تستعد إيطاليا لإلغاء عضويتها المثيرة للجدل في مبادرة الحزام والطريق الصينية للبنية التحتية، والانخراط في رقصة دبلوماسية متقنة لتجنب إغضاب بكين وإثارة أعمال انتقامية ضد الشركات الإيطالية.

 

أجرى وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، وفقا لما نشرته وول ستريت جورنال، محادثات في بكين يومي الأحد والاثنين لتسهيل الخروج السلس قدر الإمكان من المبادرة مع وضع الأساس لاتفاقيات اقتصادية بديلة مع الصين.

 

وقال وزير الخارجية الإيطالي للصحفيين في بكين: "لم نحقق نتائج عظيمة فيما يتعلق بالحزام والطريق، لكن هذا لا يهم". "نحن مصممون على المضي قدما في خطط لتعزيز علاقاتنا التجارية."

 

أعربت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي جيورجيا ميلوني منذ فترة طويلة عن عدم ارتياحها لمذكرة الحزام والطريق التي وقعتها حكومة روما السابقة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2019.

 

كانت هذه المذكرة هي المرة الأولى التي توقع فيها مجموعة الدول السبع ذات الاقتصادات الصناعية على مشروع البنية التحتية العالمي للرئيس شي، وكان يُنظر إليها على أنها انقلاب دعائي لشي في وقت كانت فيه مبادرة الحزام والطريق تواجه انتقادات داخل الصين وفي بعض الدول المشاركة.

 

أثار قرار روما بالتسجيل الدهشة في واشنطن وفي عواصم الاتحاد الأوروبي. وانتقدت رئيسة الوزراء ميلوني، التي كانت في المعارضة آنذاك، القرار بشدة. لم تكن لمذكرة التفاهم مع الصين سوى عواقب عملية قليلة ولم تؤد إلى أي استثمارات صينية كبيرة في إيطاليا. كما أنها لم تساعد الشركات الإيطالية على تعزيز الصادرات إلى الصين، وهي المنطقة التي تتخلف فيها إيطاليا عن الاقتصادات الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا وفرنسا.

 

تنظر العديد من الدول الغربية إلى المبادرة كوسيلة لتعزيز النفوذ الاقتصادي والدبلوماسي العالمي للصين. وتحاول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحد من الاعتماد الاقتصادي على الصين في سياق التوترات الجيوسياسية المتنامية، والتي تفاقمت بسبب تحالف شي الوثيق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

كثفت الولايات المتحدة جهودها للحد من نفوذ بكين العالمي، فقد مارست ضغوطًا على إيطاليا للانسحاب من مبادرة الحزام والطريق، بما في ذلك عندما زارت ميلوني البيت الأبيض في يوليو. وفي ذلك الوقت، أخبرت ميلوني الرئيس بايدن بأنها لا تزال تقوم بتقييم خياراتها.

 

تقول إيطاليا إنها لم تتخذ قرارًا رسميًا بعد بشأن إلغاء عضويتها في مبادرة الحزام والطريق. لكن المسؤولين في روما لم يخفوا رغبتهم في الانسحاب. وسيتم تجديد المذكرة تلقائيا عام 2024 ما لم تنسحب إيطاليا رسميا بحلول أواخر هذا العام.

 

وصف وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو مؤخراً القرار الأصلي بالتوقيع على الخطوة بأنه "مرتجل وفظيع". وقال لصحيفة كورييري ديلا سيرا إن السؤال الآن هو "كيف نعود إلى خطواتنا دون الإضرار بالعلاقة".

 

تقول إيطاليا إنها تريد تعزيز العلاقات التجارية مع الصين بطرق أخرى، بما في ذلك عن طريق تحويل تركيز التعاون نحو اتفاق ثنائي قائم مختلف، يسمى اتفاقية الشراكة الاستراتيجية.

 

قال مسؤولون في روما إن ميلوني تشعر بالقلق من أن بكين قد تعاقب إيطاليا على إعلان الانسحاب من خلال الحد من الصادرات الإيطالية إلى الصين.

 

قال المسؤولون إنه من المتوقع أن تسافر إلى الصين هذا الخريف وتريد حل المشكلة بحلول ذلك الوقت. وقال هؤلاء الأشخاص إنه من أجل تأمين دعم سياسي واسع النطاق للانسحاب، تريد ميلوني أن يصوت البرلمان عليه قبل رحلتها.

 

قالت الصين علنًا إنها تريد أن تظل إيطاليا عضوًا في مبادرة الحزام والطريق، لكن هناك أيضًا دلائل تشير إلى أن بكين قبلت إلغاء روما باعتباره أمرًا لا مفر منه. وقال مقال حديث في صحيفة جلوبال تايمز، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، إن خروج إيطاليا من مبادرة البنية التحتية "لا ينبغي أن يكون ضارًا بشكل أساسي" بالعلاقات الثنائية.

 

قال مسؤول إيطالي كبير سابق: "نحن بحاجة إلى استخدام اللباقة والأناقة والأدب الدبلوماسي حتى لا نضر بالعلاقة الجيدة التي لدينا مع الصين". وقال: "نريد نفس النوع من العلاقة التي تربط بين فرنسا وألمانيا"، مشيرا إلى أن باريس وبرلين تربطهما علاقات اقتصادية أكثر ربحية مع الصين على الرغم من عدم التوقيع على مبادرة الحزام والطريق.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إيطاليا الحزام والطريق بكين مبادرة الحزام والطریق مع الصین

إقرأ أيضاً:

ما هي نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية المتاحة حاليا؟

تسبب نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك" في ضجة واسعة المدى بفضل قدراته المذهلة مع السعر المخفض مقارنةً ببقية نماذج الذكاء الاصطناعي المتاحة تجاريًا، ورغم أن "ديب سيك" هو أبرز النماذج الصينية، فإنه ليس الوحيد.

تقدم الشركات الصينية حاليًا مجموعة من نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة، في محاولة منها للحاق وتخطي الشركات الأميركية التي سيطرت على ساحة الذكاء الاصطناعي مدة طويلة، حتى إن "ديب سيك" ذاته طرح نموذجا آخر لمعالجة جوانب النقص الموجودة في النموذج الأول لها.

لا يمكن وصف جهود الذكاء الاصطناعي الصينية بكونها حديثة العهد، إذ بدأت منذ سنوات عدة تزامنًا مع غريمتها الأميركية، ولكن القفزة الأخيرة كانت مفاجئة خاصة مع عدم قدرة هذه الشركات على الوصول إلى شرائح الذكاء الاصطناعي المطلوبة من "نفيديا".

وفي الوقت الحالي، توجد عدة نماذج ذكاء اصطناعي صينية مثل:

 نموذج "كوين 2.5" (Qween 2.5) من "علي بابا" نموذج "كوين 2.5" من "علي بابا" (شترستوك)

لم تغب مساعي "علي بابا" لتطوير نموذج ذكاء اصطناعي قوي وخارق، كونها إحدى أبرز شركات التقنية في الصين والعالم أجمع. وبشكل مفاجئ، وفي 29 يناير/كانون الثاني الماضي، كشفت الشركة عن ردها على "ديب سيك" و"شات جي بي تي".

إعلان

جاء هذا الرد على شكل نموذج "كوين 2.5" الذي تدعي الشركة أنه يتخطى قدرات كافة نماذج الذكاء الاصطناعي المتاحة حاليًا ويتغلب عليها في كافة الأوجه، بما فيها نموذج "شات جي بي تي 4 أو" الرائد وحتى نموذج "ميتا" و"ديب سيك".

يأتي النموذج أيضًا على شكل مفتوح المصدر يمكن لأي شركة استخدامه وتخصيصه، وتروح الشركة له بقدرته على التجاوب بشكل جيد مع الأسئلة الطويلة والمعقدة، كما أنه قادر على فهم المهام المعقدة مثل المحادثات والتفكير المنطقي والبرمجة.

ورغم أن النموذج مخصص بشكل أساسي للشركات والاستخدام التجاري، فإنه أيضًا متاح للاستخدام الشخصي مباشرة من خلال روبوت الدردشة السريع الذي يحمل الاسم ذاته.

"إيرني" (Ernie) من "بايدو" (Baidu) "إيرني" من "بايدو" (شترستوك)

يمكن القول بأن روبوت "إيرني" هو أول نموذج ذكاء اصطناعي يخرج للنور من الشركة التي تسيطر على قطاع محركات البحث بشكل كامل في الصين، وقد وصل إجمالي عدد مستخدمي النموذج حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى 340 مليون مستخدم، بشكل يحاكي "شات جي بي تي"، وهو قادر أيضًا على توليد النصوص والصور مباشرةً.

ورغم ادعاءات الشركة بأن "إيرني" قادر على منافسة "شات جي بي تي"، فإن إطلاق النموذج في عام 2023 لم يكن ناجحًا للغاية، وكان النموذج يواجه العديد من التحديات التقنية التي جعلت الإجابات التي يقدمها أضعف من المنافسين، وقد وصلت هذه التحديات إلى أن النموذج توقف عن العمل تمامًا أثناء العرض المباشر له.

هذه التحديات أفقدت المنافسين الثقة في "إيرني" خاصة ونماذج الذكاء الاصطناعي الصينية عامة، مما جعل العالم لا ينتظر الكثير من "ديب سيك" قبل أن يتسبب في المفاجئة السابقة، ورغم أن "بايدو" تحاول جاهدة إعادة نموذجها للمنافسة، فإن التحديات أمامه أكثر صعوبة من النماذج الجديدة.

"دوباو 1.5 برو" (Doubao 1.5 Pro) من "بايت دانس"

لم تتأخر "بايت دانس" كثيرًا عن منافسة نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية، وقررت طرح نموذج "دوباو 1.5 برو" المحدث خلال الأسبوع الماضي رغم أن النموذج نفسه موجود منذ فترة، وهو يعد أحد أبرز نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية بعدد مستخدمين يتخطى 60 مليون مستخدم شهريًا.

إعلان

تدعي "بايت دانس" أن "دوباو" أفضل من "شات جي بي تي" بفضل قدرته على الاحتفاظ بالمعلومات والأكواد البرمجية والمنطق، كما أنه قادر على التعامل مع اللغات الصينية بشكل أفضل من غيره من النماذج الصينية، كما تؤكد الشركة أنه أقل تكلفة من غيره ولا يحتاج إلى حواسيب خارقة من أجل تشغيله.

تحاول بايت دانس حاليًا الترويج لنموذجها على أنه أكثر قوة وأقل تكلفة حتى من ديب سيك، وتقارن بينه وبين "شات جي بي تي أو 1" في كل مناسبة، لكون النموذج قادرًا على التفكير المنطقي، وبينما يعد النموذج منتشرًا في الصين، ما زالت التجارب العالمية له محدودة.

لكن تاريخ بايت دانس الواسع في تطوير خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي والقوة الحوسبية يشير إلى قدرتها على تطوير نموذج ذكاء اصطناعي خارق وذو أداء قوي، إذ إن نقطة القوة الرئيسية في "تيك توك" أحد أبرز تطبيقات التواصل الاجتماعي العالمية هي خوارزمية "بايت دانس".

"كيمي كيه 1.5" ( Kimi k1.5) من "مون شوت" (MoonShot) "كيمي كيه 1.5" من "مون شوت" (مواقع التواصل الاجتماعي)

تعد شركة "مون شوت" من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في السوق الصيني والتي وصلت قيمتها إلى أكثر من 3 مليارات دولار بعد جولة التمويل الأولى لها، وقد أطلقت الشركة مؤخرًا نموذج "كيمي كيه 1.5" الذي تدعي قدرته على منافسة "شات جي بي تي".

ركزت الشركة في تطوير "كيمي كيه 1.5" على جودة الإجابات ودقتها أكثر من سرعة الاستجابة، وهذا يجعل النموذج يأخذ وقتًا أطول في الإجابة، ولكن تكون الإجابات أكثر دقة، وهو الأسلوب ذاته الذي اتبعته "أوبن إيه آي" مع "شات جي بي تي أو 1".

بحسب بيان الشركة، فإن نموذجها يستطيع الإجابة على المسائل الرياضية المعقدة، فضلًا عن القدرة على فهم الصور والنصوص ومقاطع الفيديو وعدم الاكتفاء بالنصوص فقط.

نموذج "جانوس برو" (Janus-Pro) من "ديب سيك" نموذج "جانوس برو" من "ديب سيك" (شترستوك)

لم تكتف ديب سيك بطرح نموذج "آر 1" النصي فقط، بل سعى لتغطية نقاط الضعف لديه عبر طرح نموذج ذكاء اصطناعي قادر على توليد الصور بشكل ينافس "دال -إي 3" من "أوبن إيه آي"، إذ يستطيع التعامل مع 7 مليارات معيار، وهي الكمية الكافية للإجابة على الأسئلة المعقدة وحل التحديات المعقدة.

إعلان

يأتي النموذج تحت رخصة "إم آي تي" (MIT) مما يعني إمكانية استخدامه بشكل تجاري دون مخاوف من حقوق الملكية وحقوق الاستخدام بشكل عام، وبحسب اختبارات ديب سيك في أكثر من أداة اختبار منفصلة مثل "جينيفال" (GenEval) و"دي بي جي-بينش" (DPG-Bench)، التي أظهرت أيضا أن النسخة الاحترافية من "جانوس برو" تتغلب على العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي لتوليد الصور المنافسة مثل "ديفيوشن إكس إل" (Diffusion XL) و"دال-إي 3″.

لا تزال قدرات النموذج محدودة بالصور ذات دقة 384×384 بيكسلا، وهو الأمر الذي يتماشى مع العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى التي تعمل على توليد الصور وتحليلها، ولكن نتائج النموذج -بحسب تقرير "ديب سيك"- تتفوق عليهم بشكل كبير، ومن المتوقع أن يتطور النموذج بشكل أفضل مستقبلًا.

وصمة عار تلحق النماذج الصينية

رغم التطور الكبير الذي تشهده ساحة الذكاء الاصطناعي في الصين مؤخرًا، فإن هذه النماذج تلحقها وصمة عار كبيرة بسبب ارتباطها بالشركات الصينية التي يشتبه في ارتباطها بالحكومة الصينية، وإمكانية تسريب البيانات للحكومة الصينية أو بشكل عام عبر الإنترنت.

حدث هذا في الأيام الماضية مع ديب سيك الذي ظهرت منه مجموعة من البيانات المخزنة به عبر الإنترنت في منتديات المخترقين، رغم أن الشركة لم تعلن عن وجود أي اختراق لبيانات النموذج أو حتى تسريب رسمي.

مقالات مشابهة

  • ناشطون يطالبون الدعم السريع بالإفراج عن متطوع معتقل منذ فبراير
  • الخارجية الصينية: لا صحة لأنباء عن مشاركة بكين في مهمة حفظ السلام بأوكرانيا
  • سيناتور مؤيد لترامب يلتقي رئيس وزراء الصين في بكين
  • لأول مرة.. حجم صناعة الأدوية والصحة في بكين يتجاوز تريليون يوان
  • «البلدي» يبحث تنفيذ الحزام الشجري حول مدينة المطلاع
  • ضعف الطلب يضغط على أرباح "سينوبك" الصينية
  • سناتور أميركي يلتقي رئيس وزراء الصين في بكين
  • طواريء جنوب الحزام تكشف عن توزيع سلع غذائية منتهية الصلاحية على المواطنين
  • ما هي نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية المتاحة حاليا؟
  • شفق نيوز تتجول بأكبر مجمع لبيع الأجهزة الإلكترونية المستعملة في بكين (صور وفيديو)