تحركات دولية متصاعدة لكسر هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي
تاريخ النشر: 5th, September 2023 GMT
الثورة /
أكدت تقارير اقتصادية دوليه ان العالم بدأ يشهد ارتفاعاً ملحوظاً للأصوات الداعية إلى “التحرر” من هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، وترافقت هذه الدعوات مع توجهات ملفتة من جانب بعض الدول للبحث عن بدائل، وبالرغم من أن نسب احتياطي الدولار الأمريكي في البنوك تظهر انخفاضاً تدريجياً يقابله صعود بطيء لعملات أخرى، وهو ما يمثل مؤشراً واضحاً على أن الأمر يتحقق بالفعل، ويتحدث الخبراء عن إمكانية إزاحة الدولار عن عرشه، ولكن الأمر يتعلق فقط بتقدير الوقت اللازم لتحقق تلك الإمكانية، وليس باستحالتها.
ويقول الخبراء أنه ونتيجة استخدام الولايات المتحدة الدولار كسلاح، لاستهداف خصومها ولاحقاً حلفائها بوتيرة متصاعدة وغير مسبوقة، بالإضافة إلى استخدامها نظام التحويلات المالية “سويفت” هو الآخر كسلاح لمعاقبة خصومها مثل الصين وروسيا وإيران، ساهم في خلق التفكير بالبدائل إلا أنه ظل محدوداً ولم يتحول إلى المستوى الذي هو عليه اليوم.
ومع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية أقدمت الولايات المتحدة على خطوة، ربما هي الأكثر تأثيراً وإثارة للمخاوف حتى لدى حلفائها حسب الخبراء ، عندما كسرت إحدى أهم القواعد التي وضعتها بنفسها حين اعلنت تجميد الاحتياطات الروسية في الخارج، والتي تزيد عن 300 مليار دولار، وانتهكت بذلك مبدأ السيادة الاحتياطية والمالية للدول؛ الأمر الذي أثار الهلع في العالم ودفع بالصين للتخلص من السندات الأمريكية بوتيرة عالية، بتخفيضها إلى أقل من 900 مليار دولار، بعدما كانت تملك سندات بأكثر من 1.2 تريليون دولار.
وتشير التقارير المالية الدولية إلى أن اليوان الصيني يُظهِر تقدماً فيما يتعلق بحصته من احتياطيات النقد الأجنبي بالين في عام 2022، علماً أن اليوان لم يصبح أحد مكونات احتياطيات النقد الأجنبي للدول إلا في عام 2016، بعد مفاوضات بين الصين وصندوق النقد الدولي.
وتوقع تحليل لمؤسسة “أوراسيا ريفيو” الأمريكية، أن تنخفض نسبة حصة الدولار في الاحتياطيات النقدية إلى 40 % في حال تراجع نسبة مساهمته في التجارة العالمية من 50 % حالياً، إلى 33 %.
ويرى الخبراء أن هذا الأمر بيد المنافسين الدوليين للولايات المتحدة الأمريكية، كالصين وروسيا، اللتين بدأتا فعلاً خلال السنوات القليلة الماضية باتخاذ بعض الخطوات، كإنشاء نظام التحويلات المالية “إس بي إف إس”، القائم على الروبل الروسي والذي يعمل كبديل لنظام “سويفت”، ونظام الدفع عبر الحدود بين البنوك “CIPS” في الصين، إضافة إلى تشكيل مجموعة “بريكس” التي تضم روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، والتي تهدف لكسر هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي من خلال بدائل، من ضمنها إيجاد عملة موحدة للتعاملات بين دول هذه المجموعة التي قد ينضم إليها المزيد من الأعضاء مستقبلاً.
ومؤخراً، أعلنت الصين والبرازيل اتفاقاً للتعامل باليوان الصيني فيما بينهما للحد من الاعتماد على الدولار الأمريكي، فيما تعتزم الأرجنتين مع البرازيل أيضاً إنشاء عملة موحدة للتعاملات التجارية فيما بينهما، وهذه فقط نماذج لتحركات متصاعدة تندفع نحوها العديد من الدول بهدف الحد من هيمنة الدولار على الاقتصاد العالمي.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فورين بوليسي: البحرية الأمريكية و"لعبة الخلد" مع الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
انتقدت مجلة "فورين بوليسي"، الأمريكية سياسة الرئيس دونالد ترامب، تجاه الحوثيين في البحر الأحمر، وقالت إن البحرية الأمريكية تمارس لعبة "ضرب الخلد" مع الجماعة المتمردة في اليمن والمدعومة من إيران.
وقالت المجلة في تقرير ترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن حرب ترامب على الحوثيين الذي بدأها منتصف مارس الماضي، لا تُجدي نفعًا ولم تُحرز أي تقدم.
وأضافت "يمكن للبحرية الأمريكية أن تُمارس لعبة "ضرب الخلد" مع الحوثيين، لكن هذا لا يُغير شيئًا في الشرق الأوسط، فخلال الأسابيع الخمسة التي انقضت منذ تصعيد إدارة ترامب هجماتها على الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، برزت بعض المشاكل الكبيرة، مما يُبرز مدى صعوبة تحويل خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القوي إلى نتائج ملموسة.
وتابعت "لقد فشلت العملية، التي نوقشت في محادثة عبر تطبيق "سيجنال" شارك فيها صحفي عن طريق الخطأ، حتى الآن في تحقيق أيٍّ من هدفيها المعلنين: استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر وإعادة إرساء الردع."
وأردف المجلة في تقريرها "لا يزال النقل البحري عبر البحر الأحمر وقناة السويس المجاورة مُنخفضًا كالمعتاد، على الرغم من الحملة الأمريكية التي تجاوزت تكلفتها مليار دولار ضد الحوثيين. ويظل المسلحون متحدين كعادتهم، محذرين خلال عطلة نهاية الأسبوع من أن ترامب قد خاض في "مستنقع" وكثفوا هجماتهم على إسرائيل والسفن الحربية الأمريكية في المنطقة".
وأشار التقرير إلى أن هناك نقص صارخ في الشفافية بشأن العملية، وهي أكبر مناورة للقوة العسكرية الأمريكية في ولاية ترامب الثانية. لا تعقد وزارة الدفاع احاطات إعلامية حول الحرب الجارية، وتكتفي القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، بنشر مقاطع فيديو أنيقة لعمليات أسطح الطائرات على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبة بوسم "#الحوثيون_إرهابيون".
والأمر الأكثر إثارة للقلق -وفق التقرير- هو أن وتيرة العمليات الأمريكية، بما في ذلك الضربات التي تشنها مجموعتان ضاربتان لحاملات الطائرات الأمريكية بالكامل على مدار الساعة، تستنزف ذخائر دقيقة محدودة، يقول العديد من خبراء الدفاع إنها ستكون الأفضل استخدامًا لأي صراع مستقبلي مع الصين. وهذا مهم بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالمخزون المحدود من الصواريخ التي تُطلق من الجو والتي ستكون حاسمة لأي قتال حول تايوان.
وقال أليسيو باتالانو، الخبير البحري في كلية كينجز كوليدج لندن: "إذا كان الأمر يتعلق بحرية الملاحة، فهو غير مجدٍ". وأضاف: "كيف يُمكن دعم فكرة أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ تُمثل الأولوية، ومع ذلك تُسحب عناصر بالغة الأهمية في معركة المحيطين الهندي والهادئ لعمليات في الشرق الأوسط؟"
وحسب التقرير فإنه عندما اختار الحوثيون في البداية استخدام موقعهم الاستراتيجي على شواطئ أحد أهم نقاط الاختناق في العالم، مضيق باب المندب، للضغط على إسرائيل والغرب، استجاب الغرب. أرسلت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوات بحرية لضرب الحوثيين، بينما أرسل الاتحاد الأوروبي فرقته البحرية الخاصة للمساعدة في توجيه السفن التجارية عبر ما سرعان ما أصبح منطقة محظورة.
"ورغم اختلاف أهداف المهمتين الأمريكية والبريطانية والأوروبية قليلاً - إذ سعت الدول الأنجلو-أمريكية إلى "إضعاف" قدرات الحوثيين على البر لاعتراض حركة الملاحة التجارية، بينما اقتربت العملية الأوروبية من عملية حرية الملاحة التقليدية - إلا أن كليهما لم يُجدِ نفعًا يُذكر. وظلت أسعار التأمين مرتفعة للغاية، وانخفضت حركة المرور عبر قناة السويس"، كما في ورد في التقرير.
واستدرك التقرير الذي ترجمه "الموقع بوست" ثم جاءت إدارة ترامب الجديدة، عازمة على تحقيق ما فشلت فيه إدارة بايدن المنتهية ولايتها. كتب وزير الدفاع الأمريكي المحاصر، بيت هيسغيث، في محادثة سيغنال سيئة السمعة، والتي شاركها هو وزملاؤه مع صحفي في الأيام والساعات التي سبقت وخلال هجمات مارس على الحوثيين: "الأمر لا يتعلق بالحوثيين". وأضاف: "أرى الأمر شيئين: 1) استعادة حرية الملاحة، وهي مصلحة وطنية أساسية؛ و2) إعادة إرساء الردع، الذي قوضه [الرئيس جو] بايدن".
وأشار إلى أن فكرة حرية الملاحة مصلحة وطنية أساسية للولايات المتحدة قوبلت برفض من نائب الرئيس جيه. دي. فانس خلال محادثة سيغنال. وكان جميع أعضاء فريق الأمن القومي لترامب يرغبون في ضمان أن تدفع أوروبا بطريقة ما ثمن المغامرة العسكرية الأمريكية غير المطلوبة. وتعتقد القيادة المركزية الأمريكية بالتأكيد أن الأمر كله يتعلق بالحوثيين.
وأكد أن التناقضات الكامنة في سياسات الولايات المتحدة وأولوياتها برزت من خلال الرسائل النصية الخرقاء. وأبرزها: ماذا حدث للتحول نحو آسيا؟ قال باتالانو: "البحرية الأمريكية بارعةٌ جدًا في ضرب الأهداف البرية. لكن النجاح العملياتي والتكتيكي لا يُخفي حقيقة أن التأثير الاستراتيجي لا يزال بعيد المنال، إن لم يكن مُحددًا تمامًا". وأضاف: "إذا كان الهدف من هذا ردع القيادة الصينية تجاه تايوان، فأنا لست متأكدًا من أنها تفعل ذلك بالفعل".
وطبقا للتقرير فإنه "منذ عهد توماس جيفرسون، ناضلت الولايات المتحدة من أجل حرية الملاحة، وأحيانًا في مياه ليست بعيدة عن الصراع الحالي. ما يصعب فهمه الآن هو سبب إنفاقها أموالًا طائلة في محاولة عقيمة لفتح ممر بحري لا يحتاج إلى فتح، في حين أن هناك تحديات أخرى أكثر إلحاحًا. والأسوأ من ذلك، أن سوء استخدام القوة البحرية قد يؤدي إلى نتائج عكسية - إذ يتطلب الأمر الكثير من الوقت والجهد لإقناع الديمقراطيات بدفع مبالغ طائلة مقابل سفن حربية متطورة ضرورية وذات فائدة كبيرة، ولكن ليس هذه السفينة".
وقال باتالانو: "ما أجده أكثر إثارة للقلق هو أنهم يقوضون الفائدة النهائية للقوة البحرية". "في المستقبل، عندما يقول الناس: لماذا نحتاج إلى قوة بحرية؟ لم نفعل شيئًا ضد الحوثيين. سيكونون على حق".