدين.

يذكر أن هيئة الإحصاء السويدية أكدت ارتفاع نسبة السكان من أصول أجنبية إلى نحو 27%، ليبلغ عددهم نحو 2.8 مليون نسمة بنهاية عام 2022. في حين قال المركز الوطني السويدي إن السوريين يشكلون أكبر جالية مهاجرة في البلاد، ويليهم العراقيون.

لكن تقارير حكومية سويدية كشفت في الوقت عينه عن رفض السلطات نحو 74% من طلبات اللجوء العام الماضي، وسط تأكيد تقارير محلية ودولية عن أن تنامي تيار أقصى اليمين أثر سلبا على عملية الاندماج المجتمعي في السويد، كما أكد تقرير للوكالة السويدية لأبحاث الدفاع تنامي تهديد "التطرف اليميني والعنصرية والإرهاب الداخلي" في البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی البلاد

إقرأ أيضاً:

كوري ميلز للجزيرة نت: لقاء الشرع مهم ويساعد في معرفة الشركاء والأعداء

دمشق- أُجريت مباحثات خلال الجمعة والسبت بين وفد من الكونغرس الأميركي والرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة دمشق تركزت حول الأمن القومي، والعلاقة مع إسرائيل، والعقوبات الاقتصادية، بالإضافة للمقاتلين الأجانب، وحقوق الأقليات والمرأة.

وحل نائبا الكونغرس الأميركي في دمشق بالتزامن مع تصريحات من الخارجة الأميركية تحذر فيها من الوضع الأمني في سوريا.

وزار النائبان برفقة وفد من منظمة التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار حي جوبر الدمشقي والكنائس في دمشق، وسجن صيدنايا قبل مغادرتهما دمشق صباح الأحد.

لقاء الشرع

وفي حديث خاص للجزيرة نت، قال عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز "ناقشنا مع الرئيس السوري أحمد الشرع العديد من القضايا: الأمن القومي، ومن هم حلفاء سوريا؟ وكيف سيكون وضع الحدود مع الجيران؟ بالإضافة لنقاش العلاقة بين سوريا وإسرائيل، وقضية المقاتلين الأجانب وموضوع الاندماج".

وأضاف أن الحوار مع الرئيس تضمن نقاشا حول التعددية ومشاركة الرجال والنساء في العمل داخل الوزارات وضمن الحكومة.

ولفت أن المباحثات تطرقت إلى حق كل فرد في حماية معتقده سوءا كان درزيا أو علويا أو مسيحيا أو مسلما أو من طوائف أخرى.

إعلان

وأشار إلى أن العقوبات الاقتصادية كانت أيضا حاضرة ضمن النقاش وكيف سيساعد رفعها في حل الكثير من الأمور لدى الشعب السوري بعد سنوات الحرب، بالإضافة للحديث عن هيكلة التجارة والاقتصاد.

ووصف الحوار بين الوفد والرئيس السوري بـ"الإلهام" ويساعد على فهم أوسع للأعداء المشتركين بين الطرفين، ومن سيكون الشريك الأفضل.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية بالوقت الحالي في مرحلة التقييم، وأنه سيطلع فور عودته مجلس النواب وأعضاء المجلس والإدارة والرئيس ترامب على تفاصيل هذه الزيارة.

رئيس سوريا أحمد الشرع خلال استقبال وفد الكونغرس الأميركي في دمشق (سانا) تحذير أميركي

ومن جهة أخرى قال ميلز إن وزارة الخارجية في الإدارة الأميركية تصدر تحذيرات بمستويات مختلفة من التهديدات والمخاطر بناء على التوقعات والتنبؤات، وهذه التحذيرات تكون على مستوى الدولة بأكملها، وليست بالضرورة مخصصة لمدينة معينة.

ويوضح أن المخاطر قد تنطبق على مناطق أخرى وترتبط بالسفر إليها، و"نحن أخذنا موضوع التحذيرات من وزارة الخارجية على مستوى من الالتزام، فمثلا هنا في دمشق لم نلاحظ أي مستوى من الخطر أو التهديد المشار إليه".

وأضاف أن الناس هنا في دمشق سعداء، وهم في الأسواق يتسوقون، والأطفال يلعبون، وأن هذا ما شاهدوه خلال التنقل في زيارتهم بين مناطق مختلفة، وقال "لم ألاحظ هذا الخطر الذي تمت الإشارة إليه، ولكن ربما يكون هناك خطر في مناطق أخرى من البلاد لم نذهب إليها".

خلال زيارة وفد من الكونغرس الأميركي إلى دمشق (الجزيرة) جهود سورية

من جهتها قالت علياء نطفجي مديرة منظمة التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار المرافقة لوفد الكونغرس، للجزيرة نت، إن عملنا خلال الفترة الماضية كان بالضغط السياسي لمناصرة القضية السورية بعد سقوط النظام السابق.

وأضافت أن من أهم الخطوات التي تم إنجازها هي لقاءات مع الكونغرس الأميركي توجت بمرافقة عضوين من الكونغرس الأميركي في زيارة إلى سوريا ولقائهما مع الرئيس السوري أحمد الشرع لفتح مجال التواصل بعد ذلك لمستويات أعلى.

إعلان

وأشارت إلى أن الزيارات التي قاموا بها برفقة العضوين إلى الأحياء المدمرة وصيدنايا وغيرها من الأماكن، شكلت لديهم حالة من الصدمة لما شاهدوه من حجم الدمار الكبير والحالة الاقتصادية في البلد.

ولفتت إلى أن الانطباع الذي لديهم قبل قدومهم إلى سوريا كان سيئا من الناحية الأمنية ولكن بعد الزيارة حدث تغير بهذا الاعتقاد، و"اليوم يحملون رسائل مهمة من هنا إلى أميركا نأمل أن تكون إيجابية، وأن تكون نقطة تحول في الملف السوري، وتساعد في حل الوضع بسوريا من عدة جوانب".

وأشارت إلى أن موضوع رفع العقوبات هو موضوع شائك وربما يأخذ وقتا طويلا، مستطردة أن "جهودنا مستمرة ومكثفة وهدفنا الوصول إلى الرئيس الأميركي ولقائه ونقل الواقع في سوريا لتسريع الوقت أكثر لأجل رفع العقبات، وفتح جسر تواصل بين سوريا وأميركا".

مقالات مشابهة

  • طوق نجاة أم طوق خنق وحصار.. كيف تحولت الأنظمة العربية إلى درعٍ يحمي الاحتلال؟
  • نيويورك تايمز: تدمر الأثرية تحولت إلى أطلال
  • خبراء عسكريون للجزيرة نت: هذه أهداف مصر من مناورتها الجوية مع الصين
  • "الجارديان": تصاعد الهجمات ضد اللاجئين في برلين وسط تنامي جرائم اليمين المتطرف
  • عاجل | مصادر للجزيرة: قوات من وحدات المستعربين الخاصة تقتحم الحي الشرقي في مدينة جنين
  • كوري ميلز للجزيرة نت: لقاء الشرع مهم ويساعد في معرفة الشركاء والأعداء
  • العنصرية والنظام الطبقي الهندي
  • تنامي عنف المدارس يحاصر وزير التربية
  • مدير المستشفيات الميدانية للجزيرة نت: غزة تواجه كارثة الوفاة الجماعية للجرحى
  • مظاهرة في السويد متضامنة مع فلسطين.. نددت بـالإبادة في غزة (شاهد)