و.س.جورنال: هكذا تسعى إيطاليا إلى الانسحاب من الحزام والطريق دون إغضاب الصين
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على استعداد إيطاليا لإلغاء عضويتها المثيرة للجدل في مبادرة الحزام والطريق الصينية للبنية التحتية، مشيرة إلى أن روما تريد "الانخراط في رقصة دبلوماسية متقنة لتجنب إغضاب بكين وإثارة أعمال انتقامية ضد الشركات الإيطالية".
وذكرت الصحيفة، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، أجرى محادثات في بكين يومي الأحد والإثنين؛ لتسهيل الخروج السلس قدر الإمكان من المبادرة مع وضع الأساس لاتفاقيات اقتصادية بديلة مع الصين.
وقال تاجاني للصحفيين في بكين: "لم نحقق نتائج عظيمة فيما يتعلق بالحزام والطريق، لكن هذا لا يهم (..) نحن مصممون على المضي قدما في خطط لتعزيز علاقاتنا التجارية".
وأعربت حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، منذ فترة طويلة عن عدم ارتياحها لمذكرة "الحزام والطريق"، التي وقعتها الحكومة السابقة لها مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في عام 2019.
وكانت هذه المذكرة هي المرة الأولى التي توقع فيها مجموعة الدول السبع ذات الاقتصادات الصناعية على مشروع البنية التحتية العالمي للرئيس الصيني، وكان يُنظر إليها على أنها انقلاب دعائي لشي جين بينغ في وقت واجهت فيه الحزام والطريق انتقادات داخل الصين وفي بعض الدول المشاركة في المبادرة.
وأثار قرار روما بالانضمام إلى المبادرة آنذاك دهشة واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي، وانتقدت ميلوني، التي كانت في المعارضة آنذاك، القرار بشدة.
لكن مذكرة التفاهم مع الصين لم تسفر سوى عن آثار عملية قليلة ولم تؤد إلى أي استثمارات صينية كبيرة في إيطاليا، ولم تساعد الشركات الإيطالية على تعزيز الصادرات إلى الصين.
وتنظر العديد من الدول الغربية إلى المبادرة كوسيلة لتعزيز النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي العالمي للصين. وتحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحد من الاعتماد الاقتصادي على الصين في سياق التوترات الجيوسياسية المتنامية، والتي تفاقمت بسبب تحالف شي الوثيق مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وغزو الأخير لأوكرانيا.
وبينما كثفت الولايات المتحدة جهودها للحد من نفوذ بكين العالمي، فقد مارست ضغوطًا ناعمة على إيطاليا للانسحاب من مبادرة الحزام والطريق، خاصة عندما زارت ميلوني البيت الأبيض في يوليو/تموز الماضي. وفي ذلك الوقت، أخبرت ميلوني الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بأنها لا تزال تقوم بتقييم خياراتها.
وتقول إيطاليا إنها لم تتخذ قرارًا رسميًا بعد بشأن إلغاء عضويتها في المبادرة، لكن المسؤولين في روما لم يخفوا رغبتهم في الانسحاب. وسيتم تجديد المذكرة تلقائيا في عام 2024 ما لم تنسحب إيطاليا رسميا بحلول أواخر هذا العام.
وسبق أن وصف وزير الدفاع الإيطالي، غيدو كروسيتو، القرار الأصلي بالتوقيع على الخطوة بأنه "مرتجل وفظيع"، مضيفا لصحيفة "كورييري ديلا سيرا": "السؤال الآن هو كيف نعود إلى خطواتنا دون الإضرار بالعلاقة (مع الصين)".
اقرأ أيضاً
لمصالح كثيرة.. إيطاليا قد تتخلى عن مبادرة الحزام والطريق الصينية
وتقول إيطاليا إنها تريد تعزيز العلاقات التجارية مع الصين بطرق أخرى، بما في ذلك تحويل تركيز التعاون نحو اتفاق ثنائي للشراكة الاستراتيجية.
وقال تاجاني بعد اجتماعه مع نظيره الصيني وانغ يي يوم الإثنين: "ستوجه الشراكة الاستراتيجية علاقتنا. إنها تمثل فرصة لأعمالنا في العديد من القطاعات وستعزز صادراتنا (..) "نحن نراهن على النمو الاقتصادي".
وقال مسؤولون في روما إن ميلوني تشعر بالقلق من أن بكين قد تعاقب إيطاليا على إعلان الانسحاب من خلال الحد من الصادرات الإيطالية إلى الصين.
وقال المسؤولون إنه من المتوقع أن تسافر ميلوني إلى الصين هذا الخريف على أمل حل المشكلة بحلول ذلك الوقت.
ولتأمين دعم سياسي واسع النطاق للانسحاب، تريد ميلوني أن يصوت البرلمان عليه قبل رحلتها إلى الصين، بحسب المسؤولين الإيطاليين.
وأعلنت الصين أنها تريد أن تظل إيطاليا عضوًا في مبادرة الحزام والطريق، لكن هناك أيضًا دلائل تشير إلى أن بكين قبلت انسحاب روما باعتباره أمرًا لا مفر منه.
ومنذ أن وقعت إيطاليا على مشروع البنية التحتية في عام 2019، اتسع عجزها التجاري مع الصين، وتصاعدت الانتقادات في روما وعموم أوروبا لطموحات الصين في شراء الشركات التي تمتلك المعرفة التكنولوجية.
يشار إلى أن الحكومات الإيطالية المتعاقبة استخدمت حق النقض ضد الاستثمارات الصينية في الشركات ذات الحساسية الاستراتيجية.
اقرأ أيضاً
إيطاليا: علاقاتنا مع الصين لا تقارن بالولايات المتحدة
المصدر | وول ستريت جورنال/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيطاليا الصين بكين الحزام والطريق أنطونيو تاجاني مبادرة الحزام والطریق إلى الصین مع الصین
إقرأ أيضاً:
تفاوض إيجابي بين الحزب والعهد حول ملف شمالي الليطاني
سادت أجواء غير تفاؤلية الأيام الماضية عندما تعثر تشكيل الحكومة حيث بدت التعقيدات التي تشوب هذا التشكيل مشابهة للتعقيدات التي مرت بها الحكومات السابقة، وعندما جرى تأجيل الانسحاب الاسرائيلي 18 يوما بطلب إسرائيلي وموافقة أميركية. وبدا المشهد وكأنه أخد باتجاه التشاؤم، لكن أوساطاً سياسية متابعة لا تزال تعتبر بأن هذه التعقيدات هي موقتة ومرحلية وستعود الأمور إلى نصاب التهدئة والانفراج فتتشكل الحكومة وينسحب الإسرائيليون في 18 شباط المقبل.
قد يكون هناك صلة بين التعثر الحكومي وتأجيل الانسحاب الاسرائيلي، بحسب أوساط سياسية، طالما أن واشنطن تمسك بمقاليد الملفين معاً، وحيث تم الاتفاق بين الجانبين اللبناني والأميركي على زيارة مرتقبة للوسيطة الأميركية مورغان لمتابعة ملف الاتفاق بين لبنان وإسرائيل بما في ذلك ملف الأسرى اللبنانيين. وكان واضحاً خلال الأسابيع الماضية محاولات تشكيل الحكومة قبل الانسحاب الاسرائيلي، فإذا تعذر التشكيل يتعذر الانسحاب، من زاوية أن التشكيل في مرحلة بقاء الجرح الجنوبي مفتوحاً من شأنه أن يشكل عاملاً ضاغطاً على "الثنائي الشيعي"، بينما حصول الانسحاب الاسرائيلي من شأنه أن يحسن في الموقع التفاوضي لحزب الله وحركة أمل، لذلك من المرجح، بحسب هذه الأوساط أن تشهد الاسابيع الثلاثة المقبلة تشكيلاً للحكومة واتماماً للانسحاب الإسرائيلي.
في واقع الحال، إن الحاجة للتهدئة موجودة عند الأميركيين والدولة اللبنانية وحزب الله، تقول هذه الأوساط، فالإدارة الأميركية تتخذ من التهدئة عنواناً عاماً للسياسة الشرق أوسطية، والمقصود هنا التهدئة العسكرية من دون أن يعني ذلك بالضرورة أبداً التهدئة على مستوى المواقف السياسية أو على مستوى سياسة العقوبات الاقتصادية، أما الدولة اللبنانية فتريد التهدئة بصورة ملحة تأكيداً على صدقية العهد وتدشيناً للمرحلة الجديدة التي يتحدثون عنها، في حين أن حزب الله من جهته يحتاج إلى التهدئة بشدة من أجل إطلاق عملية إعادة الاعمار وتأمين مصادر التمويل ويعتبر هذا الأمر من الملفات التي تضغط على الحزب بقوة والتي لا تحتمل المزيد من التباطؤ والتأجيل نظرا لارتداداتها السلبية عليه.
ان الكلام عن احتمالات التهدئة لا يلغي، بحسب هذه الأوساط، كون ملف شمالي نهر الليطاني ملفاً إشكالياً، من ناحية التفاهمات التي ستجري بين الحكومة اللبنانية وحزب الله، ومسؤولو الحزب أعلنوا مراراً وتكراراً أن ورقة الاجراءات التنفيذية للقرار 1701 تختص فقط بجنوب النهر أما شماله فهو على طاولة المعالجة بينه وبين الحكومة اللبنانية. ولغاية اللحظة يمكن القول، بحسب الأوساط نفسها، إن هذه المعالجة تجري بطريقة إيجابية مع العهد ومن دون ضجيج وبالطريقة التي تناسب الطرفين، علماً أن موضوع شمالي نهر الليطاني سيكون محل متابعة دقيقة من قبل الحكومة الإسرائيلية واللجنة الدولية الأمر الذي يثير مخاوف من أن تلجأ إسرائيل إلى استهدافات بين الحين والآخر بذريعة عدم قيام الجيش اللبناني بما هو مطلوب منه وفقاً للقراءة الاميركية - الاسرائيلية لورقة الاجراءات التنفيذية.
وتشدد مصادر معنية بملف الجنوب على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية بوصفها الضامن الذي يتيح للبنانيين إدارة المرحلة الشديدة التعقيد على النحو الذي يقلل من مستوى المخاطر ويتيح فعلاً الانتقال الى مرحلة جديدة.
المصدر: خاص "لبنان 24"